الخميس، 31 ديسمبر 2015

حفلة التجسس للروائي عبد الرحمن حبيب

أقام مركز البلد الثقافي أمسية لتوقيع رواية "حفلة التجسس" للروائي والصحفي "عبد الرحمن حبيب" ، الرواية صدرت عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهر، وتقع في 164 صفحة من القطع المتوسط.
حضر حفل التوقيع عدد من الإعلاميين والنقاد والأدباء والإعلاميين.

« حفلة التجسس» تجربة متفردة تمزج الرعب بالإثارة في إطار بوليسي، وتقدِّم أيقونة درامية جديدة، حيث تتناول فكرة التجسس بطرحها سؤالاً محوريًا، وهو "ماذا لو أن هناك شخصًا في هذا العالم يسمع كل ما نقوله؟"... كما تقدِّم الرواية التسجيلية في ثوب جديد عبر دمج تسجيلات هاتفية وأشعار لم تنشر من قبل ومقاطع من سيناريوهات في صلب العمل، بالإضافة إلى الأشكال المعتادة للتوثيق مثل دفاتر اليوميات ومجتزئات من مجلات.
الرواية تقدِّم فكرة جديدة كُليًا تتعلق بتجسس مجموعة من الأفراد على بعضهم من خلال التكنولوجيا، الإغواء الذى تقدمه التكنولوجيا يفرض نفسه على بطلة الرواية فتقرر التجسس على حبيبها باستخدام جهاز تصنت عثرت عليه بالصدفة على شبكة الانترنت وبعد أن تشغلها للعبة، إلى حد إدمان تلك التسجيلات الهاتفية، ينتقل الإدمان إلى صديقها الراوي، حتى يصبح سماع التسجيلات طقساً مشتركاً بينهما... ثم تبدأ توابع التجسس في الظهور بشكل بالغ الدراماتيكية.
الرواية تبدأ باستهلال صادم من خلال جريمة قتل غامضة تقع لفتاة جامعية علي نحو مفاجئ، ما يقود لباقي الأحداث بشكل متسلسل وفانتازى في بعض الأحيان، وتحيل القارئ من مفاجأة إلى أخرى دون افتعال الحيل.
وكما تبدأ الرواية بمفاجأة، تنتهي أيضًا بمفاجأة كبرى.....
الكاتب تناول قضية مهمة جدًا وهي قضية الجانب الخفي في شخصية الإنسان الذي لا يريد أن يفصح عنه لكنه يمكن أن ينكشف فجأة عبر تجسس الآخرين عليه.

عبد الرحمن حبيب 

• شاعر وروائي مصري من مواليد القاهرة
• تخرج من كلية العلوم جامعة عين شمس
• يعمل صحفيًا بجريدة "اليوم السابع"
• فاز بعدد من الجوائز الأدبية منها :
     - المركز الثاني في مسابقة أدباء الأقاليم عام 2002
     - جائزة جامعة عين شمس في الشعر عام 2000
• صدر له:
    - حفلة التجسس : رواية. مؤسسة شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2015م
    - طبق الموت : ديوان شعر (تحت الطبع)

 
البريد الإلكتروني: abdo_kmal@yahoo.com

 



إلى العَام ِ الجَدِيد



    شعر : حاتم جوعيه -  المغار - الجليل

 *****

أيُّهَا   العامُ  الجَديدْ
أيُّ   بُشْرَى ... أيُّ  خير ٍ وَحُبُور ٍ وَهَناءْ
تحملُ الأنسامُ  من  َندٍّ  ومن نفح ِ عبير ٍ وشَذاءْ 
أيقظِ  الآمالَ   فينا  والرَّجاءْ 
أيُّها   العامُ   الجديدْ 
أعطِنا  حُبًّا  ودِفئا ً  وَسُكونا ً  وسَلامَا  
وحَنانا ً  وَوئامَا  
كيْ    ُنعِيدْ   //                                                                                                   بسمة َ الأطفال ِ للكون ِ الوَطِيدْ
فعلى وقع ِ خطاكْ // يرقصُ القلبُ التياعًا وهيامَا
لنغنِّ   فجْرَنا  المَنَنشُودَ   دومًا  ولِنزدَدْ   التِحَامَا 
أعطِنا  حُبًّا   لنجتازَ  الوهادَ  المُدْلهِمَّهْ
نرسُمُ الأحلامَ ... ُنعلِي راية َالأمجادِ في ذروة ِ قِمَّهْ
فلنحَلّقْ  ما  وراءَ  المُنتهى  واللاوُجُود
ولنُحَرِّرْ روحَنا من عتمة ِ السِّجن ِ وأعباءِ القيودْ 
فلنُوَدِّعْ  عامَنا الماضي  ونخطوُ  لِلقائِكْ 
قادِمٌ  أنتَ  إلينا ... ألفُ  مَرْحًى  لعِناقِكْ 
فعلى أعتابِكَ الوَسْنى شغافُ القلبِ تصبُو لِضِيَاكْ  
ما الذي تحملهُ من فرح ِ الدنيا وألحان ِ السَّعادهْ
أيُّها المجهولُ فينا لكَ دومًا في حنايا الرُّوح ِ حُبٌّ وعبادَهْ 
هلْ  يعمُّ  السِّلمُ ... يخطو في  رُبَى الشَّرق ِ الحبيبْ 
تشرقُ الشَّمسُ علينا ... يتهادى النورُ تيهًا ، بعدَ أن حَلَّ المَغيبْ 
سنغنِّي  للسَّلامْ  //  كلَّ  إطلالة ِ  صُبْح ٍ  ومساءْ 
إنَّ فجرَ السِّلم ِ يأتي ... سوفَ  يأتي  ،  والضياءْ
يغمرُ  الدنيا  وأركانَ  الفضاءْ 
 تبسمُ الزهارُ والأطيارُ والأقمارُ ... تزدادُ  سَناءْ 
ندفنُ  الآهاتِ   والحُزنَ   وأهوالَ  الشَّقاءْ
فلنُغنِّ ولنصَلِّ  مع  خُطى العام ِ الجديدْ
ولنوَدِّعْ عالمَ الماضي  وأطيافَ الشَّجَنْ                                                                                               إنَّما الهمُّ  سرابٌ سوفَ  يمضي  َويُوَلِّي  ...   
... يتلاشَى   في  متاهاتِ   الشَّجَنْ 
أترعُوا  الكأسَ   فهذا  اليومُ   عيدْ   //
أيُّ عيدٍ //  إيُّ  بُشرَى  //  إنَّهُ  أروعُ  عيدْ
واشربُوها ، في سُمُوِّ الروح ِ ، مع عذبِ الأغاني والنشيدْ
فلنعَلِّ  رايةَ َ الحبِّ  الوَطِيدَهْ 
ولنغنِّ فرحة َ العيدِ  السَّعيدَهْ
أيُّها   العامُ  الجديدْ 
أيُّ   بُشْرَى  ... أيُّ   حُبٍّ  وحُبور ٍ  وَهَناءْ
تحملُ الأنسامُ من َندٍّ ومن نفح ِ عبير ٍوشَذاءْ 
أيقظِ  الآمالَ  فينا  والرَّجَاءْ      
أيُّهَا  العامُ  الحديدْ
أيُّها  العامُ  الجديدْ


الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

حفل وداع للسفير العراقي في الأردن لانتهاء مهام عمله ,والثناء على دوره في مجال التعاون الثقافي بين الأردن والعراق





    في حفل مهيب ودع السلك الدبلوماسي في المملكة الأردنية الهاشمية وأبناء الجالية العراقية والأردنيون السفير العراقي في الأردن د.جواد هادي عباس بمناسبة انتهاء مهامه كسفير للعراق في الأردن،وتخلّل الحفل الذي أُقيم في فندق كمبنسكي في العاصمة الأردنية عمان كلمة شكر لسعادة السفير للملكة ملكاً وشعباً ولأبناء الجالية العراقية  المقيمين في الأردن.وبعد ذلك كانت هناك كلمة جميلة ومؤثرة للأديبة الأردنية د.سناء الشعلان  أثنت فيها على التّعاون الثقافي والأكاديمي بين البلدين،وعلى ما حققه د.جواد من إنجازات خلال فترة عمله كسفير،وبعد ذلك قدّم كلّ من الملحق العسكري والصحي والثقافي والأكاديمي دروع تكريم تمثّل وزارتهم تعبيراً عن اعتزازهم بشخص د.جواد.
   وقد قدّم الحفل وأداره د.محمد ثابت البلداوي ممثل الجالية الأكاديمية العراقية في الأردن.وقد ضمّ الحفل نخبة من الحضور رفيعي المستوى على رأسهم سعادة ممثل الخارجية الأردنية وسعادة السفيرة التونسية في عمان وسعادة سفير اليابان وكوريا ومصر وفلسطين والسودان وسلطنة عمان



وكافة أعضاء السلك الدبلوماسي في السفارة العراقية وعدد من وجهاء المجتمع الأردني والجالية العراقية من شيوخ ورجال أعمال وأكاديميين وإعلاميين،وتخلّل الحفل عزف على آلة القانون للدكتور باسم الجراح.


الاثنين، 28 ديسمبر 2015

الدراسات المقارنة: مثالب العصبيات ، بقلم البروفيسور محمد الدعمي

  

عطفاً على ما طورته من جدل في الجزء الأول من هذه المقالة، لابد أن ألاحظ بأن أخطر مطبات وهفوات الدراسات المقارنة تتجسد في نحوها منحى تاريخياً، بمعنى سقوطها التلقائي في هوة العصبيات والتحاملات الأثنية والطائفية المتنوعة التي يصعب سبر أغوارها. ولكن، من المؤسف بحق أن تقود القيادات الجامعية العربية هذا النوع من الدراسات الى هذه الهوة عمداً، وذلك عن طريق توظيفها لخدمة مفاهيم الدولة القومية السائدة عبر العالم العربي، ناهيك عن محاولة مغازلة الأنظمة الحاكمة، عبر تفعيلها للبرهنة على تفوق العرب وسبقهم، مقارنة بسواهم من الأمم الأخرى، في الريادة بكل شيء تقريباً.إن أكثر ما فاجأني قد تجسد في إصدار أحد تلاميذي فيما سمي بـ»معهد التاريخ والتراث العربي» كتيباً طريفاً، يحاول أن يبرهن المؤلف فيه عكس ما تباهت به العرب وتفاخرت به العجم، من الفرس والترك، وحتى الصينيين زعم بأن مؤلفي (ألف ليلة وليلة) المجهولين لم يكونوا سوى يهود «متآمرين» رغبوا في إفساد المجتمعات الإسلامية من خلال تأليف وجمع ونشر حكايات هذا الكتاب لبثها عبر مجتمعاتنا المسلمة، جهداً تخريبياً.
هذا توظيف متعسف للدراسات المقارنة، كنا قد اعتدناه في أقسام اللغة العربية بالجامعات العراقية، من بين سواها من الجامعات العربية، إذ بذلت جهود مضنية لتطويع الأدب لمفهوم تفوق العرب، وإن في العصر الوسيط فقط! ولكن على الرغم من أني رجل عربي، ومن اقحاح العرب، لا أرى في هذا النوع من التوظيف الشوفيني فائدة علمية أو ثقافية حقة ترتجى، خاصة بعدما جرى في الجامعات العراقية على سنوات الحرب العراقية الإيرانية، من منع لتداول أعمال أدبية كبيرة أو أسماء شعرية مهمة، فقط لأنها ذات أصول فارسية، كما حدث عندما دار الجدل (بكلية الآداب ببغداد) حول استخدام لفظ «أستاذ»؛ بوصفه لفظاً مستعاراً في العربية من الفارسية، زيادة على منع التعامل مع أعمال أدبية كبرى من نوع (رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا) و(كليلة ودمنة) لأن الأولى امتدحت الفرس، بينما لم يحمل ابن المقفع «شهادة الجنسية العربية»، ناهيك عن عدم تشجيع دراسة شعر «بشار بن برد» لأن هذا المسكين كان يحمل نفساً «شعوبياً»!
إلا أن واحداً من أكثر الأعمال الأدبية النفيسة عالمياً، (ألف ليلة وليلة)، بقي دائماً مثاراً لجدل التأصيل: فعلى الرغم من جهود أستاذي المفكر البارز، الدكتور محسن الموسوي، في رصد ودراسة هذا الموضوع، منتهياً الى خلاصة مفادها «مجهولية المؤلف» ومجهولية التأليف بقي العرب والفرس، الهنود والصينيون يتنافسون على تأصيل جذور هذه الجوهرة من الأدب الشعبي في ثقافاتهم. إلا أن التفاخر بإطلاق هذه الأمة أو تلك كتاب (الليالي العربية)، كما يفضل الغربيون تسميته لم يدم طويلاً، نظراً لما وصم به هذا العمل الثقافي الكبير من «خلاعة» و»بذاءة»، بل و»تهتك» و»فساد»، أحياناً. هنا تجسدت الانتهازية الثقافية، عندما راح أكاديميو بغداد وطهران، القاهرة ودمشق، من بين سواهم يذبون عن ثقافاتهم الإسلامية العربية تهم إنتاج وإشاعة هذا العمل القصصي الأصيل. بل إن أكثر ما فاجأني قد تجسد في إصدار أحد تلاميذي فيما سمي بـ»معهد التاريخ والتراث العربي» كتيباً طريفاً، يحاول أن يبرهن المؤلف فيه عكس ما تباهت به العرب وتفاخرت به العجم، من الفرس والترك، وحتى الصينيين زعم بأن مؤلفي (ألف ليلة وليلة) المجهولين لم يكونوا سوى يهود «متآمرين» رغبوا في إفساد المجتمعات الإسلامية من خلال تأليف وجمع ونشر حكايات هذا الكتاب لبثها عبر مجتمعاتنا المسلمة، جهداً تخريبياً.
ولكن على الرغم من أن تلميذي المحترم أعلاه، السيد جمال البدري، قصد إبعاد «شبهة» تأليف (ألف ليلة وليلة) عن العرب، إلا أنه وقع ببحثه أعلاه في شرك الشوفينية الذي وقع فيه العشرات من جهابذة القيادات الجامعية العربية وباصرار، للأسف.
إن المنهج الأساسي في حقل الدراسات الأدبية واللغوية المقارنة يعتمد أخذ الباحث عملين أو عدد من الأعمال التي تبدو له متوازية فكرياً أو لغوياً، على سبيل دراستها بدقة لوضع اليد على مكامن التشابه وعلى مكامن الاختلاف. وعندما يستجمع الباحث كافة نقاط الاختلاف والتطابق، يمكن له أن يقارن بدقة، بعد أن يلوذ بخبرات أحد الإحصائيين لتشكيل جداول مقارنة إحصائية تقارن بين المتوازيات وبين المختلفات على سبيل استخلاص نسب رقمية نهائية، بعيداً عن الوقوع في متاهة الأصول والتأصيل فقط.
وللمرء أن يتكيء على وسادته الآن، مطمئناً بأن الثقافة الآدمية إنما هي مزيج من عشرات وربما مئات وآلاف الروافد التي تصب في نهر واحد: من الصين الى مصر، ومن المغرب الى عُمان.


 

الجمعة، 25 ديسمبر 2015

الدراسات المقارنة: آفاقها وكبواتها وفضائلها بقلم البروفيسور محمد الدعمي


 
أ.د. محمد الدعمي
لم يعد هناك جانب من جوانب حياة النوع الآدمي لم تدكه سنابك خيول فرسان الدراسات المقارنة الحديثة: من مواضيع تقبع على جوهر حياة الإنسان كالأديان واللغات، إلى مواضيع لا تبدو بذات الأهمية في أعين الكثير من المتابعين، كوسائل وأدوات الطهي وألعاب الأطفال الشعبية، علمًا بأن الجامعات العالمية الكبرى تولي الدراسات المقارنة عامة اهتمامًا خاصًّا، نظرًا ما لأهمية معطياتها ودلالاتها. وهذا، بالضبط، ما ينبغي أن تفعله الجامعات والمراكز العلمية في عالمنا العربي كذلك، بطبيعة الحال.
وتأسيسًا على خبرة فردية جاوزت الربع قرن في العمل الأكاديمي، أرى ثمة تبسيطا وتسطيحا واضحي المعالم في مؤسساتنا الأكاديمية عبر العالم العربي حيال مباشرة الدراسات المقارنة، نظرًا لخفض هذا النوع من الدراسات المهمة للغاية اليوم إلى مجرد محاولات رصد وتتبع وتحليل الموازيات والمطابقات التي قد يظفر بها الأستاذ الجامعي، أو أحد تلاميذه في الدراسات العليا، كي يباشر دراسة مقارنة، كما فعل كاتب الأسطر عندما حاول المقارنة بين قصائد للشعراء الإنجليز “شيلي” Shelly و”تينيسون” Tennyson و”روزتي” Rossetti، من ناحية، وبين قصيدة “قارئة الفنجان” لنزار قباني في بداية أعماله المنشورة مطلع ثمانينيات القرن المنصرم.
كانت تلك محاولة طريفة للمقارنة بقدر تعلق الأمر بفكرتها المركزية، وهي “صورة المرأة المباركة” Image of the Blessed Damozel السرابية التي يعيي التطلع إليها والتشبث بها الشاعر الرومانسي، درجة حدوث الأوجاع والإسقاطات والشعور باللاجدوى، بحثًا عن حب غير قابل للبلوغ قط. لقد كانت تلك محاولة موفقة نسبيًّا، إلا أنها لم تتخطَّ كذلك حدود ما تفعله مجالس أقسام اللغة العربية وأقسام اللغات الأجنبية في جامعاتنا العربية، أي مهمة إلقاء الضوء على نقاط التشابه في النتاجات الثقافية والأدبية، زيادة على محاولة إحالة التشابهات إلى قضية “هذا لي، وذاك لك”، خاصة عندما يكون رئيس القسم أو رئيس لجنة الدراسات العليا من النوع الذي يميل إلى إحالة كل منجزات العلم والآداب والفنون إلى أهله، عربًا كانوا أم عجمًا، بدوافع شوفينية يراد لها تفضيل الذات المتضخمة على ذوات الآخرين، درجة الإعلان بأن كل العلوم والفنون والآداب في العالم تدين بأصولها إلى بغداد أو القاهرة أو دمشق! وهذا ما يوقظ عواطف التحامل والخيلاء والعداء، ثم إلى الضغائن والعصبيات، كما فعلت قبائل العرب قبل وبعد الإسلام حين استفزت العصبيات القبلية.
بيد أن للمرء أن يلاحظ بأن اعتماد هذا الخط الضحل في التفكير لا يخدم غرضًا علميًّا أو ثقافيًّا حقًّا، لأن الأغراض النهائية للدراسات المقارنة، مهما تنوعت حقولها وموضوعاتها، ليس التفريق ولا التمييز، بل هي التوحيد والجمع والتساوي، بعيدًا عن “النرجسيات” القومية أو الفئوية أو القبلية أو الدينية، من بين سواها. إن فضائل الدراسات المقارنة أكثر وأهم بكثير من النوع أعلاه من الأغراض الأنانية. هي تساعد العقل البشري على إدراك الأصول المشتركة لمعظم المنجزات الحضارية والثقافية بين الأمم: فما الضير من الإعلان بأن الأرقام وعلوم الحساب والرياضيات بدأت بالهند، وليس باليمن؛ وان أول من استعمل الورق للكتابة وللرسم هم الصينيون وليس سواهم من القدماء. إن صرح الحضارية الإنسانية يكون عظيمًا عندما ندرك بأن لا فضل لأحد على أحد في إقامته وبنائه لأنه خلاصة جميع جهود البشرية منذ البداية حتى اللحظة، وهي سُنة الأزل.
هذا المدخل الكوني إلى الدراسات المقارنة هو الذي يضمن تحرير خلاصاتها من العصبيات، لتكون هذه الخلاصات من عوامل الدمج والجمع، بدلًا من أن تكون من عوامل الشرذمة والإنقسام، الصراع والتسابق.
وعلى العلماء والخبراء العاملين في “آبل” أو في “ناسا” أن يتذكروا أن ما توصلوا إليه من تقدم وتعقيد علمي شائك لم يكن من نتاج جيلهم الذي لم يتجاوز عمر إنجازاته العقود القلائل، بل كان من نتاج كدح وعمل وتفكير سلالات وأجيال عديدة قد لا تتمكن الأرقام الحسابية من تمثيلها والإلمام بها. الحضارة الإنسانية بدأت قبل دهور وحقب كثيرة، ولم تنتهِ إلى حيث تركها “آينشتاين” و”ستيف جوب”، لأنها تيار جارٍ لا يتوقف عند حد.

الخميس، 24 ديسمبر 2015

الفنانه والمذيعة تغريد عبساوي الى المملكه الاردنية الهاشميه


 

     من : حاتم جوعيه    

                                                                                                

تغادر البلاد عبساوي متجهة الى المملكة الاردنية  الهاشمية بدعوة خاصه لتلتقي بالفنان التونسي صابر الرباعي وتشارك الحفل الذي سيقام بالرويال بعمان ليله راس السنه كما ستجري مع الرباعي لقاء حصري.

 

إن الفنان الكبير صابرالرباعي الذي  يقدم  برنامج  ذي فويس والذي يعتبر من أهم برامج تلفزيون الواقع لقد لاقى نجاحا كبيرا وصدى بالعالم العربي .

يلتقي الرباعي مع جمهوره من كل انحاء العالم العربي بعد غياب عن عمان دام 10 سنوات .. وهكذا فإن الجميع على شوق للقائه .

كما ستلتقي تغريد عبساوي الفنان السوري نور مهنا بالجولدن كروان بعمان حيث سيحيي حفل ب 26 من الشهر الجاري وليله راس السنه  حيث يلتقي نور مهنا بجمهوره الذي أتى خصيصا للقائه بعمان.

الاعلاميه عبساوي بشوق للقاء العمالقه  بعمان  بعد أن أجرت مع  كل منهم  لقاءات إذاعيه وهي الآن تلتقي معهم شخصيا وجها لوجه متمنيه لهم النجاح وكثيرا من التألق في حفلاتهم بعمان بمناسبة الاعياد المجيده.



 

 


ظاهرة فوزي موزي وتوتي تجتاح البلاد والعالم العربي!



*الملايين يشاهدون الأغاني والمشاهد على اليوتيوب*الآلاف أمّوا القاعات بالعروض الأخيرة*الأعلام المحلي في غفوة عمّا يحصل*

بقلم: ضرار كنانة

 

*ظاهرة فنية مميزة اكتسحت في الفترة الأخيرة البلاد وتخطتها إلى العالم العربي. الظاهرة أسمها "فوزي موزي وتوتي"، حيث تشير معطيات "اليوتيوب" على الانترنيت بأعداد هائلة بالملايين يدخلون لمشاهدة الأغاني والمشاهد التي تقدم بشكل اسبوعي وعلى التوالي.

عرفت الشاب فوزي سعيد وشقيقته سماهر سعيد منذ سنوات بعيدة، قبل أن يطلق على نفسه أسم "فوزي موزي" وأخته "توتي".. كانت بداية هذا المشروع في مطبخ تلفزيون MIX وقد رأى مدير التلفزيون سامر حمام، مستقبلا كبيرا لهذا الثنائي، وكان ما زال يقدم البرامج الترفيهية والتي تعتمد على تفعيل الأطفال في حفلات عيد الميلاد وما شابه ذلك، آنذاك تم إطلاق أسم "فوزي موزي وتوتي" وقد أوكل مدير التلفزيون الفنان أسامة مصري لكتابة الأغاني للفريق الجديد على أمل أن يظهر في برنامج تلفزيوني للأطفال.. وفي حينه لم تجري الرياح كما اشتهت سفن المخططين، لكن ما كتب من أغاني تم تلحينه وأخذ الثنائي "فوزي موزي وتوتي" بتقديمه في حفلاتهم التقليدية، وقد لاقت الأغاني رواجا لا بأس به.

نقطة التحول عند هذا الفريق كانت عندما تم فتح قناة خاصة به على "اليوتيوب"، حيث بدأ الانتشار الواسع رويدا رويدا، وكل ذلك بمساعدة طاقم مهني من الدرجة الأولى، فإلى جانب الحضور القوي للثنائي فوزي وسماهر (فوزي وتوتي) والنغاشة التي أسرة قلوب الأطفال، عمل معهم طاقم تصوير محترف من الدرجة الأولى ومصممة للأزياء والدمى رائعة، واستمر الفنان أسامة مصري بكتابة جميع أغاني الفريق بطريقة مميزة وواعية لعقلية الأطفال، ثم انتقل لكتابة المشاهد المقدمة على "اليوتيوب" والمشاركة في التمثيل مع الفريق. في نفس الوقت انضمت الفنانة رنين بشارات/ اسكندر لتشارك في الكتابة والاخراج وأيضا التمثيل بشخصيتها المميزة "تيتا فوزية".. وخلال ذلك خلق الفنان أسامة مصري شخصية جديدة وهي "المندلينا" بأغنيتها الجميلة "أنا المندلينا"، حيث تحولت هذه الشخصية والتي تلعب دورها مجدولين سعيد، الشقيقة الصغرى لفوزي وسماهر، تحولت إلى جزء هام من عروض الفريق.. في نفس الوقت انضم الشقيقان التوأم عفو وعدي خوري للمشاركة في العروض والمشاهد وكانا بمثابة انعكاس للطفل الذي يشاهد ويشارك في هذه الأعمال.

لن ننسى ملحن وموزع الموسيقى الفنان المبدع كارم مطر، الذي رافق معظم أعمال "فوزي موزي وتوتي" بعد أن قام الفنان هلال زهر، بتلحين الأغاني الأولى لهذا الفريق، والتي حققت أيضا نجاح باهر، مثل أغنية "بابا جبلي كلبي" والتي سجلت على "اليوتيوب" أكثر من مليوني مشاهد حتى الآن.. لقد وضع كارم مطر لمسات فنية مميزة للفريق.. وقد صرح في حديث بين الأصدقاء أنه بعد مشواره الطويل في عالم تلحين الأغاني لكبار الفنانين، أخيرا أصبح يسمع الناس تغني ألحانه في كل مكان بفضل العمل مع فريق "فوزي موزي وتوتي" الناجح.

في العروض الأخيرة والتي ما زات مستمرة على خشبات المسارح الكبرى في البلاد، كانت المفاجأة كبيرة حتى لفوزي نفسه، فجميع القاعات امتلأت حتى آخر مقعد والطلبات على التذاكر لم تتوقف واصبحت العروض تتوالى دون انقطاع.. في نفس الوقت كانت المفاجأة من قبل الإعلام المحلي، فهو في غفوة عما يحصل ولم يعطي لهذه الظاهرة حقها ولا حتى التفاتة متواضعة.

سر نجاح هذا الفريق يكمن في عدّة مركبات:

المركب الأول- شخصية فوزي موزي وتوتي، فهما مشاكسان أقرب إلى الغباء الطفولي، يحاولان الابتعاد قز الامكان عن النصائح المباشرة، حيث تأتي مثل هذه النصائح في بعض الأحيان من شخصية ثالثة، وهما يبقيان في نفس القالب الذي صمم من البداية، وهو القالب المحبب لدى الأطفال.

المركب الثان
 
 
 
 
 
 
 
ي- كلمات الأغاني البسيطة والعميقة في نفس الوقت، وقد اختار الفنان أسامة مصري بذكاء كلمات سهلة الاستعمال ومحببة جدا من لغة الأطفال وعالمهم، مما سرّع في حفظها وتكرارها على الألسن.

المركب الثالث- ألحان الأغاني التي تعتمد على إيقاع يتلاءم جدا مع أداء الطفل نفسه، وقد أخذ الفنان كارم مطر بالحسبان، أن العديد من المربيات والأمهات سيقومون بتعليم مثل هذه الأغاني لأطفالهم.

المركب الرابع- الملابس والألوان والدمى التي تصممها الفنانة ساشا، والتي خلقت شخوص جديدة للأطفال، أصبحت مع مرور الوقت علامة مميزة.

المركب الخامس- المشاهد الكوميدية على اليوتيوب وتصوير الأغاني على طريقة "الفيديو كليب"، مما أضاف رونق خاص ومشوق لأعمال الفريق.

أهم هذه المركبات هو المجهود والصرف بسخاء على كل كبيرة وصغيرة لهذا الفريق والتي يديرها الفنان فوزي سعيد بمساعدة جميع أفراد عائلته، ليقدم الأجود والأفضل للأطفال.

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية تعلن أسماء الفائزين بجوائزها (الدورة الرابعة عشرة 2014-2015)

أعلنت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية أسماء الفائزين بجوائزها (الدورة الرابعة عشرة 2014-2015) والتي كانت من نصيب كل من:

(حبيب الصايغ، وإسماعيل فهد إسماعيل، ويوسف القعيد، وصلاح فضل، وكمال أبو ديب، و رشدي راشد).
وقد صرح الدكتور محمد عبد الله المطوع - الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية قائلاً:
أن لجنة التحكيم منحت جوائز هذه الدورة الرابعة عشرة (2014-2015) لهؤلاء المبدعين من أدباء ومفكرين من بين (1575) مرشحاً وهم إجمالي عدد المتقدمين لنيل الجوائز في هذه الدورة.

وأضاف الأمين العام أن اللجنة منحت الشاعر (حبيب الصايغ) جائزة الشعر كونه أحد رواد الحداثة الشعرية في الخليج العربي، ولما حققه الصايغ من تحديث شكل القصيدة وايقاعها، كما عمل على نقل القصيدة الشعرية من محليتها إلى نطاقها العربي الأوسع.

أما في حقل القصة والرواية والمسرحية، فقد منحت لجنة التحكيم هذه الجائزة للروائيين (يوسف القعيد وإسماعيل فهد إسماعيل )، لتميز إنتاجهما السردي الروائي، ففي ما أنجزه " يوسف القعيد " نلاحظ تمحور إنتاجه الإبداعي حول علاقة الإنسان بالغربة التي جعلها رمز الوطن، وفي مجمل ما قدمه، فقد جمع بين التجريب الأدبي، والنقد الاجتماعي بسردية حداثية جعلته واحداً من الأقلام المتميزة في عصره.

أما ما أنجزه " إسماعيل فهد إسماعيل " فقد قدم سرداً بمستويات ثابتة مفتوحة ومختلفة، جعلت من خطابه الروائي نصاً مفتوحاً، استوعب فنون المسرح والسينما والفنون البصرية الأخرى مما أخرج النص الروائي في الخليج إلى عوالم عربية أكثر رحابة وشمولية.

وأضاف الأمين العام أن لجنة التحكيم قد منحت جائزة الدراسات الأدبية والنقد لكل من "صلاح فضل، وكمال أبو ديب" لريادتهما في تطوير حقول النقد والمستويات المتعددة للدراسات الأدبية، فقد حقق الناقد "صلاح فضل " السبق في تبني الحداثة في النقد، كما وضع اللبنات الأولى في منهج النقد البنيوي.

أما " كمال أبو ديب " تميزت جهوده بتطوير حركة نقدية مواكبة لعصر الحداثة النقدية ووظف آليات جديدة في مفاهيم النقد العربي.

وفي مجال الحقل الرابع الدراسات الإنسانية والمستقبلية فقد منحت لجنة التحكيم هذه الجائزة للمؤرخ "رشدي راشد " حيث أن معظم دراساته عنيت بدراسات مبتكرة ومحققة لبنية الرياضيات العربية التي امتدت جذورها إلى حوالي سبعة قرون، ولم يستطع معظم السابقين إبراز كنيتها، وبذلك أهلته هذه الدراسات لأن يكون مجدداً في تاريخ العلوم التي صوبت أخطاء من سبقوه.

وقال الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية أن إجمالي عدد المرشحين للحقول الأربعة عدا حقل الإنجاز الثقافي والعلمي، قد بلغ (1349) مرشحاً، وهم يمثلون حقول الجائزة التالية:

الشعر : 280 مرشحاً
القصة والرواية والمسرحية: 362 مرشحاً
الدراسات الأدبية والنقد: 260 مرشحاً
الدراسات الإنسانية والمستقبلية: 447 مرشحاً

وأضاف الأمين العام : بالنسبة لجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي فقد بلغ عدد المرشحين بلغ ( 226 مرشحاً) وأن مجلس الأمناء لم يختر حتى الآن من يفوز بها، وأن الأمانة العامة ستعلن اسم الفائز في وقتِ لاحق، بعد قرار المجلس.
وفي ختام البيان أعلن الأمين العام أن الحفل الختامي لتوزيع جوائز الدورة الحالية سيقام منتصف شهر مارس 2016 المقبل.

لمزيد من التفاصيل عن الفائزين بالجائزة يرجى زيارة موقع المؤسسة على الرابط

www.alowais.com





من برهام إلى جيبيا ذاكرة وتاريخ وجمال

صباحكم أجمل
من برهام إلى جيبيا ذاكرة وتاريخ وجمال
همسات وعدسة: زياد جيوسي
 
(الحلقة الأولى)
 
   برهام.. تلك البلدة الجميلة الوادعة الضاربة جذورها في الأرض الفلسطينية عبر التاريخ، بلدة صغيرة المساحة، وقليلة عدد السكان، لكنها جنة بالجمال والأشجار والمناخ الجميل، كنت أسمع عنها، ولم تكتحل عيناي برؤيتها إلا من البعيد حين قمت بجولتي لتوثيق بلدة بير زيت بالقلم والعدسة، فسلبت بير زيت مني اللب، وفتحت قلبي على مصراعيه وسكنت فيه، وحين شاركت مع مجموعة (إمشي وتعرف على بلدك)، وهم بالغالبية من الجيل الشاب، في مسير على الأقدام امتد من بلدة برهام إلى بلدة أبو شخيدم، حيث كان ترتيب مشرفوا المجموعة أن يتم المسير من بلدة برهام باتجاه الوادي الذي يفصلها عن بلدة كوبر، حيث تعتلي كوبر رأس الجبل فوق الواد، وعبر الواد صعوداً بجبل مرتفع للوصول إلى بلدة أبو شخيدم، وهذه البلدات جميعها من قرى محافظة رام الله والبيرة.
   برهام تقع إلى الشمال الغربي من مدينة رام الله، وتبعد عن مركز محافظة رام الله والبيرة مسافة 12كم، والوصول إليها عبر طريق فرعي يربطها بالطريق الرئيس لبلدة بير زيت بطول يقارب كيلومترين ونصف، وتقع على هضبة مرتفعة بارتفاع 680م عن سطح البحر. تبلغ مساحة أراضيها 1589 دونماً، وتحيط بها أراضي قرى: كوبر، وجيبيا، وأم الصفا، وبير زيت، وعطارة، ويقدر عدد سكانها بما لا يزيد عن 800 مواطن، حيث بلغ عدد سكانها في إحصاء العام 2004 بحدود 552 نسمة فقط.
   حين وصلنا أعلى بلدة برهام بدأنا المسير، كانت عيناي تجول في برهام كي تلتقط من البعيد ما يمكن توثيقه بزيارة خاصة لاحقة، وحقيقة افتقدنا في مسارنا الجميل في الطبيعة المجموعات التي ترافقنا من المحافظات الأخرى، فالحركة بين المحافظات لم تعد سهلة، وزعران المستوطنين ازدادت قذارتهم في محاولات الاستيلاء على الأراضي في التلال من أصحابها الشرعيين، وأصبحت عمليات الإعدام والقتل التي ينفذها جنود الاحتلال ومستوطنيه حدثاً يومياً في محاولة لقمع الشباب الثائر في ظل الرعب الذي بات يهيمن على كل جندي ومستوطن، لذا كان عددنا بحدود 26 شخصاً رجالاً ونساء، شباباً وشابات، بينما وصل عددنا في مسارات سابقة إلى 160 شخصاً، وبالتالي فإن اصرارنا أن لا نوقف مساراتنا هو بعض من أشكال المقاومة والتحدي للمحتل، ومن المؤكد أني كنت الوحيد الأكبر سناً بينهم، وأنا أحمل حقيبتي الصغيرة وعدستي وقلمي على عاتقي الستيني، مواصلاً أينما كنت توثيق بوح الأمكنة بالقلم والعدسة.
   ابنة برهام، السيدة نادرة بكر، تواصلت معي من مغتربها في موسكو بعد نشري صور المسير، ورتبت لي مع السيد زياد بكر جولتي في بلدتهم برهام، وبسبب الأمطار تأخرت عدة أيام حتى سمح الجو بذلك، فاتجهت إلى بير زيت برفقة زميلتي في البيدر للإعلام السيدة منى عساف بالمواصلات صبيحة الأربعاء الحادي عشر من تشرين ثاني لهذا العام، وهناك استقبلنا الأخ زياد، ونقلنا بسيارته إلى بلدته، فهي بلدة صغيرة ولا يوجد لها خط مواصلات خاص، وما أن أطللنا على برهام حتى بدأت أشاهد مساحات خضراء كبيرة من الأحراش ومساحات مزروعة بالزيتون، وهو الذي يسيطر على معظم المنتج الزراعي في القرية، فأشجار الصنوبر الباسقة تشق عنان السماء، ولم تتعرض كما مساحات ومناطق غيرها للعبث والقطع وتوسع البنيان على حساب المساحات الخضراء، ما أثار في الروح مشاعر من راحة وجمال، وزاد بذلك مشاهدة مساحات كبيرة مزروعة بالزيتون (الرومي) القديم الذي يستدل عليه من طبيعة الجذوع الضخمة وتجوف بعضها، وفلسطين تشتهر بالزيتون الرومي القديم وأشهرها زيتونة البدوي في بلدة الولجة، والتي قدر عمرها الخبراء الأجانب بين 4500 عام و5500 عام.
   وما أن تجاوزنا مطاحن القمح الذهبي، وهي أكبر مطحنة في فلسطين والتي تزود معظم السوق الفلسطيني بمادة الطحين، حتى كنا نتجه إلى مقام أحمد برهان الهاشمي، والبلدة كان اسمها منسوب إليه (برهان)، ولكن مع اللهجة المحكية تحولت إلى برهام، وهو قد قدم إلى المنطقة من اليمن بعد الفتوحات الإسلامية وتوطن ودفن فيها، وما زال مقامه موجوداً ومعلَماً أساسياً من معالم البلدة التاريخية، وقد أفادني السيد زياد بكر أن دراسة أجريت تشير أن المدفون بالمقام هو خليل حفيد أحمد برهان وهو الجد الحادي عشر لأهل برهام، وقال إن أحمد برهان الهاشمي أتى من العراق من واد النُّور، وهو كان من السادة الأشراف وليس من اليمن، وحدثني أن البعض حاول هدم المقام التاريخي بحجة إقامة مسجد أكبر، ولكن جرى وقف المحاولة بالتعاون مع دائرة الآثار وبناء المسجد قريباً من المقام، وتم المحافظة على هذا الأثر التاريخي والتراثي، ومن طبيعة نظام البناء والحجارة فيه وطبيعة القبة أقدّر أن المقام يعود عمره ما بين 700 إلى 800 عام، وبجوار القبر وفي غرف المقام افتتحت جمعية سيدات برهام؛ وهو مشروع ثقافي يحتوي مكتبة ومركز تدريب على الحاسوب. وبكل أسف كانت الجمعية مغلقة ما عطل أن اقوم بجولة داخل المقام وتوثيقه بالصور من الداخل، فاكتفيت بتصويره من فوق السور، ومن المؤسف أيضاً أنه تم إنشاء بناء صغير بجواره من الإسمنت والطوب شوّه المشهد العام للمقام، وأحدث فيه تغييراً غير إيجابي، وهناك البعض يشير إلى البناء بأنه من المساجد العمرية، وهذا بتقديري خطأ، فالبناء لا علاقة له بالمساجد التي أطلق عليها اسم العمرية نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب، علماً أن المساجد العمرية في فلسطين بنيت بعد فتح القدس في القدس قرب كنيسة القيامة، وفي بيت لحم مقابل كنيسة المهد لرفض الخليفة العادل الصلاة بداخل الكنائس حتى لا يأتي أحد في زمان لاحق ويستولي عليها من أصحابها الشرعيين من أتباع الديانة المسيحية.
   من مقام برهان كنا نتجه إلى ما تبقى من البلدة التراثية، وهي كانت أصل البلدة، وتقع بالقرب من المقام بالجهة الخلفية، وبكل أسف فإن هذه الأبنية معظمها مهدم، وهي على نظام الأحواش التي اشتهرت بها بلدات فلسطين، حيث كان لكل عائلة حوشها الذي تسكنه، وهي أحواش دار علي، ودار أبو مريم، ودار فليان، ودار حسن. وحقيقة، ومما تبقى منها، رأيت أن استخدام حجارة غير منتظمة الشكل في البناء وعبر مراحل زمنية مختلفة، أدى إلى أن تتعرض هذه الأبنية التراثية للخراب، وبعض مما تبقى كان نظام بنائه أفضل فلم يهدم بالكامل، فعلى بوابة الحوش الخارجية للساحة توجد بوابات قوسية، والبوابات القوسية أكثر قدرة على تحمل تأثير الزمن والعوامل المناخية، وبجوارها بيت العاروري الذي بناه الحاج علي العاروري، وهو بيت تراثي جميل يعود لبدايات القرن الماضي وما زال يحافظ على جماليته ورونقه من خلال استخدام حجارة منتظمة الشكل، وأقواس للنوافذ والبوابات، وأيضاً ما زالت بعض البيوت التراثية الأخرى التي بنيت في بدايات ومنتصف القرن الماضي قائمة، وأعتقد أن بعضها ما زال مأهولاً، وبعض الأحواش ما زالت تحافظ نوعاً ما على البناء، فوقفت أتأمل ما تبقى من حجارة مهدمة، وأشعر أني أستمع لهمسات الأجداد تروي لي الحكايات، حكاية شعب سكن فلسطين منذ آلاف السنين، وحفروا الصخر بأظافرهم، وزرعوا الزيتون الذي ما زلنا نأكل منه بعد مئات السنين.
  بيوتات وأحواش برهام القديمة أو ما تبقى منها تشير إلى البناء التقليدي للأحواش حيث اعتمدت غالبيتها على نظام العقد المتقاطع، وهو الأكثر انتشاراً في المباني التراثية، بينما الأقل هي الأبنية التي تعتمد السطح المستوي، ولم تدل البيوتات التراثية إلا على بناء واحد اعتمد السقف نصف البرميلي، ولعل غلبة بيوت العقد المتقاطع هو أن نظام الأحواش كان له الغلبة، وهو الأقدم حيث المساكن متجاورة في حوش واحد تسكنه مجموعة من الأسر، وكما العادة فهناك القسم السفلي، وكانت توضع به المواشي، ويعلوه مكان السكن إضافة إلى وجود الحوش أو المصطبة أمام البيت، وإضافة إلى وجود الخوابي لحفظ التموين والمواد الغذائية والقمح والحبوب وجرار الزيت. وفي جولتي رأيت أن المباني التي ما زالت قائمة هي أحدث من الأحواش بتاريخ البناء، وأخذت نظام الاستقلالية وليس نظام الأحواش، ومعظم بيوت برهام التراثية كانت من طابق واحد بعدد 20 بيتاً من 23 بيتاً حسب دراسة أجرتها مؤسسة رواق في العام 2000 م، ومنها مبنيان من طابقين ومبنى واحد من ثلاثة طوابق، ولم يكن قد تبقى منها بحالة جيدة إلا ثمانية مباني، والباقي إما غير صالح أو بحالة متوسطة.
   من البلدة التراثية وما تبقى منها اتجهنا إلى آثار الكنيسة البيزنطية، وهذا ما سيكون مادة الحديث في الحلقة التالية من جولتي في برهام قبل أن نتوجه بزيارة سريعة إلى بلدة جيبيا.
   صباح عماني جميل النكهة بالمطر وأنا أجلس لشرفتي العمانية أحتسي القهوة وأستذكر زيارتي لبرهام، وأستمع لشدو فيروز وهي تشدو: (شتي يا دنيا تا يزيد موسمنا ويحلى، ودفق مي وزرع جديد بحقلتنا ويعلى).
   فأهمس لكم جميعاً: صباحكم أجمل حتى نلتقي في الحلقة الثانية لنجوب عبق التاريخ والتراث والجمال في بلدتي برهام وجيبا.
(عمّان 17/11/2015)