الاثنين، 18 مارس 2019

عربي السينما/مسلم التلفاز بقلم : د. محمد الدعمي


ما زال ذلك الحلم يراودني في أن أحظى بلفتة ذكية وسخية من لدن أحد فاعلي الخير من محبي أمتنا العربية والإسلامية، لتأسيس مركزي الخاص برصد واستقصاء ودراسة صورة الإنسان العربي والمسلم كما تطفو (بلا رتوش) على صفحات الثقافة الغربية الشائعة وعبر قنوات الاتصال الجماهيري، ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا مشروع عملاق يستحق المعاينة والمناقشة للاطلاع على أهدافه وأغراضه النهائية، زيادة على تحديد آليات العمل المطلوبة لتحقيقه وإحالته من حلم أثيري طالما سكنني منذ عقود حتى اللحظة، على سبيل كنه حقائق التفكير الغربي بنا وبحضارتنا وتاريخنا وبآفاق أدوارنا المستقبلية (مجتمعات عربية وإسلامية) على المستوى العالمي، وذلك من أجل تحرير إنساننا ودولنا مما علق بنا من شوائب غير واقعية ومتعمدة اللَّي والتشويه في أحيان كثيرة. زد على ذلك أهمية مواجهة طرائق التفكير الأجنبي بنا، مجرد أسواق واسعة لاحتواء منتجات الدول الصناعية ما بين شرق الصين واليابان وكوريا، وبين غرب أميركا الشمالية.
والحق، فإننا إن لم نفعل ذلك، يبقى الإنسان العربي ضحية سوء التمثيل وكاريكاتورية التصويرـ رجلا بدينا يمتطي جملا، ويحمل برميل نفط خام بأحضانه، بينما تجري خلفه مجموعة من الحريم والإماء، علما أن هذا التصوير المنمط في الثقافة الغربية ليس من نتاجات حربي يونيو 1967 وحرب تشرين 1973وما بعدها فقط. إن الذي شهده العالم الغربي آنذاك، من حملات تشويه ثقافية مشحونة بروح الثأرية والانتقام التي قد تطول جذورها عصر الارتطامات العسكرية عبر القرون الوسطى، الأكثر شهرة بعنوان “الحملات الصليبية”.
إذًا، الصورة النمطية للعرب وللمسلمين ليست حديثة العهد درجة تمكننا من تحويرها أو إزالتها خلال مدة قصيرة. إن هذه الصورة المشوهة التي دأب العالم الغربي على الاحتفاظ بها وتقنينها نحو العالم الخارجي، بل وحتى الآسيوي واللاتيني، هي صورة كانت قد اكتسبت ألوانها وخطوطها الأساس من حقب تاريخية قد تتجاوز عصر الحملات الصليبية قدما، ذلك أن بعض جذورها يكمن ما بين صفحات حكايات (ألف ليلة وليلة)، الأكثر شهرة في العالم الغربي بعنوان (الليالي العربية)، من بين سواها من الحكايات نصف الحقيقية ونصف الخرافية، ابتداءً من “عنتر وعبلة” و”قيس وليلى” و”جميل وبثينة” و(المقامات)، وانتهاءً بوثائقيات من نوع “موت أميرة، وبأعمال روائية من نمط رواية أوهارا (موعد في سامراء) ورواية (الحمار فوق المنارة) ورواية سلمان رشدي سيئة الصيت (آيات شيطانية).
إن مشروعي هذا عملاق بكل الأبعاد لأنه إن طمح للكمال، فإن عليه توظيف الأدباء والنقاد وعلماء الألسنية والمترجمين الذين يسعون لرصد صورة العربي والمسلم في الآداب والفنون منذ أقدم عصور الاحتكاك الثقافي والتفاعل الديني، ناهيك عن حاجته لتوظيف المؤرخين والاجتماعيين وعلماء الإنسان والصحفيين والسينمائيين، كل حسب تخصصه، على سبيل تحقيق أهداف هذا المشروع السامية في خدمة أمة وتصحيح ملامح صورة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق