الأربعاء، 16 يناير 2019

ومضات - بقلم : بلقيس الكبسي


ومضات

بروتريه

رَسم هَالتهُ ببروُتريه أَحمق، فَسقَطتْ اللوحَة.
عَانَدَ الحَواجِز التِّي رقَلتْ عبوره؛ فأردته صريعاً.
الغَرقُ مَوت وَحدَه ُ الغَرق فِي الحُبِّ يبعث الحياة.
أَعمَارنَا كَمقتَنياتنَا؛ تتَلف قَبل أن ننهِي دَفع أقسَاطها.
الكثير جداً شَيء مِن لاَ شَيء،
وَالكَبير جداً كَبير   فِي كُل شَيء.
عِندمَا تَشهق أحشَاءها وَتتَلذذ بنَارها
تَكون أنتَ الغَبِي الذِّي ينَتحرُ فِي الطَرف الآَخر.
في اليوم العالمي للمرأة، الأَحذِية ذات الكَعب العالي طَالبتْ بِالحقوق.
سِّر المرأة كَمجوهراتها
تَستعرضُ بِها أمام الأُخريات،
لَكنها لاَ تخبرهن عَنْ سِعرها الحَقيقي.
نَقَعُ فيِ حَبائِل الحُّب، وَتُوقِعنا الحَربُ فيِ حَبَائلها.
نُمارسُ الحُّب بِكامل إرادتَنا، وَتُمارسنا الحَرب بِكاملِ إجرَامها.

تَطلعتُ الى البَريق الذي كَان يُومضُ بِزهوٍ،
فجأة اختفى؛ فامتعضتُ واعلنتُ احتجاجي،
وسهوتُ عمداً   أنْ كفي هي من حجبته!
عقدَ الشوقُ لِسان قلبهِ؛ فأبكمهُ الوجد.
انبَلجَ مِنْ ظُلماته إِلى نُورِها؛ فانطفأت روحها.
تَجَرَّعَ العَجزَ؛ فَتعَاطتهُ الأُوهاَم.
اعتَنقَتْ وحدَانِيتهُ المُطلَقة؛
فَكَافَأهَا بِشَرِيكةٍ أُخْرَى.

حَوَطتْ قَلبَهَا بِسِياجِ حُبهِ؛ فَمَنَعَ مُرُوُر أَحد سوَاه.



أسقطتهُ جَاذبيتها إلِى سهوِ قلبهِ؛ فسجدَ الحبُ سحراً.
سَكبَ وَجهَه فِي نَقاءِ مُقلَتِيهَا؛ فَتهدَّجَ القُبحُ بِعيِنيهِ.
رَاوَدتهُ نفسهُ أنْ يعرَّفَها مَكَامن البَحرِ؛
فَابتَلعتْهُ موجتُها.
ارتوى من رحيق عذبها؛ فاستبد بها الظمأ.
ارتَدَى غُموضَ تَكهنَاته؛ فَكَان عُريه بِدَاية الاكتِشَاف.
احتَفوا بِمَرَاسِيم عُرسهَا البَاذِخ؛ بَينَّما ظَلَّ قَلبَهَا عَانِسَاً.
نضَجتْ ثِمَارُ الانتظارِ قبل أوانها؛
فقطفتْها مخالبُ الاستباق.
سَكَبَ هذيانه فيِ فناجين   وَيلات ٍ كَثيرة
ثُمَ ارتشفها دفعة واحدة.
أَدمَنَ نَبيذَ الحبرِ؛ فأَسكَرتهُ كَأس الحُروُف.
أسكنَ عقلهُ بين شبق فخذيه؛ فأصيب بعاهاتٍ عجزه.
تجاوزَ الخمسين بسنوات؛ ولم يبلغ سن الرشد بعد.
بَرأِ جُرحَه؛ فتذَكرَ وَخزَ الأَلَم.
عَزفَ النَّايُ شَدوَ غُربَتهِ؛ فَطَربُتْ آَهَاتُ الحَنِين.


قطعتْ ميلها الأول؛ فتعثرتْ بفتاوى النوايا
المتواطئة.

اختَلتْ مَعزُوفَته؛ فَانحنىَّ يُوَارِي خَيبةَ إفِلاَسهِ.
بُحتْ مطالبهم، أصمَّهم نعيقُه، صمتوا،
بنى قصره السابع.
عَاشَ حَالماً، عَابداً، ناسكاً، وماتَ بشرغةِ فجور.
غفلتْ عن شَاطئ قلبها؛ ضَربته موجات عابرة.
ارتَشَفَ دَمَهَا البِكر؛ فَقَتلها عَجزِه.
غَرَق يُتمَهُ فِي قَسوَتِهم؛ فَصَار يَحلمُ بِكِسرةِ خُبز.
نَسجَ العطاء روحَ الجمالِ، فَصَارتْ الدُودَة فَرَاشَة.
رفعَ عنقهُ المكسور للأعلى، تَطَاوَل عَجزَهُ؛ فَتَدلَّى.
أسكَنتْ تلابيبَها صندوقاً حديدياً،
ودفنتهُ في محيطِ النسيان.
سَرقَتْ شَيخُوخَتهُ بَرَاءتَها؛ فصيَّرتهُ لُعبَتهَا.
أدى شعائرَ الحُبُّ، سَعَى وَلبَى،
أَنهَى مَناسِكَه؛ وارتَد.

استَوطَن غَيِاهبِ نسيانٍ مزيفٍ؛
فَبَعَثَتهُ ذاكرةُ الحضورِ.
استدانَ عمرهُ ليسدَ رمق شَبَقهُ؛ ثم دفعهُ أقساط.
زَرَعَ الخبثَ بين عينيهِ؛ فجنى العَمَى.
غادروا المكانَ الذي احتلوه دهراً؛ وما زال غدرهم مستوطَنا.
نَسَخَ صورتها، كلما مرتْ بجرحهِ أنثى؛
تذكرَ ثأره.

ضمدتْ جِرَحها برباطِ الصمتِ؛
فضجَ وجعها بصخبِ نزفهِ.
نصَّبها سلطانة حبِّه؛ فولتهُ على عرشِ قلبها.
أسقطتهُ   سهوِ نَحوَ قلبهِ؛ فسجدَ الحبُ سحراً.
سَكبَ وَجهَه فِي نَقاءِ مُقلَتِيهَا؛ فَتهدَّجَ القُبحُ
بِعيِنيهِ.
مَأتَم
تَرَجَلّتْ الَمتَاعِبُ صهوةَ قلبهِ؛ ودَفَنتْ نَفسَّها بِجِوار قَبره.
**********


الاديبة  بلقيس   الكبسي   -  balkbsy0@gmail.com


  كاتبة   يمنية   ، تقيم  في  المغرب -  طالبة  دكتوارة ، ناشطة  ثقافية  وحقوقية قاصة وشاعرة وروائية وكاتبة مسرح.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق