الجمعة، 10 مايو 2019

قراءة في قصة زياد فوق جبل النورس بقلم : سهيل ابراهيم عيساوي





قراءة  في  قصة   زياد  فوق  جبل  النورس
 بقلم  :  سهيل  ابراهيم  عيساوي


" زياد  فوق جبل  النورس " ،  قصة للأطفال ، تأليف  ورسومات ينز  البوم ، صدرت القصة  في  اللغة  السويدية    بعنوان ، JONATAN   PA  MASBERGET          , وصدرت  بطبعتها  العربية   عن  دار  المنى  1991 ، أما  النسخة  التي  بين  ايدينا  ،  صدرت  عن  مكتبة  الفانوس ، قام  بتحرير  الطبعة   : اياد  برغوثي  ومنى  سروجي .

القصة  :  تتحدث  القصة   عن   ولد  اسمه  زياد ، قال   والده  أنه  أذكى وأجمل  طفل  في  العالم  ، وأكد  والده  "  عندما يكبر  ربما  يصبح   مخترعا  أو  عالما عظيما "  أما  الأم  فتجيب  "  يكفيني  أن  يكون  زياد  سعيدا  في حياته " 
كان  زياد  يعيش  في  بيته  مع  أسرته  في  جبل  النورس ، يلعب  بين الأثاث  القديم  وفي  الممرات  المظلمة  لقبو  البيت ، أما  أحب  الاشياء  على  قلبه ، خروجه  في  رحلة  طيران  مع  والديه ، يجلس  على كتفيهما ، والريح  يدغدغه ،  ويشاهد  الاشياء  صغيرة  وهو  في  العلو  الشاهق ، وكم  كانت سعادته عندما  يطير مع  والده  الى  المتجر  ،  يلتقي  بصديقته سارة ، يلعبان  معا  لعبة  الغميضة ، في  أحد  الأيام  كتب  اسم  سارة  بالمعجونة على  بلاط  المتجر ، فانزعج  وتضايق  والده  قليلا ، وفي  أحد  الأيام  أراد  أن  يهديها أكبر  برج  من  المكعبات  لكن زباد سقط  على  الأرض ،  وأراد  أن  يحلق  فوق  الغيوم ،  لكن  سارة  نبهته،  انه  لا  يملك  اجنحة ، شعر  زياد  بالضيق  والالم ، وقف  أمام  المرآة   وقال  نعم  لسارة  يوجد أجنحة كذلك  لأمه ولأبيه ، شعر  بغصة  في  قلبه ، شعرت  أمه  بما  يحس  فقالت  له "  قد  تكون  الحياة  صعبة  في  بعض  الأحبان ، ربما  صارت  أكثر  صعوبة  بالنسبة  لك ، لأنك  لا  تملك   أجنحة ، لكن يجب  أن  تتعلم  كيف تتعايش مع  هذه  الحقيقة ، وتتغلب  على مصاعبها . تذكر  شيئا  واحدا هاما : انك لست  أقل من  غيرك في أي  حال من الأحوال ، نحن نحبك  كثيرا " 
رغم  تشجيع  أمه  الكبير ، حين جاء  اليوم  الذي يطير  فيه الاولاد للمرة  الأولى ، شعر زياد  بالوحدة والحزن  الشديد .

طار الأولاد  الواحد تلو  الاخر  بأجنحة مهتزة ، وطارت  سارة  التي  التقت  عينيها  بعني  زياد ، شعرت  بالحزن  ، كذلك  هو  شعر  من  جديد  بالحزن ،لأنه  حبيس  على  الأرض  يراقب طيرانهم  بحسرة .
قضى  الاولاد  فصل  الصيف وهم  يتدربون  على  الطيران ، وعندما  حل  فصل  الخريف ، بدأت  المدرسة ، لكن  زياد  بقي  في  البيت ، لأن  المدرسة  بعيدة  جدا ،  وتقع  بنايتها  على  جبل  شاهق ، ولم  يعد  بمقدور  والديه  الطيران  به   ثقل  وزنه  وكبر سنه، لم  يعد  الأصدقاء  يأتون  اليه  للعب ،  فقط  سارة  كانت تأتي اليه بعد عودتها  من  المدرسة ، لكنه  ظن  انها  تزوره  من باب  الشفة  والرأفة ، فصرخ  بها  "  طيري  بعيدا  من  هنا  !  أريد  أن  أبقى  وحدي "  لكن  بعد  ذهابها  شعر  بالمزبد  من  الوحدة .
زياد  قرر  أن  يواجه  مشكلته  بنفسه ، قرر  أن  يذهب  الى  المدرسة  فهو  يملك ساقان  ويستطع  المشي  والوصول  الى المدرسة  رغم  انه  مضطر  أن  يقطع  جبل  ووادي  ونهر ،  ترك  رسالة  لأمه  يخبرها  بوجهته  نحو  المدرسة ،  لم  يكن  نزول  الجبل سهلا  ، فهو  شديد  الانحدار  ، أصيب  بخدوج ، فصرح  لماذا  لا  يوجد  درج للنزول  عن هذا  الجبل ؟  وفي  الوادي  نهر  عريض  صرخ  لماذا  لا  يوجد  جسر ؟ بالصدفة  وجد  طوفا  خشبيا  واخيرا  بشق الانفس  اجتاز  النهر  العميق ، وصعد  العديد  من  الصخور  حتى  وصل  الى سفح  الجبل  الذي  تقع  المدرسة  على  قمته ، نظر  الى  الأعلى  بدت  المدرسة  مثل  قلعة  محصنة  ، شعر  زياد  بغصة   تنمو  في  حلقه أراد  أن  يبكي  لكنه  تمالك  نفسه  وركل  حجرا  ارتطم  بالجبل  فاخرج  صوتا  مكتوما ، عندها  سمع  صوتا  يقول  له  "  انا  أعرف  كيف تشعر  فهذا  المكان  لم  يبن  لأشخاص  مثلنا "   كان  صوت  رجل  عجوز  لا  يستطع  الطيران  بسبب  ضعف  جناحيه ،  عندها  تنفس  زياد  الصعداء  وقال أنه  كان  يعتقد    الوحيد  لا  يستطع  الطيران  فقال  له  الرجل  العجوز :  "  لا  ابدا  هنالك  الكثيرون  مثلنا  ، لكن  الاخرين  ممن  يحسنون  الطيران لا يروننا  ، اننا  نعيش  كالأشباح هنا  على  الارض "   وقال زياد  علينا  ان  نشرح  لهم  وخاصة  انهم يوما  ما  سوف  يعجزون  عن  الطيران  وبحاجة   الى  جسور  وطرق  لتسهيل  وصولهم  الى  اهدافهم ، الرجل  العجوز  يقرر  ان  يساعد  زياد  في  العودة  الى  البيت ،  اخيرا  وصل  زياد  البيت  وجد  امه  قلقة  عليه ، وقالت  انه  ان  الطريق  محفوفة بالمخاطر  ،  زياد  اجاب  " لم  تكن هناك  أي  مخاطر ، لقد  استعملت طوفا  جيدا ،  كل  ما  في  الأمر  انني بللت قدمي  قليلا "
اما  سارة  كانت  تعيش  ظروفا  صعبة   بدون  زياد  شعرت  بالوحدة والملل، عندما  اصابتها  خلال  الحصة  طائرة  ورقية ،  التقطت  فكرة  عظيمة ، عندما  عودتها  اخبرت  زياد  بانه  يمكنه  الطيران ، واخرجت  الطائرة  الورقية  من  حقيبتها ، وضع  والدا  زياد  التصميم  المناسب لأجنحة زياد ،لم  يكن  الأمر  هينا  ، شاركك  زياد  وسارة  وأمها  ، اخيرا  أصبح  زياد  يملك  جناحين ، أحمرين  براقين مثبتين في  اطار  معدني  قوي ، طار  زياد  وصرخ  اني  أطير  أطير ، دوى  صدى  صوته  بين  الجبال ، اطل  الناس  من  بيوتهم   ليشاهدوا  ما  يحدث ، كان  والده  فخورا  بطيرانه ، وقالت  له  سارة  عدا  ترافقنا  الى  المدرسة ،عندما  هبطا  في  المدرسة  حاول  مروان  السخرية من جناحيه  لكن زياد   لم  يهتم .
تنتهي  القصة  "  اذا  حدث  وطرت  يوما  فوق جبل  النورس ، ومررت  ببيت زياد ، في  ساعة  متأخرة  في  المساء ، سوف ترى ضوءا  ينبعث من  النافذة ، انهما  زياد ووالده  يرسمان ويصممان ويبنيان ، انهما  يبنيان  شيئا  جديدا . ماذا  تظنون  انه  سيكون ؟!" 

رسالة  الكاتب  :

-          يعيش  بيننا  العديد  من  الاشخاص  لديهم  اعاقة معينة  علينا  الالتفات  لهم  وتلبية  احتياجاتهم .
-         دعم   الأهل  هو  مفتاح  النجاح  والعتبة الأولى  لصعود  سلم  العقبات
-         من  المهم  زرع  الثقة  بالنفس  لدى  اصحاب  الاحتياجات  الخاصة
-         جميل  مكاشفتهم  بالحقيقة  بالصعوبات  التي  تنتظرهم  ،  لكن دون  ان  نهدم  عزائمهم
-         المجتمع  عادة  لا  يلتفت  الى  احتياجات  اصحاب  الاعاقات ، لان  الذي  يقرر  لا يستطع  ان  يفكر  مثلهم
-         يجب  توفر  سبل  الراحة  لهم  ، مثل  طرق  سهلة  ،  موقف  خاص ، جسور ،  اشارات  ، دمجهم  في  المدارس العادية  مع  سائر  التلاميذ ، قوانين  تحميهم  وتمنع  هضم حقوقهم  وتمنع  تجاهل والاقصاء .
-         يجب  دمجهم  بالمجتمع  ،  بأعلى  المستويات ،  أي  مع  صناع  القرار ،  لمنع  أي  تجاهل  لحقوقهم ، لانهم  وحدهم  يشعرون  بمرارة  التجربة  والصعوبات  التي  يعانون  منها  واحتياجاتهم  لتذليل  المصاعب  اليومية .
-         اصحاب  القرارات  اليوم  ،  يتجاهلون  انهم  يوما  ما  سوف  يهرمون  وبحاجة  الى  قوانين  تسهل  عليهم  حياتهم  ، يتجاهلون  انهم  معرضون  للإصابة  والاعاقة  في  أي  لحظة ، لذا  عليهم  حماية  مستقبلهم

-         الصداقة السليمة  لا  تموت ،  سارة  صديقة  زيادة  ليس  من  باب  الشفقة ، بل  صداقة  انسانية  خالصة ،  قفد كانت  تفكر  به  وتشتاق اليه ،  وتحزن  لحاله ،  وعندما  خطرت  ببالها  فكرة  الطيران  ، حالا  جاءت  الى  منزل  زياد  ، نسيت  انه  صرخ  في  وجهها  وطردها ،  واخبرته  بالفكرة  بتلهف، وجندت  أمها للمساعدة حتى  تحقق  الحلم   وعندما نجح  زياد  في  الطيران  ،  رافقته  الى  المدرسة  ولعبا  معا  فوق  السحاب ، ولم  يفترقا ابدا .

-         يحاول  البعض  احباط  أصحاب الاعاقات  والاستخفاف  بالأجهزة  التي  يستعينون  بها ، والنيل منهم ، والتقليل  من جهودهم ،  اصحاب الاعاقات  يتكبدون  المصاعب  من  أجل  مخالطة الناس  وتذليل المصاعب لذا يجب تقدير جهدهم .

-         الثقة   بالنفس  غرسها  والدي  زياد  في  قلبه ، والارادة  التي  تسلح  بها    ، والايمان  بانه  ليس اقل  من  الاخرين ، هذه  العوامل  دفعت  زياد  الى  ركوب  التحديات  غي  مهتم  بالمخاطر ، لم  يخف  زياد  من محاولة  الطيران ،  ولم  يهتم  من  تهكم  الطلاب .  

-         ما بحك  جلد  غير  ظفرك ، هذا  المثل  ينطبق  على كل  انسان ،  وبشكل  خاص على أصحاب  الاعاقة ، معظم  الناس  لن  يلتفتوا  الى  احتياجاتهم  ورغباتهم ، وطموحاتهم ، لأنهم ببساطة يجهلون  عالمهم  الخاص ،  لذا وجب على أصحاب الاحتياجات  الخاصة ،  ان  يتجندوا ويبحثوا بأنفسهم  عن مطالبهم  ويحققوا  احلامهم ،  من  خلال  البحث  والتجريب  وتجنيد  الناس ،  والدفاع  عن حقوقهم   واعطاء  شرعية  لوجودهم .

-         التميز  والتفوق  ،   لأصحاب  الاعاقات ،   هذا  سلاح  يواجهون  به    المجتمع  وقساوته ، من  خلال  فرض نفسهم  بقوة ، من  خلال   تميزهم  وتفوقهم  على  اقرانهم ،  في  مجالات عديدة ،  مثل  برمجة  الحاسوب ، الرياضة  بأنواعها ،  الموسيقى، الغناء ، الكتابة  الابداعية ، الشعر ، الهندسة ،  الطب ، البحث  العلمي ، وغيرها  من  المجالات ، من  خلال  تمسكهم بالعلم ، والنهل  منه حتى الارتواء ، في  القصة  زياد  ، قرر  وحده  تسلق  الجبال  ، والسير  في  الوديان  ، وقطع النهر  العميق ، وعرض نفسه  للخطر ، من  أجل  ان  يصل  الى  المدرسة ،  ليتعلم ، لأن  العلم  غذاء  الروح ، والأجنحة  التي  تحلق  بها  الانسانية بعيدا .والمخزون الحضاري الذي لا ينضب.

- لا  مستحيل  أمام  الارادة  الصلبة ، زياد  استطاع  ثني المستحيل  فضل  تصميه  وارادته  الفلاذية .

-         البحث  عن  شركاء ،  القصة  تحث  أصحاب  الاعاقات  الى البحث  عن  شريك  جدي ، لديه  الضمير  الحي ، ولديه  الوعي  ، والمسئولية  اتجاه  اطياف  المجتمع ،  في  القصة ظهرت  سارة  ووالدتها  والرجل  العجوز  ،  الذين  ادركوا  قبل غيرهم  ضرورة  الانخراط   والمساعدة ،  من  اجل  رسم  الابتسامة المفقودة  على وجه  زياد ،  وفعلا  نجحوا وحلق  زياد  بعيدا  ،  واندمج  في  مدرسته  واخذ  على  عاتقه  بناء  وتصميم  الجسور ،والادراج ،  لأنه تذكر  رحلته  الجبلية  الشاقة.

-         تحمل  المشاق ،  زياد  تحمل  المشقة ، وقطع  مسافة  كبيرة  محفوفة  بالمخاطر ،  الانزلاق  من  الجبل ، الاصابة ، الغرق  في  النهر ، الوحدة ، الضياع ، وحتى  عندما  وصل اسفل  الجبل  الذي  تختضن  قمته  الشاهقة  المدرسة ،  اراد  ان  يبكي ،  لكنه  تمالك  نفسه ، وافرغ  غضبه  بركل  حجر  الى  الجبل ،  وعندما  عاد  الى  البيت  وجد  امه  قلقة  وخائفة ، خشيت  عليه  من  الغرق ،  تظاهر  زياد ، بان  الأمر  كان  سهلا  ، بانه وجد  طوفا  وعبر  من  خلاله  النهر ،  مهم  جدا  ،  ان  يبث  صاحب  الاعاقة  للغير  صورة  ايجابية  عن  ارادته  ولا  يظهر  انكساره  ،  كي  ينهض دوما  من  جديد .

-         تحذير  من  الشفقة :  الشخص  الذي  يعاني  من  اعاقة  ،  لا  يحب  أن  تصاحبه  وتلعب  معه ، من  باب  الشفقة ،  هذا  الامر  يشعره  بالمزيد  من  الحزن  والقلق، يحب ان  تصاحبه  من  أجل  الانسان  النابض  في  قلبه ، من  أجل  شخصه ، من أجل  مواهبه ، من أجل  خصاله  النبيلة ، من خلال  صداقة متوازنة  ومتبادلة،  بالرغم  من  سارة  كانت  تحترمه  وتقلق عليه  وتلعب معه ، وهي  الوحيدة  التي  ظلت على علاقة  معه  تزوره  بعد  عوتها من  المدرسة ،  عندما  ظن  انها  تصاحبه  من باب  الشفقة ،  طلب  منها  أن  تطير الى  مكان  اخر ، لكنه  شعر  بعد مغادرتها  بالمزيد  من  الوحدة .

-         الحكمة عند  كبار  السن :  الرجل  العجوز  الذي  ظهر  بالقرب  من  المدرسة ، ايضا  هو  مثل  زياد  لا  يطير ، بسبب  ضعف  جناحيه  ، لكبر  سنه  ، نطق  بالعديد  من  الحقائق  المؤلمة   والصادمة:  " لا، ابدا  . هناك  العديد الكثيرون  مثلنا ، لكن الاخرين ممن  يحسنون  الطيران  لا  يروننا ، اننا  نعيش كالأشباح  هنا  على  الارض " ص17، "  ان  الذين  يقررون هذه  الامور لا يتفهمون  حال الذين  لا  يستطيعون  الطيران مثلنا " ص17 ، " انت  ولد  ذكي ، لكن حين  يهرم هؤلاء الذين يتخذون القرارات الان ، سيحل مكانهم اخرون يتخذون القرارات بدلا عنهم " ص18 ،  هذا  الرجل العجوز يحمل  الحكمة  في  طيات  العمر  المديد ،  غير  متفائل من  أن  اصحاب  القرارات  سوف  يأخذون  بالحسبان  الفئة  التي  تعاني  ومصابة  بعجز جسماني  بسبب  الهرم  ،  او الذين  ولدوا  منذ  الصغر  مع  عجز  معين ، لانهم  خلال  تواجدهم  في  صناعة  القرارات  لا  يشعرون  مع  الاخرين ، وعندما  يخرجون  الى  التقاعد  يدخل مكانهم   دم  جديد  وتكرر  الحكاية  نفسها ، هنالك  حاجة ماسة  لتغيير  أنماط  التفكير  داخل  المؤسسات  والحكومات  ولدى  الأفراد  وخاصة صناع  القرار . ويجب  أن  يهتم  المجتمع  بكبار  السن  لأنهم  هم  ببساطة  من  عمر  البلاد  ومن ضحى  بالغالي والنفيس من أجل  الأجيال  القادمة ، لكن  الاجيال  الشابة  عندما  تسلم مقاليد  الحكم والقرار ، لا  تفكر  بالرعيل الاول  ، بالأساس  لا  يفكرون  بأنفسهم  عندما  يتقدم  السن  بهم .

-         من  الفكرة  الصغيرة  تولد  فكرة  كبيرة :  مروان  زميل  سارة  المشاكس ، أرسل  طيارة  ورقية ، ارتطمت بأنف  سارة ، أرادت  ان  تردها  الى  مروان  المزعج ، لكن في  تلك  اللحظة  ولدت  في ذهنها فكرة  عظيمة ،  قالت  لنفسها  وهي  تضم  الطائرة  الورقية  الى  صدرها  :  "  لقد  عرفت  الان كيف  يمكن لزياد ان  يصل  المدرسة " وفعلا  من خلال  الطائرة  الورقية  البسيطة ،  تحقق  حلم  زياد  واستطاع  الطياران  بمساعدة  جناحين احمرين براقين مثبتين  في  اطار  معدني  قوي ، وفي  الحقيقة  معظم  الاختراعات  العلمية  يستلهمها العلماء من  افكار بسيطة ومن  العاب الاطفال  الأبرياء .

خلاصة :  قصة  زياد  فوق جبل  النورس ، للكاتب  السويدي ينز البوم ، قصة  جميلة ، رسوماتها  جميلة ومعبرة، تعالج  موضوع  حساس ، وهو  دمج  اصحاب  الاعاقات في  المجتمع ، تجسد  معاناتهم  اليومية ، معاناة  الأهل ، الحوار الداخلي  القاسي  الذي  يدور  في  نفوسهم  الصراع  الداخلي ، الاسئلة  التي  تجول  في خاطرهم  دون  توقف، كيف  يعاملهم  المجتمع ،  كيف  يعرض  عنهم  معظم  الاصدقاء ، كيف يواجهون  الصعاب والتحديات ،  كيف يواجهون  سخرية  اترابهم ، ايضا  هنالك  اناس  دائما  ايديهم  ممدودة  للخير  والمساعدة ، كما  تكشف  القصة  قصور المؤسسات  الرسمية ،  كيف  ترى اصحاب  الاحتياجات  الخاصة مثل  الاشباح ،  لا  تجهز  لهم  المرافق  الخاصة ، كذلك  اصحاب  القرارات  لا  يجهزون  البنية  التحتية  بحيث  تخدم اصحاب  الاعاقات ، لكن  من  المهم ان  يزرع  الأهل بذور الثقة  في نفوس الابناء  يشحذون  هممهم بالمعنويات  العالية ، يشجعونهم  على  العلم  والصبر  والمثابرة ،  كذلك  هنالك  مسئولية  كبيرة  تقع على عاتق  اصحاب  الاعاقات انفسهم  ، في  نشر  التصميم  على  النجاح  واقتناص الفرص والمثابرة من  اجل  تحقيق الحلم ، والتكاتف مع  الاخرين من  اجل  تحقيق الاهداف ، وعلى  كل منا  ملقاة مسئولية  في  دعم  وتمكين ودمج  اصحاب  الاحتياجات  الخاصة  داخل  المؤسسات  المختلفة  ومساعدتهم  على  تذليل  الصعاب  وتحقيق ذاتهم ، ومنحهم  الفرصة  على  التميز  وعدم  اتباع  سياسة الاقصاء ، لأصحاب  الاحتياجات   الخاصة  الحق  في  حياة  كريمة ، الحق  في  العمل ، الحق في التعليم ، والحق في  التمثيل في كل  المؤسسات  بما  فيها  المؤسسات  العليا .
الكاتب  نجح  في  طرح  القضية  بصورة  مبتكرة  وابداعية ، من  منح  الانسان اجنحة ، وزياد  ولد بلا  اجنحة ، وفي  النهاية  نجح في  تحقيق حلمه  وحلق  بعيدا  في  السماء  وانضم  الى اترابه  على  مقاعد  الدراسة وامتاز  بالذكاء  والمبادرة  وروح  المسئولية، ورغب  في  التخطيط  لمساعدة  اصحاب  الاعاقات ،بمساعدة  والده ، في  نهاية  القصة  اشارة  ذكية  الى  أن  زياد  يخطط  "  سوف  ترى  ضوءا ينبعث من  النافذة . انهما  زياد ووالده يرسمان ويصممان ويبنيان . انهما يبنيان شيئا جديدا "
الضوء  المنبعث  من  النافذة  اشارة  الى  رياح  التغيير  في  مفهوم  المجتمع  لقضية اصحاب  الاعاقات ، يرمز  للمستقبل  المشرق  لزياد ، الذي  انتصر على  نفسه  وهزم  المخاوف  التي كانت  تسكن  صدره ، سحق  الافكار  المسبقة التي تعشعش في  رؤوس  الناس ، حقق  ذاته وها هو يمد  يد  العون  للآخرين مستفيدا  من  تجربته   الشخصية. 
جبل  النورس  الذي   ورد  ذكره  في  القصة  والعنوان ،  طائر  النورس  يرمز  الى  الخير  فهو  يرشد  الطيور  المهاجرة خلال  رحلتها  الشاقة  في  البحث  عن  الحياة والامان والقوت، وليس  من  باب  الصدفة  ورد  ذكره  في  القصة  ، ليكن  جبل  النورس  منارة  للناس  من  اجل  دعم  اصحاب  الاحتياجات  الخاصة . 
فكرة  الطياران والأجنحة ،  تذكرنا  بالعالم  العربي  عباس  بن  فرناس الذي  عاش  في زمن الدولة الأموية في الأندلس ، أول  من  حاول  الطيران . ومنه  استلهم  الاخوان  رايت  في الولايات المتحدة ، فكرة  تصميم  أول  طيارة  حتى نجحت  التجربة  ، بهذا  الاختراع  قفزت  الانسانية  عدة خطوات  الى  الأمام  . وفكرة الطيران  راودت  الانسان  زمنا طويلا  ،  من  النسور  والصقور والعصافير  ، التي  تحلق  عاليا  بحرية ، اخذ  الانسان الفكرة  وطورها ، وكل  ما  يحتاجه  الانسان  كي  يلحق  بركب  الحضارة  موجود  في  الطبيعة بغزارة  وفي اذهان الأطفال  والعابهم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق