أ.د. محمد الدعمي
إن قرار عدم انتظار الإرهاب، ينطوي على عدة احتمالات، إضافة على الترحيب بالتدخل العسكري الروسي، إلا أن أخطرها على إقليم الشرق الأوسط هو إحالته إلى إقليم حرب عالمية ضد الإرهاب، أي إلى حيث وجد الإرهاب لنفسه أرضًا آمنة، بل وموارد مالية، نفطية خاصة (شمال العراق، وشرق سوريا) قبل أن يباشرها هو بالهجمات كما فعل في 11 سبتمبر، 2001.
لم يعد الحديث في الولايات المتحدة الأميركية عن أن إسقاط أنظمة معينة في الشرق الأوسط (صدام حسين ومعمر القذافي، خاصة) كان خطأً استراتيجيًّا يتوجب تداوله همسًا، كما كانت عليه الحال حتى بضعة أشهر خلت، خاصة بعد الانتشار السرطاني السريع للإرهاب عبر المنطقة. هذه الظاهرة بالذات هي التي حدت بي إلى توقع قيام الولايات المتحدة، بالتعاون مع روسيا والحلفاء الأوروبيين، بعملية “تدويل” الأجزاء الشمالية والغربية من العراق، سوية مع الأجزاء المحاذية لها من الشقيقة سوريا لتكون ميدانًا دوليًّا للحرب ضد الإرهاب، بعد إزالة الأنظمة أعلاه.
مرد هواجسي الواردة في أعلاه هو موجة الخوف والفزع العالية، التي تجتاح الولايات المتحدة الأميركية الآن، خشية حصول هجمات مكافئة لهجمات باريس في واحدة من كبريات المدن الأميركية كنيويورك أو لوس أنجلوس أو واشنطن. وأهم بواعث هذا الخوف الأميركي الذي تتشاطره مع الجمهور أقوى الأجهزة الاستخبارية في العالم (بنسبة 50%)، علمًا أن هذه الأجهزة أضحت بدرجة من القلق حول من أين ستأتي الهجمات المرعبة ومتى؟ أنها نقلت أعباء مهمة التقدير والتوقع، بواقع النصف، للجمهور الأميركي، عله يتمكن من رصد واستمكان التحركات المشبوهة لهؤلاء الذين يحتمل انتماؤهم للشبكات الإرهابية. بل إن ما زاد من ارتفاع موجة الهلع الآن هو حقيقة أضحت مؤكدة، مفادها أن “داعش” قد ضمن مواطئ قدم آمنة له في شريط الأرضي الممتد بين الموصل (شمال العراق) وبين “الرقة” عاصمة “داعش” أو عاصمة “الخلافة” المزعومة في سوريا، بدليل التيقن القائم الآن في العالم الغربي بأن خطط و”أوامر” تنفيذ هجمات باريس قد أطلقت من داخل هذا الشريط.
والمعنى النهائي لما مر ذكره هو أن الحفاظ على الأمن القومي الأميركي والروسي والأوروبي، إنما يتطلب عدم بقاء أجهزة وجيوش هذه الدول ساكنة خلف حدودها الإقليمية، لأن “داعش” لم يعد مهتمًّا بإعلان وتمديد “دولة الخلافة” المزعومة إقليميًّا فقط، بقدر ما هو مهتم الآن بنقل المواجهة ضد العالم الغربي من داخل الإقليم (العراق وسوريا) إليه مباشرة، الأمر الذي يفسر الموافقة الأميركية غير المسبوقة على التدخل العسكري الروسي في سوريا، من بين سواه من التدخلات العسكرية الأوروبية المتوقعة والمنتظرة!
وإذا كانت الولايات المتحدة مترددة حول الموافقة على التدخل الروسي بعض الشيء سابقًا(بسبب ما حدث في القرم وأوكرانيا)، فإنها اليوم تدعو الرئيس بوتين بصوت عالٍ للتدخل العسكري في سوريا، وقريبًا في العراق، خاصة بعد إعلان حالة الطوارئ في العالم الغربي بسبب العمليات الإرهابية الأخيرة في سيناء وباريس ومالي.
الاستراتيجية الأساس التي تحتضنها الولايات المتحدة الآن هي عدم انتظار الإرهاب ليأتي إليها، وإنما مهاجمته استباقيًّا من أجل إجهاض أية عملية يتم التخطيط لها الآن في الموصل أو الرقة كي تنفذ في ميامي أو نيويورك. إن قرار عدم انتظار الإرهاب، ينطوي على عدة احتمالات، إضافة على الترحيب بالتدخل العسكري الروسي، إلا أن أخطرها على إقليم الشرق الأوسط هو إحالته إلى إقليم حرب عالمية ضد الإرهاب، أي إلى حيث وجد الإرهاب لنفسه أرضًا آمنة، بل وموارد مالية، نفطية خاصة (شمال العراق، وشرق سوريا) قبل أن يباشرها هو بالهجمات كما فعل في 11 سبتمبر، 2001.
ونظرًا لأن احتمال تدويل هذا الشريط الأرضي العريض (حيث تدخل الجيوش الأجنبية دون حاجة لموافقات الدول المعنية) الذي يستحوذ عليه “داعش”، بلا منازع، فإن على دول الإقليم (التي تعتبر بعيدة) لم تعد في منأى عن الصراع. ولها أن تفهم جيدًا بأن الحرب على الإرهاب التي بقيت شأنًا قاصيًا عنها (في أفغانستان مثلًا)، قد أضحت الآن بالقرب من أبوابها. وهذا القرب الجغرافي يعني الكثير من المخاطر بدوره، لأنه سيورط حكومات دول الإقليم في الحرب ضد الإرهاب، شاءت أم أبت: فلم تعد الحرب ضد الإرهاب في دول الإقليم حرب إذاعة وتصريحات وبيانات استنكار كما كانت عليه من ذي قبل. أن تكون الحرب بالقرب من باب دارك هي حال تختلف عما كانت عليه في السابق، فهي لا بد أن تمس حدود دول الإقليم، ناهيك عما ستتطلبه عملية تدويل أجزاء من العراق وسوريا، وإحالتها إلى ميادين مواجهة وصراع دوليين، من واجبات تترتب على دول الإقليم، أقلها ثقلًا سيكون واجب استضافة القوات الأجنبية الداخلة في هذه الحرب، ناهيك عن المتوقع من إنفاق سيترتب على حكومات دول الإقليم، ليس على سبيل إسهامها بالحرب ضد الإرهاب بحصص، ولكن على سبيل مقايضة حماية حدودها بالمال والموارد البشرية كذلك. وهذه ستكون من أصعب الخيارات التي ستضعها الدول الكبرى أمام حكومات دول الإقليم، كما أرى.
مرد هواجسي الواردة في أعلاه هو موجة الخوف والفزع العالية، التي تجتاح الولايات المتحدة الأميركية الآن، خشية حصول هجمات مكافئة لهجمات باريس في واحدة من كبريات المدن الأميركية كنيويورك أو لوس أنجلوس أو واشنطن. وأهم بواعث هذا الخوف الأميركي الذي تتشاطره مع الجمهور أقوى الأجهزة الاستخبارية في العالم (بنسبة 50%)، علمًا أن هذه الأجهزة أضحت بدرجة من القلق حول من أين ستأتي الهجمات المرعبة ومتى؟ أنها نقلت أعباء مهمة التقدير والتوقع، بواقع النصف، للجمهور الأميركي، عله يتمكن من رصد واستمكان التحركات المشبوهة لهؤلاء الذين يحتمل انتماؤهم للشبكات الإرهابية. بل إن ما زاد من ارتفاع موجة الهلع الآن هو حقيقة أضحت مؤكدة، مفادها أن “داعش” قد ضمن مواطئ قدم آمنة له في شريط الأرضي الممتد بين الموصل (شمال العراق) وبين “الرقة” عاصمة “داعش” أو عاصمة “الخلافة” المزعومة في سوريا، بدليل التيقن القائم الآن في العالم الغربي بأن خطط و”أوامر” تنفيذ هجمات باريس قد أطلقت من داخل هذا الشريط.
والمعنى النهائي لما مر ذكره هو أن الحفاظ على الأمن القومي الأميركي والروسي والأوروبي، إنما يتطلب عدم بقاء أجهزة وجيوش هذه الدول ساكنة خلف حدودها الإقليمية، لأن “داعش” لم يعد مهتمًّا بإعلان وتمديد “دولة الخلافة” المزعومة إقليميًّا فقط، بقدر ما هو مهتم الآن بنقل المواجهة ضد العالم الغربي من داخل الإقليم (العراق وسوريا) إليه مباشرة، الأمر الذي يفسر الموافقة الأميركية غير المسبوقة على التدخل العسكري الروسي في سوريا، من بين سواه من التدخلات العسكرية الأوروبية المتوقعة والمنتظرة!
وإذا كانت الولايات المتحدة مترددة حول الموافقة على التدخل الروسي بعض الشيء سابقًا(بسبب ما حدث في القرم وأوكرانيا)، فإنها اليوم تدعو الرئيس بوتين بصوت عالٍ للتدخل العسكري في سوريا، وقريبًا في العراق، خاصة بعد إعلان حالة الطوارئ في العالم الغربي بسبب العمليات الإرهابية الأخيرة في سيناء وباريس ومالي.
الاستراتيجية الأساس التي تحتضنها الولايات المتحدة الآن هي عدم انتظار الإرهاب ليأتي إليها، وإنما مهاجمته استباقيًّا من أجل إجهاض أية عملية يتم التخطيط لها الآن في الموصل أو الرقة كي تنفذ في ميامي أو نيويورك. إن قرار عدم انتظار الإرهاب، ينطوي على عدة احتمالات، إضافة على الترحيب بالتدخل العسكري الروسي، إلا أن أخطرها على إقليم الشرق الأوسط هو إحالته إلى إقليم حرب عالمية ضد الإرهاب، أي إلى حيث وجد الإرهاب لنفسه أرضًا آمنة، بل وموارد مالية، نفطية خاصة (شمال العراق، وشرق سوريا) قبل أن يباشرها هو بالهجمات كما فعل في 11 سبتمبر، 2001.
ونظرًا لأن احتمال تدويل هذا الشريط الأرضي العريض (حيث تدخل الجيوش الأجنبية دون حاجة لموافقات الدول المعنية) الذي يستحوذ عليه “داعش”، بلا منازع، فإن على دول الإقليم (التي تعتبر بعيدة) لم تعد في منأى عن الصراع. ولها أن تفهم جيدًا بأن الحرب على الإرهاب التي بقيت شأنًا قاصيًا عنها (في أفغانستان مثلًا)، قد أضحت الآن بالقرب من أبوابها. وهذا القرب الجغرافي يعني الكثير من المخاطر بدوره، لأنه سيورط حكومات دول الإقليم في الحرب ضد الإرهاب، شاءت أم أبت: فلم تعد الحرب ضد الإرهاب في دول الإقليم حرب إذاعة وتصريحات وبيانات استنكار كما كانت عليه من ذي قبل. أن تكون الحرب بالقرب من باب دارك هي حال تختلف عما كانت عليه في السابق، فهي لا بد أن تمس حدود دول الإقليم، ناهيك عما ستتطلبه عملية تدويل أجزاء من العراق وسوريا، وإحالتها إلى ميادين مواجهة وصراع دوليين، من واجبات تترتب على دول الإقليم، أقلها ثقلًا سيكون واجب استضافة القوات الأجنبية الداخلة في هذه الحرب، ناهيك عن المتوقع من إنفاق سيترتب على حكومات دول الإقليم، ليس على سبيل إسهامها بالحرب ضد الإرهاب بحصص، ولكن على سبيل مقايضة حماية حدودها بالمال والموارد البشرية كذلك. وهذه ستكون من أصعب الخيارات التي ستضعها الدول الكبرى أمام حكومات دول الإقليم، كما أرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق