الخميس، 23 نوفمبر 2017

نادي المتحرشين المتقاعدين بقلم : أ.د. محمد الدعمي



ف

تحيا الولايات المتحدة الأميركية اليوم عاصفة إعلامية سياسية جديدة يمكن أن تكون جذورها قد ضربت في السباق على الرئاسة الأميركية العام الماضي (2016)، حيث تم توظيف ادعاء بعض الحسان تعرضهن للتحرش من قبل المرشح الرئاسي آنذاك، دونالد ترامب، الذي لم يسكت بدوره، إذ استحضر قصة الرئيس بيل كلينتون، هيلاري. وإذا لم تفلح ادعاءات ملاح النسوة أعلاه بالنيل من اندفاع “الملياردير ترامب” نحو البيت الأبيض، فإن هذه المحاولات لم تذهب سدى…
لم أزل أفطن على سنة 1963 (وقد كنت صبيا آنذاك) عندما سمعت، للمرة الأولى، عن العلاقة الغرامية التي كانت قائمة بين الرئيس الأميركي الراحل، جون كنيدي، وبين واحدة من أجمل نساء هوليوود والعالم، الممثلة الشهيرة، مارلين مونرو، زوجة الكاتب المسرحي الكبير، آرثر ملر Miller، مذاك، تأكد لفهمي الفتي أن الحياة السياسية الأميركية إنما تتأثر كثيرا بقوى المال والنساء: هذا الثنائي الخطير والمرعب هناك، الذي غالبا ما كان يتبلور في عالم السياسة في مؤسسات كبرى كمؤسسة الرئاسة ومؤسسة الكونجرس، كما تبلور على نحو لا يقل وطأة في مؤسسات صناعة السينما بهوليوود التي تمخرها أجمل نساء العالم، بلا ريب.
لا يبدو بأن الأمر لم يتغير كثيرا اليوم، أي مذ كنيدي 1963 حتى اللحظة، مرورا بالرئيس بيل كلينتون وبقصة علاقته الجنسية السرية بموظفته في البيت الأبيض، “الآنسة مونيكا ليونسكي”.
وتحيا الولايات المتحدة الأميركية اليوم عاصفة إعلامية سياسية جديدة يمكن أن تكون جذورها قد ضربت في السباق على الرئاسة الأميركية العام الماضي (2016)، حيث تم توظيف ادعاء بعض الحسان تعرضهن للتحرش من قبل المرشح الرئاسي آنذاك، دونالد ترامب، الذي لم يسكت بدوره، إذ استحضر قصة الرئيس بيل كلينتون، هيلاري. وإذا لم تفلح ادعاءات ملاح النسوة أعلاه بالنيل من اندفاع “الملياردير ترامب” نحو البيت الأبيض، فإن هذه المحاولات لم تذهب سدى، بكل تأكيد، ذلك أنها فتحت أبواب الجحيم واسعة لكل امرأة كانت قد تعرضت للتحرش أو الاعتداء الجنسي كي تعلن عن قصتها (تحت عنوان: حركة هاشتاج “وأنا كذلك”)، وعما تعرضت إليه من “فظائع”، فمد السيل آثاره على فئة واسعة من فناني أو “آيقونات” هوليوود، ابتداء من المنتج الكبير المليونير همفري واينستين، ومرورا بفنانين آخرين اشتهروا بالنجومية وبامتلاك ثروات أسطورية من عيار الممثل سبايسي Spacy، يمكن استخدامها، رشى، لإسكات شفاه المدعيات ضدهم بالحرش الجنسي.
ولم يكن أمام الشركات الكبرى التي يمتلكها هؤلاء أو يعملون بها أي خيار سوى طرد هؤلاء الذين أصابتهم عدوى الادعاء بالتحرش الجنسي (حفاظا على سمعة هذه الشركات)، الأمر الذي قاد إلى تغييب أو طرد العديد من النجوم من عالم السينما والفنون، محالين إلى “التقاعد”.
ونظرا لفاعلية هذا السلاح، أي التحرش والاعتداء الجنسي، فإنه سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم في أجواء عالم السياسة المؤاتية، خاصة بعد أن أعلنت إحدى عضوات الكونجرس بأنها كانت ضحية تحرش جنسي لمرات عدة من قبل “زملائها” من أعضاء الكونجرس، مدعية وجود اثنين من المتحرشين جنسيا “الفاعلين الآن”، أعضاءً داخل الكونجرس. وقد رفع ادعاء هذه السيدة من قوة وارتفاع موجة فضح المتحرشين جنسيا، مع “المقبلات” من أنباء الرشى لإسكاتهن، حتى طال الأمر عضو الكونجرس السيد “جو كونيرا” الذي دفع 27 ألف دولار لإسكات امرأة كانت قد عملت معه، ناهيك عن فضائح عضو الكونجرس الديمقراطي آل فرانكلين، إذ اعتذر الرجل عما بدر منه، ثم رفض التخلي عن عضويته في الكونجرس، تتبعا لخطى المرشح الجديد (عن ولاية ألباما، روي مور Moore) الذي وصل عدد النسوة اللائي اتهمنه أكثر من عشرة، دون المطالبة بتعويضات مالية أسطورية حتى اللحظة.
وإذا كان “نادي المتحرشين المتقاعدين” قد تأسس لاحتواء هذه الجمهرة من نجوم السياسة والسينما، فإنه نادٍ متجه نحو توسيع حجم عضويته، خاصة بعد أن فضح “آيقون” الإعلام الكبير، تشارلي روز Rose، صاحب نشر أخبار “أميركا هذا اليوم” لصالح فضائية سي بي اس CBS)) الأكثر أهمية هناك وعبر العالم، مضافا إلى الآيقون الذي سبقه، بيل أورايلي Oreily.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق