السبت، 30 أبريل 2022

عقدة الخواجة

 



أ.د. محمد الدعمي:

بينما يعاني الكثير من الغربيين من عقدة الخوف من الأجنبي Xenophobia، الشرقي خصوصًا، يعاني ما يقابلهم من الشرقيين، خصوصًا هؤلاء الذين وقعت أقاليمهم تحت الهيمنة البريطانية أو الفرنسية، من “عقدة الخواجة.
ويستعمل هذا الاستخدام الاصطلاحي للفظ “عقدة” للإشارة إلى الإعجاب المتعامي شبه المرضي بالأوروبي (البريطاني أو الفرنسيـة خصوصًا)، درجة التسليم بأن الكولونياليات الأوروبية أعلاه هي بدرجة من التفوق العقلي والسلوكي أنها مبررة في استغلال شعوب الشرق، بل وحتى في “تعليم” هذه الشعوب المغلوب على أمرها كيفية البقاء وطرائق حكم نفسها بنفسها!
وتتجلى مظاهر عقدة الخواجة عند الكثيرين من سكان المستعمرات السابقة، خصوصًا في الاحتضان الأعمى لكل ما تقدمه بريطانيا أو فرنسا من نتاجات تجارية أو صناعية أو حتى فكرية، درجة أن أحدهم قال: “لو كسرت عضد شخص من هذا النوع لوجدت العلم البريطاني في نخاعه!”
والحقُّ، فإن هذا هو ديدن الشعوب المستضعفة في مستعمرات بريطانيا وفرنسا السابقة، إذ دلت “عقدة الخواجة” على أنها أثقل تركات الكولونياليات أعلاه، مقارنة بسواها من تركات هذه “الدول الاستعمارية” الثقيلة. بل، تجاوز ذلك الانبهار المرضي بـ”أبو ناجي” (كما يسمي العراقيون بريطانيا، تهكمًا)، أنهم يفضلون حتى السجائر البريطانية الصنع على سواها من أنواع السموم أو “وسائل الموت”! فما دامت هي سجائر بريطانية أو فرنسية الصنع، تبقى هي الأشهى والأكثر “نكهة” وإشباعًا وتلبية لحاجات “الرئتين” على نحو عام. بل إن المرحوم جمال الدين الأفغاني عزا تفوق الغرب إلى التدخين. وتنطبق هذه الحال حتى على المشروبات الروحية وسواها من المواد الاستهلاكية الضارة، ناهيك عن المنتجات الصناعية الثقيلة، إذ بقي أيتام بريطانيا وأيتام فرنسا، في المستعمرات السابقة، أسرى حلم خيالي يفيد بأنهم إنما يتمسكون بما لا يمكن أن يفشل وبما لا يمكن يخيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق