الجمعة، 23 ديسمبر 2016

طوفان الضغائن الطائفية عبر العالم بقلم : البروفيسور محمد الدعمي

 




إننا إذا ما وضعنا الإعلان أعلاه على خلفية ما يجري في الشرق الأوسط اليوم، من ناحية، وعلى طبيعة النظام السياسي الأميركي، من الناحية الثانية، فإننا لا يمكن إلا أن نظفر بخلاصة واحدة، تفيد بأن طوفان الضغائن والصراعات الطائفية في منطقتنا إنما راح يتجاوز حدود إقليمنا المضطرب ليجرف العالم بأسره، بدءًا من غمر أوروبا، وانتهاءً بما يمكن أن يجري في بقية قارات العالم.

دق إعلان دونالد ترامب، على هامش حادث برلين الإرهابي قبل بضعة أيام، الإعلان الذي يفيد بـ”أننا يجب أن نمحو “الإسلاميين الراديكاليين” الذين يريدون قتل “المسيحيين”، جرسًا للإنذار في رأسي، إذ شعرت بأن الرجل ينوي أن يتسبب بسحب أقدام أميركا إلى مهاوي الضغائن ومنزلقات الأحقاد الطائفية. أستطيع أن أقرأ هذه النية مضمنة تحت وفوق النص، وبهذا المعنى فقط، للأسف.
إننا إذا ما وضعنا الإعلان أعلاه على خلفية ما يجري في الشرق الأوسط اليوم، من ناحية، وعلى طبيعة النظام السياسي الأميركي، من الناحية الثانية، فإننا لا يمكن إلا أن نظفر بخلاصة واحدة، تفيد بأن طوفان الضغائن والصراعات الطائفية في منطقتنا إنما راح يتجاوز حدود إقليمنا المضطرب ليجرف العالم بأسره، بدءًا من غمر أوروبا، وانتهاءً بما يمكن أن يجري في بقية قارات العالم. للمرء أن يزعم بأنه ثمة صراعات طائفية آخذة بالطفو على السطح بعدما بقيت مغمورة لعقود: لاحظ ما يجري في جنوب شرق آسيا وفي إفريقيا من بين سواها من أقاليم العالم القابلة للاشتعال على نحو مدمر، على نحو لا يبقي ولا يذر.
ومن منظور ثانٍ، لا بد للمرء أن يقرأ إعلان الرئيس الأميركي المنتخب إزاء خلفية قوامها أبرز نظام سياسي علماني في العالم، وأقصد به النظام الأميركي الذي يعتمد العلمانية عمودًا أساسًا له. عندما نضع الإعلان أعلاه، وهو الإعلان الزاخر بتعابير لم نعهدها من أساطين النظام الأميركي، تعابير وألفاظ، من نمط: مسلمين راديكاليين والمسيحيين، فإننا لا بد وأن نتعرض لرجة وعي من العيار الثقيل. ونظرًا لأن توظيف ترامب هذه الألفاظ المنطوية على عصبية طائفية ودينية واضحة المعالم، فإن علينا الحذر والتحوط من أن يدفع هذا الرجل أقوى قوة في العالم ليورطها في الصراعات الطائفية، خاصة عندما يتم اعتماد ألفاظ تمور بالنَفَس الطائفي، من نمط “مسلمين” و”مسيحيين”، و”قتل” و”نقضي”، وهلم جرا.
والحق، فإن هذا هو ما يلهب مشاعر قطاعات واسعة من الجمهور الأميركي، لأن ترامب لم يخفِ قط اهتمامه بهذا النوع من المعايير الطائفية والدينية، بل وحتى تلك المتعلقة بلون البشرة. هذا بالضبط ما يثير حفيظة اليهود في أميركا، برغم نفوذهم القوي، خشية حدوث ما لا تحمد عقباه بالنسبة إليهم فيما بعد. بل إن هذا، بالضبط، هو ما جعل الرئيس السابق “بيل كلينتون” يدعي بأن ترامب لا يعرف شيئًا، سوى تعبئة عواطف البيض العنصرية والطائفية لصالحه، الأمر الذي قاد الرئيس القادم إلى شيء من الردود الخشنة التي لا تأبه باللياقات التقليدية، ولا تليق برجلين يخصان مؤسسة الرئاسة الأميركية
.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق