الخميس، 23 أبريل 2015

لا تثقوا بالولايات المتحدة : (17) كولومبيا : أكثر دولة تسحق حقوق الإنسان وأكثر دولة في العالم تحصل على المساعدات الأميركية


                بقلم  :         حسين سرمك حسن
                               2015
 تمهيد :
---------
في هذه الحلقة من سلسلة "لا تثقوا بالولايات المتحدة الأميركية" سأحاول التركيز على الخراب والدمار الذي سبّبته المخالب الشيطانية للولايات المتحدة الأميركية لشعب دولة أخرى من دول أمريكا اللاتينية هو شعب كولومبيا الذي قتلت شعبه واغتالت قياداته الشعبية وكوادره العلمية واستنزفت مقدراته وأحرقت أراضيه من خلال فرق الموت . ولكنني سوف أركّز أيضاً على ظاهرتين أخريين مترابطتين وخطيرتين هما :
أوّلاً : حقيقة الحرب على المخدرات التي تشنّها الولايات المتحدة في العالم وأمريكا اللاتينية عموما وكولومبيا خصوصاً.
وثانياً : حجم المساعدات الإقتصادية والعسكرية التي تقدّمها الولايات المتحدة وعلاقتها – كما تزعم – باحترام حقوق الإنسان.
وبالنسبة للولايات المتحدة فإنّها قد تصدّت لقيادة العالم الغربي وتدمير دول العالم الثالث المارقة بعد الحرب العالمية الثانية تحت غطاء محاربة "إمبراطورية الشر" ممثلة في الإتحاد السوفيتي في ظل ما سُمّي بالحرب الباردة منذ بداية الخمسينات وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي . وبعد هذا الانهيار المدوّي صار لزاماً على واشنطن أن تخلق عدوّاً جديدا تخيف به العالم وتدمّر دول العالم الثالث وتمتص ثرواتها من خلال التلويح بخطره . قال المجرم "كولن باول" وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق : إن الإتحاد السوفيتي الذي كان يمثل "امبراطورية الشر" لم ينته ، بل هو حاضر الآن في دول شريرة جديدة – يقصد كوريا الشمالية والعراق وليبيا وإيران وغيرها. ومع هذا العدو الجديد رفعت واشنطن شعار "الحرب على المخدرات" ، وهذا الشعار يشمل – في غالبية إجراءاته – دول أمريكا اللاتينية (خصوصا كولومبيا) لكونها من المصادر الكبرى لزراعة وتصدير المخدرات (الكوكا بشكل خاص). ومع هذين العدوّين ظهر متغيّر (أو تهديد جديد) تلوّح به واشنطن هو (خرق حقوق الإنسان) الذي ربطته بدول الشرّ من ناحية وبمساعداتها العسكرية والاقتصادية التي تقدمها لدول العالم ، بمعنى أن الولايات المتحدة ستوجّه كل جهودها العقابية والرادعة ضد الدول التي تخرق حقوق الإنسان ؛ وكتحصيل حاصل فإن هذا يعني أنّ الولايات المتحدة هي دائماً مع الديمقراطيّة وضد الديكتاتورية ، وبالتالي فإن مساعداتها يجب أن تتجه وكتحصيل حاصل أيضاً نحو الدول الديمقراطية وتقع عقوباتها على الدول الديكتاتورية . فلنراجع معاً هذه الشعارات الأمريكية البرّاقة بدقة وتأمّل من خلال "حالة كولومبيا" لنكشف من جديد كذب وسفالة هذه الدولة بصورة موضوعية محكمة .
# نبذة عن كولومبيا :
---------------------
تقع كولومبيا في الجزء الشمالي الغربي من قارة أمريكا الجنوبية. يحدها من الشمال البحر الكاريبي ومن الشرق فنزويلا والبرازيل ومن الجنوب بيرو و الإكوادور ومن الغرب بنما والمحيط الهادي ، وهي الدولة الوحيدة في أمريكا الجنوبية التي تملك سواحل على المحيط الهادئ والبحر الكاريبي.
غزاها الإسبان واستعمروها عام 1499 حيث أنشأوا غرناطة (أو جرينادا) الجديدة والتي تتبع التاج الإسباني ، وعاصمتها بوغوتا. حصلت على الاستقلال من إسبانيا عام 1819، ولكن مع حلول عام 1830 كانت كولومبيا الكبرى قد انهارت بانفصال فنزويلا والإكوادور. ما يُعرف الآن بكولومبيا وبنما كوّنت جمهورية غرناطة الجديدة (أو جرانادا). تم إعلان جمهورية كولومبيا عام 1886 ، وانفصلت عنها بنما – بمؤامرة من الولايات المتحدة لضمان إكمال حفر القناة الشهيرة والسيطرة عليها ، راجع حلقة بنما - عام 1903.
مساحتها 1,138,910 كم2 ، وعدد سكانها 46 مليون نسمة حسب احصاء 2008 (ثالث دولة في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل والمكسيك) .
وسياسيّاً مرّت كولومبيا بسلسلة متصلة من الحروب الأهلية المستعرة في كولومبيا والأنظمة العسكرية الديكتاتورية التي كانت تحظى برعاية ومساعدة الولايات المتحدة الأمريكية منذ انحلال كولومبيا الكبرى عام 1830 . فعلى سبيل المثال أسفرت انتخابات الرئاسة التي أثارت جدلاً كبيراً في عام 1945 عن انقسام شديد بين الأحزاب السياسية وأدت إلى أحداث عنف شديدة (1948 – 1957) أودت بحياة أكثر من 200000 شخص ! والأطراف الأربعة للجحيم الكولومبي الحالي تتمثل في :
المنظمات الثورية : القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك FARC) وجيش التحرير الوطني (ELN).
ميليشيات الموت وعلى رأسها اتحادات الدفاع الذاتي بكولومبيا (AUC).
عصابات الكوكايين (الإحتكارية) بمدينة مدايين.
الحكومة: وهي متهمة بتلقي الدعم من عصابات الكوكايين ، وبدعم الميليشيات وفرق الموت، بإشراف ومساندة الولايات المتحدة .
وهذه الحكومة تحصل على أعلى قدر من المساعدات والمعونات من حكومة الولايات المتحدة ، فكيف نفسّر ذلك ؟؟
# الولايات المتحدة لا تُساعد إلّا الدول التي تسحق حقوق الإنسان :
------------------------------------------------------------
 يقول المؤرّخ والمفكر "تشومسكي" :
( يظهر التزام الولايات المتحدة الراسخ بنشر الديمقراطية ومكافحة الديكتاتوريات ، ودفاعها الصلب عن حقوق الإنسان في ظاهرتين هامتين :
الأولى : أن العلاقة بين المساعدات الأمريكية والإساءة الفائقة لحقوق الإنسان أصبحت وثيقة جدا ، بحيث لم تعد هناك حاجة لدراستها أو تقصيها . كان يمكن دراستها في ستينات القرن العشرين وسبعيناته ، أما في ثمانيناته فقد أصبحت علاقة وثيقة وواضحة للغاية .
فقبل عشرين عاما أثبت ( لارس شولتز ) في دراسة واسعة وجود علاقة وثيقة بين المساعدات الأمريكية والإساءة إلى حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية حيث تستلم أفظع الدول في انتهاك حقوق الإنسان أعلى المساعدات . وإذا ألقيت نظرة على سجلات هيئة العفو الدولية بشأن التعذيب ، وعلى المساعدات الأمريكية الأجنبية فلسوف تجد العلاقة الوثيقة واضحة . وليس معنى ذلك أن الولايات المتحدة تفتش عن الدول التي تعذب مواطنيها لتقدم لها المساعدات ، ولكن لأن الشرط الأساس في بناء علاقة الولايات المتحدة بأية دولة هو تحسين المناخ الاستثماري حيث ترتفع المساعدات الخارجية حيث تتحسن فرص المستثمرين في استنزاف موارد بلد ما .
ولكن السؤال / المفتاح الذي يفرض نفسه هو :
كيف تتحسن فرص الاستثمار في بلد من بلدان العالم الثالث ؟
والجواب : إنه يتم من خلال قتل مسؤولي الاتحادات وزعماء الفلاحين ونسف البرامج الاجتماعية وغير ذلك ، وهنا تنشأ العلاقة الثانوية بين المساعدات وانتهاكات حقوق الإنسان الفاضحة . وفي عام 1981 أعد الاقتصادي "إدوارد هرمن" من معهد واردن (جامعة بنسلفانيا) دراسة تحدثت عن علاقة سببية بين الطَّغمة العسكرية وإيجاد «مناخ مناسب للأعمال» يتجلى أوتوماتيكياً بتصاعد القمع والتعذيب والاغتيالات وإرهاب الدولة وانتهاك حقوق الإنسان بأسوأ أشكاله الفاضحة. وكولومبيا الحالية هي النتيجة المباشرة لهذا النظام، وباعتبارها موطناً لمنظمات مافيا المخدرات بالتواطؤ النشط مع الصناعة الكيميائية الأمريكية ومع البرجوازية المحلية (المصارف والمصانع التي تجنى منها أرباح ضخمة) ومع العنف والعصابات فهي اليوم – مع تركيا في ذلك التاريخ - من بين الدول حيث حقوق الإنسان الأكثر انعداماً.
إلا أنه جرت العادة بشكل عام أن يُذكر هذان البلدان من قبل الإدارة الأميركية كنموذجين لتطبيق العقيدة الليبرالية الجديدة ، فمن الجدير إذن أن تستحوذا على الانتباه بشكل خاص. فكولومبيا مثلا كانت في العام 1999 أول وأكبر متلق للسلاح الأمريكي رغم أنها كان لها أسوأ سجل في حقوق الإنسان في نصف الكرة الأرضية ، ولكنها حصلت على مساعدات أمريكية أكثر من بقية الدول في نصف الكرة الأرضية مجتمعة . هذه المساعدات كانت تزداد كلما صارت " مذابح المناشير السلسلية " (مناشير ذات سلسلة تُقطّع بها فرق الموق رؤوس وجثث المواطنين) أكثر وحشية وترويعا – وهذه المذابح مطابقة لمذابح تقطيع الرؤوس والأجسام التي شهدها العراق بعد الاحتلال – وفي هذه المذابح كان الجيش الكولومبي - حين يدخل أي منطقة – فإنّه يقوم بتقطيع أجساد الناس إلى أجزاء بالمناشير السلسلية ويلقي بهم في حُفر . وقد ارتفع عدد الذين يُقتلون سياسيا من عشرة إلى عشرين شخصا يوميا . وبلغ عدد المطرودين من بيوتهم عشرة آلاف شهريا . إضافة إلى المليونين من المهجّرين .
وقد أدرك الجيش الكولومبي أنه سيُحاسب دوليا على هذه الجرائم ، فسلّم جرائم القتل إلى فرق الموت ، ( وتم قتل – والكلام لتشومسكي - ثلاثة آلاف شخصية بارزة على أيدي فرق الموت المرتبطة بالولايات المتحدة والمدعومة منها عسكريا) ، والجيش متعاون مع شركات أمريكية خاصة مثل شركة "دين كورب" و "مؤسسة الموارد المهنية العسكرية" ، وذلك لخصخصة جرائم الموت وإبعادها عن المحاسبة – نفس ما سيحصل  في العراق - وهذا ما أعلنه الرئيس الأمريكي المُسالم " بيل كلنتون " ممارس الجنس في حرم البيت الأبيض مصّاً وإيلاجاً بقوله : " حسنا ، أننا فقط نهملهم " .
يقول تشومسكي أنه تأكّد من جرائم الولايات المتحدة بنفسه عندما زار كولومبيا مثلما تأكّد من طريقة التبخير بالأسلحة الكيمياوية (مؤامرة التبخير سنتناولها بعد قليل). وقد أعلن كولن باول قائد الحرب العالمية الثالثة لتدمير العراق في عام 1991 ثم محتله القذر عام 2003 – "بأن كولومبيا لبّت معايير واشنطن لحقوق الإنسان" .
أما السبب الحقيقي لدعم أمريكا لنظام الموت في كولومبيا فهو " إصلاحاتها الاقتصادية " على الطريقة الأمريكية حيث سجّلت رقما قياسيا عالميا في الخصخصة ، أي بتسليم مواردها لمستثمرين أجانب ، ومن بين هذه الخصخصة ، خصخصة الإرهاب كما سنرى .
#  كولومبيا أكبر متلقٍ للاسلحة الأميركية والتدريب :
--------------------------------------------------
المستوى السنوي للقتل السياسي الذي تمارسه الحكومة الكولومبية والمنظمات شبه العسكرية غير القانونية يساوي مثيله في كوسوفو ، ووصل عدد اللاجئين أكثر من مليون ، ومع ذلك كانت البلد الرئيسي في نصف الكرة الغربي المتلقي للأسلحة الأميركية والتدريب. وكان كلنتون يمدح الرئيس الكولومبي "جافيريا - Gaviria " (سيزار أوغستو جافيريا الرئيس الثامن والعشرون لكولومبيا 1990 – 1994) الذي كان مسؤولا عن مستويات مُرعبة من العنف حسب منظمات حقوق الإنسان . لقد ولّد الفعل الأميركي تصعيد الفظائع .
# شيء عن مساعدات الولايات المتحدة لكولومبيا :
-------------------------------------------------
تتلقى كولومبيا مساعداتٍ عسكرية أميركية أكثر مما تتلقاه دول أمريكا اللاتينية والكاريبي مجتمعة، ووصل الرقم الكلّي لعام 1999 إلى حوالي 300 مليون دولار ، مع ستين مليون دولار مبيعات أسلحة ، وهي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه عام 1998 . وفي نيسان دعت إدارة كلنتون إلى تخصيص مبلغ 1,6 مليار دولار كمساعدة "طارئة" لحكومة كولومبيا "الديمقراطيّة" ! ، وتُعد "خطة كولومبيا" برنامجا حكوميا مدته سنتان يتكون من 5,7 مليار دولار من الولايات المتحدة ، وتقدّم أوروبا وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي 6 مليارات من اجل البرامج الاجتماعية والاقتصادية . ومن الملاحظات الغريبة على "خطة كولومبيا" هذه هو أنّها قد كُتبت باللغة الإنكليزية وليس بالإسبانية التي هي اللغة الرسمية .
# خطّة كولومبيا .. ومؤامرة الحرب على المخدّرات :
---------------------------------------------------
 تم تبرير خطة كولومبيا رسميا بحجة "الحرب على المخدرات" . أفادت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية أن جميع فروع الحكومة في كولومبيا مُتورّطة في فسادٍ يتعلق بالمخدرات . وفي تشرين الثاني من عام 1998 عثر مفتشو الجمارك وإدارة مكافحة المخدرات الأميركية على (415)  كيلوغراما من الكوكايين و (6) كغم من الهيروين في طائرة هبطت في فلوريدا مما أدى إلى اعتقال عدد من ضباط القوات الجوية والمتطوعين . وأفاد مراقبون آخرون بتورط ضبّاط الجيش الأميركي في التجارة . ورافعت زوجة العقيد "جيمس هايت" عن نفسها أمام القضاء بتهمة تهريب هيرويين من كولومبيا إلى نيويورك ، وبعد وقت قصير ، قيل أن العقيد "هايت" نفسه المسؤول عن القوات الأميركية التي درّبت قوات الأمن الكولومبية على "عمليات مضادة لتهريب المخدرات" كان من المتوقع أن يرافع ضد اتهامات بالاشتراك في التهريب .
وتصرح الميليشيات علنا بأنها تعتمد على تجارة المخدرات بنسبة 70% من التمويل كما صرح "كارلوس كاستانو" قائد أكير مجموعة وحشية من الميليشيات ، لكن الهجوم المُموّل من أمريكا يبقى بعيدا عن مناطق إنتاج المخدرات التي تسيطر عليها الميليشيات . إن "خطة كولومبيا" في الحقيقة هي خطة تدعو لتغيير اجتماعي داخلي لدمج كولومبيا في نظام عالمي بحسب ما تريده الولايات المتحدة ، تهيمن عليها نُخب مرتبطة بمصالح القوة الأميركية تمنح مدخلا إلى ثروات كولومبيا المهمة وبينها النفط .
لكن لماذا يزرع الفلاحون الكوكا ؟
بسبب تهجيرهم من قبل كبار الملاك والسياسة الاقتصادية السيئة التي اتبعتها الحكومة ، حيث بدؤوا باستعمار الغابة الأمازونية الكولومبية في الخمسينات ، ووجدوا الكوكا المُنتج الوحيد السهل ، والسريع ، والمُربح . وازدادت الضغوط بعد أن أسّس الإقطاعيون ميليشيات لانتزاع الأرض بالقوة من الفلاحين فسيطر المهرّبون على الكثير من أراضي كولومبيا الخصبة . كما أن قوات مكافحة المخدرات لا تهاجم التجار والمالكين الكبار بل صغار الفلاحين . ويصحّ الشيء نفسه على الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية التي استخدمتها الولايات المتحدة برغم اعتراض الجمعيات الزراعية لأنها تضاعف المخاطر على السكان المدنيين والبيئة وتدمّر المحاصيل الشرعية كاليوكا والموز ومصادر المياه والمراعي والمواشي وجميع المحاصيل المتضمنة في برامج استبدال المحصول وبينها المشاريع التنموية المؤسَّسة جيدا والتي تديرها الكنيسة والتي هدفت إلى تطوير بدائل لانتاج الكوكا . كانت الولايات المتحدة تصر على برامج تدمير المحاصيل بدلا من استبدال المحاصيل ، وقامت بتجريب علني لـ " فِطْر " خاص جرّبته في البيوت الزجاجية وإذا به يخفض انتاج الكوكا ، لكنه قضى أيضا على كثير من المحاصيل التقليدية وبينها الموز والكاكاو والبن والذرة وأعشاب الليمون وغيرها . ولكن مسؤولي الحكومة الأميركية يعتبرون هذه التهم لا أساس لها . وهناك عامل آخر وهو أن كولومبيا كانت مُنتجة " قمح " رئيسية ، لكن دمّرَتْ هذا الإنتاج في الخمسينيات مساعدات "الغذاء مقابل السلام" ، وهو البرنامج الذي قدّم معونات دافعي الضرائب الأميركيين إلى اصحاب المشاريع الزراعية الأميركية ، وأقنع بلداناً أخرى أن "تصبح معتمدة على الولايات المتحدة من أجل الطعام" . وقبل عام من إعلان الرئيس "بوش" - بجعجعة كبيرة - "الحرب على المخدرات" ، عُلّقت اتفاقية البن الدولية بضغط من الولايات المتحدة ، على أرضية انتهاكات تجارية "مُموّهة" وكانت النتيجة هبوطا في الأسعار وصل إلى أكثر من 40% في غضون شهرين لمورد كولومبيا القانوني الرئيسي . اي أن الفلاحين وُضِعوا في موقف إما زرع الكوكايين أو الموت !! وستركز الولايات المتحدة على العمليات العسكرية لتفيد الصناعات التقنية العالية التي تنتج عتادا عسكريا وترسخ سلطة شركة "أوكسيدنتا بتروليوم" التي تملك استثمارات ضخمة في كولومبيا . فوق ذلك تقضي سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن تفتح البلدان حدودها لطوفان من المنتجات الزراعية من الدول الغنية ، وهذا يدمّر زراعة البلدان في أمريكا اللاتينية ؛ كولومبيا هنا بدرجة أكبر . أما المُهجّرون فإما ينتقلون إلى أحياء الفقراء البائسة ويكونون أيدي عاملة رخيصة لمصلحة الشركات الأجنبية ، أو تصدر لهم تعليمات بأن يكونوا "مزارعين عقلانيين" ينتجون لسوق التصدير ويبحثون عن اسعار أعلى ممثلة في "الكوكا والحشيش والأفيون" . وبعد أن يتعلموا الدرس تكون مكافأتهم هجوم بالمروحيات الأميركية وتدمير حقولهم بالحرب الكيمياوية والبيولوجية التي تشنها واشنطن .
# مؤامرة التعثين الأمريكية :
----------------------------
ثمّ تأتي "مؤامرة التعثين" كما يسمّيها لكولومبيون . إن عمليات "التعثين – fumigation" أو التبخير ، هي تطهير المكان الزراعي المقصود بتعريضه للدخان أو الغاز ، وهي العملية التي تقوها وتنفذها الولايات المتحدة في كولومبيا. كانت هذه العمليّة "العلمية" تستهدق تهجير المواطنين من مواطنهم عبر حرب كيمياوية . ولم توافق الحكومة على مقترحات الفلاحين ونشطاء حقوق الإنسان وسكان المقاطعات الجنوبية على الاقتلاع اليدوي لنبتة الكوكا والخشخاش ، وتقديم الدعم للمزروعات البديلة ؛ لم توافق ، وتم تسميم التربة من جراء التعثين ، ومات الأطفال ، وقاسى ضحايا التهجير المرض والضيم ، ودُمِّرت تقاليد الزراعة . ومع رحيل الناس تسنّى للشركات الأجنبية التنقيب واستخراج الفحم والبترول ، أو زراعة محاصيل  التصدير محل مزارع البن فشردت آلاف الفلاحين وتسببت في موت الآلاف . وعمليات التعثين تتولاها شركات أمريكية خاصة مؤلفة من ضباط عسكريين أميركيين بموجب عقود موقعة مع البنتاغون . 
# عام 1999: مجازر أمريكية متواصلة من كولومبيا إلى كوسوفو:
--------------------------------------------------------------
في الأشهر الأولى من عام 1999 بينما كانت ترتكب مجزرة كل يوم في كولومبيا ، كان هناك ازدياد في المجازر في "تيمور الشرقية" قامت بها فوات الكوماندوز الأندونيسية التي درّبتها وسلّحتها أمريكا . في مجزرة واحدة ارتُكبت في كنيسة في ليكويكا في 6/4/1999 يعتقد المحققون الغربيون أنه تم قتل 200 – 300 شخص . ولم تُعرف القصة كاملة لأن الولايات المتحدة رفضت طلب بعثة الامم المتحدة للفرق الجنائية على عكس ما حدث في كوسوفو التي عجّت بالمحققين على الفور في محاولة للعثور على جرائم حرب تُستخدم كتبرير لقصف الناتو الذي أدى إلى هذه الجرائم بمنطق خادع .
في كولومبيا ايضاً كان الناشطون البارزون في حقوق الإنسان يواصلون الهرب خوفا من القتل ، عدة نقابيين عماليين يُقتلون كل عام ، من قبل الميليشيات التي تدعمها الحكومة ، التهجير القسري زاد في 1998 20% على نسبة 1997 ، وازداد ثانية في 1999 . وتمتلك كولومبيا أضخم عدد من المهجّرين بعد السودان وأنغولا . مدحها كلنتون بأنها ديمقراطية بارزة – كما قلنا - وفيها تم اغتيال 3000 ناشط من حزب الإتحاد الوطني الحزب الوحيد المناهض للسلطة فاضطر إلى اللجوء للنضال السرّي لحماية أرواح أعضائه . كان بين الناشطين الذين تمّ اغتيالهم : مُرشّحون رئاسيون ورؤساء بلديات ومشرّعون . الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية سيّئة جدّا ويُرثى لها في بلد فيه كمٌّ هائل من الثروات. تتمركز الأراضي بيد قلة ، وأصبح أكثر سوءا بعد "الإصلاحات الليبرالية الجديدة" في التسعينات التي فرضها البنك الدولي. تركّزت السلطة بيد دائرة صغيرة من التكنوقراط هم في النتيجة مساعدو واشنطن. أدّت المعجزة الاقتصادية التي بشّرت بها الولايات المتحدة ونفذّها البنك الدولي إلى أن يعيش 55% من سكان كولومبيا تحت خط الفقر . وأهم اسباب العنف تحويل الجيوش النظامية إلى فرق مضادة للتمرد وقامعة للحركات الشعبيّة ،  وفق عقيدة الأمن القومي التي صاغها "جون كنيدي" ، فتهتم الجيوش بالعدو الداخلي من خلال فرق الموت التي تقتل أعضاء نقابات العمال والناشطين (راجع الحلقات السابقة)  . أرسل جون كنيدي بعثة عسكرية إلى كولومبيا عام 1962 ، برئاسة جنرال قوات خاصة "ويليم باربورو" قامت بتدريب الجيش الكولومبي على سبل الإرهاب وليس الدفاع عن البلاد. وقد اعترف "شارل كيشلنغ" المسؤول الأسبق عن برنامج الحرب ضد العصابات أيام رئاسة "كيندي" و "جونسون" بأنه لم يعد يكفي منذ ذلك الحين تحمُّل «جشع ووحشية العسكريين في أمريكا اللاتينية» ولكن انتقلنا معهم إلى «شراكة مباشرة». إن الأساليب التي استخدمها العسكريون المدربون من قبل الأمريكيين لم تقل شراسة عن «أساليب فرق التصفية لـ "هنريش هملر» السفّاح النازي المعروف. هذه المقارنة ليست بسبيل المصادفة لأن الولايات المتحدة استقبلت حينها القادة السابقين للنازية الذين ساعدوا في إعداد كراسات التدريب (راجع الحلقة الخاصة بتحالف الولايات المتحدة مع هتلر). وقد دأب معاونون في البيت الأبيض أمثال "روبرت مكنمارا" على تطبيق الأساليب المقترحة من أجل أبعاد «كل من يمكنه أن يهدد الأمن الداخلي» لدول أمريكا اللاتينية. وصار تجريم الإحتجاج الاجتماعي أهم سبب لانتهاك حقوق الإنسان، واعتبر مسؤول عسكري الخطر الحقيقي هو الحرب السياسية والنفسية التي تشنها الدولة من أجل السيطرة على العناصر الشعبية من خلال النقابات والجامعات ووسائل الإعلام.
# الديكتاتوريون أحباء الولايات المتحدة :
----------------------------------------
في كولومبيا مدح كلنتون الرئيس "سيزار جافييرا" وهو ديكتاتور مُحبّب – كالعادة - إلى قلوب رؤساء الولايات المتحدة الديمقراطيين . وتقرير منظمات مراقبة حقوق الإنسان يشير إلى أن كولومبيا في ظلّ هذا الديكتاتور هي اسوأ دولة في نصف الكرة الغربي في مجال حقوق الإنسان، وإلى تفشّي مستويات بالغة للعنف . ومنذ عام 1986 قُتل – كما قلنا سابقاً - أكثر من 30000 شخص لأسباب سياسية سقط اغلبهم على يد الجيش والشرطة الكولومبية والعصابات المرتبطة بهما وتجار الألماس ، وعلى يد "فيكتور كارانزا" أكبر تاجر مخدرات في الدولة . ولقي أكثر من 1500 شخص من حزب المعارضة حتفهم سواء أكانوا زعماء أم أعضاء أم مناصرين منذ تأسيسه عام 1985 .
ثم يأتي الرئيس "كلنتون" ليعلن أن انتخابات آذار من عام 1994 قد عبّرت عن "الديمقراطية المستقرة" التي ينشدها في كولومبيا ، في حين أنها ديمقراطية اشترى فيها تاجر الكوكايين الشهير "كالي" اصوات الناخبين .
# قمع الشعب بقانون تجريم التظاهر ، وذبحه بشعار "الحرب على المخدّرات" :
--------------------------------------------------------------
لقد كانت الحرب تُشن على المعارضة تحت غطاء "الحرب على المخدرات" ، في حين كانت قوات الأمن الحكومية وما يتبعها من عصابات تشترك في تجارة وتهريب المخدّرات . إن اعتبار "تجريم التظاهر الشعبي" واحداً من العوامل الاساسية التي يسّرت سُبل انتهاكات حقوق الإنسان على يد سلطات الجيش والشرطة حسب اللجنة الكولومبية للتغلب على العنف . كانت الشرطة في مقدمة صانعي العنف ، وكان عام 1992 اسوأ الأعوام - منذ الخمسينات - حيث قُتل مئات الآلاف بدعم وتأثير الولايات المتحدة. اقترفت فرق الموت عمليات الإختفاء والتعذيب والاغتصاب والمذابح الجماعية تحت مبدأ "العقاب الجماعي" . بين آب 1992 وآب 1993 ، قُتل 217 من نشطاء المعارضة . وكان "التطهير الشعبي" أحد مشاريع قوات الأمن ، وذلك عبر اغتيال المُشرّدين والعاطلين وأطفال الشوارع وفتيات البغاء والشواذ جنسيا وغيرهم من غير المرغوب فيهم . قالت وزارة الدفاع الكولومبيّة "إنّ هؤلاء اشخاص لا فائدة منهم ، وغير قادرين على الإنتاج" (وهذه فكرة نازيّة اصلاً طربت لها الولايات المتحدة). تفشّى القتل أيضا دعماً لتجارة بيع الأعضاء البشرية ، حيث يُقتل الأشخاص وتُقطّع جثثهم للبيع في السوق السوداء حسب تقارير منظمة العفو الدولية .
# قوّات الأمن الكولومبية تبتكر طريقة جديدة للتجارة بالأعضاء البشرية :
-----------------------------------------------------------
في كولومبيا طُبّقت فكرة جديدة في تجارة الأعضاء البشرية حيث يقوم رجال الأمن الذين يحرسون إحدى المدارس الطبّية بقتل الناس وبيع جثثهم للمدرسة لتُستخدم في الأبحاث التي يجريها الطلاب . وتشير التقارير إلى أن أعضاءهم القابلة للبيع في السوق السوداء يتم استئصالها قبل قتلهم . تُرتكب هذه الممارسات التي لا تكاد تشكل شيئا من أسوأ سجلات حقوق الإنسان في القارة كلها ، على يد قوات الأمن التي طالما استفادت من التدريب والإمداد الأمريكيين ، والتي صارت الآن من أكبر متلقي المعونات الأمريكية . ويُعتبر القساوسة والناشطون النقابيون والقادة السياسيون وغيرهم ممن يحاولون الدفاع عن الفقراء وتشكيل التعاونيات ، أهدافا رئيسية للقتل والتشويه والتعذيب ، ويوصفون بأنهم "هدّامون" نتيجة معارضتهم النموذج الإقتصادي الليبرالي الجديد المطبّق وفق تعليمات الولايات المتحدة والبنك الدولي .
وتلاحظ منظمات حقوق الإنسان تشابه النموذج الكولومبي مع نظيريه في السفادور وغواتيمالا ، فالمبادىء التي قدّمها المستشارون والمدرّبون الأميركيون لأنظمة هذه الدول يمكن تتبع تاريخها إلى الفترة النازية . وحظيت كولومبيا بدعم المرتزقة البريطانيين والألمان و"الإسرائيليين" الذين قاموا بتدريب السفّاحين وأدّوا الخدمات لتحالف تجّار المخدّرات والإقطاعيين والعسكر، وذلك في حربهم ضد الفلاحين والنشطاء الشعبيين.
# الولايات المتحدة تحمي أشرس السفّاحين الكولومبيين
حالة السفّاح "لويس بيسيرا" أنموذجا :
-----------------------------------------------------
وفّرت الولايات المتحدة الحماية والملاذ الآمن لأكثر السفّاحين في أمريكا اللاتينية من الجنرالات وفرق الموت ، على العكس مما تدّعيه من مزاعم مكافحة الإرهاب ومحاكمة من يقتلون الإنسان . ووفق هذه القاعدة كانت الولايات المتحدة الملجأ الذي يفر إليه السفّاحون القتلة لينعموا بالراحة والأمان وأيديهم ملطّخة بدماء الشعوب المسكينة المطالبة بالخبز والحرّيبة . حصل هذا مع العشرات من الجنرالات وأعضاء فرق الموت في دول عديدة من دول أمريكا اللاتينية ومنها كمبوديا . وقد ذكرنا حالات من هذا النوع في الحلقات السابقة ، وسوف نذكّر الكثير منها في الحلقات المقبلة . وفي هذه الحلقة سنشير إلى واحدة من الحالات التي وفّرت فيها الولايات المتحدة الحماية والماذ الآمن لأشرس السفّأحين في كولومبيا وهي حالة الرائد "لويس فيليب بيسيرا".
فالرائد "لويس فيليب بيسيرا" المتهم بالمسؤولية عن العديد من المذابح من قبل المحكمة المدنية ، تمكّن من الهرب من الدولة في ظل تهديد بالقتل بعد أيام من الإفراج عنه بكفالة . لكن التهديد بالقتل لم يُنفّذ لأن "بيسيرا" كان يتلقّى تدريبا عسكريا في الولايات المتحدة للترقي إلى رتبة عقيد . وبعد عودته من الدورة التأهيلية عُيِّن بيسيرا رئيسا لشعبة الإعلام والعلاقات العامة في الجيش ،على الرغم من توصية النائب العام للقوات المسلحة بفصله من الخدمة عقابا له على مشاركته في مذابح الفلاحين . وفي أبريل 1996 تم إسقاط التهم عنه بضغط خفي من الولايات المتحدة . وفي أكتوبر اتُهم من جديد بالتورّط في مجازر ضد المدنيين العُزل .  وتحت ذريعة مقاتلة المتمردين نفّذت القوات المسلحة التي كانت تحت أمرته عمليات لقتل عشرات الأشخاص في المناطق الريفية ، وكان الضحايا مرة أخرى مدنيين عُزلاً ، كما قامت هذه القوات باغتصاب النساء وتعذيبهن ، وذلك بشهادة مواطنين في المنطقة التي شهدت العمليات .
هكذا استمر هؤلاء المجرمون يفلتون من العقوبة ، وبشكل منتظم ، والنتيجة أن القصص في دول أمريكا اللاتينية متشابهة ، سواء في أمريكا الوسطى أو هاييتي أو البرازيل وفي أي مكان وصل إليه "مبدأ مونرو" (عن مبدأ مونرو راجع الحلقات السابقة). وكذلك في الفلبين وفي إيران الشاه . وكل ذلك يعود إلى مبادىء أقرّها جون كنيدي عام 1962 – كما قلنا مرارا - لتحويل جيوش أمريكا اللاتينية من خيار "الدفاع عن البلاد" إلى "الأمن الداخلي" بهدف مقاتلة "العدو الداخلي" الذي يُقصد به القوى المحلّية التي تقف في مواجهة الولايات المتحدة وعملائها . وقد علت وتيرة الحرب ضد "العدو الداخلي" في كولومبيا في الثمانينات ، وذلك مع تحديث "رونالد ريغان" لمبدأ جون كنيدي. وفي عام 1988 تم تبنّي نظام قضائي جديد في كولومبيا يتيح "التجريم الأقصى للمعارضة السياسية والشعبية" .
# أدوات التعذيب في كولومبيا توفّرها الولايات المتحدة إ
الولايات المتحدة تتواطأ مع تجّار المخدّرات ! :
----------------------------------------------------
وفي تقريرها لعام 1993 لاحظت منظمة حقوق الإنسان أن أغلب المواد المستخدمة في التدريب والتعذيب التي يستعين بها الجيش والشرطة في كولومبيا تأتي من الولايات المتحدة . ولبّت الولايات المتحدة طلب كولومبيا بنصب نظام راداري لمراقبة طيران تجّار المخدرات فنصبته الولايات المتحدة بعيداً عن ممرات طيران هؤلاء التجّأر ، وقريبا من حدود نيكارغوا لمراقبة الأخيرة في الحرب التي شنتها واشنطن عليها .
بين عامي 1984 إلى عام 1992 تمّ تدريب (6844) جنديا كولومبيا خصوصا في فترة الأعمال الإجرامية وكان البرنامج التدريبي الأكبر وبثلاث مرات من السلفادور . وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه "في كولومبيا نظام ديمقراطي لا ينتهك حقوق الإنسان" . بعد ثلاثة أشهر أعلن تقرير للأمم المتحدة أنّ : 140 عصابة في كولومبيا يموّلها تجار المخدرات وبعض الإقطاعيين ينسّقون مع الجيش والشرطة .. القتل يجري في هذه المناطق بتغطية الجيش .. وثبت أن الكل يهرّبون المخدرات . النصف الأول من عام 1988 شهد مقتل 3 آلاف شخص لأسباب سياسية من بينهم (273) تم تفتيتهم في معسكرات "التطهير الشعبي" .
بلغ معدل القتل السياسي ثمانية أشخاص يوميا ، بواقع سبعة يُقتلون في بيوتهم ، وواحد "يختفي" في الشارع العام . وأغلب الذين اختفوا كانوا من قادة الاتحادات الزراعية وسياسين يساريين، قُتل (1500) منهم في الوقت الذي أصدرت وزارة خارجية الولايات المتحدة فيه بيانها بدعم كولومبيا "الديمقراطية" !! .
حملة انتخاب عمداء المدن عام 1988 اغتيل فيها (29) من أصل (87) مرشحا من المعارضة ، وقُتل أكثر من (100) من مرشّحيها على مقاعد المجالس المحلية ! اتحاد العمال تشكّل عام 1986 ، وفقد أكثر من (230) عضواً وُجد أغلبهم مقتولاً في أعقاب تعذيب وحشي !
# كولومبيا "ديمقراطية بلا شعب"
الولايات المتحدة الديمقراطية ترحّب بقانون تجريم التظاهر في كولومبيا :
----------------------------------------------------------
التجريم الأقصى للتظاهر والنشاطات النقابية والفكرية والسياسية المعارضة ، والحرب على "العدو الداخلي" رحّبت به الولايات المتحدة . ومنذ عام 1988 وحتى مطلع 1992 ، تم اغتيال (9500) شخص لأسباب سياسية إضافة إلى اختفاء (830) آخرين وارتكاب (313) مجزرة (هذه هي المجازر الأخيرة بين عامي 1988 و1990 فقط) ، وكل ضحايا هذه المجازر كانوا من الفقراء والفلاحين . كان الجيش - بشهادة السكان - يستخدم أسلوب الأرض المحروقة ، ويغتال الرجال والنساء والشيوخ والأطفال . والولايات المتحدة كانت تزداد إصراراً على أن تصف كولومبيا بأنها دولة تحترم حقوق الإنسان !! . مع كلنتون عام 1994 زادت المساعدة لكولومبيا 12% . وفي عام 1997 قفزت المساعدات الأميركية لكولومبيا من 50 إلى 290 مليون عام 1997 .
# السياسة الإقتصادية للولايات المتحدة في كولومبيا سبب الإرهاب:
----------------------------------------------------------------
"المعجزة الإقتصادية" التي طبّلت لها الولايات المتحدة ونفّذ سياساتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أنتجت ثراءً فاحشاً للأقلية وبؤساً ساحقاً للأكثرية . في كولومبيا 3% من السكان يمتلكون 70% من الأراضي الزراعية في وقت يعمل فيه 57% من الفلاحين الفقراء تحت إمرة هذه النسبة من الأثرياء . وبالمثل، 40% من الكولومبيين يعيشون في "فقر مدقع" غير قادرين على تلبية الاحتياجات الحياتية، بينما 18% يعيشون في "بؤس شامل" غير قادرين على تلبية الحد الأدنى من الغذاء اليومي ، وذلك بحسب لجنة الإحصاء القومي عام 1986 . كما قدّر المعهد الكولومبي لرفاهية الأسرة بأن 4,5 مليون طفل دون سن الرابعة عشرة يعانون من الجوع ، وهو يعادل واحداً من كل طفلين ، وذلك في ظل تفاخر الولايات المتحدة بـ "أنتصار الرأسمالية في كولومبيا التي هي واحدة من أكثر دول أمريكا اللاتينية انتعاشا في أوضاعها الإقتصادية" كما تقول تقارير البنك الدولي . كولومبيا " ديمقراطية بلا شعب " هذا هو الوصف الدقيق لحالها كما قلنا . صارت الدولة "سجنا كبيرا" والديمقراطية للأقلية الثرية .
# شركة بوش للفواكه المتحدة تذبح العمال الكولومبيين :
-----------------------------------------------------
شركة يونايتد فروتس (كما قلنا في الحلقة الخاصة عن غواتيمالا) تأسّست عام 1899 وتسيطر على دول ومقاطعات سُمّيت بـ "جمهوريات الموز" مثل : هندوراس وغواتيمالا وكوستاريكا وكولومبيا وغيرها. كانت هذه الشركة مسؤولة عن مجازر عديدة أشهرها مجزرة الموز عام 1929 التي قُتل فيها أكثر من ألف عامل كولومبي . الشركة مُتهمة أيضاً بتمويل وتدريب وتسليح منظمات إرهابية في عدة دول في امريكا الوسطى منها كولومبيا . وبرغم الأدلة القاطعة يرفض القضاء الأمريكي النظر في ذلك أو تسليم المسؤولين عن الإرهاب.
# معجزة التنمية الأمريكية : الجريمة في كولومبيا .. أخطر بلد في العالم  :
-------------------------------------------------------------
تُعد كولومبيا من الدول الأكثر خطرا في العالم من الناحية الأمنية، حيث بلغت نسبة جرائم القتل لعام 2012 أرقام خيالية بلغت 14 ألف جريمة قتل وهو ما يشكل 31 حالة لكل مئة ألف نسمة مسجلة لدى السلطات الأمنية، إلا أن هذا الرقم قد يكون أكثر بكثير من الواقع حيث أن العديد من جرائم القتل لا يتم إبلاغ السلطات عنها فيما يعرف بحروب المخدرات والتصفيات بين تجار المخدرات حيث يموت الآلاف سنويا.
# من اعترافات قرصان أمريكي اقتصادي :
----------------------------------------
يقول "جون بركنس" صاحب كتاب (الإغتيال الاقتصادي للأمم : اعترافات قرصان اقتصادي) :
(إحدى أهم الخدمات التي بعناها لكولومبيا في أواخر القرن العشرين كانت الاستشارات الهندسية والإنشائية . كانت كولومبيا نموذجا لكثير من الأماكن التي عملتُ فيها . وقد كان من السهل نسبيا إبراز أمكانية هذا البلد على استيعاب كمّ هائل من الديون ثم إعادة دفعها من عائدات المشروعات نفسها وكذلك من عائدات ثرواتها الطبيعية . وهكذا تم توضيح استثمارات في إنشاء محطات توليد الكهرباء والطرق السريعة ووسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية لتتمكن كولومبيا من استخراج مخزونها الكبير من البترول ولتتمكن من تطوير المساحات الهائلة من غاباتها الأمازونية . في المقابل سيتولّد عن تلك المشروعات ناتج ضروري لسداد القروض وفوائدها .
تلك كانت النظرية . على أية حال ، اتشق الواقع مع أغراضنا الحقيقية في جميع أرجاء العالم ، والتي تكمن في استعباد كولومبيا لتنضم إلى امبراطوريتنا العالمية . وكانت وظيفتي ، كما هي الحال في كثير من الأماكن ، أن أسهم في جعل البلاد تقترض أقصى ما يمكن من القروض . لم يكن في كولومبيا شخص مثل عمر توريخوس ليكبح من مخططاتنا ، ولذلك شعرت أنه ليس لدي خيار سوى أن أزيد عمليات التضخم المالي وتوقعات الأحمال الكهربائية . وفي أثناء سبعينات القرن العشرين ، حصلت شركة "مين – Main" التي أعمل فيها على عدد من العقود لتنمية مشروعات مختلفة للبنية التحتية ، تشمل شبكة مرافق مولدات طاقة كهربائية زأنظمة توزيع لنقل الطاقة من العمق في الغابات إلى المدن المرتفعة في الجبال . ومد الكهرباء لن يساعد إلّأ قلة من الناس هم الكولومبيون الأثرياء ، وبضعة آلاف سيموتون بسبب تسمم السمك والماء ، بعدما ننهي بناء سدّنا هناك .

# كل شركة أميركية لديها جناح عسكري يقتل ويذبح المعارضين :
--------------------------------------------------------------
في كولومبيا ، حاول الأهالي إيقاف المشروعات الأمريكية في أراضيهم. هم يعلمون بفساد الحكومة وبأن المشروعات التي تُقام هي مشروعات لخدمة رجال الأعمال لتزيدهم ثراءً على حساب الفقراء الذين سيتعرّضون لضياع بيوتهم وأراضيهم التي ستُقام عليها المشروعات التي تنفّذها الشركات الأمريكية.
الشيء الطريف في الموضوع ، والذي لم نذكره بعد ، أن كل شركة من هذه الشركات الأمريكية العملاقة تضم تحت لوائها شركة أو أكثر من شركة للخدمات العسكرية، وهو تعبير أنيق بديل لكلمة " مرتزقة " . على سبيل المثال شركة (كى بى أر) للخدمات العسكرية تابعة لمجموعة "هاليبرتون" العابرة للقوميات الشهيرة التي تضم شركات بترول ومقاولات عملاقة والتي يرأسها "ديك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي (راجع الحلقة الخاصة ببنما) .
هؤلاء المرتزقة هم أشخاص غير أمريكيين، أستراليين وأفارقة وأشخاص من جنسيّات متعددة، لا يدفعون ضرائب – وبالتالي هم غير مُسجّلين في السجلات الأمريكية – ويقومون بأعمالهم علي أراضي غير أمريكية ، وبالتالي فإن الكونجرس أو أي هيئة قضائية أمريكية لا يمكنها محاسبتهم على ما يفعلونه. هؤلاء المرتزقة يقومون بعمليات الإغتيال و الإرهاب والقمع لكل أشكال المعارضة الشعبية للمشروعات التي تقوم بها الشركات الأمريكية خارج أمريكا وخصوصا في بلدان أمريكا اللاتينية ومنه كولومبيا.
حين حاول الكولومبيون التصدي لهذه الشركات تدخل المرتزقة. ولكي يرد الكولومبيون هجوم هؤلاء المرتزقة لابد لهم من مال و سلاح و تدريب علي السلاح. وليحصل الكولومبيون علي المال إنتشرت تجارة و زراعة المخدرات في كولومبيا. بالطبع إستمر البعض في هذه التجارة كمصدر للثراء و تحول الأمر إلي مافيا كما يظهر في الأفلام الأمريكية إلا أن جانبا ضخماً من هذه التجارة بدأ و إستمر لتمويل حركات التحرر من سيطرة الشركات الأمريكية.
وليحصل الكولومبيون على السلاح والتدريب على إستخدام السلاح، إضطر الكولومبيون لتكوين علاقات مع منظمات إرهابية. هم لا يريدون الإرهاب لأسباب أيديولوجية ، بل يريدون فقط أن يحصلوا على سلاح و تدريب على إستخدام هذا السلاح لمواجهة مرتزقة الشركات الأمريكية، إلا أن هذه الحقيقة لا تُذكر في التقارير التي تُنشر عن علاقة الكولومبيين بالمنظمات الإرهابية.
بإختصار، أدّى وجود الشركات الأمريكية إلي إيجاد وضع خاطيء أدّى الى المزيد من الأوضاع الخاطئة في متوالية هندسية لا تبدو لها نهاية.
هذه إحدي قصص الإمبريالية الأمريكية الشنيعة.
وإذا تتبعت كل مجاعة وكل حرب أهلية، كل انقلاب، فلا ريب ستجد طرفا من خيط يدلك في النهاية عن المصالح الأمريكية.
# كولومبيا : إحصائيات موت جديدة من منظمات حقوق الإنسان :
--------------------------------------------------------------
الجيش الكولومبي الذي سلّحته ودرّبته الولايات المتحدة ، وفرق الموت التي يشرف عليها ضبّاط ومدرّبون أميركيون جعلت البلاد جحيما . ففي كل عام يفر (300000) شخص من اللاجئين الجدد من منازلهم ، مع ضريبة قتلى تصل إلى (3000) قتيل بالإضافة إلى كثير من المجازر المروّعة . ويُنسب القسم الأكبر من المجازر إلى الميليشيات التي ترتبط بالجيش كما وثّقت ذلك هيومن رايتس ووتش في شباط عام 2000 ودراسة للأمم المتحدة في نيسان عام 2000 .
أفادت لجنة القضاة الكولومبيين في أيلول عام 1999 أن نسبة القتل ارتفعت 20% في العام السابق ، وأن نسبة عمليات القتل التي تقوم بها الميليشيات ارتفعت من 46%  عام 1995 إلى 80% عام 1998 . أما مكتب حقوق الإنسان في كولومبيا فقد ذكر زيادة بنسبة 68% عن عام 1998 ، وهذا يعني أكثر من مجزرة في اليوم . وفي السنوات الثلاث السابقة لوحدها أُجبر أكثر من مليون شخص على مغادرة منازلهم في الريف ، وأنه قتل 5000 إلى سبعة آلاف مزارع أعزل على يد الميليشيات اليمينية . ومن تسعة أشخاص قابلهم "دانييل بلاند" الباحث في مجال حقوق الإنسان مستفسراً منهم عن حالة حقوق الإنسان في كولومبيا - وبينهم بروفيسورات وصحفيون وكهنة وعمّال - قُتل ثلاثة على يد مسلحي الميليشيات ، وهرب أربعة مع أُسَرهم بعد تلقي تهديدات بالقتل .
# سؤال مهم إلى القارىء العراقي :
----------------------------------
هل لفرق الموت في كولومبيا علاقة بالعراق ؟
واحد من أهم المشرفين على تشكيل وتدريب فرق الموت في كولومبيا عمل في العراق وهو "ستيفن كاستيل –“ Steven Casteel  . كاستيل هذا مثل زميله "جيمس ستيل" (راجع الحلقة السابقة) كسب خبرته في امريكا اللاتينية ، بالمشاركة في الحرب ضد "بابلو اسكوبار" بارون الكوكائين (صاخب الثلاثين مليار دولار والذي قتل عشرين من خصومه وهو في السجن !) , وذلك اثناء حروب كولومبيا ضد المخدرات في التسعينات . هذا بالاضافة لعمله مع القوات المحلية في بيرو وبوليفيا ، بينما تكمن خلفية كاستيل في (هيئة السيطرة على المخدرات -(DEA  ، فان العمليات ضد بابلو اسكوبار كانت عمليات مشتركة ساهم فيها الـ CIA والـ DEA وقوات دلتا وقوات مخابرات أخرى في منتهى السرية اسمها سنترا سبايكCENTRA SPIKE  . والجدير بالذكر أن العمليات هذه لم تترك اثرا يُذكر على موقع كولومبيا كمصدّر رئيسي للكوكائين في العالم سوى انتقال مركز الثقل الى دزينة من الكارتيلات الصغيرة . وهذا الموقع احتلته بالمناسبة بفضل ال CIA وتورّطها كثيرا في تجارة المخدرات كجزء من عملياتها السرية لتمويل حرب وجيش الكونترا في نيكاراغوا (من يرغب في المزيد من التفاصيل فليقرا كتاب (التحالف المظلم -Dark Alliance ) الذي نشرته ميركوري نيوز في سان جوزي -(San Jose Mercury News )
على أية حال، العمليات هذه أدّتْ إلى تشكيلِ فرقة موت تعرف باسم (لوس بيبيس -(Los Pepes  (هذا الرمز مختصر اسمها وهو : الناس المضطهدون من قبل بابلو إسكوبار) والتي بدأت أوّلا تحت غطاء خادع هو التحالف ضد أسكوبار ، ولكنها ستكون نواة التنظيم الجامع لفرق الموت الكولومبية شبه العسكرية الحالية المُسمّاة : (أي يو سي - AUC ) المسؤولة عن أكثر من 80% مِنْ أخطر حالات إنتهاكات حقوق الإنسانِ في البلاد . بينما لم يكشف النقاب عن أية صلة رسمية فإن (لوس بيبيس) اعتمدت على معلومات مخابراتية محفوظة في خزائن حديدية في الطابق الخامس من السفارة الامريكية في باغوتا (عاصمة كولومبيا) والتي قامت بدور العقل المركزي للعمليات حبث يتم اعداد قوائم ضحايا فرق الموت وبسرعة اصبحت تضاهي قوائم اصحاب بابلو اسكوبار المرتبة في مقرِ السفارة.
# ستراتيجية "الإنكار بمصداقية" :
----------------------------------
استخدمت الولايات المتحدة استراتيجيات تظليل مماثلة في كل صراعاتها ضد التمردات التي شاركت فيها . واكتسبت الاستراتيجيات هذه تسمية محددة تعرف ب : " الانكار بمصداقية  (plausible deniability-  . ففي كولومبيا على سبيل المثال حيث تورطت الولايات المتحدة عميقا ولحقبات مديدة، توصف فرق الموت شبه العسكرية دائما بأنها قوة ثالثة في النزاع المسلح برغم ان ضحاياها هم دوما من المدنيين المناهضين للحكومة ، وبرغم كون أفراد الفرق هذه مجنّدون مباشرة من بين صفوف القوات المسلحة العاملة ، وبرغم ان قدرتهم على العمل لا تتوفر الا بالتواطؤ النشط للجيش . في الواقع تتصرف الفرق هذه كجزء من " دولة الظل " التي تتواجد لتنفيذ سياسات لا بد لها ان تظل لغزا .
معلومات إضافية عن مشاريع وفرق الموت :
CENTRA SPIKE و     :Los Pepes
----------------------------------------------------------
مؤخرا تحدّث سياسيون عن فصيحة في كولومبيا اسمها "“chuzada وهو مصطلح شعبي للتصنّت الإستحباري على الهواتف ومحادثات الإنترنت ومختلف وسائل الإتصال من قبل وكالة المخابرات الكولومبية والتي يقارنها المعلّقون بفضيحة ووترغيت (نكسون) ولكنهم يعتبرونها أوسع وأكثؤ تنظيما من ووترغيت.
وقد أشرفت الولايات المتحدة على هذا المشروع للتجسس على الصحفيين والناشطين في مجال حقوق االإنسان والقضاة وغيرهم ممن يعتبرون تهديدا للأمن القومي ! وما لم تعلنه الحكومة الكولومبية هو أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تشرف بصورة مباشرة على مشروع chuzada منذ تأسيس مشروع تجسسي سرّي سمّوه  Centra Spike .
وحسب كتاب الحرب السرية لويليام آركن فإن الولايات المتحدة شكلت منظمة تقوم بجمع المعلومات السرية مستقلة عن باقي المنظمات الأمريكية الإستخبارية وترافق النشاطات العسكرية ، وقد قامت هذه المنظمة بنشاطات لاقانونية خطيرة وشاركت في حروب المخدرات والحروب ضد المنظمات اليسارية في أمريكا الجنوبية .
وحسب كتاب "قتل بابلو" لمارك بودوين (أصبح فيلما سينمائيا بعد ذلك) فإن الإسم الشفري لهذه المنظمة هو Centra Spike في كولومبيا وبدأت نشاطاتها عام 1989 بالتصنّت وجمع المعلومات مستخدمة أحدث أجهزة التنصّت المصنوعة في الولايات المتحدة .
عملت هذه المنظمة مع فرقة الموت المسماة Los Pepes التي شكلتها الحكومة الكولومبية ووالولايات المتحدة بالتعاون مع رجال اغتيالات أشداء وتاجري المخدرات الشهيرين "فيدل وكارلوس كاستانو" .
# أمريكا جعلت كولومبيا سكّين في خاصرة فنزويلا :
----------------------------------------------------

لقد نجح الرئيس الفنزويلي الثائر الراحل (تشافيز) في نزع فتيل الأزمه التي حاولت واشنطن تغذيتها بين فنزويلا وكولومبيا على الحدود بين البلدين الجارين في منتصف ديسمبر 2004 ، وسارعت على خطى الأزمات الحدوديه السابقة بين بوجوتا وكاراكاس ، ووصلت إلى حد سحب السفيرين ، وقطع العلاقات التجارية، وتبادل الاتهامات من العيار الثقيل. وفي 16 شباط 2005 عُقد اجتماع في كراكاس انتهى بتعهدات ودّية لطيّ صفحة الأزمة ، والاتفاق على برنامج أمنى مشترك لحماية الحدود المشتركة والممتده لمسافة 1400 كيلو متر ، والتعاون في مجال مكافحة الارهاب بكل أشكاله . وبات واضحا دور السفارة الأميركيه في بوتاجوا ، عاصمة كولومبيا في تغذية الأزمة ، ومحاولة دفع الحكومة الكولومبية لاثارة مشكلات لاشغال وارهاق الزعيم الفنزويلي ، ومنعه من تنفيذ برامجه الثورية، بدعوى أن شافيز فتح معسكرات لإيواء عناصر منظمة (فارك) المعارضة للنظام الكولومبى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق