السبت، 17 ديسمبر 2016

شخصية 2016 بقلم : البروفيسور محمد الدعمي



إن ما يثير الشكوك حقًّا، هو: كيف تم انتقاء ترامب، شخصية للعام المنقضي، حتى قبل أن يتم تجريبه، رئيسًا، أي قبل أن يستلم مقاليد الدولة في البيت الأبيض؟ أليس في هذا التعجيل ما يثير الشكوك والهواجس؟ أليست مبررًا بتوجيه تهمة الانتهازية ضد (تايم) ومحررها؟

لم أعد أبالي كثيرًا بتقليد “شخصية العام” الذي تتبعه كبريات الصحف والمجلات العالمية منذ عقود: فبعد أن تم انتخاب “دونالد ترامب” لتزيين غلاف مجلة (تايم)، بوصفه شخصية عام 2016، تآكلت في دخيلتي أسباب احترام هذا التقليد ودواعي الاعتداد به. لست أدعي قط أن ترامب لا يستحق هذا العنوان الاعتباري المهم، بقدر ما أدعي بأن محركات الإعلام الأميركي عامة تعتمد جبروت المال، لا دوافع القيم الإنسانية، وترتكن إلى النفوذ السياسي، لا إلى المعايير الأخلاقية الحقة، غير المنحازة.
ومع احترامي لترامب، إلا أني أزعم أن محرر (تايم) لم يتوانَ عن إماطة اللثام عن وجهه المتشبث بالمال: فبعد حملة هذه المجلة الشعواء المتعددة الجوانب ضد انتخاب، بل وضد شخصية ترامب طوال مدة السباق الانتخابي، لم يتحرج المحرر أعلاه من انتقاء ترامب كشخصية للعام، بغض النظر عن عده رجلًا عنصريًّا ومضادًّا للسامية وللسود وللمسلمين، رجلًا فاشلًا في إدارة الدولة عبر المدة الفائتة. لذا، فقد وضع محرر (تايم) مجلته المعروفة عالميًّا في قفص الاتهام “بالانتهازية” و”الوصولية” وأمام تهمة قبول “الرشوة”. وإلا كيف تسنى للمحرر أن يقلب موقف المجلة وموقف أغلب محرريها، وهو من بينهم، ليستل ترامب شخصية للعام من بين مئات الشخصيات الفذة والنافذة التي خدمت الإنسان والسلام العالمي. بل إن ما يثير الشكوك حقًّا، هو: كيف تم انتقاء ترامب، شخصية للعام المنقضي، حتى قبل أن يتم تجريبه، رئيسًا، أي قبل أن يستلم مقاليد الدولة في البيت الأبيض؟ أليس في هذا التعجيل ما يثير الشكوك والهواجس؟ أليست مبررًا بتوجيه تهمة الانتهازية ضد (تايم) ومحررها؟
إلا أن الحقيقة التي أرى إنما تفيد بأن “عبادة الدولار” Cult of the Dollar ستبقى هي القاسم المشترك الذي يجمع المحرر مع نجمات هوليوود ومع بضع من بائعات الهوى اللائي، ادعين، مدفوعات الثمن، أن ترامب سبق أن تحرش بهن جنسيًّا. والحق هو أننا لم نزل نترقب ما وعد به الرئيس الأميركي المنتخب من أنه لن تمر ادعاءات هذه النسوة دون محاسبة قانونية. أتمنى أن يخصص ترامب شيئًا من وارداته لاستئجار محامٍ يأخذ بنات الليل أعلاه إلى المحاكم بتهم التشهير والمس بالسمعة.
إن خلاصة ما أحاول أن أقوله للقارئ هي: أخي العزيز، لا تيأس ولا تبتئس من مثل هذه الظواهر المقلقة أخلاقيًّا وسلوكيًّا، وأقصد بذلك الظواهر التي تتجاوز القيم والمعايير الحقة، جميعها لتبرهن على أن الدولار يشتري كل شيء في العالم الغربي: المناصب والشهرة، السمعة والمعنويات، من بين سواها مما كنا نظن بأنها أسمى من أن تقاس بالمال، خطأ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق