تمثل
التجربة الشعرية لدي الشاعر حسن حجازي في ديوانه ” وريقات من كتاب الشعر ” الصادر
عن اتحاد كتاب مصر 2019م. والذي يحتوي علي 24 قصيدة كتبها الشاعر معبرا عما يدور
داخله من حب وعشق للأمة و للوطن، تعبيرا عن مشاعر عاطفية ووطنية جياشة تفرض حضورها
داخل معظم قصائده ، معتمدا علي روافد معرفته البيئية والثقافية ، وتبرز مقدرته علي
إبراز جماليات التناص الديني والتاريخي نابعة من ثقافته العربية والغربية، وقد
عبرت عناوين قصائده علي ذلك ومنها ( وريقة من كتاب الشِعر ، تصبحون على … شِعر ،
اغضب ، الأقصى .. هل يضيع؟ ، وريقة من كتاب الغربة ، دم المسلم ، أهل دمشق أدرى
بشعابها ، جنيف 2 … وسيكس بيكو الجديد ، وتهون الأرض ، رسالة .. للقادم ، ِلمن
يهمه الأمر! ، يقين ، معا ضد الإرهاب ، أهلا بالمعارك ، اليوم موعدنا ، هذا الشعب
، الرقم الصعب ، إرادة ، درع وسيف ، خير أجناد الأرض ، ماذا نقول له ؟ ، قنوط ،
استراحة محارب ، كالبدر … بل أجمل ! ، حالة حب خريفية ، تأملات ،مـــــــــرآة
،حالة تلبس ) تلك العناوين التي تفصح عن علاقة الشاعر بالواقع المحيط به وما يدور
حوله من أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية متسارعة تترك أثرها علي تجربته الذاتية
، وتحدد موقفه منها ، نراه كلما ضاقت به السبل يلجأ للشعر كي يبوح ما يداخله ـ
كأنما يفضفض أوجاعه غلي الوريقات التي تمثل جزءا من كل ، فهناك تجارب أخري عديدة
باح بها في دواوينة التي صدرت ، وهناك تجارب في انتظار البوح علي وريقات أخري ،
يشكلها وعيه ورؤيته ، وموقفه من الحياة التي يعيشها في مجتمع استلب من الإنسان
مشاعره ، وتحكمت المادة في هذه العلاقات الإنسانية التي لم يتبق منها سوي تلك
المشاعر التي تتشكل في هيئة قصيدة يكتبها وتكتبه ، وتعبر عن بعض مواقفه الحياتية
داخل نفسه ووطنه بل تمتد لتعبر بصدق عن قضايا أمته .
ويبدو من
وضوح التجربة الشعرية لدي الشاعر حسن حجازي في ديوان ” وريقات من كتاب الشعر ”
التي ذكر فيها كل هذه الأماكن الوردة ، وارتباطها بالأحداث الجارية ليست مقصودة
لذاتها بل في علاقتها بتجربة الشاعر وتقوم بتشكيل الوعي بالذات الشاعرة، فالإنسان
العارف بالله الذي تأخذه السياحة في طلب المعرفة لا يقف عند المألوف من الأشياء
والأماكن، بل يبحث في مكنوناتها وتناقضاتها، وهذا ما حصل لنا مع الشاعر ، إذ يصور
هذه الأماكن المشكلة للوعي وكأنه يكتب سيناريو يمكن أن نحول من خلاله شعره إلى
فيلم طويل، ما دام يصدق فيما يرى مثل كاميرا موضوعية بعيدة عن تدخل الذات وتشظيها
قي واقع مؤلم وحزين.
وييبدو
أن كثرة التناص في شعر حسن حجازي تجعله يستعرض آفاق تجربة إبداعية متخلقة ، متخيلة
، مختلفة واضحة المعالم والرؤى في هذا السفر الإبدعي عبر القرآن الكريم والسنة
النبوية والسيرة النبوية والأحداث التاريخية ، فالشاعر استلهم لغته من معجم ديني
مواز لتجربته الشاعرة ومحيلا إلى أن الشعر يرقى عندما يرتبط بالمعرفة ، حيث يصور
الإنسان في أبهى تجلياته الإيمانية التي يحضنها الدين عقيدة وشريعة، ويزكي هذا
الحضور الديني النزعة الصوفية لدى شاعرنا من خلال التناص مع تجارب شعرية سالفة
الذكر في تراثنا العربي، كما يحضر التناص الشعري من خلال الرجوع إلى الشعر العمودي
و الشعر الحر وقد أصبح التناص في شعره جزءا لا ينفصل من لغته الشعرية وثقافته
واطلاعه علي تجارب الآخرين من رواد الشعر العربي والعالمي.
***
وريقة من كتاب الشِعر
البحرُ
من أمامِكم
والشِعرُ
من خلفِكم
فإما
الموتُ أو الكتابة
فأينَ
تذهبون؟
***
ما حرقتُ
سفيني
ولا
مزقتُ دفاتري
وإنما
أرسلتُ قلبي
خلسةً ..
لعلي أجد
قبساً من حب
أو جذوةٍ
من نار
أحرِقُ
بها زيفكم ..
فأينَ
تفرون؟
***
ما خنتُ
قلبي يوماً
وما
جَفوتُ قلمي
ربما هي
قسوة المُحِب
(
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ )
فأينما
كنتمْ .. نكون
وكيفما
كنتمْ … نكون
ومثلما
هُنْتُمْ … نهون !
***
الحرية
هي الزاد
وهي
العٍماد
فكم
قتَلنَا الزيفُ
والركضُ
خلفَ الكلمات
أما زلتم :
“..
في كلِ وادٍ تهيمون ؟”
***
غُلبِت
أمريكا
في أقصى
الأرض
كما ”
غُلِبَت الروم “
فَنُكِست
الأعلامُ
وتهاوي
المُبْطِلون!
***
ما بعتُ
وطني
وما
خلعتُ عمامتي
بقروش أو
مسمياتٍ
ما أنزل
الشِعر بها
من سلطان
وما
وقفتُ يوما
ببابِ ”
هامان “
ولا ”
فرعون ” .
***
هو صراطٌ
مستقيم
أرقُ من
النسيم
وأحد من
النصلِ المسنونْ
سأقفُ
عليهِ يوماً
وتقفون
“وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ “
***
يصلبني
قلبي لوقفةٍ
(وفي روايةٍ أخرى قلمي )
تعادلُ
يومَ الحشر
يوم أن
يضعوا قلبي
على
الميزان
ويتربصونَ
بهِ :
“ريب المنون”.
***
ما خنتُ
” ولادة “
وما
داهنتُ “جبران”
وما
نافقتُ ” شوقي”
وما
حفظِـتُ حرفاً
من شَعر
الأقدمين
إنما
سِرتُ
في ركابِ
المحبين
أتقلبُ
وحدي
على جمرِ
الكلماتِ
وعبثاً
تسرقني السنون .
***
ما باعَ
” عبدالصبور” ليلاه
وما
تركها وحيدة
تنتظرُ
المُلك أو المليك ,
إنما
نحنُ من تهنا
عن
الطريقْ
تتجاذبنا
الممالِك
وتلهو
بنا في غيها :
السُنون .
***
فطفنا
حولَ البابِ العالي
قرونا
وخنوعا
وميراثا
من سواد
ونارا ما
خبا جمرها
لم تزل
تصطلي
تحتَ
الرماد
ولم نزل
غرقى
نتخبط
بلا هدف
في بحارٍ
من ظنون .
***
مازالت ”
ولادة “
تنتظر فارسها
, بلا جدوى,
في سفره
الطويل
عبرَ
القرون !
***
البحرُ
بحركم
والشِعر
شِعركم
أما أنا
: فعابر سبيل
في رحلتي
عبرَ الدهور
أسعى
لبضعِ قطراتٍ
من
الرحيقِ المختوم
ربما
تشفع لي ولكم
في يومٍ
محتوم
فأين
أذهب؟
وأينَ
تَذهبون؟
***
”
جفت الأقلامُ
و طُويِت
الصحف “
ومازلنا
على الدرب
نسعى ..
فكيفما
كنتم .. نكون !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق