الثلاثاء، 19 سبتمبر 2017

لأننا منسيون ، بقلم صالح طه

لأننا منسيون من أول الخيبة حتى آخر الظلام أفكر كل صباح كيف للعالم الإسلامي والعربي أن يبدد ظلامه وديجوره المسيطر عليه ولأن التحديات التي نواجهها يتم تصعيدها كل يوم تتضاعف الخيبات والظلامات وأن أول الطريق لتبديد هذه الظلامات هي أن تتضافر الجهود المؤسساتية والحكومية وتقدم دعمها اللوجستي اللامحدود للمثقف والمبدع  العربي كفرد أو كمؤسسة أو كجمعية أستطيع أن أذكر هنا جهود فردية تقوم بها مؤسسة الــزيتونة بطاقمها وأعضائها الذين يقومون بجهود
لا أكاد أبالغ لو قلت إنها أكبر بكثير من جهود بعض الوزارات الثقافة والاعلام في العالم العربي هذه الجمعية التي اتخذت من إيطاليا مقرًا لها هي تعمل
على إدارة الحوار العربي الغربي بشكل محترف وفعال حيث أن من ينتسب إليها ليسوا مثقفين عرب فحسب ولكنما شعراء من إيطاليا ومن غيرها من الدول الأوربية وكان لفعالياتها تأثير ملحوظ وواضح على بعض مثقفي الغرب حيث أن جمعية الزيتونة بادرت بطباعة الأعمال العربية وقامت بإحياء الموروث الأدبي العربي مثالا على ذلك هو قيامها بترجمة ملحمة * مجنون ليلى * إلى الإيطالية وقامت بتعريف أهم نموذج للرقي الإنساني العربي بهذا العمل في الوقت الذي يتهم فيه العالم العربي كثقافة بالوحشية والتخلف والبعد كل البعد عن أبسط مظاهر الإنسانية
وقامت بترجمة بعض من أعمال الشاعر الكويتي الشيخ عبدالعـزيـز سعود البابطين
وتم تقديم نموذج للشعر العربي المعاصر بصورة جميلة وعلى إثرها تم إحتفاء بعض المثقفين الأوربيين بتلك الترجمة في تفاعل لم يسبق له مثيل مع الأدب العربي
الذي إن صح التعبير يلقى تجاهلا وهجرا من الفرد العربي وقامت الجمعية بعمل مقارنات نقدية بين شعراء عرب وشعراء أوربيين حيث أن وحدة الشعور بين كل الشعراء وبين كل الأمم تظل تحمل لغة واحدة ورسالة واحدة ومن أهم تلك المقارنات التي تقرب وجهات النظر دون أن تفسد للود القضية التشابه الشعوري والوجداني بين الشاعر أبو القاسم الشابي والشاعرة الإيطالية ماري لويزا سباستياني والبطلة الفرنسية جان دارك ولا شك إن إيجاد أوجه الشبه بين آداب الشعوب وحضارتها يخفف ذلك الإحتقان والتعصب الذي شوه كل شيء جميل في هذا العالم
وأذكر أيضا ترجمة أعمال الشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم وذلك ربما من أهم الترجمات حيث إظهار شعر سميح القاسم وترجمته يصحح وضع القضية الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام ويقدم نموذجا صحيا ربما يغني عن كثير خطابات سياسية وجهود إعلامية لم تكن فعّالة والواقع يشهد بذلك ولمن أراد التثبت فليقرا من منشورات الـزيتونة ترجمة  * سيرة بني سميح* ليرى أهمية هذا العمل وتقديمه حين يقدم للغرب الذي لم تصله الصورة الحقيقية للشخصية العربية المثقفة
وكثير أعمال مترجمة قدمتها الجمعية من نصوص لشعراء معاصرين وقدامى
ولعل أهم كتاب هو كتاب * إسلامي * للأستاذ الشاعر صلاح محاميد ومن يقرأ الكتاب يجد فيه حوارات ثقافية وفكرية أدارها الشاعر مع مثقفين إيطاليين وقدّم صورة ناصعة عن الحضارة الإسلامية المتسامحة وقلّص كثير جهود لم تستطع فعلها كثير من الحكومات العربية والمؤسسات الإعلامية العربية وأظن السبب
هو الإخلاص للقضية ورغبة ملحة من الكاتب في خلق جو حواري صحي مع الآخر المختلف بما يخدم قضايا شعوبنا وحضارتنا وأمتنا
ولو استعرضت كل تلك الأعمال المترجمة وكل تلك الدراسات النقدية وكل تلك الندوات الحوارية والفكرية  التي تقيمها الجمعية بمجهود فردي لما انتهيت من تعدادها  لكن يظل السؤال  من يستطيع دعم مجهودات كبيرة كهذه ؟؟وهل تجد هذه الجمعية يدا معينة في دعم مشاريعها الثقافية والعلمية والأدبية لأن الجمعية ليس أقصى طموحها في تقديم الترجمات والدراسات النقدية لكن أن يكون لها مشروع ثقافي فاعل يؤثر على المثقف الغربي ويعكس الحضارة العربية ويعيد الجميع لطاولة الحوار والنقاش للبحث في قضية السلام العالمي التي أصبح هذا النوع من السلام يحتاجه المواطن العربي أكثر من الأوربي وهو برأيي الشخصي أول النضال وأول مراتب الرقي  ودليل ذلك تلك الصراعات وتلك النكبات التي تمر بها أوطاننا العربية ماهي إلا بسبب غياب الآلة الإعلامية والثقافية التي تعمل بإتقان واحترافية
ويبقى الرجاء في دعم الحكومات والاستثمار في هذه المشاريع الثقافية التي بلا شك ستعود فائدتها على الأمة وستحل كثير إشكالات فكرية وحضارية وقع فيها الغرب بسبب كسلنا الثقافي
 *****
شاعر إرتري مقيم بالسعودية مهتم بالشأن الأدبي  صدر له ديوان شعر بعنوان * تراتيل الغدير * 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق