الجمعة، 31 مارس 2017

ما “النبئية”؟ بقلم البروفيسور محمد الدعمي


أاستجابة لهذا النوع المطلوب من الأنباء المثيرة التي تحمل صفة النبئية Newsishness، أسس العديدون، من الأفراد والمنظمات والجماعات، مواقع خاصة بهم بهدف تسويق الأنباء غير الصحيحة أي الملفقة، ولكن تلك التي يتهافت عليها الجمهور فيتعاطاها على نحو خاطف لإشاعتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال لحظات، وباستخدام أدنى قدر من الطاقة، ما دامت هذه الأخبار تنتشر عبر القارات بضغطات بسيطة من أنامل الأصابع.
أجتهد في تعريف “النبئية” (وهي تعريبي للصفة Newsish الإنجليزية)، بالقول بأنها صفة للأنباء الكاذبة Fake news التي تمرر على نحو مدبر إلى قنوات وآنية التواصل الاجتماعي، استثمارًا لتعطش الجمهور للأنباء الجديدة أو المثيرة، من نوع “عاجل” الخاصة بما يطلق عليه الإعلاميون “قضايا الساعة” الساخنة.
تمتاز هذه الأنباء بصفة “النبئية” أي بقوة الجاذبية االواسعة ورواج الاستجابة لها من قبل فئات واسعة من المستهلكين للأخبار، خاصة هؤلاء الذين لا يهمهم مصداقية الخبر وموثوقية مصدره، بقدر ما يهمهم ما يثيره الخبر من ردود أفعال وإشاعات لها بداية، ولكن ليس لها نهاية، على نحو متواليات هندسية، تتضاعف وتنشطر بسرعة مذهلة، كالفطر، عبر القنوات أعلاه.
واستجابة لهذا النوع المطلوب من الأنباء المثيرة التي تحمل صفة النبئية Newsishness، أسس العديدون، من الأفراد والمنظمات والجماعات، مواقع خاصة بهم بهدف تسويق الأنباء غير الصحيحة أي الملفقة، ولكن تلك التي يتهافت عليها الجمهور فيتعاطاها على نحو خاطف لإشاعتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي خلال لحظات، وباستخدام أدنى قدر من الطاقة، ما دامت هذه الأخبار تنتشر عبر القارات بضغطات بسيطة من أنامل الأصابع.
أما نوعية هذه الأخبار التي لا يفكر أحد من مستهلكيها أو ناشريها عبر شبكات التواصل الاجتماعي بالتيقن من حقيقتها عبر عملية Fact-checking، فهي تخص الأحداث الساخنة، كما حدث عبر مرحلة التنافسات على البيت الأبيض منذ أكثر من سنتين، إذ تلقف الجمهور أخبارًا كاذبة على نحو متعامٍ فقط لأنها مثيرة بقدر تعلق الأمر بإدارة اتجاهات الانتخابات، ومنها أخبار من نوع مساعدة أحد المرشحين لأحد المطاعم أو البارات للمتاجرة بالجنس، وكذا الحال مع الأخبار التي عصفت بالعالم أجمع حول باقي المرشحين للرئاسة. ناهيك عن الأنباء، المبثوثة أثناء مراحل الحروب، أو التغيرات السياسية الرئيسة في مختلف دول العالم، ومنها أنباء من نوع “اغتيال” فلان من الفاعلين المهمين في حقله، أو اكتشاف علاج معجزة لأكثر الأمراض استعصاءً. لذا، فإنك لن تجد مثلها وقد سوقت من قبل وكالات الأنباء المعتمدة عالميًّا لأنها تضر بمصداقيتها. هي تنتشر فقط في فضاءات “التواصل الاجتماعي”.
هذه الأخبار التي تمتاز بــ”النبئية” العالية لأن من يصطنعها ويضخها عبر قنوات التواصل الاجتماعي، من نوع “الفيس بوك” و”التويتر”، من بين سواها، يعلم جيدًا بأن هناك فئات اجتماعية متلهفة واسعة ستقوم بإشاعتها، نيابة عنه، عبر العالم، ومجانًا، بل دون حاجة للتدقيق في صدقيتها، الأمر الذي حدا أعداد هائلة من الشبيبة والنشء المبتلى بالإدمان على قنوات التواصل الاجتماعي، إلى متابعة هذا النوع من الأخبار، مفضلين إياه على الأخبار الصادرة عن وسائل إعلام ومصادر معتمدة عالميًّا من ناحية الدقة، مصادر إخبارية من نوع أخبار الــBBC والـــCNN.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق