السبت، 3 أكتوبر 2020

دمعة على جبل الاخلاص ، وداعا استاذنا أحمد مراد بقلم : سهيل إبراهيم عيساوي

في هذا اليوم يخيم الحزن الثقيل على قريتنا كفرمندا ، وعلى الكثير من قلوب الناس، أصدقاء وطلاب وزملاء واقارب ، ليس من باب الصدفة أو من باب المجاملة ، يشاطر الناس بصدق الحزن ، أسرة الزميل احمد مراد ( أبو سرحان ) بوفاته ، لقد رحل عن عالمنا على عجالة ، لكن ذكراه تظل كالمسك تسكن القلوب، ويظل العطاء الذي غرسه في نفوس طلابه يشع ببريق سرمدي ،جذوه ضاربة في أعماق الأرض الصلبة الخصبة المجبولة بالعطاء والإخلاص والمحبة يصل مداه الأفق والنجوم ، عندما تسلمت منصبي عام 2004 لإدارة مدرسة ابن سينا الابتدائية ، تعرفت عن كثب بالمربي احمد حسين مراد ، لمست فيه الصدق والإخلاص وقول كلمة الحق ، والتفاني في العلم الى أبعد الحدود ، كان يضع مخافة الله دائما نصب عينه، رأس الحكمة مخافة الله ، حرص على أداء رسالته التعليمية حتى تقاعده من سلك التعليم في 30-6-2012 ، حرص على القدوم مبكرا كل يوم يلاقي الزملاء من المعلمين والطلاب والعاملين في المدرسة بابتسامة صادقة صافية وقلب كبير وذهن متوقد ، وضع نصب عينيه قدسية التعليم والصدق في أداء الواجب المقدس ، خلال عمله في المدرسة لم يتغيب يوما واحدا عن لمدرسة مهما كانت الظروف والضغوط ، فكنا نكرمه في كل عام بجائزة "المعلم المواظب"، لا اذكر انه تأخر يوما عن الدرس أو ضيع ثانية من حصة ، أو أعرض عن مساعدة تلميذ ، كان يرحب بالأهالي والمرشدين دوما ، يفرض احترامه على الجميع بسلاسة فهو سحر الإخلاص يشع من قلبه وروحه، كان السند والأب لكل معلم لا يبخل بمعرفة أو علم أو رأي سديد ، كان يعرف جيدا أهمية دور المعلم الذي يحمل أنبل رسالة إنسانية، حيث يقوم ببناء الإنسان، ولا يؤول جهدًا في سبيل العطاء والبذل، فيساهم في صقل شخصية الطلاب من الناحية التعليمية، وكذلك من الناحية الأخلاقية حيث درس الاستاذ أحمد مراد، مادة الرياضيات وعمل مركزا للموضوع ومشرفا على الامتحانات الخارجية الوزارية ومرشدا قطريا لموضوع الرياضيات، عندما قرر الخروج للتقاعد المبكر في جيل 59 ، وكان في قمة العطاء والنشاط ، حاولت ثنيه عن هذه الخطوة ، فما زال في جعبته الكثير من الخبرة والعطاء والتميز فانا في جهاز التربية والتعليم منذ اكثر من ربع قرن. اعرف جيدا المربي القدير. يبعث باشارات كثيرة واضحة للعيان يلتقطها القريب والبعيد ، لكنه أصر كي يفسح المجال للشباب وإدخال دم جديد للمدرسة ويتفرغ للعبادة والأسرة ، عندما نظمنا حفلا لتكريمه مع الأستاذ محمد زعرورة بمناسبة خروجهما للتقاعد ، اتصلت بمفتش المدرسة في حينه الدكتور هاني كريدين ، وابلغته لم يتردد ،في الحضور والمشاركة، في خطوة نادرة ، لأنه عرف عن كثب مدى اخلاصه وتفانيه في العمل حتى اللحظة الأخيرة فشاركنا في تكريمه ، وعندما خرج الى التقاعد كان شديد الحرص على التواصل مع طاقم الرياضيات ومباركة جهودهم واسداء النصائح الذهبية ، أعرف أنه من الصعب ان ألخص مسيرة رجل أنذر نفسه وروحه للعلم وخدمة التلاميذ في بضعة سطور ، معلم ساهم مساهمة جليلة في اعلاء اسم مدرسة ابن سينا وكل مدرس واطار تربوي عمل به . لكن عزائي الوحيد ان الرجل يلاقي ربه في يوم الجمعة الثاني من أكتوبر 2020 ، برصيد وافر من العطاء والإخلاص، وبالتعلق بالمساجد وحب الناس والعلم ، مهما كتبت في عجالة لن افه حقه ،يحزن القلب، وتدمع العين بغزارة على فراق من احببناهم بصدق ، واحبونا بصدق وعفوية ، عندما يموت صاحب الضمير الحي ، ويرحل عن عالمنا ، تشعر بفقدانه الدنيا والخلق ، يترك في القلب غصة، وخاصة في هذا الزمن الأصفر ، يصبح الإخلاص والصدق عملة نادرة ، كلنا يعرف جيدا ان الايام لا تكرر بسهولة مربين امثال الاستاذ احمد مراد. اكتب كلمتي لأخفف من حزني ومن حزن افراد عائلته ومعارفه وكل من عرفه، وللأمانة التربوية والتاريخية ، تظل صورته مقرونة بالإخلاص والصدق والوفاء، وذكراه عطرة ،بمقدورنا ان نستذكرها دوما لشحذالهمم ، والدعاء له نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته ويغفر له ويسكنه فسيح جنانه . تعازينا الحارة للعائلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق