الخميس، 23 مارس 2017

هل يحرجك أن تكون مسلما أو عربيا”؟ بقلم البروفيسور محمد الدعمي

أما أسباب تشوه الشخصية العربية والمسلمة الآن عبر العالم الغربي فهي، بلا ريب، إنما تعزى أساسًا على الأدوار السلبية التي تؤديها الشبكات الإرهابية، ابتداءً من “القاعدة” وانتهاءً بما يسمى بــ”داعش” ISIL، درجة إشهار الإدارة الأميركية قرارًا أمنيًّا جديدًا يمنع المسافرين على متن الخطوط الجوية في العديد من الدول العربية من حمل أبسط الأجهزة الإلكترونية، باستثناء الهواتف الخلوية..


بعدما أصاب سمعة المسلمين والعرب من اختلاط وإرباك عالميًّا، في العالم الغربي خاصة، وجب عليّ استحضار وتكرار مقترحي الذي أشهرته في (الوطن) مرات عديدة، وفي أوعية ثقافية وإعلامية أخرى خلال السنوات العشرين الأخيرة، وهو: أن يضطلع أولو الأمر عبر دول العالم العربي بتأسيس مركز علمي وبحثي يقوم برصد وتحليل أشكال الخطاب الثقافي الشائع حول العرب والمسلمين عبر العالم الغربي، بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والأنماط الجاهزة المتوارثة التي غالبًا ما يقحم العرب والمسلمون في دواخل أطرها الجاهزة على نحو لا مبرر ولا عادل. دع عنك الدلالات فوق النصية التي تسيء إليهم على نحو ملتوٍ.
أما أسباب تشوه الشخصية العربية والمسلمة الآن عبر العالم الغربي فهي، بلا ريب، إنما تعزى أساسًا على الأدوار السلبية التي تؤديها الشبكات الإرهابية، ابتداءً من “القاعدة” وانتهاءً بما يسمى بــ”داعش” ISIL، درجة إشهار الإدارة الأميركية قرارًا أمنيًّا جديدًا يمنع المسافرين على متن الخطوط الجوية في العديد من الدول العربية من حمل أبسط الأجهزة الإلكترونية، باستثناء الهواتف الخلوية: فهل يمكن أن يتماهى التمييز إلى أكثر مما أذكر في أعلاه؟ وبطبيعة الحال، يمكن للمرء أن يتوقع المزيد من الإجراءات التعسفية ضد المسافرين العرب والمسلمين المتوجهين إلى الولايات المتحدة؛ كما يمكن أن تحذو إدارات حكومات أخرى عبر العالم حذو الولايات المتحدة بحجة الدفاع عن أمنها القومي من براثن “الإرهاب”.
هذه حال لا يحسد عليها أحد، خاصة وأن المسافرين العرب نحو دول العالم كافة لم يكونوا بحاجة إلى تأشيرات دخول طوال عقود، إذ يكفي حملهم جوازات سفر من دول عربية غنية تكفل سلامتهم مما ينبئ بالأخطار.
لذا، تتأكد الحاجة إلى مركز من النوع المذكور أعلاه، ثانية، لأننا إذا ما التزمنا الصمت عمّا شاب سمعتنا بسبب قلة سائبة من الإرهابيين، فإن سوء الفهم وسوء السمعة سيمتد ليشمل الجميع، عربًا ومسلمين، بل وسيشمل حتى الوفود الرسمية العربية والقادمة من دول إسلامية كذلك. إن المسارعة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة من قبل متخصصين في الثقافات العالمية والغربية، إنما يضمن للعرب وللمسلمين كل ما من شأنه المساعدة على فرز الإرهابي، مقارنة بالمسالم والمحب للسلام. هذا ما لا يمكن أن يتحقق ما دمنا لا نحرك ساكنًا يبرهن لحكومات العالم بأن الشبكات الإرهابية لا تمثل مرآة لحقائق العرب والمسلمين قط.
أما إذا ما تركنا هذا الموضوع دون جهد مناسب موازٍ لمقاومته ولمعالجته، فبشّر المهتمين بالمزيد من التشويه والحرف الذي قد يشمل حتى أطفالنا، مؤكدين بأن موضوع إشاعة صورة موتورة للعربي وللمسلم ليست بالبراءة التي تظهر عليها على أسطح الأوعية الإعلامية الغربية، نظرًا لأن هناك من يسره تشويه العرب والإسلام، بل هو لا يدخر وسعًا في تشجيعه وتغذيته، باعتبار وجود ثمة أهداف خفية قد لا يراها العرب والمسلمون الآن، ولكنهم سيرونها بكامل خطورتها في وقت لاحق، درجة أني لم أعتب على تلك الشابة الأميركية التي عرفتها بنفسي باعتداد فرسان الصحراء: “أنا عربي”، فأجابتني: “وهل يحرجك أن تحمل هذه الصفة؟”
تأسيسًا على ما طورته من جدل أعلاه، أزعم بأن مركزًا علميًّا من النوع المذكور في الفقرة الأولى من هذه المقالة لم يعد مسألة ثانوية أو تزويقية قابلة للتأجيل. بل وأزعم كذلك بأني شخصيًّا، أستطيع أن أدير مثل هذا المركز الذي قد يجمعنا عربًا ومسلمين، بغض النظر عن اختلافاتنا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق