الثلاثاء، 28 أبريل 2015

الشارقة القرائي للطفل" يناقش حضور الأساطير في أدب الطفل


تستحوذ الحكاية الشعبية والأساطير على مساحة جيدة في أدب الطفل، لتشكل مصدراً لمجموعة الشخصيات والأبطال التي عادة ما تتضمنها قصص الأطفال، فما حققته هذه الحكايات من حضور في قصص الأطفال شكل محاور بحث في ندوة "الموروث والراهن" التي نظمتها، أمس الاثنين (27 ابريل) هيئة الشارقة للكتاب ضمن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان الشارقة القرائي للطفل الذي يقام حالياً في مركز اكسبو الشارقة ويختتم في 2 مايو المقبل.
حاول المشاركون في الندوة التي أدارها فؤاد قنديل، التمييز بين طبيعة الحكاية الشعبية والأساطير، وأكدوا على قدرة هذه الحكايات على تعريفنا بثقافة الآخر، في حين دعوا إلى ضرورة العمل على جمع الحكايات الشعبية الموجودة في الصدور وتوثيقها كونها تمثل جزءاً من التراث الانساني.
عائشة العاجل رئيس قسم الإعلام، في دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة، أشارت في مداخلتها إلى أن المكتبات تعج حالياً بالكثير من التي تتناول القصص العالمية، والتي يقبل عليها الطفل في العالم العربي، وقالت: "المشكلة أن هذه القصص لم تكن نتاج بيئة الطفل العربي الذي لم يتمكن من التعايش معها، ليبدأ بالبحث عن شكل اخر يشبهه، لنجد أن الطفل اصبح يكتب لنظيره". وعملت عائشة في ورقتها على التمييز بين الحكاية الشعبية والاسطورة. وقالت: "الفرق أن الحكاية الشعبية تقيم حدوداً فاصلة بين عالم الانسان وعالم القوى الخارقة وترتكز على هموم الانسان العادي، كما أن الحكاية الشعبية في صيغتها الاجمالية تنتمي إلى مرحلة متأخرة جداً بالقياس مع المرحلة التي تنتمي اليها الاسطورة، فهي تمثل ـ أي الحكاية الشعبية ـ وجهة نظر المجتمع المتطور الذي أقر بما يميزه عن الطبيعة"، وأشارت إلى أن البطل الانساني يمارس دوراً مهماً في الحكاية الشعبية على عكس الاسطورة التي نجد إنها نسيج آخر يبحث في ظواهر الكون وتتناول تنظيمه من قبل الالهة وتعالج مشكلاته الكبرى ولا تتعرض للإنسان إلا في سياق تبعيته للآلهة التي ترمز للقوى الكونية، فضلاً عن أنها تمثل نظرة المجتمعات القديمة إلى فكرة تشكل الكون. وقالت: "الحكاية الشعبية تتناول حقلاً محدوداً من اهتمامات الانسان الاجتماعية التي تمثل طموحاته والتي تكون في الاساس نتاجاً لاحتياجاته".
أما الكاتبة هولي ويب فتناولت الموضوع من واقع تجربتها الشخصية في التأليف والكتابة، وقالت: "أنا لم اؤلف كتباً مستلهمة من الأساطير بشكل مباشر، وانما حاولت في كتاباتي أن اقدم وصفاً خيالياً وفنتازياً لا يخرج عن الاجواء المعاصرة التي نعيشها، وبتقديري أنه من السهل جداً أن نجد مثل هذه الامور حولنا". وتابعت: "أعتقد أن معظم كتب الأطفال حالياً تعتمد على هذه الاساطير، وعبر البحث نجد أن معظم المواضيع التي قدمت كانت تختلف كلياً عن الاشياء والاحداث التي عشناها". وأضافت هولي ويب: "نحن أبناء التراث سواء اردنا ذلك أم لا، سواء تلك التي ورثناها عن اجدادنا أو الاساطير الاغريقية التي وصلتنا عبر التاريخ، وسنظل طوال الوقت أوفياء  لها، ولكن ذلك لا يمنع أن نكتب عن عالمنا المعاصر، والاستعانة بالتاريخ الذي يجب توظيفه ضمن حياتنا اليومية"، وأشارت إلى أنها كتبت ضمن قصصها عن حوريات الماء في فينيسيا، والتي تصورت انهن يخرجن من الماء لينثرن الجمال على ارصفة هذه المدينة الجميلة.
وعلى النسق ذاته، جاء حديث جوليا جونسون التي قالت: "أنا لست كاتبة أكاديمية وإنما كافة مؤلفاتي تأتي من القلب"، وأضافت: "في الحقيقة لدينا الكثير من الاساطير والقصص والخرافات والحكايات الشعبية، وبتقديري إنها تظل متجانسه على الرغم من اختلافها، لا سيما وأنه يوجد بينها قاسم مشترك يتمثل في أن كافة ابطالها دائماً ما يواجهون التحديات والمعوقات". وتابعت: "نحن نعيش حالياً في قرية صغيرة، ونتقاسم الكثير من القصص التي تسهل علينا التعرف على ثقافات الآخر ودياناته وكذلك شكله وطرق تفكيره، وعالمنا حالياً مليء بالقصص التي لم تكتب بعد، ولا تزال تعيش في نفوسنا وعقولنا، وأعتقد أنه حان الوقت لأن نوظف قدراتنا جميعاً في سبيل توثيق هذه الحكايات".
في المقابل، أشارت د. سعاد مسكين المتخصصة في النقد الادبي في مداخلتها إلى أن الحكاية الشعبية لعبت دوراً في تشكيل وعي الطفل وبناء شخصيته، معتبرة أن الحكاية الشعبية التي دأبت الجدات على سردها، تساهم في تشكيل جوهر وكينونة الطفولة البكر. وقالت: "لا يمكن فصل ما أسست إليه الحكاية الشعبية عن الذاكرة الجمعية التي خزنها الراوي الشعبي في ذاكرتنا عبر التاريخ، الأمر الذي يدعونا إلى اعتبار السرد الشعبي ممارسة واعية بالكتابة الموجهة للطفل، والتي بدأت ارهاصاتها في النصف الأول من القرن التاسع عشر، نتيجة عوامل انتشار التعليم واقتباس بعض الأعمال العالمية وترجمتها وانتشار الاعلام". ومن خلال ورقتها بينت د. سعاد مسكين أنها حاولت رصد مجموعة من الاعمال بدءاً من رفاعه الطهطاوي وحتى الان، لتصنفها ضمن ثلاث مراحل مختلفة، وقالت: "من خلال هذا التصنيف وجدت بأن مجموعة الاعمال هذه اسهمت معاً في انتاج نصوص حديثه تقوم على الاقتباس أو ترجمة نصوص عالمية أو تلخيص متون الحكايات الشعبية بشكل مبسط، بهدف محاكاة العمل الانساني العربي لكي يتعرف الطفل على تراثه وتاريخه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق