الأربعاء، 15 مايو 2019

حذار: “فشهرزاد تلاحقك”! بقلم : د. محمد الدعمي



د. محمد الدعمي
أزعم هنا بأن المرأة المسلمة لم تبرأ حتى اللحظة من مطاردة شبح “شهرزاد” لها، أي مذ ترجم كتاب (ألف ليلة وليلة)، الأكثر شهرة في العالم الغربي بعنوان (الليالي العربية)، إلى اللغات الأوروبية إذ لم يزل العقل الغربي عامة ينوء تحت أعباء (الليالي) و(المقامات) وما شاكلهما، بقدر تعلق الأمر بالصورة النمطية التي تركتها مثل هذه الدرر الفلكلورية في قعر العقل الغربي من مفاهيم (قد تكون خاطئة) مذاك حتى اللحظة.
ومن المؤسف أن نلاحظ توافق هذه الصورة النمطية مع صورة “شهرزاد” الحسناء المتخيلة، تلك المرأة المناورة والقادرة على تنويم “شهريار” مغناطيسيا بسحر حكاياتها المتداخلة حتى يغفو كل ليلة، ناجحةً في المحافظة على حياتها من “سادية” هذا الرجل المتجسدة في شخصية “شهريار” الذي لا يرويه سوى سفك دمها ودم امرأة كل ليلة لإشباع رغباته الشاذة السوداوية، حسب الحكاية التأطيرية الأساس التي تحتوي على حكاياتها العنقودية العديدة مشكلةً حال تمثل اللانهاية.
هذه بحد ذاتها حكاية طريفة للغاية، وقد تركت آثارها واضحة على العقل الغربي عامة: في صورة الإنسانة المسلمة القادرة على تنويم صاحب قرار قتلها مغناطيسيا إلى ما لا نهاية، درجة أن يبدو هذا الإنسان “السادي” الميّال لإراقة دماء النسوة رجلا مغفلا، بمعنى أن شهرزاد بقوة حيلتها تمكنت أن تستدرجه إلى غفوة كل ليلة بسحرها وسحر حكاياتها المتداخلة والمتسلسلة.
بل إن الغريب في آثار (الليالي) على العقل الغربي (وبواسطته على صورة المرأة المسلمة) يتجسد في الثقافة الشائعة: في السينما والمسرح والقصة (لاحظ رواية موعد في سامراء) وفي قصص الأطفال والأفلام المتحركة، بل وحتى في نشرات الأنباء، بدليل صور “نسوة داعش” المدججات بالمتفجرات كما تبثها التقارير الإخبارية التي تقدم المرأة، إنسانة بلا قلب، إنسانة قادرة على نسف نفسها سوية مع رضيعها، مستغفلة جميع الرجال. وهي صورة ملتوية ومشوهة للمرأة المسلمة، بكل تأكيد. لذا، علينا أن نقدم البدائل الإيجابية صورة الطبيبة والصيدلانية والقاضية والمعلمة والأستاذة والسفيرة والمستشارة بدائل لشهرزاد، بطلة الحكايات الفلكلورية الساحرة!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق