” لست أشك فيما أذهب إليه من علامات خطيرة تحيق بوجود وبمفهوم الأسرة ذاته، خاصة بعدما سمعته وقرأته من صيحات استغاثة من رجال دين بارزين ومن نقاد مجتمع وكتاب كبار سبق وأن رفعوا أعلام التحذير والاستغاثة بسبب خشيتهم على بقاء مفهوم الأسرة الكلاسيكي، الديني والعرفي المعروفان من أقدم العصور،”
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جلست مقابلي على ذات المائدة مع رفيقها خشن الملامح، فعرفتني بنفسها، ثم به، بوصفه “زوجها الأول”، قائلة بأنه يعيش معها ومع “زوجها الثاني” في بيت واحد! وإذ شعرت بصدمة وعي من العيار الثقيل أن أجد سيدة تحيا في دار واحدة مع رجلين في آن واحد (زوج سابق وزوج حالي)، الأمر الذي قاد تفكيري إلى مأساة تفكك الأسرة في العالم الغربي لأسباب متعددة ومتنوعة، ربما كان تراجع الإيمان الروحي وطغيان المادية في هذه المجتمعات من أهمها.لست أشك فيما أذهب إليه من علامات خطيرة تحيق بوجود وبمفهوم الأسرة ذاته، خاصة بعدما سمعته وقرأته من صيحات استغاثة من رجال دين بارزين ومن نقاد مجتمع وكتاب كبار سبق وأن رفعوا أعلام التحذير والاستغاثة بسبب خشيتهم على بقاء مفهوم الأسرة الكلاسيكي، الديني والعرفي المعروفان من أقدم العصور، بمعنى تشكيل الأسرة من اقتران رجل بامرأة ثم إنجابهما لأولاد وبنات. إلا أن الذي حدث ويحدث في هذه المجتمعات الآن يبدو للناظر الشرقي المسلم شيئاً أقرب للخيال، إذ انتشرت بدائل عجيبة غريبة لمفهوم الأسرة الأساس أي المفهوم الذي أوصت به الأديان والشرائع: فلم يعد هناك مايدعو للاستغراب من أن تعيش شابة مع شاب سوية لسنين، ليس كزوج وزوجة، ولكن كــgirlfriend وboyfriend ، بمعنى “صديق”
و”صديقة”، وإذا كانت هذه الظاهرة أقرب للخيال بالنسبة للذهنية الشرقية، المسلمة المحافظة، فان الأغرب هو أن “الصديقين” أعلاه ينجبان أطفالا حسب الرغبة، ولا مانع لدى دوائر تسجيل النفوس من تسجيل المواليد الجدد بالاسم الذي يختاره الزوجان، حسب الرغبة كذلك، طبعاً ودون الحاجة لعقد زواج رسمي: باسم الصديق، أو باسم الصديقة وعائلتها، أو حتى باسم صديقها التالي، بعد الأول، الذي يوافق على التضحية “من أجل الحب”.
أما الصدمة الثانية التي يحاول الغربيون المحافظون مقاومتها بكل قوة الآن، فهي الصدمة التي تهدد وجود الأسرة تماماً والى الأبد، وهي ظاهرة زواج المثليين التي سمح بتسجيلها في الدوائر أعلاه وفي المحاكم، ناهيك عن قبوله في دوائر الضمان الاجتماعي والحماية الاقتصادية، خاصة إذا ما رزق الزوجان المثليان (رجلان أو امرأتان) بأطفال، ليس عن طريق التلقيح الطبيعي، وإنما عن طريق التبني، إذ يذهب الطفل من أبوين مثليين، ذكور على سبيل المثال، ليتفاجأ بأقرانه وهم يتحدثون عن شيء غريب اسمه “أم”، فهو يعرف أن أمه هي رجل ثان يحيا مع أبيه في بيت واحد.وهكذا تنذر”علامات العصر” في العالم الغربي بانهيار وجود ومفهوم العائلة، برغم أنها هي اللبنة الأساس لبناء أي مجتمع بغض النظر عن ديانته الشائعة. وإذا لا يتوقف المحافظون من رجال دين وشواخص سياسية واجتماعية وثقافية عن دق نواقيس الخطر الذي يلتهم العائلة اليوم، فان الأغرب هو أنك إن عبرت عن استغرابك لعيش شاب وشابة سوية في بيت واحد، ثم لينجبا، ولكن كاصدقاء فقط، فإن عليك أن تقبل شكوى أحد الصديقين إياهما عليك أمام الشرطة أو المحاكم، فقط لأنك تريد أن تسبح عكس التيار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق