الجمعة، 16 يونيو 2017

قصة قبطان في قلب العاصفة للاديب سهيل عيساوي من اجمل القصص


صرح كمال عطيلة الناطق بلسان وزارة المعارف للوسط العربي بانه"شارك اكثر من 30,000 ألف  طالب  خلال شهر أيار لعام 2017 في دعايات انتخابية للكتب المحبّبة لانتخاب الكتب المفضّلة لدى الطلاب في نطاق مشروع مسيرة الكتاب لتشجيع المطالعة وتنمية الأبداع لدى الطلاب , وتقول السيدة الهام هلون حنا مركزة المشروع في الوسط العربي "  تعتبر هذه المرحلة من مراحل المشروع التي تتيح للطلاب الابداع أدبيّا وفنيّا في اعقاب قراءة القصص المنوّعة والتفاعل معها , والجدير ذكره انّه للعام الثاني على التوالي تم تنسيق  لقاء مع اديب متزامن  حيث بثّت  محاضرات قيّمة  لأدباء تشارك كتبهم بالمسيرة ضمن المشروع  خلال ثلاثة لايام عبر الانترنيت  ,حيث شهدها الاف الطلاب  من المدارس المشاركة , ففي العام الماضي كان لقاء متزامن مع الاديبين سهيل كيوان وجودت عيد , وهذا العام بثت محاضرات لكل من الاديب سهيل عيساوي والاديبتين مينا عليان حمّود  وميسون اسدي ونصبو كي تشارك كافة مدارسنا بهذا المشروع القيّم ليصبح نمطا  كي نضع الكتاب والقراءة في مركز حياة طلابنا , فالقراءة هي مصدر معرفة و قوة ثقة بالنفس ونجاح " الى هنا  ما  جاء  في  البيان .

وقام  المجلس المحلي بكفرمندا ، ممثلا    برئيس المجلس المهندس طه فوزي زيدان ، ومدير  قسم  المعارف الأستاذ جمال طه والاستاذ  حسان زيدان مركز  التعليم الاعدادي والثانوي ، بتكريم  الأديب سهيل عيساوي ، بهذه  المناسبة  ، متمنين  له المزيد من النجاحات . 









ومن  خلال  النصويت  للأجمل  القصص  للمرحلة  الابتدائية  ، تم  اختيار  6  قصص  من  بينها  قصة  " قبطان  في  قلب  العاصفة "  الصادرة  عام  2015  ،  عن  دار  الهدى  للطباعة  والنشر -  كفر قرع ، تقع  القصة  في 36  صفحة من  الحجم الكبير ،  غلاف  مقوى ،  تزينها  رسومات  الفنانة  فيتا  تنئيل . وفد  تناولها  العديد  من  النقاد ، 



وهذه القصَّة تذكرنا ببعض روائع القصص العالمية للأطفال التي ترجمت للعربيَّة، مثل: قصَّة جليفر في بلاد الأقزام والعمالقة، وقصة روبنسن كروزو ، وقصص الرحالة ماركوبولو في بلاد الصين والهند التي يشوبها الكثير من الأحداث الخياليَّة. وقصص السندباد، وقصة حي بن يقظان، وقصص الرحالة العربي ابن جبير والرحالة ابن بطوطة التي فيها الكثير من الواقع والأحداث الحقيقيَّة فهما قد زارا الكثير من البلدان والأقطار والجزر النائية واختلطا بالكثير من الشعوب والأمم والناس والأغراب، ولكن ابن بطوطة يدخل في كتابه الذي ألّفه عن رحلاته وتنقلاته الكثير من الأساطير والأشياء الخيالية غير الواقعيَّة (كتبهُ شخص آخر أديب ولكن ابن بطوطة هو الذي أملى عليه ما يكتب حسب ما كان يرويه له من عجائب وغرائب.
لقد اختار سهيل عيساوي اسم المملكة التي كانت مركزَ ومحور القصة والمكان الجغرافي الأول ومسقط رأس البطل "مملكة البيادر". وكلمة البيادر ترمز وتشير إلى الخصب والغلال والخير والعطاء والحياة ولكل ما هو إيجابي ومثمر (بيادر القمح والغلال). ولكن هذه المملكة مع كلِّ غناها وخيراتها ومواردها الطبيعية الكثيرة كان يحكمها ويسيرها مجموعة وطغمة من الأشرار والمارقين الذين سيطروا على حاكم تلك البلاد طيب القلب الذي لا حول له ولا قوة وكانوا يحركونه ويسيرونه كما يشاؤون وفرضوا الضرائب الباهظة على الناس.
من أهم الجوانب التي يعالجها سهيل عيساوي في هذه القصَّة:
1 ) الجانب الوطني: هذا الجانب والموضوع يظهر بوضوح في معظم أحداث القصَّة. ويلمِّحُ الكاتب في الكثير من الأحيان إلى وضع الأمة العربية ككل (في الدول والبلدان العربية) وعلى الصعيد المحلي (عندنا في بلادنا) وكيف أن الكثير من الشبان وخاصة شريحة المتعلمين والمفكرين والعقول والعلماء يفكرون في الهجرة إلى الخارج وترك البلاد من أجل مستوى حياة أفضل وأحسن ولجمع المال وبناء القصور واقتناء أحسن السيارت. ولكن يجب على الانسان ألا يترك وطنه وبلاده بل يبقى متسكنا ومتشبثا بأرضه ووطنه ويعمل ويضحَّي ويضع كل طاقاته ومواهبه وعلمه وامكانياته من أجل بناء وطنه وعمرانه وتطويره.
2) العنصر والجانب الأدبي والفني: هذه القصة مستواها الأدبي والفني راقي جدا ومميز.
3 ) عنصر الإيمان: ويظهر بوضوح عندما يتغير الطقسُ وتهبُّ العاصفةُ ويكفهرُّ الجو وتهطل الأمطار ويتعرض المسافرون على متن السفينة لخطر الموت. فيسلمون أمرهم للخالق جل جلاله وأن على الإنسان في الضيقات ألا يفقد أمله ورجاءَهُ بإلهه.
4 ) الجانب الأخلاقي والتثقيفي والتعليمي. تعلمنا القصة أن ننتهج الصبر والجلد وأن تمسك بالإيمان في الظروف الصعبة ونتصرف بروية وحكمة وتعقل وألا نيأس ونفقد أملنا ورجاءنا وإيماننا بالخالق جل جلاله لأنه في كل لحظة قد تتغير الأوضاع وتنقلبُ الأمور رأسا على عقب لصالحنا فالله على كل شيىء قدير.
وتعلمنا القصة بالإضافة إلى ذلك القيم والمبادئ والمحبة والإخلاص والوفاء للغير وللأصدقاء، فالشخص الوفي والصادق والامين والمحب هو الذي سيكسُب ويربح في النهاية. وأما الذي ينسى الصداقة والزمالة ويتنكر لأقرب المقربين له ويتخلى عنهم ويخونهم ويتركهم في الضيقات والمواقف الصعبة يواجهون الأخطار ويهرب ليسلم بجلده وبروحه ويتصرف بشكل أناني وحيواني هو الذي سيخسر في النهاية ويلاقي بئس المصير كما حدث مع سامي مساعد القبطان ماجد.
5 ) الجانب الترفيهي (التسلية) وموجود في جميع صفحات وأحداث القصة فالقصة كلها جميلة وممتعة ومسلية للصغار وللكبار.
6 ) عنصر المفاجاة والتشويق : نلتمسُ هذا الموضوع والجانب (عنصر المفاجأة) عندما تهبُّ العاصفة بشكل مفاجىء والسفينة تكون مع طاقمها في عرض البحر. وأما عنصر التشويق فموجود في كل صفحات وفصول القصة من أولها إلى آخرها فالقصة جميلة ومشوقة ومحفزة للقارىء للإستمرار في قراءتها.
7) عنصر الخيال (الفانتازيا): جميع قصص سهيل عيساوي التي كتبها للأطفال يترعها ويملؤها الجانب الفانتازي الخيالي.
وأريدُ الإشارة إن سهيل عيساوي اختار اسم "القبطان ماجد" لبطل القصَّة بشكل مقصود وليس عفويًّا فهذا الإسم قريب لاسم القبطان العربي المشهور (أحمد بن ماجد) الذي كان معاصرا للملاح والرحالة البرتغالي المعرف (فاسكو ديغاما) الذي اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح جنوب أفريقيا ومنه يتم السفر عن طريق البحر إلى الهند. وكان القبطان أحمد بن ماجد قد ساعد فاسكو ديغاما كثيرا في أعماله ومهماته وسفره .
8 ) الطابع والجانب الأنساني والأممي: هذه القصة لم تكتب لشعب ولأمة ما أو لجهة وفئة معينة فققط. بل هي قصة أممية كتبت لجميع أمم وشعوب البشر تتجلى فيها العاطفة والروح الإنسانية الشمولة وتدعو إلى روح التعاون والتعاضد بين الناس والبشر والأصدقاء، وتدعو للمحبة والإخلاص والوفاء والمسامحة وللقيم والمبادىء المثلى فهي تخاطب الضمير الإنساني في كل مكان وزمان.
• وأخيرا:
إنَّ هذه القصة من أجمل وأحسن ما كتبهُ سهيل عيساوي للأطفال. وقد كتبت بأسلوب جميل متقن وبلغة أدبيَّة جزلة منمَّقة وسلسة وقوية وبطابع سردي يشوبه في الكثير، من الواقع، عنصر الحوار (ديالوج) بين شخصيات وأبطال القصة.
وهذه القصَّة تصلح أن تكون عملا دراميًّا تمثيليًّا كمسلسل أو فيلم سينمائي. ويحق لها أن تأخذ دورَها ومكانها في مصاف الأدب العالمي ومع القصص والروايات العالمية التي كتبت للأطفال.
وأنا أعتبرها أحسن قصة كتبت للأطفال حتى الآن على الصعيد المحلي وعلى امتداد العالم العربي أيضا ويحقُّ لها أن تترجم إلى معظم اللغات الأجنبية وتدرَّس للأطفال في المدارس في جميع بلدان العالم. فقصص ماركوبولو وجليفر وروبنسن كروزو وغيرها التي كتبت للأطفال ليست بأجمل وأحسن منها على الصعيد الأدبي والفني والإنساني والتثقيفي والتعليمي".

اما الناقد  صالح  احمد كناعنة  فكتب:
   الأبعاد والايحاءات الفكرية والتربوية
أ‌- تركز القصّة على نقد الواقع الذي تعيشه البلاد العربية من تسلط بطانة السّوء، وإثقال كاهل النّاس بالضرائب، وتنغيص عيش البسطاء بالملاحقات والمحاكمات الظّالمة بسبب وبغير سبب..
ب‌- تحاول القصة إلقاء الضّوء على أسباب هجرة الشّعوب.. والتي يلخصها الكاتب هنا.. بالفرار من قسوة العيش، في ظل الفقر والكبت والظّلم المتمثّل بالضّرائب الطّائلة وسياسة التّضييق على المواطن في كل نواحي حياته.

ت‌- يهاجر الناس بحثاً عن الحرّيّة.. وبحثاً عن اللّقمة الطّيّبة، الهنيّة، غير المغموسة بالذّل والمهانة والقهر..
ث‌- تنبَّه الكاتب للتّأكيد على أن هجرة المواطن من بلاده تحت طائلة الظّروف القاسية لا تعني أبدا نسيانه لبلاده حال تمتعه بخيرات المهجر.. بل على العكس، يزداد حنينه لبلده وموطنه.. وأمنياته بأن يعم الخير والسّلام بلده وأهله .

ج‌- الناس يحبون المخلص الأمين... ويسلّمون له قيادهم بكل اطمئنان وثقة.. (القبطان ماجد نموذجا)..
ح‌- الخائن والغادر والأناني الذي لا يفكر إلا بنفسه... عاقبته وخيمة دائماً.. (المساعد سامي نموذجًا)

خ‌- الفكرة المركزية.. والأمل المنشود.. والعبرة السّامية في القصة... "العودة".. لا بد للمهاجر أن يعود إلى بلاده مهما طالت به الغيبة.. ومها تغيّرت به الظروف، وتبدلت الأحوال.. فالحنين شعور قوي لا يضعف مع الزّمن، ومع تغير الأحوال، بل يشتد ويقوى.. وهكذا عاد المهاجرون تاركين العز والرّخاء الذي أصابوه في بلاد الغربة.. لأنّ الحنين أقوى من كل شيء.. ولأنهم شعروا، بل أيقنوا أنّ بلادهم أولى بهم وبجهدهم وإخلاصهم..
 الرّموز التّراثية في القصة:
1- القبطان ماجد:
يذكرنا بالبحارة المغربي العربي أحمد بن ماجد، الذي قاد ماجلان إلى طريق الهند.. وعرفه على ما توصل إليه العرب من وسائل متطورة في عالم الابحار.. وأهداه خرائط دقيقة لم يكن الأوروبيون يعرفونها أبدا..
2- السفينة العنقاء:
تعود بنا إلى رحلات السندباد.. ومغامرات البحارة العرب.. وتنقلاتهم بين الجزر العجيبة.. ذات الثراء والنعيم الوافر ..

صالح احمد (كناعنة)
3- مملكة البيادر:
البيدر، وما يحمل من دلالات تراثية.. من أيام الحصاد والعمل الزراعي وتراث الأجداد من خلاله... وهو كذلك يمثل هنا في الاصطلاح الذي اختاره الكاتب كرمز مكاني يحتضن تراث حقبة زمنية غالية وثرية بالتراث في بلادنا (مملكة البيادر) ليجعلها رمزًا للبلاد العربية التي سودها نمط الحياة الزّراعية، وخاصة قرانا العربية الفلسطينية.. حيث كانت الزراعة مصدر معيشة السّكان .. والبيادر سمتها البارزة وطابعها العام المسيطر..
@ ملامح رامزة في القصّة، تستحق الوقوف عندها:
أ‌- اتبع الكاتب أسلوب التقّية، والنقد الحذر، سياسيًا واجتمعاياً.. فقد أشار إلى أن حاكم البلاد: "على الرغم من معدنه الطّيب، إلا أنّ بطانته من وزراء وعمّال كبار فاسدة وعابثة" (ص2) علماً بأن الحاكم هو من يعين الوزراء.. ويقرب البطانة.. ويمنحها السلطة والنّفوذ ..
ب‌- الايحاء بأن بلادنا العربية تحكَمُ وتدار من خلال العسس وعيون الجواسيس، حيث يتم إجهاض طموحات النّاس من خلال ممارسة سياسة القهر والكبت والاضطهاد.. والمحاكمات العبثية الظالمة.. (ص8)
ت‌- اتباع السرّية والحذر في تحقيق الأهداف والمخططات.. واجب وضرورة.. (وكأني بالكاتب يستحضر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود"
ث‌- ضرورة الاستعداد والتهيّؤ للسفر.. والتأكد من صلاحية كل شيء.. ومن توفر الجو المناسب والظرف الملائم.. كما فعل القبطان ماجد.. الذي قام بتجديد سفينته والتاكد من صلاحيتها. واحتيار الوقت والظرف الملائم للسفر.
ج‌- من طلب النّجاة دون غيره، نال العكس.. (المساعد سامي نموذجًا).
ح‌- تحمُّل المسؤولية بإخلاص وأمانة صفة الأقوياء والنّبلاء، وهي صفة العظماء الذين يكسبون ثقة الآخرين بهم بقوة وحق (القبطان ماجد نموذجًا)
.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق