الجمعة، 10 فبراير 2017

إما مسلم وإما مسلم “راديكالي”! بقلم البروفيسور محمد الدعمي



على المرء أن يتذكر دائمًا بأن امتطاء شكوى وامتعاض المسلمين كان، ولم يزل من معطيات ضعفهم داخل الولايات المتحدة، بل وخارجها كذلك، خاصة بعد أن لم تحرك الدول الإسلامية ساكنًا لمناقشة أو لمقاومة قرار الرئيس ترامب، غير مبالية بأنه “سابقة” خطيرة يمكن أن تشمل مواطنو بلدانهم “قريبًا على الشاشة”، كما يقال.
ربما أمكن رد استعجال الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، في إصدار أمره الإداري الفوري بمنع مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأميركية إلى اندفاعية لا مبرر لها. هذا هو الأمر الأهم مذ بداية ولايته حتى اللحظة: فإضافة على ما تسبب به هذا الأمر (شبه العصابي) من “عواصف” متنوعة من ردود الأفعال، فإنه قد قاد إلى مساءلة كفاءة الرئيس الجديد ومدى قدرته على قيادة البلاد بشكل حكيم لا يورطها بأنواع المشاكل العويصة التي قد لا تجد حلولًا ناجعة لها بسهولة قط.
أغلب الظن، في سياق كهذا، هو أن القرار أعلاه لم يكن في جوهره يهدف إلى حماية الأمن الأميركي كما ادعت الإدارة الأميركية الجديدة مرارًا، بقدر ما كان يهدف إلى “تزويق” صورة الرئيس الجديد، باعتباره الرئيس الجاد الذي لم ينتظر أكثر من أسبوع واحد لينفذ ما وعد الناخبين به خلال حملته الانتخابية. وعلى الرغم من أن ما فعله إنما ترك آثاره على المسلمين أولًا، وقبل كل شيء، إلا أنه تريث في تنفيذ المتبقي من وعوده خلال الحملة الانتخابية. وهكذا خدم المسلمون، كبش فداء، قبل سواهم من المستهدفين بالاستعداء من قبل إدارة ترامب، كالمكسيكيين والمثليين ودعاة الإجهاض، من بين سواهم من الجماعات الكبيرة التي وعد ترامب بمواجهتها ولجمها.
وثانية، يستثمر المناوئون للرئيس الجديد قراره التنفيذي أعلاه لنقد إدارته، بل وحتى لاتهامه “بعدم الأهلية” لقيادة الولايات المتحدة الأميركية، “القائد الأخلاقي” للعالم، كما يصفون بلادهم. لذا تجتمع كل هذه التيارات المناقضة لترامب والمعترضة عليه لمساندة المسلمين داخل وخارج أميركا: ليس حبًّا بهم، وإنما لتوظيفهم، أداة، لتحقيق أهدافها الأنانية أو الفئوية. إلا أن الحقيقة المريرة تبقى قائمة اللحظة، وهي ركوب المسلمين واستثمار قرار ترامب ضدهم، نظرًا لما أصاب هذه الفئة المجتمعية في أميركا من ضعف بسبب شبكات الإرهاب.
على المرء أن يتذكر دائمًا بأن امتطاء شكوى وامتعاض المسلمين كان، ولم يزل من معطيات ضعفهم داخل الولايات المتحدة، بل وخارجها كذلك، خاصة بعد أن لم تحرك الدول الإسلامية ساكنًا لمناقشة أو لمقاومة قرار الرئيس ترامب، غير مبالية بأنه “سابقة” خطيرة يمكن أن تشمل مواطنو بلدانهم “قريبًا على الشاشة”، كما يقال.
والسؤال قبل قرار المحكمة الأميركية: إذا ما مر قرار ترامب بالحظر على مسلمين سبع دول إسلامية كبيرة بدعوى حماية أمن الولايات المتحدة الأميركية دون من يواجهه من دول العالم الإسلامي، فما المانع من توسيع هذا القرار ليشمل المزيد من الدول الإسلامية التي لزمت الصمت تجاه القرار أعلاه، بل وحتى تلك التي بررته باعتباره شأنًا داخليًّا يخص واشنطن حسب.
وللأسف أن ألاحظ بأن المعيار القائم اللحظة حيال المسلمين إنما يمكن أن يختصر بأنك إن ولدت مسلمًا، فإنك لا يمكن إلا وأن توضع في واحدة من سلتين لا ثالثة لهما: (1) سلة “المسلمين”؛ (2) سلة الإسلاميين “الراديكاليين” أي الإرهابيين. فيا له من مأزق يواجه المسلمين هناك وعبر العالم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق