قراءة في
قصة الأسد الذي
فقد نومه ، تأليف الدكتورة سونيا
النمر
بقلم
: سهيل إبراهيم عيساوي
قصة الاسد الذي فقد
نومه ، قصة للأطفال من تأليف
الدكتورة سونيا نمر ، اصدار مركز ثقافة
الطفل - مؤسسة الاسوار - عكا لصاحبها
الأديب والناشر المعروف ، يعقوب
حجازي . رسومات القصة جميلة
بريشة الفنانة منار
نعيرات ، تقع القصة 32 صفحة
من الحجم المتوسط ( لكنها نفتقر للترقيم ) ، غلاف
سميك .
القصة : تدور
احداث القصة في غابة ، حيث يلهو الأسد
ملك الغابة ، يلعب
به الكرة يقذفه من يد
الى اخرى ، الفأر المسكين لا يمكنه
فعل اي حيلة سوى
تحمل الألم ، ان حاول
الهرب يخاف ان
يلتهمه الاسد ، ليس أمامه غير الصمت
المطبق أمام جبروت الأسد
، لكن حبل النجاة
يأتي على حين غرة ،حيث تأني الحيوانات
بجلبة ، يظن الاسد ان
أمرا جلل قد حل ، فبقذف
الفأر الذي يلوذ بالفرار
شاكرا أنه خرج
بخدوج ورضوض ولم ينته به
المطاف في معدة الاسد الكبيرة ، ابلغ
الثعلب الاسد ان الحيوانات
في ورطة كبيرة ، الانسان يقترب منهم
بحيواناته الحديدية ذات
الاسنان العملاقة التي
لا ترحم الحيوانات
ولا الشجر ، الأسد يزأر ،
تخاف منه الحيوانات ويهدد الانسان الذي
تجرأ وتقدم يعبث بغابته
، يطلب الأسد من الحيوانات
الانصراف ليفكر ويخرجهم من
الورطة ، وعاد الأسد للنوم
والاسترخاء ، اللبؤة تقترب
منه وتسأل حقا ماذا
سوف يفعل ، لأن الامر
في غاية الخطورة
والجدية ، لكنه يطلب منها ان
تتركه لينام من أجل التفكير
ويطلب منها ان تصطاد له غزالا طريا
، اصطادت وعادت واستغربت انه ما زال
نائما غير مهتما بمصير
اشبال وسائر الحيوانات ، لكنه ادعى
انه لا ينام الليل بسب قلقلة ، على
مصير ومستقبل الحيوانات ،
اللبؤة صمتت مرغمة واخذت
بقايا الغزال لها ولأشبالها ، في اليوم
التالي عادت الحيوانات واجتمعت امام عرين
الاسد ، موضحين له ان البشر
يجتاحون الغاية يقطعون
الاشجار يشعلون النار الغابة
كادت ان
تصبح جرداء ، ولم يعد
ما تأكله الحيوانات ، نظر اليهم
الاسد بحزن شديد ( وقد
اقسمت بعض الحيوانات فيما بعد
انها رأت دمعة تنزلق
من عينيه ) . ثم خطب بهم قائلا انه لا
ينام الليل لأنه
يفكر بهم ،بسبب الخطر المحدق بهم ، لكن
الحيوانات تضغط تريد
حلولا عميلة ، الاسد بدوره
يطلب المزيد من
الوقت من اجل
التفكير ، والتخطيط ليقدم لهم خطة
محكمة ، لكن الحيوانات انسحبت تجر أذيال الخيبة ، اللبؤة اقتربت منه وقالت الحيوانات قلقة على
مصيرها ، الوقت يمر بسرعة ، لكنه
غضب وطلب منها
ان تحضر له
المزيد من الصيد ليفكر بعمق عادت
اللبؤة تحمل له في
فمها ارنبا وثعبانا ، طبعا لم
يرق له هذا
الصيد الذي لا يسد
جوعه ، في نظره هذه
وجبة تافهة ، اللبؤة اخبرته انها
لم تفقد قدرتها
على الصيد لكن الحيوانات
غادرت الغابة لتبحث عن مكان
امن ، وجدت الثعبان والارنب يتعاركان فجلبتهما ، لامها الأسد
وأغمض عينيه ونام ، نظرت اليه
اللبؤة بحزن شديد ، ومشت نحو أشبالها وقادتهم الى منطقة مرتفعة بعيدا عن البشر وحيواناتهم الحديدية ، وسائر الحيوانات
اجتمعت للبحث عن حل لحماية الغابة ، اما
الاسد لم
يعرف عنه شيئا وتقول الشائعات
انه ما زال مستلقيا فوق صخرة يفكر ويفكر ويتضور
جوعا .
عنوان
القصة : العنوان هو
عتبة النص وبوابة القصة ، نجحت
الكاتبة في اختيار
العنوان ، مأخوذ من احداث القصة ، لكن
بصورة ساخرة ، فالأسد كل
الوقت يغط في
سبات عميق ، وان
ادعى امام اللبؤة وأمام
سائر الحيوانات انه
لا ينام الا
انه كل الوقت
غارقا في نومه
الثقيل . جاءت
كلمة أسد معرفة بال التعريف ، لتشير الى
أسد بعينه وليس
كل الاسود ، وكلمة الفقدان
كلمة صعبة تثير
التعاطف والشفقة ، لكن القارئ
يتفاجأ ان الاسد لم
يفقد نومه ، ربما فقد
صوابه . حيث تكررت كلمة النوم
4 مرات ، وكلمة اغمض عينيه
وردت مرتين .
شخصية الأسد :
الأسد يمثل في
القصة الملك أو الزعيم
الذي يضيع وقته
الثمين في أمور تافهة مثل
اللهو في فأر مسكين
، النوم الطويل ، الخطب الرنانة
التي لا رصيد
لها على ارض
الواقع ، مبنية على الكذب
والمبالغة ، يدب الرعب في نفوس
سائر الحيوانات بزئيره وتهديداته، والحيوانات لا
تستطع ان تناقشه
او تعارضه . كما انه
ماهر في التهام
الفريسة غير مهتم بإطعام أشباله
وزوجته ، وبارع في اعطاء الأوامر
والتعليمات للأخرين ، يتكأ على
الكبرياء واحتقار الغير .
شخصية اللبؤة : تمثل
النشاط وقدرتها على
الصيد ، وطاعة الاسد وتنفيذ اوامره ، وحرصها على
اشبالها ومستقبلهم ، كما انها حاولت
مرارا تنبيه الاسد
من تصرفاته وتهربه من تقديم
الحلول العملية للورطة التي تجتاح
الغابة ، نقلت له الصورة
القاتمة في الغابة
وما يجول في
خاطر الحيوانات . لكنها عندما رأت
عدم مبالاة الاسد ، وادمانه
على النوم وتناقض تصرفاته وكلماته
وسرعة غضبه ، ادارت له ظهرها واخذت
اشبالها وتنقذهم من البشر
وماكناتهم الفتاكة . تركته
يغط في نومه ، اللبؤة تمثل الشخص العملي الذي يتكيف مع
الظروف وخاصة اذا
كان الخطر يزحف نحوها
ونحو اشبالها .
الحيوانات :
تمثل الشعب الذي
يحمه الاسد ، يتحدث
باسمها في اول لقاء الثعلب ، لماذا اختارت
الثعلب ؟ هل لأنه
لا يخاف الاسد ، ام لدحض الأساطير
التي تصفه بالمراوغة والكذب ! وفي
المرة الثانية تحدث
كل الحيوانات ولم تنتدب واحدا
منها ، ولو تحدث احدهم
لكان افضل ، لكن
ربما الكاتبة ارادت
تصوير حجم الخطر الذي يكبر
كل يوم لان
الكاتبة استدركت واعطت الفرصة
للفيلة لتطلب حلا عمليا من الاسد
. سرعان ما فهمت أن الأسد
يراوغ ويماطل يستخف بعقولهم ولا
يقدم لهم الحلول ، اذا
انسحبت دون ان
تعلمه واجتمعت تتباحث
كيف تواجه الخطر ، تشير
الحيوانات الى ان لصبرها
حدود ، وصمتها عن تصرفات
الاسد ليس ضعفا ،
لقد كانت تحترمه تنحني له ، لكن عندما
ادركت ان لا حل
في جعبته انفضت من حوله ، وان بمقدورها التحرك في الوقت المناسب ، ولم تنتظر حتى
تموت وتنقرض وتدمر غابتهم عن
بكرة ابيها .
البشر :
البشر في القصة
يملكون الحيوانات الحديدة (
الجرافات العملاقة ) التي تقتل الحيوان
والطير وتقطع الاشجار وتحرق
الغابة ، لا يهم البشر
غير مصلحتهم ، في يدهم
التكنولوجيا والتقدم ، وان
كانت الغابة تخدم الانسان
وفيها فوائد جمة للإنسان .
النهاية :
نهاية القصة مفتوحة ،
وخاصة مصير الأسد وفق
الشائعات ما زال
يغط في نومه العميق
ويتضور جوعا ، ولا نعرف
ماذا قررت الحيوانات كيف سوف
تواجه الخطر ، وهل هنالك
امكانيات لمواجهة ومقاومة
الانسان المدجج بالتكنولوجيا ؟
رسالة
الكاتبة
- ان للصبر
حدود
- الخطابات الجوفاء
لا تقدم للمواطن
البسيط اي شيء أمام المشاكل
اليومية والاخطار التي تهدد وجوده
- اذا لم
يتحرك الزعيم ،
سوف تتركه الجماهير
وحتى أعز الناس مثل
زوجته وابنائه .
- للشائعات أرجل
سريعة ، فقد اقسمت بعض
الحيوانات انهم شاهدوا دمعة تنحدر
من عينيه ، كذلك يشاع
انه ما زال نائما .
- من الصعب
تغيير العادات السيئة
لدى البعض
ملاحظات:
- صفحات القصة
غير مرقمة
- لم نعرف
من خلال القصة موقف
الانسان ودوافعه ، وحتى الرسومات
لم تصوره ،
الرسامة لم ترسم الحيوان
الحديدي " عن كثب ، ربما
رغبة ان يتخيلها
الطفل ويفكر بها وبأشكالها .
- لو طال
الحوار بين الحيوانات نفسها
لكان افضل .
- هنالك تشابه
في تصرفات الاسد
وتصرفات اللبؤة في قصة
الاسد الذي فقد
نومه للكاتبة سونيا نمر ، قصة
" نعسان الاسد (تأليف فيليشيا
لو ، رسوم ليلي مسينا ،
ترجمها من اللغة
الانجليزية ريموند ضو ، طبعة ثانية 2017 ، اصدار مكتبة اسطفان
- لبنان ) " مثل
كسل الاسد ونومه
الطويل واهماله لأشباله ، وترك زوجاته له
فشعر بالجوع والاهمال ، فقرر الاسد
ان يتغير .
خلاصة
: الأسد الذي فقد
نومه ، قصة جميلة لغتها سلسة ومناسبة للأطفال ، تحمل
رسائل كبيرة ،نجحت الكاتبة في
تصوير القصة من وجهة نظر الحيوانات ، وفي بناء الحبكة
بذكاء بارع ، رغم
انها صورت لنا
الصورة النمطية للأسد
الكسول ، لكنه القائد الذي
لا ينجد الحيوانات
التي وثقت به
وسلمته امرها ومصيرها وخاصة في
احلك الظروف ، كذلك نجحت الكاتبة
في استعمال مصطلح
" حيوانات حديدة " كناية
عن الجرافات التي يستعملها الانسان في ابتلاع الغابات
والقضاء على الحياة الطبيعية فيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق