الثلاثاء، 30 يناير 2018

لوحة للفنانة سحر عزام بقلم: زياد جيوسي




   في لوحة الفنانة سحر العزام، نجد أمامنا عملاً فنياً بسيطاً، ولكنه من جانب آخر يحمل فكرة كبيرة، فلو نظرنا للوحة، وهي لوحة مرسومة بشكل طولي، لوجدنا أن موضوع اللوحة والجانب الوصفي العام يتركز على فكرة واحدة هي الرجاء، وهي عملية قائمة على الدعاء لله سبحانه وتعالى، وعلى مجموعة من المكونات الرمزية التي تنقل للمشاهد الفكرة ببساطة، مكونات تنقلنا بين العتمة والنور والرجاء والقيد الذي يشد الفتاة سيدة اللوحة من يديها ويربطها بالأرض.
   استخدمت الفنانة في اللوحة الخصائص التقنية القائمة على استخدام ألوان الزيت سريع الجفاف "أكليرك" على قماش الرسم المعالج "كونفس"، ويلاحظ بشكل عام التوجه لدى الفنانين، وأيضاً لدى الرسامين، لهذا النوع من الألوان بسبب توفرها ورخص أسعارها مقارنة بالألوان الزيتية المستخرجة من المواد العضوية، لكن بالتأكيد أن قدرات اللون الزيتي العضوي على التعبير والبقاء أكبر بكثير من المواد غير العضوية، والتي تدخل الكيماويات في تركيبها ما يقلل من عمرها الافتراضي إن لم تتم المحافظة عليها بشكل جيد، واللوحة بحجم 50/70 سم، وقد استخدمت الفنانة أسلوب الريشة وأسلوب الكشط بالسكين معاً في رسم اللوحة وفرش الألوان.
   الفنانة سحر العزام اهتمت كثيراً بفضاء اللوحة، فقسمت الامتداد البصري إلى أربعة أقسام متفاوتة الحجم، ومتداخلة بالفضاء العام بتوزيع المساحات البصرية بما بخدم الفكرة للوحة، فنجد على الزاوية اليمنى في أعلى اللوحة بالنسبة لرؤية المشاهد المنطقة المعتمة، بينما يقابلها وبمساحة أكبر المنطقة المضيئة في الزاوية المقابلة للوحة، وهاتان المنطقتان مثلتا ثلث اللوحة العلوي، بينما نجد مساحة جيدة موشحة بالأخضر، وفي أعلاها التلال تمثل القاعدة التي تعكس فكرة الغد، بينما قاعدة اللوحة عبارة عن صخرة صماء داكنة اللون تمثل ثلث اللوحة كما التي سبقتها بالمساحة، وبذلك نرى أن الفضاء العام في اللوحة استخدم بشكل جيد، وأعطى مساحة واسعة للرمزية في اللوحة.
   اهتمت الفنانة بالدلالات النفسية في اللوحة من خلال ملامح الوجه البشري الوحيد وهو لفتاة، فنلاحظ رغم أن الوجه بمساحة صغيرة إلا أن الفنانة أظهرت فيه حجماً من الألم، وفي الوقت نفسه لم تغفل الأمل بانقطاع الحبل رغم بقاء القيد، وجثو الفتاة على ركبتيها وهي تنظر للسماء تناجي خالقها، وهي تضع يديها على صدرها ولا تستطيع فتح الكفين كما العادة في الدعاء بسبب القيد في يديها يوحي بلمسات صوفية، فالأمل قائم فقد تقطع الحبل، ولكن لا تزال تعاني ولا تكف عن الرجاء.
   من يتأمل اللوحة يجد أن الفنانة اهتمت بالبنية والتكوين العام لها، فهي لم تترك فراغات بدون معنى، فكانت مهتمة أن لا تكون هناك مساحات فارغة لا تعطي معنى، فالامتداد الفضائي متناسق مع أهداف ورمزيات اللوحة فنجد أن الرمزيات المستخدمة في اللوحة مثل: المرأة، الشمس، مساحات العتمة، الفضاء العام، الأرض.. كانت متوازنة بشكل جيد، فلم تظهر إشارات تهز مكانة تموضع الرموز والأشكال المستخدمة، وكان التمازج بين الفضاء المنير والفضاء المعتم متواصلاً مع انقطاع نسبي لا يثير النفور بمقدار ما يثير الاستغراب حين تتحرك العين المراقبة بين جانبي اللوحة، والشجرة العارية التي تهزها رياح العتمة كانت نقطة الوصل بين الجانبين فأعطت تواصلاً، لكن مع انقطاع نسبي باختلاف اللون، وأيضاً لو نظرنا من الأسفل للأعلى وبالعكس كان المنظور العام جيد.
   من المسائل المهمة في أية لوحة فنية، هي كيفية تطويع واستخدامالألوان والإنارة، فهي مسألة مهمة، وتعطي للوحة مفهومها، وأيضاً تعطي المشاهد فكرة عن القدرات الفنية للفنان، فقد سبق لي أن شاهدت لوحات لفنانين لهم حضورهم، ولكن الخطأ بتقدير كيفية استخدام الإنارة وانعكاسها على اللوحة أدى إلى خلل فاضح في لوحاتهم، وهنا في هذه اللوحة للفنانة سحر العزام نجد مصدر الضوء يتركز في أعلى الزاوية اليسرى بالنسبة للمشاهد، ويضيء جوانب اللوحة باستثناء الزاوية المعتمة على أعلى يمين اللوحة للمشاهد حيث الشجرة العارية التي تدفعها الرياح باتجاه الشمس تحجب النور، وهناك شمس أخرى رمزية تقع في منتصف اللوحة في الجهة المواجهة لرأس المقيدة التي تحلم بالرجاء، وهنا نجد الفنانة وقعت ببعض الأخطاء بالإنارة، فنجد انعكاس النور على شعر الفتاة من الواجهة الأمامية، وعلى جذع الشجرة من الناحية الخلفية، بينما الظلال موجودة على خلف ومقدمة الرداء الأبيض الذي ترتديه الفتاة، بينما تدرجات الألوان كانت جيدة نسبياً، وهذا يظهر جلياً في المنطقة السهلية تحت الشمس حيث تمازج الأخضر مع لون الأرض البني.
   اهتمت الفنانة بمجموعة من الرمزيات في اللوحة حتى توصل الفكرة التي تسعى إليها، فنجد أن الفتاة تجثو على ركبتيها على صخرة صماء معتمة اللون، والصخرة إشارة رمزية واضحة للمجتمع الذي تعيش فيه، فهو هنا مجتمع يقيد المرأة بقيود قوية وكثيرة، ولهذا رمزت بذلك إلى القيد الذي يربط يديها وهو مرتبط أيضاً بالصخرة/ المجتمع، والفتاة تجثو على ركبتيها بحالة رجاء ونظراتها للسماء وللشمس التي ترمز هنا لفجر قادم بالحرية والنور، لذا نجد القيد قد قطع من منتصفه، لكنه لا يزال يقيد يدي الفتاة، فرحلة التحرر طويلة، والمجتمع جامد كالصخرة، وفي الوقت نفسه نجد الفتاة ترتدي الثوب الأبيض في رمزية واضحة للطهارة.
   نلاحظ أن الفنانة رسمت السماء المعتمة بمساحة أقل من المنيرة في إشارة واضحة إلى أن النور سيتغلب على الظلام، كما رسمت شجرة عارية من كل الأوراق تقف في مهب الريح فتميل باتجاه النور في مواجهة قوة الريح القادمة من العتمة، لكنها عصية على الاقتلاع فجذورها راسخة وهي تصر أن تقاوم وتصمد في وجه ريح العتمة، في إشارات رمزية إلى دور القوى الظلامية في تخريب المجتمع ومحاولات اقتلاعه وإعادته للخلف بدل أن يتجه للغد، لكنه يميل إلى الشمس والنور.
   يلاحظ في اللوحة وجود شمسين وليس واحدة، الأولى في السماء وتبعث نورها بقوة فتجعل الأرض تتمازج بين الأخضر والبني، وهي رمز واضح يشير للغد الذي سيفك القيود والذي تنظر إليه الفتاة وتتمناه، وشمس صغيرة كأنها مشرقة من عقل الفتاة وحلمها بغد منير وجميل، وسهل جميل يقع بين الصخرة/ المجتمع والأفق البعيد على مرمى نظر الفتاة المقيدة يرمز للخصب القادم وتحقق الحلم.
   مسألة أخرى لا بد من الإشارة إليها في اللوحة وهي يديّ الفتاة، فرسم الأصابع به خلل تشريحي، فهي طويلة ومقوسة أكثر من الطبيعي، وهي أشبه بالمخالب، وهذه نقطة كان يجب معالجتها قبل عرض اللوحة، وأعتقد أنه لو جرى إخفاء قوس الشمس والاكتفاء بشلالات النور لكان أجمل، وابتعد عن التقليدية في بعض مناحي اللوحة.
   وهكذا نجد بعد هذا التجوال في اللوحة أن الفنانة قد تمكنت رغم بعض الهنات ونقاط الضعف من التعبير عن آلام وظروف المرأة العربية تحت ضغوط المجتمع والجهل الذي يسوده، والعتمة التي تحيط به من خلال الممارسات الخاطئة تجاه النساء والنظرة إليهن، والفنانة تعيش في بلدتها في شمال الأردن، وبالتالي شاهد على طبيعة المجتمع وما يحكمه سواء من درجة الوعي وصولاً للعادات والتقاليد، وقد تمكنت من استخدام اللون بشكل جيد للتعبير عن الفكرة، إضافة إلى الرمزيات سواء المرسومة أو الرمزيات التقنية اللونية.
   الفنانة سحر العزام درست الفنون الجميلة وحصلت على الدبلوم فيها في كلية بنات إربد، لكنها أكملت دراستها الجامعية لاحقاً في مجال إدارة الأعمال في جامعة إربد الأهلية، والفن بعض من تركيبتها النفسية منذ الطفولة، فهي فنانة بالفطرة، وكانت تهتم بداية بالرسم والرصاص، وعبر مراحل زمنية انتقلت إلى استخدام الزيت منذ العام 2015، وشاركت في العديد من المعارض، وكانت أول مشاركة لها في سمبوزيوم أم قيس، وشاركت أيضاً في مهرجان برقش الدولي، وفي ملتقى الرواد، وفي سمبوزيم النهر والليمون برعاية وزارة الثقافة الأردنية في العام 2017، وتهتم في لوحاتها بشكل عام بالخيول، وتعتبرها تمثل أصالة المرأة العربية والتراث باعتباره رمز للأصالة والطبيعة لأنها رمز للحياة وبخاصة الطبيعة الصامتة تاركة إياها تتحدث عن نفسها.
"جيوس 24/1/2018"




الاثنين، 29 يناير 2018

التوراة السامرية بقلم وليم إ. بارتون The Samaritan Pentateuch حسيب شحادة جامعة هلسنكي

التوراة السامرية بقلم وليم إ. بارتونThe Samaritan Pentateuchحسيب شحادةجامعة هلسنكي


William E. Barton, The Samaritan Pentateuch: The Story of a Survival among the Sects. Bibliotheca Sacra, October, 60 (1903), 601-632.

ارتأيت أن أُشير إلى النقاط والأمور الهامّة في تقديري، التي وردت في هذا المقال، خدمة للمهتمّين بالشأن السامري من القرّاء العرب عامّة والسامريين خاصّة وقد أضفت ملاحظاتي وتعليقاتي باختصار بين قوسين (). نُشر هذا المقال في منابرَ أخرى وينظر في الكاتالوج :

Alan David Crown, Reinhard Pummer, A Bibliography of the Samaritans.Third Edition: Revised, Expanded and Annotated. ATLA Bibliography, No. 51. The Scarecrow Press, Inc. Kanham, Maryland. Toronto. Oxford 2005, p. 37.
كما نشر في الموقع الإلكتروني الأمريكي المعروف عن الدراسات السامرية: www.theSamaritanUpdate.com, 2011.
http://shomron0.tripod.com/articles/biblioupdate2014.pdf



في الصفحة الأولى يُثبت المؤلّف بارتون صورة صفحة من مخطوط قديم للتوراة السامرية بالحروف السامرية، ٢٩ سطرًا من سفر العدد ٢٧: ١٩ לפני כל העדה וצוית אתו / לעיניהם ונתתה מהודך / עליו ולמען ישמעון وحتى ٢٨: ٤ את הכבש האחד תעשה בבקר ואת הכבש השני בין הערבים (هنالك شبه بالنص اليهودي). وفي الصفحة التالية صورة فوتغرافية كُتب تحتها بالحرفين العربي والسامري: يعقوب بن هرون الكاهن الأوّل بنابلس. في أعلى الصفحة الثالثة يعرِض بارتون صورة لرسالة قصيرة بالعربية كان الكاهن المذكور قد أرسلها له في ٢٥ نيسان ١٩٠٣ (نشرتُها مشفوعة ببعض التوضيح وبترجمة إلى العبرية والإنجليزية بعنوان: رسالة يعقوب هرون الكاهن الأوّل لبارتون).

يحاول القسّ الدكتور وليم إدوارد بارتون (١٨٦٨- ١٩٥٥) في هذا المقال عرض وضع السامريين ومساهمة توراتهم في معرفة العهد القديم. كان بارتون قد اهتمّ بدَرْج التوراة السامرية المقدّسة بنابلس عدّة سنين قبل زيارته لفلسطين عام ١٩٠٢. يُعتقد أنّ هذا الدَّرْج المخطوط هو الأقدم في العالم. الكهنة لا يعرضونه حتّى لأبناء الطائفة إلا مرّة واحدة في السنة في عيد الغفران. صديق بارتون الثري الأمريكي  E. K. Warren (١٨٤٧-١٩١٩)، رئيس مدرسة الأحد العالمية، كان قد زار فلسطين عام ١٩٠١ وشاهد الدَّرْج القديم. وقد زوّد وارين صديقه بارتون بتوصية موجّهة للكاهن الأكبر. وهكذا دخل بارتون عالم السامريين وحياتهم. شهدت تلك الفترة نهضة بخصوص الاهتمام بنصّ التوراة السامرية في أعقاب اكتشاف توراة سامرية قديمة في دمشق نسخت ، كما ٱعتقد، عام ٧٣٥ للهجرة (١٣٣٤م.) ويقال إنّ هذا المخطوط موجود الآن في القاهرة. ويذكر بارتون أنّه سمع بأنّ الكاهن الأكبر قد سجَن أحد الكهنة الشباب بتهمة اختلاس وبيع مخطوط قديم من الكنيس. ويعتقد بعض الناس في سوريا بأنّ التوراة التي اكتشفت حديثا هي الكتاب المفقود. إذا كان هذا المخطوط أصيلًا من حيث تاريخه فإنّه سيكون عدّة قرون أقدم من أقدم مخطوط للعهد القديم في المُتحف البريطاني؛ إلا أنّه يُعتبر حديثًا إذا ما قورن بالدَّرْج المقدّس في نابلس الذي يعود وَفْق اعتقاد السامريين لحفيد هارون، أمّا الباحثون راهنًا فيذهبون إلى أنّه يعود إلى بداية المسيحية تقريبا.

إنّ الطائفة السامرية لم تكن قطّ مبعثرة على نحو واسع؛ قبل قرنين من الزمان، أي في القرن الثامن عشر، كانت هناك جاليات سامرية في دمشق والقاهرة وغزة، إلا أنّها انقرضت وبقيت لحسن الحظ الجالية الأقدم في نابلس. الاسم نابلسمحرَّف من نيابوليس، تقع في شكيم القديمة وهي المدينة الرئيسة في فلسطين؛ تقع في واد جميل غني بالمياه وبين الجبلين عيبال وجريزيم، بئر يعقوب؛ من أخصب أراضي فلسطين. على هذه الأرض بقيت الطائفة التي أسّسها سانبلت وصهره منشه، والتي بنت كنيسها على الجبل بعد عام ٤٣٢ ق.م. يبلغ عدد السامريين الآن  (١٩٠٣) حوالي ١٦٥ نسمة وهو ثابت. إنّهم بحاجة إلى فتيات في سنّ الزواج وهم لا يتزوّجون من خارج طائفتهم؛ هم فقراء جدّا وبالكاد يستطيعون العيش بدون ما يدفعه السيّاح.

وصل بارتون ومن معه من مرافقين نابلس، راكبين على الخيل في شهر آذار وترجّلوا سائرين في أزقّة نابلس الضيّقة إلى أن وصلوا إلى مبتغاهم، كنيس السامريين البسيط، حيث الدَّرْج المقدّس ذو القيمة النفيسة الوحيد تقريبا. عُرض عليهم هذا الدرج وبديله بشكل فاق ما كان مؤخّرا. وقف الكاهن الأكبر يعقوب بجانب الدرج، مُظهرًا إيّاه بفخر واعتزاز مهيب، وهذا الكاهن يُطلق على نفسه بخط يده بالخط السامري والعربي: يعقوب بن هرون، كاهن نابلس. إنّه رجل اجتاز قليلا منتصف العمر، أسمر، جليل، طويل القامة. قدّم بارتون ورقة التوصية التي خطّها وارين ولكن تعذّر على الموجودين التفاهم، فهؤلاء لا يعرفون العربية وأولائك لا يعرفون الإنجليزية، ولكن كتابة اسم الكاهن الأكبر بالخط السامري  فعلت فعلتها الإيجابية.

بارتون ورفاقه ملأوا الكنيس، ولم يتسنّ له فحص النسختين القديمتين بدقّة وتفصيل، ومع هذا تكوّن لديه انطباع يؤكّد وصف كوندر (Tent Life in Palestine, p. 26)  بخصوص صندوق/علبة المخطوط الأحدث المصنوع من النحاس وفيه أرابيسك فضّي رفيع؛ في حين أنّ صندوق المخطوط الأقدم مصنوع، على ما يبدو، من الفضّة الصلبة، المخطوط قديم جدّا، أصفر اللون، ممزّق، مرقّع مرمّم ورُبطت الأطراف بحرير أخضر. الحبر باهت جدّا يميل إلى اللون الأرجواني في حين أنّ لون الحبر في جميع المخطوطات الأخرى أسود (Deutsch Remains, p. 407)  الخطّ صغير وغير عادي، السطور متباعدة.

يعتقد السامريون بأنّ أقدم مخطوطاتهم التي كانت مصدرًا لمخطوطات أخرى، نسخها أبيشع بن إلعزار بن أهرون، ١٢ سنة (عادة يذكر السامريون ١٣ سنة) بعد عبور الأردن الأوّل، ويصرّحون أنّ فيها تشقيلا ذُكر فيه اسم الكاتب وتاريخ الكتابة. ومع هذا، يُعتبر هذا المخطوط أقدم بقرون  كثيرة من أيّ  مخطوط لأيّ قسم من الكتاب المقدّس. يعتبر هذا المخطوط  الأهمّ والأعزّ عند السامريين، ويظن بارتون أن المخطوط قد يعود إلى القرن الثامن للميلاد. المخطوط مكتوب على جلد الخِراف الخارجي، الخراف التي قُدّمت في عيد الفسح وعددها في تقدير كوندر وآخرين حوالي عشرين خروفًا، وهذا تخمين لا غير. عرض الرقّ حوالي  ١٦ إنشًا (الإنش يساوي ٢،٥٤سم) وطولها مائة قدم (القدم يساوي ٤٨، ٣٠ سم) على الأقلّ.

مجموعة بارتون ابتاعت الكثير من المخطوطات، منها نُسخ عن المخطوط القديم. أمّا بارتون فقد استطاع بعد مفاوضات طويلة مع ابن الكاهن الأكبر يعقوب بن هارون (المقصود أبو الحسن، أب حِسده، ١٨٧٩-١٩٥٥) الذي عرف بعض الكلمات بالإنجليزية، أن يشتري دَرْج السفر الأول بعد أن خبّأه ابن الكاهن في مِعطفه وسلّمه بعد ذلك للمشتري بعد أن ابتعدا عن منطقة الكنيس، وفي اليوم التالي اشترى بارتون من كاهن آخر دَرْجًا بسعر أقلّ ممّا طلب منه في اليوم السابق. كما اشترى بارتون مجلّدًا صغيرًا يضمّ قصّة يوسف وورقة من مخطوط قديم تحتوي على سفر العدد ٢٦: ١٩-٢٧: ١٥ (هكذا وليس ٢٧: ١٩-٢٨: ٤ كما جاء أعلاه في البداية) بخطّ جميل جدًّا وقُصاصة رَقّ كُتب عليها آيات التكوين ٢٦: ٢٠-٢٢، بخطّ قديم من جهة، وعلى الجهة الأخرى كتابة حديثة. ويظنّ بارتون أن هذه القُصاصة قد تكون مقتطعة من الدَّرْج المقدّس نفسه لقدمها، وللونها، عدم انتظام أسطرها وحبرها الأرجواني. يقول بارتون إنّ الادّعاء بأنّ السامريين لا يبيعون مخطوطاتِهم هو أمر مزعوم كلية تقريبا. كانت هناك أوقات تعذّر فيها ابتياع نسخة من توراتهم مهما كان المبلغ المعروض، مثال على ذلك محاولات الدكتور روبنسون (في منتصف القرن التاسع عشر، أنظر : ٍResearches/أبحاث، مج. ٢، ص. ٢٨١-٢٨٢، ١٨٣٨م؛ مج. ٣ ص. ١٣٠، ١٨٥٢م) لشراء نسخة وقد باءت بالفشل. في زمن بارتون اختلفت الحالة وأصبح السامريون مستعدّين لبيع مخطوطاتهم الحديثة أو تحضيرها عند الطلب. ويذكر بارتون بأن الدرج الذي اشتراه كامل صحّح ونقِّح وعرضه كعرض الدَّرْج القديم ونسخه كهنة في كنيس نابلس، وقارنوه بمخطوطاتهم القديمة واستعمل في الكنيس، بعكس ما في المكتبات الأوروبية من مخطوطات كهذه غير كاملة في كثير من الحالات (قارن قائمة Kennicott حول المخطوطات السامرية في أوروبا).
بعد عودة بارتون إلى بلاده، أمريكا، وبمساعدة صديقه القسّ الدكتور فرانك هـ. فوستر (Frank H. Foster) الذي قضى معه في زيارته لفلسطين بضعة أسابيع، اتّضح له أن دَرْج سفر التكوين الذي اقتناه في نابلس غير كامل وأتمّ الأصحاحات الناقصة الكاهن الأكبر بعد مراسلات أجراها بارتون مع الكاهن عن طريق الدكتور رايت في مستشفى الجمعية الإرسالية الكنسية في نابلس. ويذكر بارتون بأنّه قد تحصّل على سفر الخروج في أربعة مجلدات صغيرة ويسعى لشراء مخطوطات أخرى من خلال أصدقاء آخرين لأن الدكتور رايت قد أُستدعي للعودة إلى إنجلترا.

يعبّر بارتون عن سعادته في إيصال تحيّات الرئيس الراهن لهذه الطائفة القديمة لقرّاء مقاله هذا، تلك الطائفة التي حافظت على الاحتفال بعيد الفسح وشعائر أخرى من أسفار العهد القديم بدون انقطاع تقريبًا على مدى ثلاثة وعشرين قرنًا من الزمان. يحجّ السامريون إلى جبلهم المقدّس، جريزيم جنوبي نابلس ثلاث مرّات في السنة، في الأعياد: الخبز غير الخامر (عيد الفسح)، الأسابيع والعُرش. السامريون موحِّدون بحزم وينتظرون المسيح الذي سيأتي بعد قرن بقليل، عندما يكون عمر العاَلم بحسب حسابهم ستّة آلاف سنة (حساب السامريين المدعر بحساب الحق يبدأ بدخول بني إسرائيل الأرض المقدسة، عام ٢٠١٧ هو عام ٣٦٥٥ لدى السامريين)؛ وفي اعتقادهم سيكون المسيح (لاحظ عدم ذكر الاسم تاهب وهو اسم المسيح لدى السامريين ويعني العائد ويلفظ تائب) مثل موسى إلا أنّه لن يكون أعظم منه.

الديانة السامرية ذات نظام عبادة مستقل منذ العام ٤٣٢ ق.م. ويعود أصلها إلى معارضة محاولة نحميا لفصل الكهنة الذين تزوّجوا من نساء أجنبيات. ومن أولئك الكهنة منشه صهر سنبلّت حاكم نابلس، أُسّس الإيمان هناك وما زال حتّى الآن. عندهم عبادة الله، يهوه (من المعروف أنّ السامريين يسمّونه شيما أي الاسم ولا يلفظون هذه الكلمة أبدًا كما يقول اليهود أدوناي أي سيّدي) على أساس أسفار التوراة الخمسة فقط (ومن المعروف أن هناك قرابة الستّة آلاف فرق بين هذه التوراة والتوراة اليهودية) ويدّعون أنّ جبل جريزيم سبق القدس وهو مكان العبادة الشرعي (يذكر أنّ السامريين في دفاعهم عن مكانهم المقدّس، جبل جريزيم وهو أحد أركان ديانتهم الخمسة قد جاء ذكره مراتٍ عديدة في التوراة ولا ذكر فيها للقدس). القدس قد احتلّت واحتلّت وتبدّلت ديانتها من اليهودية إلى المسيحية إلى المحمدية، إلا أنّ إيمان مؤسّسي الديانة السامرية مستمرّ بدون تغيير المكان أو تغيير جوهري في الشكل.

للسامريين مدرسة في كنيسهم في المدينة نابلس؛ ويسرّون عند حصولهم على فرانك واحد عادة من كل سائح، مقابل رؤية مفترضة لمخطوطهم القديم. علاقة السامريين بالمبشّرين ودّية، ولا يرى بارتون أيّ سبب في الشكّ في إخلاص نواياهم حيال المسيحيين. وكان الكاهن الأكبر يعقوب بن هرون قد أعدّ لبارتون قائمة بأسماء الكتب التي بحوزة السامريين، وهي هامّة في مساهمتها في إعداد ببليوغرافيا حول الديانة السامرية. هذه القائمة كان البروفيسور ج. ر. جيويت (J. R. Jewett) من جامعة شيكاغو،  قد ترجمها لبارتون إلى الإنجليزية. قارن بارتون قائمته هذه بقائمة بروفيسور پيك (Pick) الموجودة في McClintock and Strong ومقالاته هناك وفي المجلة Bibliotheca Sacra تعتبر أكثر الأعمال قيمة بالإنجليزية عن هذه المواضيع. أضاف بارتون على ترجمة جيويت ملاحظات قليلة  بناء على المقارنة. تحتوي كلّ قائمة على عناوين غير موجودة في الأخرى، البروفيسور ميلتون س. تيري (Milton S. Terry) قد أبدى ملاحظاته. (موضوع القوائم بالكتب التي بحوزة السامريين، لا سيّما الكهنة منهم، بحاجة لبحث منفرد للتعرف على ما استجدّ أو طرأ على هذه المكتبة للتراث السامري لا سيما باللغة العربية. لديّ قائمة كهذه بخط صديقي المرحوم عبد المعين صدقة الكاهن الأكبر، ١٩٢٧-٢٠١٠، يعود تاريخها إلى سبعينات القرن الماضي وتضمّ أسماء ٥٨ كتابا وهي مقسمة إلى أربعة أعمدة: الرقم، اسم الكتاب، المؤلف وملاحظة).

١) دَرْج التوراة، أسفار موسى الخمسة.
٢) كتاب الميمار، المعروف بميمار مرقه، يضمّ علومًا روحية تتطرّق لشؤون قيّمة في التوراة المقدّسة. هذا المؤلّف قديم، يعود إلى أكثرَ من قرنين من الزمان بعد المسيح كما ورد في شرح التوليدة؛ مرقه كان أكثر علماء السامريين علما؛ الكتاب كامل ويضمّ  ٦٦٣ صفحة؛ ترجم للعربية مع النص ّ  بالآرامية السامرية ومفسّر بالعربية. ملحوظة: بروفيسور پيك يذكر التاريخ ٥٠ ق.م.، تفاسير على أقسام من التوراة (بروفيسور زئيڤ بن حاييم، ١٩٠٧-٢٠١٣، أصدر هذا الميمار بطبعة علمية وترجمه للعبرية وأضاف شروحا في الهوامش، תיבת מרקה והיא אסופת מדרשים שומרוניים יוצאת לאור, מקור, תרגום ופירוש. ירושלים: האקדמיה הלאומית הישראלית למדעים, תשמ’’ח, 411 עמ’).
٣) كتاب الطباخ، ٣٠٠ صفحة، أي كتاب التضحية بقلم الشيخ أبي الحسن الصوري؛ عربية قديمة وأمثلة بالعبرية؛ فيه تعليمات قيّمة بخصوص شؤون دينية سامرية وحلّ الشُّبُهات والتفريق بين المسموح والممنوع (أنظر المخطوط التالي).
٤) كتاب الكافي، ٢٧٠ صفحة بالعربية والأمثلة بالعبرية بالخط السامري،  بقلم الشيخ يوسف العَسكري، قديم، حول تعليمات واستفسارات دينية. ملحوظة: پيك يقدّر تاريخ الكتاب بـ ٧٠٠م (مهذَّب الدين يوسف بن سلامة بن يوسف العسكري، كتاب الكافي لمن كان بالمعرفة لكتاب الله موافي وقلبه صندوق له صافي، كتب عام ١٠٤١م؛ د. درية محمد عبد العال درست هذا الكتاب مقارنة إيّاه بكتاب الطبّاخ لأبي الحسن إسحق فرج بن ماروث الصوري والد الطبيب والنحوي المعروف إبراهيم شمس الحكماء في أطروحة دكتوراتها التي قدّمتها لجامعة ليدس البريطانية عام ١٩٥٧؛ لم يصدر كتاب الكافي بعد ولكن ترجمته للإيطالية بقلم سيرجيو نويا نوسيدا ١٩٣١-٢٠٠٨ الإيطالي قد صدرت عام ١٩٧٠؛ أمّا بخصوص كتاب الطبّاخ فقد صدر نصفه الأوّل تقريبًا بطبعة علمية مشفوعًا بترجمة للألمانية في إطار أطروحة دكتوراة لچيرهارد ڤيدل، عام ١٩٨٧ بإرشاد الباحث الفذّ المرحوم رودلف ماتسوخ، ١٩١٩-١٩٩٣).
٥) شرح الفاتحة، ٢٠٠ صفحة بقلم الشيخ إبراهيم القباصي، عمره ٣٥١ سنة؛ ملحوظة: إنّه شرح البركات واللعنات في التوراة (كي أفْشِم شيما إقرا, كتب عام ١٥٤٠، هنالك عدّة تسخ لهذا المخطوط في حوزة أبناء الطائفة السامرية ولا سيّما عند الكهنة وفي مكتبة إسحاق بن تسڤي رقم ٧٠٠٨ وفي مكتبات في أوروبا مثل مجموعة جاستر في لندن، BL Or. 10864 وفي مانشسترJRUL 146 وفي المكتبة الوطنية بباريس BN Samaritains 58 إلخ. إلخ. ).
٦) كتاب رحلة القلب لمعرفة الربّ سبحانه وتعالى، ٢٠٠ صفحة. (وقع خطأ هنا في الاسم فالصحيح سِيَر…/הלכות הלבللشيخ المشهور إبراهيم بن يوسف القبّاصي الدمشقي ألّفه عام ١٥٣٢. ولدى عائلة المرحوم يعقوب بن عزّي الكاهن الأكبر في نابلس، ١٨٩٩-١٩٨٧،  نسخة من هذا المخطوط كان يعقوب بن هرون بن سلامة بن غزال الكاهن اللاوي صديق بارتون قد نسخها برسم ابنه أبي الحسن وبرسم يعقوب ابن ابنه شفيق/عزّي الذي توفي شابًّا وتمّ النسخ في ١٨ ذي القعدة من عام ١٣٢٥هـ أي ٢٣ كانون الأول من عام ١٩٠٧؛ أشكر صديقي الكاهن عزيز بن يعقوب الذي زوّدني إلكترونيا بصورة لثلاث صفحات من المخطوط المذكور في الثامن من تشرين ثان ٢٠١٧).
٧) كتاب شرح السفر الأوّل ، سفر التكوين، ٨٦٠ صفحة بقلم الشيخ مُسَلِم آل مَرْجان الدنفي (في الأصل: id-Deuafi). ملحوظة: تاريخ الشرح القرن الثامن عشر بحسب پيك الذي يقول بأن هناك شرحًا أقدم لسفر التكوين ١: ٢٧ يعود إلى القرن الثاني للميلاد (هكذا!، مسلم بن مرجان بن إسماعيل بن إبراهيم الدنفي عاش في القرن السابع عشر وهو عمّ إبراهيم العية الشهير الذي أكمل هذا التفسير).
٨) كتاب شرح السفر الثاني، سفر الخروج، ٨٠٥ صفحة، بقلم الشيخ غزال الدويك (القرن الرابع عشر، له شرح سور البركات لبلعام وبالاق وكتاب المقالة الشافية في ثبوت الدولة الثانية وقد تُرجم إلى الإنكليزية وترجمه الكاهن أبو الحسن بن يعقوب هرون ت. ١٩٥٩ إلى العبرية؛ له شرح على سفر الخروج وكتاب مفقود حول رماد البقرة، أسرته تأسلمت).
٩) تاريخ طائفتنا منذ يوم دخول السامريين الأرض المقدّسة وإلى هذا اليوم، ٨٠٧ صفحة، جمع يعقوب الكاهن الأكبر الحالي (يعقوب بن سلامة بن غزال الكاهن اللاوي ١٨٤٠-١٩١٦ وكاهن أكبر، أو كما كتب هو: الكاهن الأول.بين السنتين ١٨٧٤-١٩١٦).
١٠) كتاب التوليدة بالعبرية ١٢٠ صفحة، حوادث هامّة وتواريخها.
١١كتاب ذو ٣٧٠ صفحة،  فيه عشرة فصول حول طقوس الديانة السامرية، نهجهم في الصلوات في كل عيد وموعد، الزواج، الطلاق، الصوم، الطاهر والنجس، قراءات يوم الغفران، بقلم الكاهن الأكبر الحالي، أي يعقوب بن هرون بناء على طلب أحد الباحثين الأوروبيين الذي توفي قبل انتهاء الكتاب.
١٢) كتاب صلوات قديم تأليف، كما قيل، مرقه وعمران والكاهن فنحاس وبعض الصلوات مستمدّة من يهوشوع بن نون، ٣٦٠ صفحة.
١٣) شرح التوراة، أي ترجمة عربية، قسمان، بالعربية والعبرية، ٦٢٠ صفحة.
١٤) كتاب ترتيب صلوات سبت عيد الفسح (في الأصل: الخبز غير الخامر) وليلة البداية ويوم البداية أي بداية السنة وصلوات ليلة أوّل الشهر الواقعة يوم السبت، تأليف عدد من الكتّاب المعروفين، ٢٥٠ صفحة.
١٥) كتاب ترتيب الصلاة لأربعة عشر يوم موعد الفسح (في الأصل: Moed Aphsah) صباحًا ومساءً وصلوات يومي السبت فيها، ١٧٥ صفحة. ملحوظة: هذا هو عيد الخبز غير الخامر الذي يحتفل به السامريون مدّة أسبوعين والتمييز بين هذا العيد وعيد الفسح لدى السامريين أوضح مما هو عند اليهود.
١٦) كتاب ترتيب صلوات عيد الفسح بلياليه وأيّامه وترتيب صلاة سبعة أيّام الخبز غير الخامر والسبوت وكل ما يمتّ بالأضحية بصلة. غفران عيد الفسح بعامّة وبخاصّة؛ ٢٤٠ صفحة.
١٧كتاب ترتيب صلوات الخمسين يومًا، أي الأسابيع، وكلّ تلك الأسابيع بترتيباتها المختلفة؛ ٢٢٠ صفحة.
١٨) كتاب ترتيب صلوات يوم الأربعاء المعروف بأربعاء يوم العنصرة (الخمسين) ويوم السبت، ٣٤٠ صحة.
١٩) كتاب ترتيب صلوات الاحتفال بالصوم،  أي لقاء موسى وهارون، وصلوات ليلة ويوم رأس السنة وعشرة أيّام طلب الغفران (هسليحوت، وفي الأصل: Hassalihu) مساء وصباحًا، ٣٠٠ صفحة.
٢٠) ترتيب صلوات ليلة ويوم العيد العظيم وطقسه (حرفيا: أقوال)، ٦٥٠ صفحة.
٢١) ترتيب صلوات سبعة أيّام عيد العُرش/المظال واليوم الثامن منه وترتيب يوم السبت الواقع فيه، ٢٤٠ صفحة.
٢٢) كتاب شرح الوصايا العشر، مؤلَّف قديم بقلم أبي الحسن الصوري، ٨٠ صفحة (أنظر مثلا , 143 ,JRUL 142 في مكتبة جون رايلندس الجامعية في مانشستر).
٢٣) كتاب المسائل والخلاف بقلم الشيخ مُنجّا (في الأصل: Menja) لغة عربية فصيحة حول الديانة السامرية وجواب لليهود والجدال بين الشيخ منجّا والشيخ الفيّومي الرابّي اليهودي؛ ٢٤٠ صفحة. ملحوظة: منجا نفيس الدين (في الأصلMenaji Naphes el-Din) مؤلف هذا العمل المثير للجدل عاش في القرن الثاني عشر (أبو الفرج منجّا بن صدقة بن غروب شمس الحكماء، أواخر القرن الحادي عشر وبدايات الثاني عشر، اشتهر بكتابه مسايل الخلاف أو كتاب الأبحاث المختلف عليها بين السمرة واليهود، جزءان، سلك فيه طريقة السؤال والجواب، ترجمه إلى العبرية الكاهن الأكبر أبو الحسن بن يعقوب في مستهلّ القرن العشرين؛ لا يمكن وصف لغة هذا الكتاب بالفصيحة).
٢٤) كتاب عبري حديث حول ميلاد موسى وماذا حصل على يده وما ساعده مع المصريين ومديح له بقلم المرحوم الكاهن كزار (Kazar) ١٢٠صفحة (لا علم لنا بهذا الكاهن، المقصود على ما يبدو سفر מולד משה وهو بقلم إسماعيل بن بدر الرميحي، القرن السادس عشر).
٢٥) كتاب عربي حديث بقلم الشيخ إسماعيل إسراشي؟ (في الأصل: Ismial is-Rashi، غير معروف!، هل المقصود الرمحي؟) رحمه الله، ١٢٠ صفحة.
٢٦) كتاب يهوشوع وشرح عليه وكذلك قصّة بلعام وقصّة الدولة الثانية، مؤلَّف قديم، ١٥٠ صفحة. ملحوظة: عرف الباحثون هذا الكتاب منذ العام ١٥٨٤ حين الحصول على نسخة منه في القاهرة، يأتي بعد التوراة من حيث الأهمية والقيمة. (مقتطفات من هذا السفر موجودة في عدّة مخطوطات في المكتبة الروسية الوطنية في سانت بطرسبورغ، vi: 11-16, 25, 32).
٢٧) كتاب عيد طائفة إسرائيل بقلم مجموعة من الكتّاب والشيوخ، ١٥٠ صفحة.
٢٨) كتاب الفرح (في الأصل: علامة استفهام بعد الاسم) لمؤلف مجهول؛ مجموعة من موادّ متنوعة، ٢٠٠ صفحة. ملحوظة: من الممكن أن يكون هذا الكتاب سفر الزواج المذكور في بعض الببليوغرافيات التي كتبت في القرن الثاني عشر بقلم أبو البركات. (مقتطفات كثيرة من مؤلَّف بهذا الاسم محفوظة في المكتبة الروسية الوطنية في سانت بطرسبورغ مثل ix: 66, 78, 103, 10, 155, 160؛ يشار إلى أن زئيڤ ين حاييم قد نشر بعض أشعار الفرح، זאב בן חיים, פיוטים שומרוניים לשמחות. תרביץ י: בד, ירושלים תרצ’’ט עמ190200, 333374).
٢٩) كتاب قديم لمؤلف مجهول فيه مواد كثيرة، ٣٠٠ صفحة. ملحوظة: هذا الكتاب ذو عنوان غير واضح  قد يكون عرضًا تاريخيًا يبيّن كيف احترم القدماء الناموس/الشريعة بقلم الحبر (في الأصل: Elhhabr) يعقوب في القرن الثاني عشر.
٣٠) كتاب توصيات ووصايا، ٢٠٠ صفحة. ملحوظة: مؤلِّف هذا الكتاب أبو البركات من القرن الثاني عشر والذي كتب كتابا عن الزواج أيضًا، ربّما كان رقم ٢٨.

هذه المخطوطات تضاف، ينوّه بارتون إلى الستّة عشر مخطوطًا غير الكاملة الموجودة في أوروبا كما يذكر أن محاولات الحصول على مخطوطات كهذه قبله، كانت قليلة، أمّا في أمريكا فعدد المخطوطات قليل جدا. في سيمينار اللاهوت في درو (Drew Theological Seminary) كودكس قيّم حصل عليه القسّ و. سكوت واتسون ( W. Scott Watson) عام ١٨٩٢ والآن في مكتبة نيويورك العامّة (Presbyterian and Reformed Review, 1893; American Journal of Semitic Languages and Literature, Vol. xviii. p. 188-191; Hebraica 1892-1893, pp. 216-225, 1893-1894, pp. 122-156)؛ وكان واتسون قد اقتنى مخطوطًا آخر واعتقد أنّه قديم جدا (.Journal of the American Oriental Society, Vol. xx. pp. 173 et seq). وقد تمتلك كل مكتبة عامّة كبيرة وكل مكتبة لاهوتية مخطوطًا واحدا (منذ إرسال هذا المقال للطباعة علم بارتون بأنّ المُتحف البريطاني قد اشترى مؤخرًا عددًا ضخمًا من المخطوطات المرغوب بها من السامريين).

الجدير بالذكر أن السامريين يقبلون أسفار موسى فقط وعند انفصالهم عن اليهود أخذوا معهم أكثر الأسفار احترامًا وتبجيلًا في فلسطين. لم يأخذوا أيًّا من الأنبياء بالرغم من أنّ بعضهم كان من سبطهم، ولم يأخذوا سفر يهوشوع التوراتي فلهم روايتهم. التوراة بأسفارها الخمسة أو الستّة كانت كاملة أيّام نحميا ٤٤٤ ق.م. وانشقاق السامريين حصل عام ٤٣٢ ق.م. ويسأل بارتون الآخرين لماذا لم يكن للسامريين ستّة أسفار؟

إنّ لتوراة السامريين قيمة  كبيرة لدقّتها؛ وفي خلال قرون الفراق والانشقاق حافظت كل من الطائفتين اليهودية والسامرية على استقلالية توراتها بدون المقارنة بينهما، ولا توجد الآن أية نزعة للقيام بذلك. كل جانب نسخ عن نسخه، ومن الجدير جدّا بالملاحظة بأنّ الفروق بينهما طفيفة لحدّ   كبير  وغير ذات بال بصورة عامّة. تعتبر الترجمة السبعينية (Septuagint) مرجعًا نصيًّا عاليًا وبحقّ ويعود تاريخها إلى قرن أو أكثر بعد التوراة السامرية. هذه التوراة بالكاد أكثر من نقحرة لأبجدية قديمة معدّلة. الترجمة السبعينية كانت قد قورنت مرارًا بالتوراة العبرية  أما السامرية فمستقلّة وهي بالتأكيد ليست أقلّ قيمة من السبعينية.

أوريجن (Origen، لاهوتي مسيحي من آباء الكنيسة، ١٨٥-٢٥٣م، مؤلفاته كثيرة باليونانية حول مواضيع لاهوتية متشعبة، شروح، وعظ ونقد النصّ) كان يقتبس من التوراة السامرية باحترام وكان هناك آباء كنيسة آخرون فضّلوا هذه التوراة على تلك اليهودية. ولكن نقد النصّ كان قد توقّف في كنيسة القرون الوسطى عند تبنّي الترجمة اللاتينية، الڤولچاتا (Vulgate، الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس، أواخر القرن الرابع، أصبحت المرجع الرسمي في الكنيسة الكاثوليكية خلال القرن السادس عشر، قام بمعظم الترجمة القديس جيروم). طيلة قرون من الزمان لم ير الباحثون نسخة من التوراة السامرية وبدأ التشكيك في وجود مثل هذه التوراة. في عصر الإصلاح حيت ازدهرت الترجمات فظهرت ترجمة الملك جيمس الشهيرة المعتمدة على النص الماسوريتي اليهودي فقط.

في ذلك الوقت تقريبًا ذهل الباحثون عند وصول نسخة من التوراة السامرية لباريس واحتدم الجدال في أوساط بحث الكتاب المقدّس في العصر الحديث. يُقال إنّ يوليوس كيسر سكاليچر(Julius Caesar Scaliger, 1484-1558) كان أوّل من نبّه إلى أهمية إيجاد نسخة من التوراة السامرية، في ما إذا كانت ما زالت موجودة. ثم حاول ابنه جوزيف سكاليچر(Joseph Scaliger 1540-1609) أعظم الباحثين آنذاك، والذي فاق أباه باهتمامه بنقد النصّ، الحصول على مخطوط للتوراة عن طريق مراسلة السامريين أنفسهم في القاهرة ونابلس الذين أجابوا عن أسئلة سكاليچر، وتأخّر وصول الجواب ومات قبل تسلّم الإجابات على استفساراته وأسئلته وكان ذلك قبل إتمام نصّ الملك جيمس بسنتين.
اقتراح السكاليچريْن، الأب والابن، أثمر عام ١٦١٦ بواسطة النبيل الإيطالي، پيترو دِلّا ڤَلّي (Pietro della Valle, 1586-1652)؛ أصيب بخيبة أمل في حبّه، فكّر أولا مليًا بالانتحار ولكن بدل ذلك قام برحلة إلى الأرض المقدّسة؛ مكث سنة في القسطنطينية/إسطنبول حيث حصل من السفير الفرنسي دي سانسي على تفويض/وكالة لشراء مخطوطات سامرية. واسى نفسه بتزوّج امرأة سورية مسيحية أثبتت بأنّها رفيقة جريئة ومساعدة وسافر بعيدا. حاول عبثًا اقتناء مخطوطات في القاهرة وغزة ونابلس. ولكن في دمشق تمكّن من شراء نسختين من التوراة السامرية، الأولى مدوّنة عى الرَقّ والثانية على الورق. أرسل الأولى لدي سانسي الذي بدوره أرسلها لمكتبة الأُراتْوار (Oratoire) في باريس واحتفظ بالثانية. استُخدم المخطوطان في إعداد توراة باريس متعدّدة الألسن (١٦٢٩-١٦٤٥)، الپوليچلوتا التي طُبعت بعد ذلك في پوليچلوتة لندن (١٦٥٧).

اهتمّ رئيس الأساقفة أُشير (James Ussher, 1581-2656، اشترى سبعة مخطوطات للتوراة السامرية واحدة منها بالعربية والبقية بالعبرية في عشرينات القرن السابع عشر) بالمخطوطين وبدأ بجهوده للحصول على المزيد. أحد تلك المخطوطات التي أرسلت بحرًا قد وقعت في يد قراصنة ولكن تمّ الحصول على آخر  بثمن باهظ. وفي العام ١٦٧١ زار روبرت هنتنچتون (Robert Huntington، ١٦٣٧-١٧٠١، مطران ومستشرق بريطاني، هو الذي أبلغ السامريين بوجود إخوة لهم في إنجلترا، أي خدعهم بالعربي الفصيح؛ ما جمع من مخطوطات موجود في أكسفورد وينظر في كاتالوج Alexander Nicoll, Oxford 1835) المطران لاحقًا سامريي نابلس. يبدو أن السامريين فهموا أنّه يمثّل السامريين في أوروبا فزوّدوه بنسخة من التوراة، وكتبوا رسالة لإخوتهم المزعومين في إنجلترا. توماس مارشال (Thomas Marshall، ١٦٢١-١٦٨٥ ) عميد كليّة لنكولن في أكسفورد ردّ على هذه الرسالة وخمس رسائل لاحقة وقد نشرت هذه الرسائل عام ١٦٩٩.

في العام ١٧٣٣ نشر بنيامين كنيكوت (Benjamin Kennicot, 1718-1783) أطروحة دكتوراته وضع/حالة النصّ العبري المطبوع للكتاب المقدّسوفي العام ١٧٥٩ أصدر عملًا آخر حول الموضوع ذاته وأرفق كاتالوجًا بالمخطوطات العبرية الموجودة في لندن وأكسفورد وكمبردج، وقد دافع عن النصّ السامري. وقد أثار عمله هذا خصومة وعداوة شديدة ولكنه تمخّض عن الحصول على عشرة آلاف جنيه استرليني لشراء مخطوطات عبرية، وهكذا جمع وقورن ٦١٥ مخطوطًا وطبع النصّان العبري والسامري بأعمدة متوازية في ٣٠ مجلدا. في هذا العمل الضخم استخدم ١٦ مخطوطًا سامريا غير كامل. عادة عارض البروتستانت التوراة السامرية والكاثوليك أيّدوها ولكن هذا الخلاف خمد تدريجيا. ونصّ الملك جيمس غدا شعبيا. وغدت الإحالات للتوراة السامرية نادرة أكثر.

كرّس الباحث چيزينيوس (Wilhelm Gesenius، ١٧٨٦-١٨٤٢، مستشرق وباحث ألماني لوثري، أطروحته للدكتوراة باللاتينية كانت حول أصل التوراة السامرية ) في العام ١٨١٥ عملًا مستفيضًا حول الموضوع وأظهر رجحانا عامًّا للنص الماسورتي، ومنذ ذلك الوقت كانت هناك نزعة عامّة لدى الباحثين المحافظين لرفض ذلك كلية. وكان كوپنچر (Copinger) قد أشارإلى العدد الكبير من التوافق بين النص السامري للتوراة والترجمة السبعينية والقيمة الكبيرة التي نسبها آباء الكنيسة لنصّ السامريين. ويضيف كوپنچر بأنّ في النص السامري بالتأكيد، قراءات مغايرة لما في النصّ العبري الحالي وبعضها لا شكّ ناتجة عن كونها منسوخة عن نصّ اختلف عن ذلك الذي اعتمده الماسورتيون.

هنالك تخمينات كثيرة حول أصل التوراة السامرية وتوافقها المتكرّر مع الترجمة السبعينية، ويبدو أن نظرية چيزينيوس التي أيّدها موسى ستيورت (, Biblical Repository, 1832, p. 714 Moses Stuart) هي الأكثر منطقية وقَبولا وهي القائلة بأنّ النصّين السامري والسبعيني مستمدّان من مصدر مشترك أقدم من كليهما ومختلف عن النص الماسورتي. لا يمكن ألّا يكون للنص السامري قيمة ما بالرغم من أنّه بصورة عامّة يعرِض نصًّا دونيًا واضحًا مقارنة بالنص الماسورتي، اليهودي. عندما يختلف النص السامري عن النصين اليهودي/المقبول والسبعيني فهو ربّما ذو قيمة ضئيلة. هنالك على الأقلّ ألف قراءة، معظمها عديم الأهمية، فيها تختلف الترجمة السبعينية عن النص العبري اليهودي وتتوافق مع النصّ السامري. وقد قام البروفيسور بيرنهارد پيك (Bernhard Pick، ١٨٤٢-١٩١٧، باحث وقسّيس ألماني/أمريكي لوثري، كتب عن تاريخ اليهود والقبالاه والتلمود) بتدوين الاختلافات الأساسية بين التوراتين اليهودية والسامرية في مقالات نشرت تِباعًا في  الدورية Bibliotheca Sacra (مج. ٣٣، ١٨٧٦، ص. ٢٦٤-٢٨٧، ٥٣٣-٥٥٧؛ مج. ٣٤، ١٨٧٧، ص. ٧٩-٨٧؛ مج. ٣٥، ١٨٧٨، ص، ٧٦-٩٨، ٣٠٩-٣٢٥) ، وهذا العمل حقًّا في تقدير بارتون ذو قيمة أكبر من عمل چيزينيوس. وينظر كذلك في مقاله الشامل والدقيق في McClintock and Strong.

باستثناء مواضع قليلة في الخلافات المذهبية بين التوراتين اليهودية والسامرية فإنّ النصّ السامري  مرجع جيّد تمامًا مثل الترجمة السبعينية وربّما أفضل منها بقليل إذا أُخد قِدمه بالحسبان. إذا زُعم بأنّ الكهنة السامريين كانوا أقلّ علمًا من كهنة أورشليم ولذلك كان الاهتمام بنسخ المخطوطات أقلّ فمن الممكن الردّ على ذلك بالقول من ناحية أخرى، بأنّ المخطوطات السامرية مع ذلك تمتاز بتناغم مدهش لانحصارها في مجموعات أو جاليات قليلة، وأخيرًا لواحدة فقط حيث تواتر النسخ كان أقلّ وكثرت المقارنة بنصوص لا شكّ في قِدمها. أضف إلى ذلك أنّ اهتمام اليهود الفريد بمخطوطاتهم يرجع بشكل خاصّ إلى الكتبة الماسورتيين وللسامريين على الأقلّ مخطوط واحد أقدم من الماسورتيين. وبشأن الخلافات المذهبية بين اليهود والسامريين فإنّ القيمة الراجحة تسقط ولكن في مثل تلك الحالات السؤال حولة صوابية أيّ نصّ تبقى بدون حلّ أو إثبات.
هنالك اختلافات ثانوية قليلة ما بين التوراة اليهودية والتوراة السامرية، وفيها النصّ السامري مطابق للترجمة السبعينية فهنا الصواب بالتأكيد تقريبًا إلى جانب النصّ السامري. على سبيل المثال في سفر التكوين ٤: ٨ الذي ترجم للإنجليزية وقاين قال لأخيه، ولكن ماذا قال له؟ في التوراة السامرية وكذلك في الترجمة اليونانية، السبعينية قال قاين ”نمضي الى الصحراء/للبرية“ (أُنظر حسيب شحادة، الترجمة العربية لتوراة السامريين، المجلّد الأوّل: سفر التكوين وسفر الخروج، القدس: الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم والآداب، ١٩٨٩، ص. ١٦-١٧). والظروف تثبت على الأرجح صحّة تلك الروايةولكن بدلًا من أن يخبر قاين شقيقه هابيل ما قاله له الله فإنّه يُخفي ذلك، ودعا هابيل إلى البرية حيث قتله غدرًا ومع سبق إصرار. وكذلك في سفر التكوين ٤٧: ٢١، روي بأن المصريين أتوا إلى يوسف وعرضوا عليه بيع أراضيهم وأنفسهم، وتقول الترجمات الإنجليزية عن العبرية وهو نقلهم إلى المدنولكن النصّ السامري وكذلك الترجمة السبعينية يقولان والقوم استعبدهم/استخدم معه عبيدًا/فلاحين“  وهذا على الأرجح هو الصواب (أُنظر شحادة المذكور، ص. ٢٤٠-٢٤١).

ثمّة ثلاثة اختلافات ذات بعض الأهمية ما بين التوراة السامرية والتوراة اليهودية، وأحد النصّين كان قد غُيّر عمدا. الاختلاف الأوّل في سفر التكوين ٢٢: ٢ حيث أُمر إبراهيم بتقديم ولده إسحاق أضحية في أرض مورية (Moriah) ولا نعلم شيئًا عنها، ولكنّنا نعرف عن جبل موريّة حيث أقيم في ما بعد الهيكل في أورشليم ونحن نعلم عن أرض موريه (Moreh) في منطقة شكيم. إمّا أن يكون اليهود قد بدّلوا نصّهم لموريّة ليظهر أن أضحية إسحاق حدثت حيث أقيم لاحقًا الهيكل، وإمّا أنّ السامريين قد غيّروها إلى موريه لنفس السبب، أي إضفاء قدسية لمنطقتهم الخاصّة. يحيل السيّد بارتون إلى دين ستانلي (Arthur Penrhyn Stanley, 1815-1881، معروف بدين ستانلي، أكاديمي ورجل كنيسة بريطاني) الذي عالج هذه الجزئية باقتدار، وأظهر في نظر بارتون بشكل لا يقبل إعادة نظر أنّ جريزيم وليس أورشليم كان على الأرجح، المكان الذي قدّم فيه إسحاق ومكان لقائه بملكيصادق [Stanley’s Sinai and Palestine, pp. 316-319]. 

اختلاف آخر ممتع يتمثّل في إقحام فقرة تأمر بإقامة العبادة على جبل جريزيم بعد الوصايا العشر في التوراة السامرية. وقد أُكّد مرارًا بأنّه من أجل إقحام هذه الوصيّة جعل السامريون الوصايا العشر تسعًا وووضعوا هذه العاشرة. ولكن المخطوط، الكودكس، لدى بارتون لا يؤيّد هذه الرأي. الوصايا العشر موجودة في ثلاث مجموعات ، سفر الخروج ٢٠: ١-٧، ٨-١١، ١٢-١٧، بالضبط كما هو الوضع لدى المسيحيين ولكن طبعًا بدون التقسيم إلى آيات/أعداد. بعد هذا رأسًا وفي درس اليوم ذاته، جمعت من ثلاثة مواضع من سفر التثنية ٩: ٢٩؛ ٢٧: ٢ إلخ.؛ ١١: ٣٢، تظهر وصية العبادة على جبل جريزيم. ويثبت بارتون القسم التالي للوصايا ١٣ سطرًا بالرسم السامري من سفر الخروج ٢٠: ١٤أ-١٤هـ أي من והיה כי יביאך (الياء الثانية والألف أضيفا فوق الباء والكافיהוה אל ארץ הכנעני אצל אלון מורא מול שכם. (في أول السطر السادس ورد בהרגיזים/بهرچيزيم (الراء الثانية ساقطة) بهذا الشكل؛ والكلمات: והעלית עליו עלות ליהוה אהיך، ناقصة في فقرة بارتون). بعد هذه الفقرة بالرسم السامري يثبت بارتون
نقحرتها إلى الحرف العبري المربّع بالتشكيل الكامل وبترجة للإنجليزية أعدّهما لبارتون د. فوستر/ Foster.

لا ضرورة في إطالة النقاش هنا حول أيّ النصّين أصحّ. من الموثوق به اتّباع القراءة الأقصر واعتبار هذه الفقرة في التوراة السامرية بأنّها إضافة أو إقحام جيء بها من فقرات متماثلة في سفر التثنية. التساؤل يتكرّر عند التطرّق لأهمّ الاختلافات، ألا وهو مكان بناء الحجارة التذكارية التي أُمر بوضعها يهوشوع؛ أهو على جبل عيبال أم جبل جريزيم؛ أنظر سفر التثنية ٢٧: ٤. لا يمكن البتّ في هذا السؤال لصالح تفوّق النصّ اليهودي، مجموعة كاملة من المخطوطات بالعبرية تقول إنّ الحجارة أُقيمت على جبل عيبال ؛ ومن جهة أُخرى هنالك مجموعة كاملة من المخطوطات تقول على جبل جريزيم. كلا الفريقين من النسّاخ توخّيا الدقّة بصورة عامّة؛ هنا لا وجود لإمكانية خطأ أو تبديل متعمّد لإثبات نقطة ما. مثال معروف يقدّمه سفر القضاة ١٨: ٣٠ حيث بدّل النسّاخ اليهود الاسم موسىإلى منشهبإضافة حرف النون بعد الحرف الأوّل (משה > מנשה) لرغبتهم في تخليص حفيد موسى من السلوك المخزي المشين، أي أن يكون الوثني الأوّل وكذلك في الوقت ذاته إلحاق قذف مبرّر حِيال السامريين. إذا لم يحسن اليهود في إجراء مثل هذا التغيير لمنفعة تافهة فإنهه بالكاد يكونون قد أحسنوا في تغيير الفقرة في سفر التثنية  المتعلّقة بأولوية مكان العبادة.

روبرتسون سميث (Robertson Smith) والنقّاد في الوقت الراهن بصورة عامّة يتّفقون مع المحافظين في زمن كنّيكوت (١٧١٨-١٧٨٣ ،Benjamin Kennicott) لصالح الرواية اليهودية. يعتقد روبرتسون سميث في الموسوعة بريتانيكا Britannica بأن القراءة السامرية غير تاريخية بشكل ساطع“. والمكان المقدّس غير المسمّى في سفر التثنية لا يمكن أن يكون جبل جريزيم ويجب أن يكون أورشليم برأيه طبعًا، لأنّ سفر التثنية قد نُشر عام ٦٢١ وأورشليم كانت حقيقة واقعة. ولكن في تلك الحالة لماذا لم يكتب اليهود سفر التثنية وفق الحقائق كما كانت لدرء أي احتمال للنزاع والخصومة. وحينما اختار السامريون واحدًا من الجبلين لهيكلهم، لماذا اختاروا ذلك الذي يتطلّب تبديل نصّ التوراة الذي كان بأيديهم؟ على كل حال يرى بارتون أنّ لا أحد تمكّن من الردّ على دراسة كنّيكوت التي خلصت بالأساس إلى أنّ الحجارة التذكارية أُقيمت على جبل جريزيم كما يدّعي السامريون لأسباب منها، أنّ جبل جريزيم كان جبل البركات، ولا يعقل أن يقام المذبح على جبل اللعنة، عيبال والجبل الأوّل جميل ومثمر، أما الثاني فقاحل؛ ويوتام اختار جريزيم ليكون منبرًا لوعظه أمثاله الرمزية لأنّه كان بقعة مقدّسة من قبل؛ وجريزيم كان على الأرجح  المكان التقليدي لتقدمة إسحق؛ وسبط يهوشوع هو إفرايم والعاصمة كانت شكيم عند تكريس الحجارة التذكارية . لو وضعت الحجارة في عيبال للمذبح فمن هناك كان سيقوم بالتقدمة؟ رئوبين، جاد، آشر، زبولون، دان، نفتالي الذين كانوا على عيبال؟ الأسباط الكبيرة كانت على جبل جريزيم وهناك اللاويون المخوّلون الوحيدون لتقديم الأضاحي. من غير المعقول الافتراض بأنّ المذبح أُقيم على الجبل حيث لا أحد يستطيع استخدامه (أنظر أطروحة كنّيكوت الثانية حول النصّ العبري المطبوع، أكسفورد ١٧٥٩، ص. ٧٥-٧٦). يعتقد بارتون بأنّ الأمر بإقامة مكان مقدّس المتكرّر في كثير من الأحيان في سفر التثنية مثل ١٢: ٥-٢١؛ ١٤: ٢٣؛ ١٥: ١٩-٢٠؛ ١٦: ١١؛ ٢٦: ٢ إلخأقدم بكثير من العام ٦٢١ ق.م. ولكن إذا كان لدى اليهود هذا الأمر بإقامة مكان مقدس مركزي هل قاموا بذلك؟ بالتأكيد ليس في أورشليم ولا في شيلو حيث تابوت العهد، إذا كانوا أقاموا أيّ مكان مقدّس مركزي فكان في نابلس في جريزيم والذي غيّروه بعد ذلك بمدة طويلة إلى عيبال من أجل الشرف المفترض لهيكلهم المقام بعد ذلك في أورشليم . يعتقد بارتون أنّه من المحتمل أن تكون شكيم العاصمة المنطقية في وقت الاستيطان في فلسطين، واعتبر المكان مقدّسًا لكل الأمّة. شكيم الواقعة في وسط الطريق بين دان وبئر السبع؛ بين النهر والبحر، نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسّط؛ المكان الذي توجّه إليه إبراهيم؛ المشهد التقليدي للقاء إبراهيم بملكيصادق ومكان تقديم إسحق قربانا؛ بيت يعقوب؛ قبر يوسف بعد أربعين سنة؛ كانت شكيم ملائمة بشكل رائع  لتتبوّأ منزلة العاصمة الوطنية والمكان المقدّس. وهناك بنى يهوشوع بيته؛ وهناك في البداية أدّى إلى إقرار التوراة؛ وهناك أقام التذكار والمذبح؛ وهناك دعا الأسباط لاجتماع احتفالي.

ينهي بارتون مقالته بالقول إنّ أورشليم ويهودا قد أقيمتا على حساب شكيم وإفرايم وعبء الضرائب في عهد سليمان كان ثقيلًا على الأسباط الأُخرى باستثناء يهودا، أنظر سفر الملوك الأوّل ٤: ٧-١٩. اتّسعت مملكة سليمان وازدهرت وتفكير الملك كان مقتصرًا على مملكة يهودا وفي آخر المطاف حدث الانفصال المحتوم بين يهودا وإسرائيل. وهكذا وقفت يهودا بعاصمتها الريفية إزاء مملكة إسرائيل الحقيقية والأعظم.

إذا كانت شكيم العاصمة الوطنية بما لها من تداعيات معان مقدسة وكونها عزيزة على كلّ الأسباط ومركزية لها؛ إذا كان تابوت العهد في جريزيم بدلًا من في المدينة التي احتلّها داڤيد من اليبوسيين (أورشليم) والتي بدون ماضٍ مقدّس بقدر معرفتنا؛ وإذا كان يهودا أقلّ تكبّرًا وغرورًا وتجبرًا والملوك تحيّزوا إليه أقلّ على حساب الأسباط الأخرى، كما كان ينبغي لكانت العاصمة في منطقة إفرايم؛ وإذا كان الشعب قد تركّز حول مدينة لم تبن على جبل بدون ماء بل في أخصب وادٍ في البلاد ومحاطة بجبلين فوقها للدفاع عنها، أكان سيكون هناك الاضطراب والمنافسة ومؤهلات سيّئة لرجل الدولة والسقوط  الواردة في الكتاب المقدّس؟
ماذا كان سيحصل لو ساروا وفق التوراة السامرية؟

وأخيرا وبخطّ الكاهن يعقوب بن هرون بن سلامة بن غزال الكاهن الأول، الكاهن الأوّل وبالرسم السامري في الأصل. هذا الخطّ المائل/ يشير إلى نهاية سطر وبداية آخر:
קצין. ר.ונ: / א.ב.ג.ד.ה.ו.ז.ח.ט.י / כ.ל.מ.נ.ס.ע.פ.צ.ק /.ר.ש.ת.