الجمعة، 30 أغسطس 2019

صدور العدد الجديد الثّالث من "مجلة الهند" الفصليّة المحكّمة











الثّانية تحكي تاريخ كتابة القرآن الكريم في الهند خلال العصور الوسطى لكاتب متخصص في القرآن وتاريخ العصور الوسطى في الهند ألا وهو البروفيسور ظفر الإسلام الإصلاحي صاحب كتاب "نشر التعليم في الهند الإسلامية" وكتاب "نشر وترويج العلوم الإسلامية في عهد السلاطين المسلمين في الهند". والمقالة الثالثة تعالج قضية أثر مراعاة العرف على التشريع الإسلامي بخصوص الرق والخمر لكاتب من دولة قطر، والمقالة الرابعة تتناول أهمية النبي الخاتم، عليه أفضل الصلوات والتسليم، وكونه أسوة حسنة لكل جيل مسلم إلى قيام الساعة، قام بكتابته الدكتور توفيق العمراني أستاذ الأكاديميّة الجهويّة للتربية والتكوين في الدار البيضاء (المغرب). والمقالة الخامسة بحث موضوعي درس من خلاله الكاتب محمد البويسفي (جامعة القاضي عياض، المغرب) جهودَ المستشرقين في مجال الدراسات الإسلامية، وهذه المقالة تقدّم دراسة منصفة لما قدّمه المستشرقون من جهود علمية عن الإسلام والمسلمين. والمقالة السادسة حلقة ثالثة لترجمة مصدر أولوي عن تاريخ الجامعة الملية الإسلامية (نيو دلهي)، والمقالة السابعة حلقة ثانية وأخيرة للبحث حول سيرة ومساهمة الإمام الشاطبي في علم المقاصد، وأما المقالة الثامنة فهي حلقة ثانية لبحث جامعي عن شخصية وأعمال العلامة محمد بن يوسف السورتي الذي كان معاصرًا لعبد العزيز الميمني الراجكوتي. هذه الحلقة تسلّط الضّوء على أساتذة وتلامذة العلامة السورتي. والمقالة التاسعة تلقي الضّوء على الشاعر الإسلامي الهندي محمد إقبال وتدرس مدى تأثره في الشعر وتأثيره عن طريقه.
    والمقالة العاشرة دراسة شاملة لمزايا كتاب "حجة الله البالغة" العلمية والأدبية العمل الهندي الشهير في موضوع أسرار الدين القويم، والمقالة الحادية عشرة والأخيرة تكشف عن المحرّك الجنسي بوصفه أداة لتجريم لإدانة المرأة في ضوء حكاية ألف ليلة وليلة "مكر النّساء وأنّ كيدهنّ عظيم" للدكتورة سناء الشّعلان.
    ينتهي هذا العدد من المجلّة بقصيدة قرضها مدير تحرير هذه المجلة في مدح معلّمه ورئيس قسم اللغة العربية وآدابها بالجامعة الملية الإسلامية سماحة البروفيسور حبيب الله خان. ويحمل العدد بين دفتيه بشرى عن صدور عدد خاص بتاريخ الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي التي مرّت على تأسيسها تسع وتسعون سنة وستحتفل في السنة القادمة بعيدها المئويّ.

الخميس، 29 أغسطس 2019

الدكتورة سناء الشعلان “:كاتبة مبدعة ترسم الحكاية بالكلمات.


انجاز-كتب:الصحفي علي عزبي فريحات.






الدكتورة الشعلان ” :استطاعت ان تحفر اسمها بحروف من نور في فضاء الثقافة والادب .
**شكلت اضاءة لافتة في المشهد الإبداعي الاردني.
**جمعت بين أعمالها كلها بحب وإتقان .
**اثبتت جدارتها في كافة المجالات التي خاضتها .
**اصبحت صاحبة دور مهم في ساحات العمل و العطاء خاصة في مجال الثقافة و الفكر .
**تفوقت وبلغت مستوى الريادة المتواصة التي تجسد الصورة المثالية للمرأة الأردنية.
**مسيرتها الابداعية زاخرة بالعطاء .
**انجازات بقيم انسانية ومفردات ادبية جاذبه .
**إحدى رائدات الإبداع النسائي .
**لها من الاعمال المختارة وتستحق القراءة .
**تعمل في المجال الاكاديمي وابدعت كأديبة وروائية .
**المبدعون يتألقون كالنجوم في السماء ويحلقون بعلم أوطانهم فهم سند وذخر ومرآه للوطن أمام العالم قادرون على عكس الصورة الحضاريه للمجتمع في جميع المحافل الدولية لتجدهم كاللآلئ في البحر متميزين عن غيرهم.
**وعندما يواجه المجتمع تحديات كبرى يبحث عن المنقذ والمخلص ويتجسد في عصرنا هذا في السياسي المنتمي والمثقف منها البوصلة والمصباح حيث يطرح السياسي البرامج السياسية التي تخدم الوطن ويقترح المثقف التصورات الفكرية الكبرى لتشكيل وعي جديد وتوحيد دراسات مهمة حول دور المثقف في المجتمع ويصبح منارة يحتذى بها .
**يقدم المثقفون على مبادرات مثل إرسال رسائل مفتوحة او كتابة نصوص او مقالات موجهة للرأي العام او السلطة حول قضايا تشغل بال الجميع أو تنظيم سلسلة من المؤتمرات وغيرها لجلب أنظار الرأي العام .
**اهل العلم هم المثقفون الذين يرتبطون بهموم الجميع وتطلعاتهم باعتبارهم الحزب الطلائعي للمجتمع وغير ذلك عندما يسعى المثقف الى ارضاء السلطة يفقد القيم الإبداعية.
**انني اكتب عن شخصية متواضعة طيبة القلب وحسنة المعشر وإنسانة تتمتع بأخلاق حميدة وتتميز بالتعاون مع الجميع فضلا عن مرتبتها العلمية وخبرتها وكفاءتها والذي تمثل من خلال العمل والانجاز والابداع والتميز الذي أحرزته ضيفتنا “الأديبة سناء الشعلان ” على صفحة شخصيات وطنية اردنية وننشرها في وكالة انجاز الإخبارية ضمن زاوية مخصصة لذلك لتسليط الضوء على انجازاتها العلمية والادبية و التطوعية ليكون حافزا كبيرا للاهتمام بدور المرأة المتعلمة والمبادرة دعما لابداعها وانجازاتها .
**وجاءت الكتابة عن هذه الشخصية بعد حضور حفل اشهار روايتها “ادركها النسيان”والذي جاء بناء على تلبية دعوتها لي وعند الاستماع لمضمونها انبهرت بأدائها وروايتها الرائعه ووجدت فيها لغة خاصة حيث جذبني في الحفل الاهتمام الكبير لمتابعة اصداراتها لذلك حاولت ان امسك القلم لاكتب عن اديبة وكاتبة مبدعة عجز تفكيري عن كيفية اختيار الكلمات التي تناسب مكانة هذه المرأة المعطاءة المخلصة لعملها وانتمائها للوطن والذي تمثل من خلال حسها العالي الذي عبر عن الانجازات والأعمال التي قدمتها في مجالات الإبداع والتطوع لأنه ليس من السهل الكتابة عن شخصية أكاديمية وقامة من قامات الوطن وشخصية فذة مشهورة ومثقفة ومبدعة وروائــية وباحثة ورائدة من رواد العمل التطوعي والإبداع الاردني والعربي وشخصية نسائية تميزت بانسانيتها وعشقها للادب والثقافة وتألقت بفكرها وقلمها .
**بالفعل كانت أنموذجا مشرفا وترجمة صادقة للمرأة الأردنية المبدعة بحس ثقافتها ومواقعها وحضورها الفكري المتوهج وشخصيتها المستنيرة ومشاركتها في كل القضايا والملتقيات الثقافية والأدبية والإعلامية .
**افتخر بالمرأة الأردنية المبادرة والناجحة والتي تشكل الدكتورة “سناء” نموذجا فريدا لمسيرة هذه المرأة بفضل تسلحها بالعلم والمعرفة وسعيها الدؤوب للتميز والريادة والإبداع وهذا الكلام اسطره لنشمية وناشطة من بنات الوطن وسفيرة للفكر الأدبي التي رفعت اسم بلدها عاليا في المحافل الدولية التي مثلت بها الاردن بفضل مشاركتها الأدبية والتطوعية محليا وخارجيا لان سيرتها الذاتية تتحدث عن ابداعاتها ومشاركاتها ونجاحاتها ومبادراتها القيمة لانها صاحبة رأي ولها رصيدها الأدبي المنشور ومقالاتها لترسم الحكاية بالكلمات .
**اقول كلام بحق المرأة الأردنية وانجازاتها وإبداعاتها وانا مسرور ومفتخر واشعر بالاعتزاز بدورها من أمثال الدكتورة سناء الشعلان التي سبقت جيلها بتفوقها على مختلف الصعد والمجالات .
**كاتبة وروائية وموسوعة جمعت بين الكتابة والأدب والتطوع وتنظيم المبادرات ومارستها بحب واتقان وأثبتت جدارتها في كافة المجالات التي خاضتها لأنها استثمرت ثقافتها في مؤلفاتها لتنمية الأدب والثقافة من خلال الكتابــة وتأليف الروايات وطرح الكتابات والمقالات الصحفية .
**الاديبة سناء الشعلان تمثل قصة نجاح سطرتها بفضل خبرتها وكفاءتها حتى أصبحت متفردة في طرازها وتفاصيلها ومستواها توشحت فصولها بعبير الإنجاز وإرادة التحدي في المجالات كافة وعلى رأسها قطاعات الفكر والأدب والثقافة والإعلام لتعكس جدارة وتميز المرأة الأردنية .
**كانت دائما على قدر من الثقة وأصبحت صاحبة دور مهم في ساحات العمل والعطاء خاصة في الثقافة والفكر لا بل تفوقت وبلغت مستوى الريادة المتواصلة التي تجسد الصورة المثالية التي تربت في بلد الخير والمحبة فتشربت إكسير التميز .
**أفلحت في حصد منزلة رفيعه ومتميزة حيث أصبح لها حضور كبير من بين أبناء وطنها تقديرا لمكانتها وانجازاتها .
**تؤمن بأن المرأة لها دور في زرع بذور الخير ومحركاً فاعلاً في عمليات التنمية والتطوير والحضارة ليأتي الحصاد يانعاً وغنياً بقيمة رسالتها للعالم حيث باتت أهلاً لقيادة مشوار التفوق في عالمنا بمساقات التطوير والبناء المجتمعي المتنوعة وأن عطاءها المشهود والموثق ليس وليد اليوم بل هو متواصل نحو طريق التميز والكمال بكل جدارة لانها تعتبر ان مسؤولية الكاتبة كبيرة ازاء مجتمعها .
**نكتب عن هذه الشخصية للفت الأنظار لكاتبة وأديبه لها قيمتها كأكاديمية متميزة باتت اهلا لقيادة مشوار التفوق والبناء في عالمنا لتساهم في صناعة وتنشئة الأجيال وتدعم مسيرة الانجاز في مجال التنمية المستدامة التي تخدم الوطن وتبذل دائما وتضاعف جهودها لمواصلة الانجاز لتصبح شريكا استراتيجيا في النهوض بالمجتمع والدولة .
**شخصية تستحق أن نلقي نظرة ولو عابرة لسفينة النجاح الأردنية التي قادتها لنعرف الأماكن المتقدمة التي تشغلها ابنة الأردن التي أكدت للعالم أنها لا تقل في الأهمية والقدرة على الإنجاز عن الرجل بل تستطيع التفوق في كثير من الأحيان وأنها على أهبة الاستعداد لإثبات ذاتها ووجودها وحضورها ولتوصيل رسالتها القيمة بصوتها المسموع.
**هي قدوة ومثل أعلى للكثيرين لان ما حققته في مجال الثقافة والأدب لم يأتي من فراغ بل جاءت نتيجة تراكم معرفي وفكري ليبرز اسمها بحروف من نور في هذا المجال التي تشعرنا بالفخر لأديبة صنعت المجد لتحلق في فضاءات الإبداع والتميز وتصبح نموذجاً يحتذى به محلياً وعربياً.
**تبوأت مكانة عالية في مجالات الأدب والثقافة لأنها تمتلك القدرة الواسعه على استيعاب كل مظاهر الحياة والكتابة بمسؤولية وشغف بالاضافة الى استخدام اسلوب النقد بطريقة تبرز مقدرتها على الجمع بين تلك الأعمال كلها بحبٍّ وتفانٍ وجدارة .
**الشعلان “انموذجا مشرفا كرست مسيرتها الأدبية والثقافية لخدمة الأردن وقضاياه واستقطاب المثقفين من حولها بطرحها مواضيع ذات أولوية وحضورها الفكري المتوهج وشخصيتها المستنيرة ولقاءاتها ومشاركاتها الفاعلة في مجال الثقافة والأدب التي توظفها لتبادل الخبرات وتعزيز ما لديها من مخزون أدبي معرفي .
**جمعت بين مهنة التدريس والعمل التطوعي وساهمت في تأسيس عدد من الملتقيات والهيئات الثقافية المتعددة كما فازت في أكثر من جائزة وكرمتها العديد من الجهات والمنظمات محليا ودوليا .
**شكلت كتاباتها أشبه ما يكون بفراشة محلقة ترتشف رحيق تجربتها الإبداعية من الوضع الراهن اليومي للإنسان الأردني .
**نتمنى لها المزيد من الأعمال الناجحة الرائعة فهي نبض العلم والثقافة والمعرفة ندعو الله أن يجزيها خير الجزاء لتستمر مسيرة الانجاز والتميز وتاريخها العلمي والوظيفي ونشاطها الأدبي والعلمي واهتماماتها بالعمل التطوعي
**كم انت رائعه ومبدعة يا دكتورة سناء.
**كم انتي طيبه وانسانه تحبين الخير للناس كما تحبينه لنفسك وكم روايتك تمتاز بالإبداع وكم شخصيتك أروع .
**نقدم تحية اجلال ممزوجه بالعز والفخار كبيرة لسناء الانسانة المخلصة المنتمية والمعطاءة التي تتحمل الامانة والمسؤولية وتعرف قيمة معنى الهوية والانتماء والعز والكرامة .
**نعم ..سناء موهبة تعمم أفكارها لأهلها وناسها ومجتمعها ووطنها وبيئة تزدهــر دائما بالنجاح .
اسرة وكالة انجاز الاخبارية تتمنى التوفيق والنجاح للدكتورة سناء لتبقى منارة مضيئة في عالم الادب والثقافة والتميز لخدمة الوطن في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه .
تحذير:النص خاص بوكالة انجاز الاخبارية يرجى عدم النقل او الاقتباس وكل من يحاول ذلك يعرض نفسه للمساءلــة القانونية .


عبيدة زيد يصنع له محطة في مهرجان مسرحيد!



*الفنان الشاب والمتألق عبيدة زيد، كان يحلم منذ سنوات بالمشاركة في مهرجان مسرحيد، وقد انتظر طويلا حتى "تستوي الطبخة" على حد قوله. وها هو اليوم يضع يده بيد الفنان إياد شيتي الذي أصبح متمرّسًا في المونودراما، ليقدمان معا مسرحيدية بعنوان "المحطة".
تتناول المسرحيّة قصّة أحمد، الشاب الطموح الذي يحلم بمستقبل أفضل، فيقرّر السفر من قريته كفر قرع إلى مدينة حيفا، للبحث عن فرص أكبر، ولكن في المحطة وأثناء انتظاره للباص، يكتشف أحمد كتابًا وضعته أمه في حقيبته، واثناء تقليبه لصفحات الكتاب، تنقلب أفكاره رأسًا على عقب.
تستعرض المسرحيّة حقائق تاريخيّه عن قرية كفر قرع، ممثلّه بشخصيّات وهميّة وبعض منها حقيقيّه ما بين الحاضر والماضي، ما بين الحقيقة والخيال.
المسرحية تأليف وتمثيل: عبيده زيد، إخراج: إياد شيتي.


زنوبيا وجميلة بوحيريد وليما غابوي ضيوف مهرجان مسرحيد 2019



 
*المخرج نبيل عازر، أصبح له بصمة كبيرة في الأعمال المسرحية المحلية، وقد امتاز في الغوص في الكتب التاريخية وكتب نوادر العرب وغيرها، قام بإعداد الكثير من النصوص ومسرحتها، ولاقت جميعها النجاح. في مهرجان مسرحيد 2019 سيقدم عمل جديد من إعداده وإخراجه بعنوان "امرأتان وثلاث نساء"، وسيتم عرضها خلال أيام المهرجان من 9/9 حتى 12/9/2019.
تحكي المسرحية قصة امرأة وابنتها خلال وضع الحداد بعد موت الأب. حيث تصاب الأم بالخوف والذعر بسبب وضعها وخاصةً خوفها على ابنتها، وبسبب تأثير زوجها عليها الذي ازداد بعد موته. تضطّرّ الأم والابنة للقيام بتمثيل مشاهد مسرحية في البيت لكي تتم الابنة التي تدرس في المعهد العالي انجاز مشروع نهائي موضوعه نساء غيّرن التاريخ. تختار الابنة شخصية: زنوبيا (ملكة ندمر)، جميلة بوحيريد (الجزائر)، ليما غابوي (ليبيريا). في النهاية نرى أن هذه المشاهد تؤثر عليهما في نواحي كثيرة لم تتوقعاها.
نبيل يستحضر التاريخ إلى عصرنا الحالي فينتج عن هذا مواقف كوميدية وتراجيدية مؤثرة.
المسرحية كتابة وإخراج: نبيل عازار، تمثيل: عبير عثمان وهيام ذياب، مساعدة مخرج وتصميم ديكور: سلوى عيسى، إنتاج: المسرح القروي/ طمرة.

 

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

حُكم الساقط بين الكراسي


 The Judgement of He Who Falls between the Chairsترجمة ب. حسيب شحادةجامعة هلسنكي



في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها راضي بن الأمين بن صالح صدقة الصباحي (رَتْسون بن بنياميم بن شلح تسدكه هصفري، ١٩٢٢-١٩٩٠، أبرز حكيم في الطائفة السامرية في القرن العشرين، مُحيي الثقافة والأدب السامريين الحديثين، مُتقن لتلاوة التوراة، متمكّن من العبرية الحديثة، العربية، العبرية القديمة والآرامية السامرية، جامع لتقاليد قديمة، مرتّل، شيخ صلاة،  شمّاس، قاصّ بارع، أديب أصدر قرابة الثلاثين كتابًا وهي بمثابة مصدر لكتّاب ونسّاخ معاصرين، شاعر نظم حوالي ٨٠٠ قصيدة وأنشودة،  وهنالك باحثون كثيرون تعلّموا منه عن التقليد الإسرائيلي السامري. كان السامري الوحيد الذي سمّاه سيّد الباحثين في الدراسات السامرية، زئيڤ بن حاييم باسم: معلّمي ومرشدي) بالعبرية على مسامع ابنه الأمين (بنياميم) صدقة (١٩٤٤- )، الذي بدوره نقّحها، اعتنى بأُسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٤٦-١٢٤٧، ١٥ آب ٢٠١٧، ص. ٥٤-٥٧. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الراهن؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني.

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري من المائة والستّين في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة نسمة، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحُسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

”لم نترك بلادنا قطّ

أعليّ أن أسرُد عليكم ما حلّ بالسامريين من اضطهادات كثيرة في كلّ العصور حتّى بداية القرن العشرين؟ ألا تعرفون ذلك؟ طبعًا تعرفون أنّه بالرغم من المصائب والمعاناة الشديدة، بقي السامريون مخْلصين لمسقط رأسهم في البلاد ولم يتركوها. حُكم ولّى وآخر حلّ محلّه والسامريون يعيشون هنا في هذه البلاد، التي أُعطيت إرثًا لبني إسرائيل في قَسم الله لآبائنا، إبراهيم وإسحق ويعقوب. وكان إبراهيم قدِ اشترى الحَرمَ الإبراهيميّ/مغارة المضّعفة من عفرون الحتّي بأربعمائة مثقال ورق نقد التجّار، سنَد الطابو الأوّل من بين الآلاف التي اندثرت مثل كلّ كنوزنا باستثناء النزْر اليسير. ومع تلك الوثائق أخذت قوّة الشعب السامري بالتناقص إلى أن أصبح عددنا أقلَّ من مائة وخمسين نسمة في بداية القرن العشرين.

يحُزّ في القلب جدًّا، إلى أن حصل انتعاش مفاجىء في الطائفة في الثُلث الأوّل من القرن العشرين، ولا سيّما تلك الدفعة إلى الأعلى بعد حرب حَزيران  العام ١٩٦٧ وما زالت مستمرة حتّى أيّامنا هذه، حيث يصل تعدادنا أكثر من خمسمائة بقليل.

تناقص الطائفة لم يكن دائمًا نتيجة الضغوط والاضطهادات. كانت هنالك حالات من التسرّب الطوعي وبتعبير أدقّ توجّب على الطائفة أحيانًا أن تلفِظ بعض الضالّين لفظ النواة، أولائك الذين لهثوا وراء العيش في مجتمع آخر أسهل من الحياة بموجب قوانين التوراة، التي يتمخّض عنها في آخر المطاف مجتمع مؤسَّس على قِيم الاستقامة والمصداقية.

ولكن، دعْنا لا نبالغ في هذا الموضوع، ولنتحدّث عن أولائك الذين في الحِقب الغابرة. كانوا قد تركوا الديانة الإسرائيلية واعتنقوا الإسلام بسبب طيشهم وجشعهم. كان هنالك من تأسّلم من ناحية ومن تنصّر من ناحية أخرى. وإن لم يكن هذا موضوع قصّتنا لما كرّست له أكثرَ من كلمات معدودة وفق شأن الموضوع.

متأسلم طوْعًا

ولكن القصّة تبقى قصّة، ويجب سردُها ليعلم الجميع كيف كانت حالة الطائفة السامرية في تلك الأيّام العصيبة. أحد أولائك المتأسلمين، مهما كانوا قلّة، كان سعد بن عبد الفتاح الدنفي. والمسلمون آنذاك كما هم اليوم ينسبون، كما هو معروف، قداسة فائقة لمن ترك دينه وتأسّلم. إنّه في نظرهم وليّ أكثر من المولود مسلمًا لأنه اجتاز الاختبار الصعب في التغلّب على الغريزة الشريرة، التي كانت في ديانته السابقة، والآن بعد تأسلمه أصبح كلّه مخلوقًا صالحًا في القداسة. إنهم يُجرون له مسيرة كبيرة وينادون ”إركعوا“، إذ أنّه في نظرهم يجسّد النصر المبين للإسلام على كلّ الديانات الأخرى. هذا هو الواقع، ولا شيء غيره. ولم يتقبّل أبناء الطائفة دائمًا هذا الواقع الذي فُرض عليهم، عبور إخوة لهم من الدين الإسرائيلي الحقيقي لدين الحقّ  الإسلامي، وحتّى بعد تطبيق كلّ خطوات التأسّلم لم تتوقّف محاولات إرجاعهم إلى جادّة الصواب.

روى لنا آباؤنا أنّ سعد بن عبد الفتاح (سعد أبو الفتاح؟) تأسّلم طواعية، وهذا خلق مرارة كبيرة في أوساط الطائفة. كان يسكن في قرية ناقورة، وما زالت ذريته الكثيرة تعيش هناك إلى هذا اليوم. أحد أولائك كان إبراهيم بن فرج (مرحيب) صدقة الصباحي (هصفري)، من آباء عائلتنا كان حينئذٍ شابًا ولم يُعرف بعد عنه أنّه شاعر ملهم ولكنه كان معروفًا بالتصاقه بديانة إسرائيل والغيرة عليها.

ضربات شديدة مبّرحة

ذات يوم كان إبراهيم واقفًا في شارع سوق نابلس في عزّ شهر الصوم، رمضان، ورأى المتأسّلم سعد عبد الفتاح جالسًا بجانب مائدة بأحد المطاعم يتناول وجبة من الأرز واللحم. نسي إبراهيم لهنيهة تأسّلمَ سعد الفتاح ورأت عيناه سامريًّا يتناول الطعام في بيت أجانب. طالبه بحزم أن يفسِّر عمله هذا، فجاء الردّ وقحًا جدّا ”ما شأنك أنت/ شو دخلك إنت؟“. اشتاط إبراهيم غيظًا ما بعده غيظ. رفع عصاه وضرب سعد عبد الفتاح ضربًا مبرّحًا، ثم سار إبراهيم في طريقه، وهو يغلي ويرتجف غضبًا، وكله غيرة على دين موسى.

بعد تلك الضربات، نهض سعد عبد الفتاح، وأخذ يصرُخ بلا انقطاع مستغيثًا: السامري ضربني، السامري ضربني!  تحلّق حوله الكثير من المسلمين، فاستغاث بهم ليقبِضوا على ضاربه إبراهيم. وسُرعان ما انتشرت الإشاعة فوصلت كلّ المدينة. ”إبراهيم صدقة السامري ضرب وليّنا سعد عبد الفتاح، لأنّه ترك ديانة الكفّار واعتنق دين الحقّ، الإسلام“. هكذا طارت الإشاعة من فم لأذن. استنفر سكان نابلس للانتقام من الضارب بمنتهى الصرامة.

ضمن أولائك المسلمين تواجد بعضُ أعزّ أصدقاء إبراهيم الصباحي، وقرّر أحدهم مدّ يد العون له، لأنّه لم يصدّق أن سبب الضرب صحيح. توجّه إلى أحد وُجهاء المدينة ذوي النفوذ، طلب منه مساعدة السامري. قرّر كلاهما إنقاذ إبراهيم من  الجماهير المسلمة الغاضبة. دعا ذلك الوجيه وُجهاء نابلس الآخرين إليه،  وٱستدعي إبراهيم الصباحي أيضا. كما أُحضر سعد عبد الفتاح مكرّمًا، وهو يئنّ من ضربات عصا إبراهيم. كما حضر شيوخ الطائفة السامرية وكهنتها  الذين تخوّفوا من مصير ابن جلدتهم. بين تنهّد وتنهّد، لم يُخف سعد عبد الفتّاح المضروب المحطّم رضاه عمّا  سيحِلّ كما اعتقد بإبراهيم الصباحي. كان على يقين بأنّ إبراهيم سيلقى عقابًا مضاعفًا على كلّ ضربة من عصاه، ولكن ويا للعجب فوجىء الجميع بطريقة جلوس إبراهيم  وتصرّفه. إنّه لم يسلك كمن ينتظر قصاصًا شديدًا بل بالعكس تصرّف بثقة وبهدوء، أضفيا دهشة على كلّ الحضور. بدا هادئًا مسترخيًا تماما.

بدأ الاستجواب بسماع تهمة إبراهيم الصباحي، الذي جرؤ على ضرب وليّ مسلم، وهذا يستحقّ  العقاب. أضف إلى ذلك، أن سعد عبد الفتّاح قد شهِد أن إبراهيم السامري قد ضربه بدون أيّ استفزاز أو ذنْب اقترفه.

حُكم الآكِل في يوم من أيّام شهر رمضان

”ماذا في جعبتك للدفاع عن نفسك يا إبراهيم السامري، إذ أنّك تعلم أنّه لا مسامحة ولا مغفرة لكافر يرفع يده على مسلم “، قال الوجيه لإبراهيم. أجاب إبراهيم ”يا سيّدي الفاضل المحترم، لا أدري كيف ستقبل ما سأقوله لك، وهل سيرضى عن ذلك كلّ الحاضرين، ولكن الأمر في نظري جدّ خطير ويتطلّب قصاصًا شديدا“. ردّ وجهاء نابلس بالقول ”قل ما لديك لنسمع“. أجاب إبراهيم الصباحي قائلًا ” ما فعله سعد عبد الفتّاح يجعل الإيمان بالله في خطر. سعد هذا، قد ضحك أوّلًا على ديننا السامري، والآن حاول أن يجعل من الديانة الإسلامية أضحوكة“. ردّ وجهاء نابلس باندهاش عظيم ”ماذا تقول؟“. أجاب إبراهيم الصباحي ”هذا ما أقوله والله شاهد عليّ. هذا سعد عبد الفتّاح قد خان ديننا، الديانة السامرية، وبالنسبة لكم قد قام بفعل الصواب في اعتناقه الإسلام. ومن المعروف أنّ إحدى فرائض ديانتكم الكبرى، هي فريضة صوم شهر رمضان. وهوذا في هذا اليوم، قبل الظهر رأيته يتناول الأرز  محاولًا  خدْع أبناء ديانته الإسلامية. ألا يُعتبر هذا العمل خطيئة كبيرة تستحقّ عقابًا قاسيا؟ لا يمكنكم التغاضي عن مثل هذه الفعلة“ ثم أردف إبراهيم الصباحي قائلا ”حتمًا ستسألون ما لي ولهذا الذي لا يسير وفق فرائض ديانة أخرى؟ وأقول لكم إنّي لم أقدر أن أطيق ما رأته عيناي- من خان ديني ومن يحاول خيانة دين آخر“. ثم ختم إبراهيم كلامه المفعم بالحيوية مضيفًا ”لم أر أيّة وسيلة أخرى سوى لزوم ضربه ضربا مبرّحًا على خيانته المزدوجة“.

وقف الوجيه المسلم، صديق إبراهيم فاغرَ الفم من شدّه ذهوله، وهكذا كانت حال جميع الوجهاء ولم يبق شيء سوى التحقّق من صحّة أقوال إبراهيم. التفتوا فورًا نحو سعد عبد الفتّاح مستفسرين، وهذا أخذ يتلعثم ولم يتمكّن من نطق ولو كلمة واحدة بِجلاء. أصدر الوجيه أمرًا بإلقاء القبض عليه، تقدّم نحو سعد عبد الفتّاح، أمسك بذقنه وفتح فمه بقوّة وقال إنّ إبراهيم صادق في كلامه. بعض حبّات الأرز بانت بين أسنان سعد عبد الفتّاح. ”هل تعرف ما حُكم من يخون دينه؟“  سأل الوجيه سعد عبد الفتّاح  بنبرة تنمّ عن السوء.
 وقع سعد عبد الفتّاح  على وجهه وأخذ يقبّل صندل إبراهيم الصباحي متوسّلًا أن يخلّصه من الموت. وقد علم إبراهيم أنّ حكم من يبدّل دينه وَفق فرائض السامرة هو الموت، ولكن بالرغم من ذلك حنّ على سعد عبد الفتّاح وطلب من أصدقائه تخفيفَ عقاب سعد. استجاب صديقُ إبراهيمَ المسلمُ لطلب إبراهيم، التفت نحو سعد عبد الفتّاح  وقال ”بفضْل إبراهيم السامري، صديقي الطيّب لن نعاقبك بما تستحقّ من عقاب. يكفي جلدُك على ظهرك بحضور هذا الجمهور ثلاثين جلدة، كي يرى ويعرف الجميع عدم تناول الطعام في صوم رمضان “.

سعد عبد الفتّاح رُبط بعامود العار وجُلد ثلاثين جلدة، كان يصرُخ بفظاعة بعد كل جلدة. ثم أُنزل عن العامود مترنحًا  ولكنّ فؤادَه كان مفعمًا بالشكر والامتنان لنعْمة إبراهيم الصباحي.
هذا هو حُكم الساقط بين كراسي الديانتين“.


الأحد، 25 أغسطس 2019

قصة سقوط نهاية أكبر سمسار في العالم - د. محمد الدعمي




لن تنجو امبراطورية “جفري أبستين” Epstein المالية والعقارية من التفتيش والهدر، برغم نجاته شخصيا من عذابات السجن عن طريق الانتحار داخل سجنه الخاص في نيويورك. بل حتى “الانتحار” الذي أيد فرضيته التشريح الطبي الشرعي يلقى ظلالا من التشكيك، نظرا لأن المتوفي لم تحضره المنيّة إلا بعد إماطة اللثام عن تقديم “خدماته”، الخاصة جدا، لشواخص سياسية بارزة ابتداءً من الرئيس دونالد ترامب والرئيس السابق بيل كلينتون حتى أساتذة الجامعات، مرورا بعضو من الأسرة المالكة البريطانية وبحكام ولايات وسفراء وأعضاء كونجرس مبرزين.
أما عن كيفية بناء هذه الثروة الأسطورية، فقد كانت (كما يبدو) عن طريق “السمسرة” بالجنس، إذ كان سر مهنته يتلخص بتقديم “خدمات الرفقة” Escorting عن طريق إرسال مراهقات خارقات الجمال إلى الشواخص البارزة من النوع أعلاه، شريطة أن يقدمن لمثل هؤلاء “العملاء” الأغنياء والمتنفذين “خدمات حميمة” من النوع الذي قد يفوق بمداه فنتازيات الأفلام الإباحية، لذا، يشك في قصة انتحاره نظرا لأن بقاءه حيا إنما يكشف عن أسماء بارزة متورطة بهذا النوع من البغاء الذي يأبى العبث بضحايا من البنات لا يتجاوزن الخامسة عشرة ربيعا من العمر.
أما فنون التشبيك على مثل هذه الحسناوات، فيتم عن طريق شبكة من صديقات وموظفات “أبستين” اللاتي يضطلعن بمهمات صيد المراهقات وقنصهن (بعد تمرسهن معه شخصيا) وفي كل مكان تمتد إليه أياديهم السامة، إذ يتم استثمار “أحلامهن” المراهقة بالغنى والحياة المترفة بعد أن يقدمن “للسمسار الراحل” على طبق من البلور بداخل قاعة “مساج” اسطورية، شريطة أن يقمن بالضبط بما يطلب هو منهن القيام به حتى وإن فاق طلبه الخيال.
وبعد تجريبهن من قبله شخصيا، يتم “استعمالهن” لجني الأموال الأسطورية من أصحاب الجاه المترفين من النوع المذكور أعلاه.
وإذا لم يكشف عن قائمة كاملة بأسماء ضحايا ابستين كلهن، وهي، كما يبدو، قائمة طويلة، فإن رأس جبل الجليد الطافي عبر الإعلام قد قدم قصصا لجميلات كن من ضحايا أبستين ووكيلاته ووكلائه قبل أن يبلغن سن الرشد. وهن مصرات على إقامة الدعاوى القضائية (ليس ضد ابستين لأنه قد مات)، ولكن ضد وكلائه وموظفيه الذين أسقطوهن وسرقوا أحلامهن مذ سني المراهقة الأولى. كما أن ذلك سيقود إلى تعويضهن عن طريق ثرواته وعقاراته ومنها جزر ومنازل بملايين الدولارات في مدن كنيويورك. لذا، لا يمكن لورثة “فقيد وعميد السماسرة” توقع الكثير مما سيتركه، بل إن المستفيد سيكون ذات المنتقمات من الساحرات اللاتي فقدن أعز ما يملكن منذ وقت طويل.

الجمعة، 23 أغسطس 2019

الإنسان في رواية د. سناء شعلان (أدركها النسيان): ما بين العتبة ودهشةِ الختام


د. منى محيلان/ الأردن





صدرت الطبعةُ الأولى للرواية سنة 2018، وما بين سنة النشر وقراءتي للرواية أشهُر معدودات. وما بينهما مفارقةٌ عجيبة، وهي أن تتزامن قراءتي لرواية (أدركها النسيان) وانتشارَ فيديو لطفل يتيم يعنَّف من قبل ذوي قرابته، وقد أحدث الفيديو في حينها صدمة لكل من شاهده. هذا اليتيم، هو أنموذجٌ لشريحة في مجتمعنا، نضيف إليها اللقطاءَ الضائعين المضيّعين المتصاعدين عددا، والمشتتين وطنا.إن المبدع هو واحد ممن يتلمسون همومَ الناسِ وأوجاعَهم، فيشخّصون الداء، لكنهم يدَعُون العلاج والدواء لكل فرد منا لاسيما المختصون، والمعنيون من أولي الأمر. والرواية التي بين أيدينا هي أنموذج لحالات اجتماعية، تعيش بيننا، من اليتامى واللقطاء.على عتبة العنوان كتبت الروائية مباشرة: بين علامتي تنصيص "حكاية امرأة أنقذها النسيان من التذكر"، هي ومضةُ اختزالٍ لفكرة الرواية أو ثيمتِها الكبرى، ما معنى أن يكون الإنسان يتيما أو لقيطا في عالمنا العربي؟والصفحة التالية للعنوان: تضمنت ثلاثَ مقولات: نسبتها الروائية إلى ملحمة "مزامير العشاق في دنيا الأشواق": من عشِق حُجةٌ على من لم يعشق، ومن تألم حُجة على من لم يتألم، وعندما تحترق الأوطان يصبح العشق محرّما. وختمت بتعليق "إنه اليتم في كل مكان"ثالوث العشق والوطن والـمَيتم: هي محاورُ متعالقةٌ بُنيت عليها الرواية" فمن حُرِم الوالدان حُرّم عليه الوطن والعشق.بعد صفحة الإهداء، وفي وسط صفحةٍ مفرغة من كل شيء كُتِب في وسطها: بصوت نسائي ضعيفٍ متهالكٍ أضناه الشوق "إنني أراكَ"، وفي نهاية الرواية نسمع صدى صوتِ عاشقٍ كئيب أعياه البحث عن الحبيبة، وفي صفحةٍ مفرغةٍ كُتب في وسطها أيضا "إنني أراكِ" مسبوقةً بكلمة "البداية".وما بين البداية والبداية، وما بين الرؤية والرؤية يتوالى ثلاثون نسيانا متسلسلا رقميا، حمل كلُّ نسيان إضاءتين ألْقتا ظلالا على محتوى النسيان. أولاهما العنوانُ الخاص بالنسيان، وثانيهما نجوم الأوريغامي الملتمعة في مطلع النسيان (الأوريغامي فن طي الورق).
فإن أنت تفيّأت ظلال العنوان وجدت أن أعلام شخصيات الرواية احتلت الحيّزَ الأكبر منها؛ وبذلك سلمتنا الروائية مِفتاح كل نسيان: فمن الضحاك سليم إلى بهائي إلى أفراح الرملي فوفا الذيب فثابت السردي فتيم الله الجزيري، ثم تقافزت العناوين ما بين أزمنة وأمكنة وأوصاف وحالات، تعالقت فيها عناوينُ النسيان مع نجوم الأوريغامي السبعة التي استهلّت بها الروائيةُ كلَّ نسيان، احتوت النجوم على مقولاتٍ فلسفية ومنظوراتٍ روحية أو روحانية، وبلغة شعرية من إنشاء بهاء شكّلت ثلاثين برجا من أبراج النسيان.ومن عتبة العنوان لكل نسيان، ونجوم الأوريغامي، ضفرت الروائيةُ لوحاتٍ ورسوماتٍ متحركةً ومقاطعَ فيديو بُعثت من جديد في ذاكرة الضحاك سليم والحبيبةِ الحمراءِ الفاتنةِ بهاء. ابتداءً من الميتم الصغير الذي أقاما فيه ردحا من زمانهما الصعب، إلى الميتم الأكبر الوطن، الذي لم يتسع لهما لإقامة بيت لا يزيد على مساحةِ حُلمٍ لفتاة لقيطة وفتى يتيم، لم يجدا بواكيَ لهما إلا ممن قرأ رواية (أدركها النسيان).وفي كليات الرواية تكريسٌ لما نتداولُه من أن إنسانَنا العربي يبدعُ حين يغتربُ عن وطنه؛ لأنه يجدُ من يتبنى فكرَه ويدعمُه ويتيحُ له مساحة كبرى من الإبداع، لكنه في أوطانِ القمع العربي يتيم، مغبونٌ حقُه في العشق والحياة الفضلى.وبين ثنائية التذكر والنسيان، والاتصال والانفصال، والوطن واللاوطن، والفضيلة والرذيلة، والحياة والموت، تبني الروائيةُ تقابليةً كبرى ما بين حالتين جمعهما فقدان الوالدين وعشقٌ كبير، وفي البَدء كانت الكلمةُ نورا وسلاما، تشدّ وثاقَهما، تارةً حزنا وألما، وتارةً أخرى قهرا وغيظا، معَ كثيرٍ من الحب، وقليلٍ جدا من الفرح، وتسير أقدارُهما ويخرجُ كلٌّ منهما إلى شوارعِ الوطن على تراخٍ زمنيٍّ بينهما، ويُيسرُ اللهُ للضحاك   قريبا يتبناه في بلاد الصقيعِ طقسا، لكنها الحارةُ الدافئةُ بالحبِ والرحمةِ والإنسانية، فيجتاز الضحاكُ امتحانَ الحياةِ بتفوق، ويركبُ طبقا وراء عن في سماوات العلمِ والمعرفةِ والثقافةِ والإبداعِ وعالم المال والأعمال، في حين تبقى الحبيبة بهاء مضيّعةً في شوارع الوطن، مغتصبةَ الجسدِ والكلمة.وتتقلبُ صفحات النسيان وتنطوي واحدةً بعد أخرى في حين تنفتحُ نجومُ الأوريغامي نجمةً من بعدِ نجمة، ويصير النسيانُ هو باب الرحمة لمومس شريفةٍ برُغم اغتصاب جسدِها  وكلمتها، بالعنف حينا وبالخضوع والاستسلام لواقعٍ أسودَ مرير في ميتم كبير لا يعترف باللقطاء هو الوطن.وتدهشنا الروائيةُ في النهايات المتعددة للرواية، فمن قول قائل إن الضحاكَ وحبيبتَه بهاء، ولدا من جديد وكان بَدء الكلمة بحياة تغمرها السعادة. إلى قولٍ إن الحبيبين استطاعا أن يلتقيا في عالمٍ ما بعيدٍ عن هذا العالم الشرير، وأنهما يعيشان حلمَهما بالحب الأبدي، إلى مقولة مخيفة يتناقلها الأطفال عن الشبحين اللذين يعيشان في القبو،َ يذكرون أن طفلةً حمراءَ ملعونةً وطفلا عاشقا لها مدفونان في تراب القبو بعد أن حبستهما مديرة الميتم في القبو إلى أن ماتا جوعا. إلى ما بعد النهاية حين نرى في أفق بحري ظلين يركضان نحو الرَّحب، فرحَين بالعشق الذي لا يموت... إلى نهايات وبدايات لتقولَ لنا: هي قصص أيتامٍ ولقطاءَ، مهمشين في وطنهم، ومهما تقلبت الأوجهُ والاحتمالاتُ في مشوار حياتهم يبقى عنوانُها القهرُ والانكسار. 


الخميس، 22 أغسطس 2019

رؤية النص ودلالته في شعر سعد الدين شاهين بقلم وعدسة: زياد جيوسي


    من ضمن نشاطات رابطة الكتاب الأردنيين شبه اليومية وبالتعاون مع جمعية النقاد الأردنيين، كان اللقاء الأدبي النقدي مع الدكتور زياد أبو لبن والدكتور عبد الحميد المعيني للحديث عن مؤلفهما الجديد: " رؤية النص ودلالته في شعر سعد الدين شاهين"، حيث تناول هذا الكتاب البحثي والنقدي في آن واحد وفي 363 صفحة غالبية أعمال الشاعر سعد الدين شاهين، ان لم يكن كلها حتى لحظة صدور الكتاب، حيث قام الباحثان بجهد استمر ما يزيد عن عام بجمع المقالات والدراسات من مواقعها المختلفة ومن ثم تحريرها وتوثيقها ثم ترتيب كل هذه المقالات ضمن ترتيب زمني يتناسب مع تواريخ صدور دواوين الشاعر، وتنسيقها وتبويبها مع الاهتمام بذكر اسماء النقاد والكُتاب وتوثيق هذه القراءات وتوثيق النصوص وعناوينها وكل ما يتعلق بنشرها.
   والجدير بالاشارة اليه أن هذا الجهد البحثي ضم 41 دراسة ورؤية 30 ناقدا وقراءات لثمانية دواوين شعرية تناولت 225 قصيدة للفترة الزمنية منذ قبل عام 1990 وما بعد 2014 حتى تاريخ اعداد الكتاب ودفعه للنشر والتوزيع من خلال دار اليازوري في عمَّان عاصمة الأردن، مع ملاحظة ان جهد الدكتورين ابو لبن والمعيني لم يتدخل في اعطاء ملاحظات على النصوص والبحوث والدراسات، تاركين ذلك للمتلقي الذي سيقرأ الكتاب وهذه الدراسات والمقالات والبحوث.
   وفي قراءة سريعة للكتاب اتفقت مع رأي الباحثين أن هذه الدراسات اجمعت على شاعرية الشاعر سعد الدين شاهين، ورأيت أن الوطن والحنين اليه كان له دور كبير في مسيرة الشاعر، فالوطن يسكنه ولا يفارقه، ومن ديوانه الأول حتى آخر ديوان كان الوطن وروح سعد الدين شاهين لا يفترقان ابدا، ومنذ بدأت اقرأ لسعد شاهين ما أصدره في السنوات العشر الأخيرة، كنت أرى أني أحلق في فضاء آخر لشاعر متميز وجميل، شاعر بسيط في سلوكه وعلاقاته ولكنه كبير في شعره وصوره، شاعر متواضع ويرى رغم كل اصداراته أنه ليس في عجلة "وما زالت اللوحة تتشكل وربما نورثها لغيرنا لتكتمل في يوم ما.."، هذا الشاعر الذي ولد بعد النكبة بعامين في خيمة من مئات الخيم في مخيم الدهيشة بالقرب من بيت لحم، وعاش طفولته الأولى في نفس المخيم لينتقل وأهله في رحلة الشتات الى مخيم الوحدات على أطراف عمَّان في تلك المرحلة الزمنية، وليبدأ الوعي بالتطور والنمو في حياته شاهدا على مراحل وطنية تركت أثرها على روحه منذ الطفولة، من تأميم قناة السويس مرورا بثورة الجزائر وصولا لهزيمة حزيران في بداية شبابه المبكر وانطلاقة الثورة الفلسطينية.
   الكتاب الذي كانت خاتمته شهادة ابداعية عن الذات كتبها الشاعر، اختزلت مسيرة الحياة الشعرية والمعيشية والمهنية والنقابية للشاعر، فسلطت الضوء على مسيرة شاعر فأضافت للدراسات والقراءات عن دواوينه وتجربته الشعرية الشيء الكثير، فاستحق الكتاب الاهتمام لتميزه، ويستحق الدكتورين أبو لبن والمعين التقدير على هذا الجهد الكبير، الذي يشكل اضافة مختلفة ومتميزة في المكتبة العربية، بحيث استحقا وبجدارة دروع التكريم التي قدمت لهما من رابطة الكتاب الأردنيين وجمعية النقاد الاردنيين من خلال رئيس الرابطة الدكتور محمود الضمور تقديرا لجهودهما، واستحقت جلسة الحوار حول الكتاب الحضور الجميل والمشاركات العديدة من كتاب وأدباء وشعراء ومهتمين.
"عمَّان 21/8/2019"