الاثنين، 3 أكتوبر 2016

رواسب العبودية في أميريكا بقلم البروفيسور محمد الدعمي

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ”.. إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة تقبع اليوم تحت سلطة أول رئيس أسود، فإن ما سبق الإشارة إليه من أعمال عنف واضطراب إنما يشير الى أن الجمهور الأسود هناك لم يزل يشعر بالغبن وبالتمييز بغض النظر عن التشريعات والتقاليد الاعتبارية والسلوكية التي وضعت إنهاءً لسياسة الفصل العنصري نهاية ستينات القرن الماضي.”
لم تذهب اعتصامات وتظاهرات السود التي عصفت بالمدن الأميركية الرئيسة خلال الأشهر القليلة الماضية سدىَ. ودليل ذلك هو حال اليقظة التي يحياها الجمهور هناك، إضافة الى النظام الحكومي، حيال تاريخ العبودية السوداء. ولايبدو الأمر مجرد هبّة مارة سرعان ما تهدر طاقاتها هباء، خاصة بعد أن لقّن الجمهور الأسود قوات حفظ النظام (الشرطة، من بين سواها) دروساً لايمكن أن تنسى عبر عدد من عمليات الاعتصام والاغتيال والقنص التي طالت العديد من رجال الشرطة البيض.
إذا كانت هذه ظواهر اجتماعية/سياسية لايمكن أن تمر على المتابع الفطن دون ملاحظة، فان عملية إلقاء الضوء عليها، رصداً وتحليلاً، إنما تساعد المرء على تطوير وعي دقيق بحقائق الأمور وتعقيداتها في المجتمع الأميركي.
وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الولايات المتحدة تقبع اليوم تحت سلطة أول رئيس أسود، فان ما سبق الإشارة إليه من أعمال عنف واضطراب إنما يشير الى أن الجمهور الأسود هناك لم يزل يشعر بالغبن وبالتمييز بغض النظر عن التشريعات والتقاليد الإعتبارية والسلوكية التي وضعت إنهاءً لسياسة الفصل العنصري نهاية ستينات القرن الماضي.
لذا، سمعنا الأصداء العديدة استجابة لما جرى في الأشهر السابقة، ومن أهم هذه الأصداء ينبغي للمرء أن يلاحظ ما يمكن أن يطلق عليه عنوان “يقظة ضمير” بيضاء غير متوقعة، مبتناة على عدة عناصر، من أهمها هو عنصر الرواسب النفسية التي لم تزل غير قادرة على تنقية الذات من التحامل والخيلاء الأبيض ضد السود، فقد عبرت هذه الرواسب عن وجودها المخل في طرائق تعامل الشرطة مع السود، وفي تجاوز النجوم السوداء في عدد من المحافل الفنية العالمية من نوع جوائز الأوسكار، الأمر الذي قاد الى هبة إحتجاج سوداء جاءت أهم تعبيراتها هذه المرة من نجوم الرياضة والفن السود خلال الأسابيع القلية الماضية، وقد حفلت نشرات الأخبار بأنباء رفض رياضيين سود الوقوف إحتراماً للنشيد الوطني الأميركي على نحو علني أمام أنظار عشرات الآلاف من المشاهدين.
وبناء على ماتقدم، تأخذ “صحوة الضمير” البيضاء شكلاً تنقوياً، عقاباً للذات في محاولة لترضية السود. وقد جاء إعلان جامعة “جورج تاون” بتعويض أحفاد العبيد السود الذين باعتهم الجامعة قبل عقود سابقة للتغلب على مشاكل مالية أحاقت بها آنذاك، أقول جاء هذا الإعلان واحداً من أهم تعابير تلك اليقظة “الضميرية”. زد على ذلك بناء وافتتاح واحداً من أبرز شواهد “التوبة البيضاء” على إستعباد السود في التاريخ، وهو “المتحف الوطني للتاريخ والثقافة الأفريقية الأميركية” الذي اقامته مؤسسة سميثسونيون Smithsonian وسط واشنطن العاصمة على مقربة من أهم معالم المدينة ومنها مكتبة الكونغرس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق