الأحد، 9 أغسطس 2020

“تقليعات” هي مدعاة للتندر بقلم :أ.د. محمد الدعمي

أضحكني أحد العاملين في “معهد واشنطن” ولسوء الطالع، أني قد نسيت اسمه، إذ إنه دشّن ظاهرة خطيرة جديدة (يوم الاثنين 3 آب)، لم نعهدها من ذي قبل، ظاهرة هي مدعاة للتندر في تاريخ الإعلام العربي المعاصر: أما هذه الظاهرة، فتتجسد في مفاجأة ثقيلة الدم في نظر جميع المتابعين لتلك الفضائية “العربية”، إذ سألت المذيعة الحسناء الشاب أعلاه سؤالا، وإذا به يفاجئها ويفاجئ الجمهور بالقول: “اسمحي لي أن أجيب على سؤالك باللغة الإنجليزية، ثم ما يلبث وأن “يقلب الموجة” مباشرة للتكلم بالإنجليزية ولمدة طويلة، عاكسا نظرة ازدراء وعدم احترام واضحة المعالم للمتابعين العرب في القناة الناطقة بالعربية، ناهيك عما تنطوي عليه هذه “الفرية” من نظرة دونية خصت بها اللغة العربية، بلا أدنى شك. صاحبنا العامل في “معهد واشنطن” يتكلم اللغة العربية بطلاقة، ولكنه يأنف أن يجيب على سؤال القناة أعلاه باللغة العربية. هذه حال تستحق الرصد والتحذير، خشية أن يأتي اليوم الذي تبث به قنواتنا بلغة مهجنة نوع: الـ”أنجلوآراب”!

وقد كان الأنكى هو أن المذيعة والفضائية التي تعمل لصالحها قد مررا هذه “الفرية” غير المسؤولة دون ملاحظة أو اعتذار للمشاهدين الذين تم خصهم وخص ثقافتهم ولغتهم بنظرة فوقية تنأى بنفسها عن كل ما يتصل أو يتوافق مع احترام المتابع العربي من المحيط إلى الخليج. هذه تقليعة يمكن أن تفتح الأبواب واسعة على ركوب الإعلام للإقلال من شأن لغتنا القومية العظيمة (لغة القرآن)، بوصفها لغة “ضعيفة” غير قادرة على مواكبة روح العصر وتطورات العالم المعاصر السريعة. هي، إذا، لغة مختلة، بمعنى أن على العرب التخلي عنها وتدشين عصر تلقين اللغات الأوروبية بدائل للعربية في النظم التربوية، كي تواكب الأجيال الجديدة في العصر الجاري، عصر التباهي بـ”العجمة” والافتخار بها! فيا لها من فرية إعلامية خطيرة لا يمكن السكوت عنها أو تمريرها بخنوع بواسطة ذلك الشاب (الضيف) الذي استمرأ الارتقاء بنفسه على لغة تلك الفضائية، إضافة على الإقلال من شأن المشاهدين الذين يتابعون تلك القناة من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي (بكل اعتداد)، ودون اعتذار للمذيعة أو للقناة أو لجمهور المشاهدين المساكين الذين يتوجب عليهم تحمل عدم احترام لغتهم الأم من أجل الاستماع لرأي شاب لا يمكن أن يكون إلا سطحيا للغاية!
وهناك ثمة “تقليعة” إعلامية ثانية تستحق الرصد على سبيل التندر وإدراك أبعادها وأهدافها. والحق أقول، هي تقليعة تقديم مذيعي ومذيعات نشرات الأخبار وهم “يتمشون” قبل المباشرة بعرض الأنباء. وللمرء أن يتساءل: لماذا عرض الأزياء هذا؟! أعيش هنا في الولايات المتحدة الأميركية منذ حوالي من عقد ونصف من السنين، متابعا أبرز الفضائيات الأميركية والعالمية؛ ولكني لم أشهد تقليدا لعرض أزياء وأطوال المذيعات والمذيعين (شرطا مسبقا) قبيل أن يقرأوا الأنباء قط، ولجميع القراء أن يعاونوني على إيجاد فضائية عالمية، آسيوية أو أوروبية أو أميركية، تقدم قارئ الأنباء بالكامل، طوله وقيافته وهو يتمشى في “استوديو” الأخبار، كنوع من المقبلات، لعرض أخبار اليوم! ما هذه الغرائب و”الفريات” الإعلامية، يا ترى؟
!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق