السبت، 1 فبراير 2020

لقاءٌ مع الشاعر الكبير والمُخضرَم " سَلمان خليل دغش " -















            لقد  أجريت هذا اللقاء الصحفي المطول مع الشاعر الكبير  المرحوم  سلمان خليل دغش  قبل وفاته بعدة  سنوات .    وقد وافتهُ المنية  مساء يوم الجمعة عن عمر يناهز  ال 90 عاما -   وتم تشييع جثمانه يوم السبت (1 /2 /2020 ) في قريته المغار- الجليل .  ويعتبرُ الفقيد في طليعة الشعراء والأدباء المحليين الكبار المبدعين ..وكان نشيطا جدا وفعالا على الصعيد الأدبي  والإجتماعي والثقافي المحلي ، وهو من أهم الرُّوَّاد والمساهمين في  تطوير وارتقاء وتألق مسيرة الشعر والأدب المحلي.إنَّ موته خسارة كبيرة وفادحة للأدب والثقافة - محليًّا  وعربًّا - .  ليرحم الله فقيدنا الغالي  وليسكنه  فسيح جنانة .  وأنا أعيد الآن  نشر هذا اللقاء الذي أجريته معه قبل وفاته - مرة أخرى - وفاء وتقديرا وحبًّا وعرفانا لعطائه الإبداعي المتواصل  وتقديرا لمكانته ومنزلته العالية : أدبيًّا  وثقافيًّا واجتماعيًّا  .      وفي هذا اللقاء  يطلعنا شاعرُنا خالد الذكر- المرحوم (سلمان خليل دغش أبو الوليد) على أهم المحطات في حياته ومسيرته الأدبيَّة والثقافيَّة  .
وأريد الإشارة أيضا: أنه رغم مكانة الشاعر الفقيد ومنزلته الشعريّة السامية  فهو من أوائل الشعراء المحليين وروَّاد الشعر الكلاسيكي المحلي ( الموزون والمقفى )  والضليعين في اللغة العربية ..وكان يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب ..لم يكتب عن دواوينه الشعريّة وإصداراته الأدبيَّة حتى الآن  أيُّ  أديب وناقد  محلي .. إلا أنا  فقط  حيث  كتبتُ دراسة مطولة لأحد  دواوينه الشعريّة  الذي صدر قبل سنوات ...وبالإضافة إلى هذا اللقاء الصحفي المطول الذي أجريته  معه قبل وفاته .

 ( أجرى اللقاء: الشاعر والإعلامي حاتم  جوعيه - المغار- الجليل )


                                                                                                                                                   مقدمة ٌوتعريف  ( البطاقة ُالشخصيَّة  )  :         
                        
                 الشاعرُ    والكاتبُ    الكبيرُ    والمُخَضرَم ُ   الأستاذ   "   سلمان خليل دغش  "    من   سكان    قرية   المغار    الجليل   -  ،  عمره  (  ....    ) ،    متزوج ٌ   وله ُ عشرة ُ  أولاد ٍ،   أنهى  دراسته ُ للمرحلة ِالثانوية زمن الإنتداب البريطاني  في مدينة طبريا ... وَعُيِّنَ  مُدَرِّسًا  بعدَ  قيامِ  الدولة ِ في  قرية  المغار  -   للمدرسة  الإبتدائية .. وَدرَّسَ  أيضا  في  قرية   " جث "  الجليلية   .    ولظروف ٍ طارئة ٍ اضطرَّ  لمغادرة البلاد الى لبنان  أوَّلا ً بتاريخ  ( 21  / 3  / 1951 )  ومنها إلى سوريا  (الشام )  حيث  تمَّ  القبضُ عليهِ هناك  وأدخلَ إلى سجن "المَزِّه "  العسكري  في (  24  / 8  / 1951 )  ومن ثم  إلى سجن  تدمر   العسكري    والسجن   المدني   في  الحميديّة  .....   وانتهتْ  محكوميتهُ   في  ( 4 / 9 / 1962  ) وخرج َ من  السجن ِ إلى أصدقائه  في  لبنان  ومن  ثم َّ وصلَ  إلى إسرائيل  في  ( 6 / 1 / 1962  )   .      وفي  إسرائيل  كوَّنَ  نفسَهُ  من  جديد  وعَمِلَ  في العديد ِ منَ المهن ِ الحُرَّة  وفي  مجالِ  البناءِ.         ......وفي     (  14/  1 / 1974  )    عُيِّنَ   سكرتيرًا    لصندوقِ  المرضى " كلاليت " في  المغار  وبقيَ  حتى (1  /  7  /  1993  )   حيثُ  خرجَ  للتقاعدِ  وتفرَّغ َ كليًّا   للكتابةِ  والإبداع  الأدبي .  
       صدرَ  لهُ  الكثيرُ منَ  الكتب   (  19 كتابا  )    وهنالك  كتابٌ جديدٌ  في الطريق  .     ويُعتبَرُ الشاعرُ  والكاتبُ  " سلمان  دغش "  من  أوائل الشعراءِ في البلادِ  وعلى مستوى العالم العربي والعالمي   ويُعتبرُ  أيضا  من  الجهابذة  الأوائل  المتمكنين  في  اللغة  العربية والشعر الكلاسيكي  التقليدي  ( العمودي )  على غرار الأجداد  من فحولِ  وعمالقة  الشعراءِ   في الجاهليةِ  والإسلام  والعصر الإمَويِّ  والعباسي  ورُوَّادِ وعمالقة  المدرسة الغنائيَّة الكلاسيكيّةِ الحديثة  في العصرِ الحديث   .  وكانَ لنا  مَعه ُ هذا  اللقاءُ  الخاص  والمُطوَّل .

سؤال  1  )    الشاعرُ سلمان دغش  (  أبو الوليد  )   أشهرُ من نار على علم ... كيفَ   تُقدِّم   نفسكَ  لجماهير القراء  ؟؟  
-جواب  1  -       أقدِّمُ   نفسي   للقراء ِ كشاعر  متواضعٍ  ،   أحبُّ الجميعَ   أنْ  يكونوا  شعراء  وأدباءً  وأفخرُ بالجميع ،  بجميع   مَنْ يمكنُ  أن  يكونوا  شعراءً وأدباء  فالشعرُ هو  الكنزُ   الذي  نحتاجُهُ جميعًا  ليكونَ  دعامةً  للغة ِ والأدب  والأخلاق  والتقدم   ،  والرِّقيِّ  باللغةِ   التي عشنا  لها  مقدَّسة ً في  ضمائرنا  وقلوبنا .. لغة  الضاد  التي وسعتْ  كتابَ الله العزيز  " القرآن  الكريم "   . 
  
سؤال 2    )    حدثنا عن بداياتكَ الأولى  في كتابةِ الشعر  إلى الآن ...   وأهمّ  المحطات  في  حياتِكَ  ومشواركَ  الإبداعي   (الشعري  والأدبي   ؟؟  
-جواب 2   -      بدأتُ   أكتبُ  الشعرَ   بعد   عام  1958    عندما   كنتُ  لا    أزالُ   في   سجن ِ   " تدمر  " ...      وعندما    انتقلتُ   إلى     سجن    (الحميديّة  )    وبمساعدةِ    مدير   السجن ِ    كنتُ     أرسلُ  قصائدي  إلى المجلات  والصحف السوريّة ِ  التي  تنشُرُهَا  تحتَ  اسم   مستعار  حسب  رغبة  مديرِ السجن   .     وكانتْ  لي  نشاطاتٌ في السجن  فكنت أعَلّمُ  في الحميديّةِ في المدرسةِ الإبتذائية ِ هناك ...   وأنهيتُ  دراستي   الثانوية  والجامعية   وحصلتُ   على البكالوريوس  في الأدب ِ العربي  بتفوّق ... وهذا  يعودُ  لملازمتي  للقرآن الكريم في سجنِ  تدمر  43  شهرا  كاملا  في  زنزانة  كنتُ  أنامُ  وكتابُ الله العزبز على  وسادة  واحدة   .   تعلمتُ  من الكتاب  العزيز  " القرآن "   اللغة  السليمة  ..وكما  تعلمتُ  منهُ الصبرَ كما  صبَرَ  يوسفُ  الصدِّيق   وكما  صَبرَ أيوب  على  مرضه ِ...  إلى  غير  ذلك  من  الآياتِ  الكريمة  التي تبعثُ الصبرَ والطمأنينة َ في صدرِ السجين ِ..   وبعد  أن  رجعتُ  إلى الوطن  كنتُ  أتعاملُ  مع  الإذاعة المحليَّة وكانَ مَقرُّهَا في مدينةِ حيفا ...  وكان المسؤول  عن الزاوية  الأدبية   "  عرفان  أبو حمد "  من حيفا  ،   وكنتُ  أذهبُ  كلَّ أسبوع  لتسجيل  قصيدة  في  الإذاعة  .      وكانت   تنشرُ   لي أحيانا   مجلةُ   " الجديد "   وجريدة ُ " الإتحاد "    ذات   الجذور  أيام  توفيق  زياد  وإميل  حبيبي  وغيرهم   .    وبعد  أن   انتسبتُ لكوبات  خوليم  ( صندوق المرضى )   رأيتُ   لمصلحتي  أن   أن أنقطِعَ  عن  النشرِ وأن  أكتبَ  وأخزِّنَ  ما  أكتبهُ   في  البيتِ  حتى  إذا  خرجتُ  للتقاعد عُدتُ  لنشرِ ما كتبتُ  وما  أكتبُ  وحتى  يومنا  هذا   لتكون  كتاباتي  في  الشعر  لا   تَهَجُّمَ  على  أحدٍ   ولا  هجاء  وأعيشُ في الواقع الذي  يعيشهُ عربُ  الداخل مع  إحترامي للوضع الذي  يعيشه كل مواطن  في  وطنهِ  .       وصدرَ  لي  حتى  الآن  19   كتاب   ،    منهم   إثنان   في   النثر  :   كتاب   ( وصيتي )   وكتاب   ( خاطرة  في ذاكرة سجين  )   مررتُ   فيهِ   على  العَناءِ  الذي   لاقيتهُ   في  السجن    ووسائل   التعذيب   والقمع   والتهديد   حتى  أكرِهتُ   على التوقيعِ  والإقرارِ  بخيانتي   وأنا  بريىء ٌ منْ  كلِّ  خيانةٍ   .
  
سؤال 3   )   العراقيلُ والصعوباتُ التي واجهتهَا  في حياتكَ  على جميع الأصعدة  :  (  الشخصية   الحياتية  والادبية ...  إلخ ..) ؟؟ 
-جواب 3  -        العراقيلُ  هي  حسدُ الحاسدين  لكلِّ  شاعرٍ يشقُّ طريقهُ بعزم .. ولستُ أنا وحدي  فنحنُ  نعيشُ في وضع  يكثرُ  فيه النفاثاتُ  في العُقدِ  ، وهنالك من لا  يطيقُ أن يرى  شاعرًا  مبدعًا متقدمًا  في  قريته  أو وطنه  وحتى لا  يضيعُ  اسمهُ   بين  شعراءِ الوطن  .. وهنا  كثرٌ  ولستُ أنا وحدي الذي يلاقي مثلَ هذا الظلم ... فهنالك الكثيرون  مثلي الذين  يلاقون من المظالم ما لا يُطاقُ ولكن  التحدي في  قلوبنا  يقضي على خسَّة ِ المنافقين  .    
 
سؤال  4  )   أنت َ دخلتَ  السجنَ لفترةٍ طويلة  في  سوريا ... حبذا لو تحدثنا عن  تجربتكَ  في السجن  ودورِها  في صقلِ  موهبتكَ... وكيف  تركتْ  بصماتهَا على إبداعِكَ  الشعري والأدبي ... وما  هو سببُ دخولِكَ السجن ؟؟                                                      - جواب  4  -    أول  ستة عشرة  شهرا  (16 شهر )   لم أكن أرى النورَ إلا  قليلا ،  كنت أتعرضُ  ما عدا ليالي  الجمعة  إلى التعذيب ِ  بأشدِّ  الوسائل  وأعنفِهَا   منَ  السياطِ  والكلاب المفترسة  والوضع  في  براميل  بعد  أن  تُثقبَ   ( تقدح )  بمسامير  طويلة  وأوضعُ  فيها  بعدَ التعرية  ويبدأ  الجنودُ   بدحرجةِ  البراميلِ  حتى  تتعبُ  أرجلهُم  فأخرج  منَ  البرميل  نازفا  بالدماء الغزيرة ِ وكنتُ أسقى  الماء َ المالح َ والمُلوَّثَ  ... وكانوا  يستعملون معنا الحقنَ الممزوجة بالفلفل الحارِّ وكانوا يدخلوننا إلى الحماماتِ فنقفُ على رجلٍ واحدة  ومن  فوقنا  المياهُ   تنزفُ  نقطة  نقطة  وخلفنا  يقفُ  جنديٌّ  يحملُ  الكرباج َ حتى  إذا   تعبتِ  الرجلُ  ينهال  علينا بالضرب ... وكانوا  يكرهوننا ويجبروننا على شتمِ الانبياءِ والرسل كشعيب  عليه  السلام ... وكانوا  يضعوننا  في حفر  وفوق الحفرةِ يضعون لوحة  قصدير ..وكانوا ينقلوننا  من  زنزانة إلى زنزانة  بعد  أن  يغطوا رؤوسنا ، وكانوا يتعاملون معنا بكلِّ ما  تتسعُ  شماتتهُم  بنا  ومسّهم  بنا  .   وبالأحرى  إن سجنَ " المزه " بالذات إذا  لم  يكنْ  بينك وبين ملاكِ  الموت ِ إتفاقيةٌ أن لا تموت  فإنكَ  تدخلهُ  لتموت  .  وأما  بعد الحكم  فكل إنسان منا  كان  يجدُ  في السجن من  يشبههُ .  فكان في السجن  أشرافٌ مظلومون وفنانون ومبدعون، وكان في السجن من  يتعاطى الخمرَ .. فكلُّ إنسان هنالك يستطيعُ ان يتعرَّفَ على  أناس  يتناسبونَ  مع  أحلامهِ وثقافته  .     وفي  سجنِ  تدمر دخلتُ على مدير السجن  وطلبتُ منه  كتابًا واحدا  وعندما  سألني  ما هو  الكتابُ   قلتُ  له  :     أريد  القرآن الكريم  لأنني معلم ُ مدرسة ٍ أستطيعُ أن أجوعَ  ولكن لا أستطيع ُ أن أنقطع َعن ِالقراءة ِ..   وهذا الكتابُ  (  كتاب الله  العزيز  "  القرآن " )   شدَّ عزيمتي  وأعادَ قوَّتي  بما  فيه  من آيات  كريمة  وقوَّى لغتي .  وأنا  أقولُ لكلِّ عربيٍّ في هذا البلد :  مَنْ أرادَها  لغة  عربيّةً  سليمةً  متينةً  عليهِ   بكتابِ  الله   العزيز   فهو  كتابٌ  يجبُ     أن نقرأه  ونتمعَّنَ فيه ِ لأنهُ  إنزالٌ من الله  سبحانه  وتعالى  لا  يأتيه  الباطل من أمامهِ وخلفه  ويعلم الصبرَ والجلد  ويعلمُ الثقافةَ العربيّة  التي  نحنُ  بحاجة  إليها  ولا  نستطيعُ  أن  نجدَهَا  في   المدارس ..  وهو الذي ساعدني (القرآن) على تعزيزِ نشاطاتي الشعريّةِ والأدبيّة.    ...وفي  مكتبة  السجن  في الحميدية  بعد أن  نُقلتُ  من  سجن  تدمر   وعُيِّنتُ من قبل مفتش معارفِ السجون  مُدَرِّسًا في الإبتذائية  وسمَحَ   لي مديرُ السجن أن أكملَ  المنهجَ  الثانوي  والجامعي ، وكنت أدخلَ   إلى المكتبة  وفيها ما يقاربُ ال ( 4000  كتاب ) من أمهات  الكتب القيِّمة ِ- وحفظتُ الكثيرَ  من شعرِ المعلقات والنقائض  لتكونَ زرعا  في  كبدي ...  ومنها  انطلقَ  عندي  الشعرُ القويُّ ....  حفظتُ  لكل ِّ  الشعراء  الكبار  (  في العصر الجاهلي  وصدر الإسلام   والإموي  والعباسي  والعصر الحديث  )    وكنتُ في السجن ِفي سوريا أتمتعُ عندما أقرأ لشعراء أمثال : أبي سلمى الفلسطيني  وسليمان   العيسى   ابن  لواء  الأسكندرون  ولصقر ِالفرات  من  العراقِ ، وكنتُ  أنشرُ  قصائدي  بمساعدةِ  مدير السجن في  معظم  الصحف  السورية  بما    فيها   مجلة  " الجندي السوري " ... وبعدَ  سجن  الحميديّة  خرجتُ إلى الشوف -  في لبنان -  بدعوةٍ من صديق  وزميل لي  وذلك  لأن  حكمي  عشر سنوات في السجن  وعشر سنوات  نفيًا خارج الحدودِ السورية فلقد ْ نصحني صديق من الشوف -  المرحوم  " جميل شما  "  من بلدة  ( بدغان ) - قضاء  صوفر  إلى الجنوب من  بحمدون -نصحني أن أطلبَ  نقلي  إلى  لبنان  .   وفي  لبنان  جرَّبَ  إخواني أن أزورَ معهم  الفيلسوف الراحل  " كمال جنبلاط " ولكن    الجيشَ اللبناني ألقى القبضَ عليَّ وسُجنتُ في  ثكنة  إميل  لحُّود  في بيروت ومن  ثمّ  تمَّ  نقلي  إلى  الحدود ِ عند  نقطة  ِالرميش  في   لبنان ... وقطعت ُ الحدود  فالتقيتُ  بيهوديٍّ  مع عمالٍ  وسألني فقلتُ  له  أنا درزي  وأعطيته ُ ورقةً   فأعطاها  بدوره ِ  إلى  أخي   يوسف  في المغار  واجتمَعت ِ العائلة ُ  " آل دغش "  وفي  نفس ِ  الليلة  أعطوا  خبرًا   لكلِّ  زعامات ِ الطائفة  الدرزية  ،   أمثال :  الشيخ   صالح خنيفس والشيخ جبر معدي والشيخ  نجيب  منصور ... وغيرهم  من الشيوخ  الذين  لبُّوا  النداء  وَهبُّوا  لمساعدتي ،  وعيَّنوُا  لي محاميًا وحوكمتُ   في   إسرائيل   ستة َ  أشهر  لأنني  دخلتُ  البلادَ   دون  إرادة ِ  أحد  ...   وخرجتُ   إلى   قريتي  وأهلي   وأبناء   بلدي   -  وعملتُ في البداية من منطقة كريات شمونه شمالا إلى شرم  الشيخ جنوبا  في  شتى المهنِ ... وتزوجتُ  ابنة  عمي  بعد  ذلك  وأنجبنا أربعة  من الذكور  وستة  من الأناث  واستطعتُ براتبي أن  أشتري  17 دونم زيتون  وأن أبني داري  وأساعدَ أبنائي في الزواج  والبناء  ..وحتى إلى أن عيِّنتُ  بمساعدة إخواني من حزب  العمل  سكرتيرا في كوبات  خوليم  كلاليت في قرية المغار . وتعلمتُ  اللغة  العبرية  في البيت وقضيتُ  عشرين سنة  في  وظيفتي حتى خرجتُ  للتقاعد  قبل عدَّةِ سنوات . وأتعاملُ اليوم مع كلِّ أهلِ قريتي بأمانة وأخلاص ..ومع أبناء الطائفة اليهودية وكانوا يجيئون إلى العيادة ولا يزالون .   وحافظتُ على سمعتي بينهم وأحبُّ الجميع وأعملُ  بما فيهِ  لمصلحة  الجميع من دون غِشٍّ أو خداع، وحافظتُ على سمعتي في طائفتي .. وما من قرية في هذه البلاد (الجليل والكرمل) إلا ولي فيها صداقاتٌ  أعتزُّ  بها  أفتخرُ  وأكنُّ لأهلها كلَّ محبة ٍ واحترام  وتقدير  .     وشعري  هو الشعرُ الذي  خلّدَهُ  " الخليلُ بن أحمد الفراهيدي "  في  صحرائنا العربيةِ وخلدَ  معه  أصحابَ المعلقات وأصحاب  النقائض  وحسان بن ثابت شاعر الرسول، ولم أتعاملْ مع الشعرِ الحديث الحرِّ  وإنْ  كنتُ أكنُّ للشعراء الممّيزين  للشعر الحديث كلَّ احترام وتقدير  ...ولكنْ  من حسبوُا الشعرَ هلوسةً   فلهُمْ  وما  يريدون   . 
 
سؤال 5  )    ما هي  المواضيعُ  والأمورُ  والقضايا   التي  تعالجُهَا   في  كتاباتكَ  ؟؟
-جواب 5  -         يمكن  أن  أقول  إن  شعري  يخدمُ  الواقع  الذي نعيش فيه  فأتألمُ  مع  آلام الشعب  وأعيشُ  أفراحَهُ...  لا  فرق  بين مواطن ومواطن  فنحن  كتبَ علينا  أن  نكون  في  وطن يضمُّ  كل الشرائح  وعلينا   احترام  هذا  الواقع  .        حصلتُ  عام  1999   وكان الوزير   " متان  بن بلنائي  "   على  جائزة ِ الإبداع  الأولى  وأنا أنتظرُ  أن أحصلَ على جائزة الإبداع  الثانية  ... وكثيرون هم الذين   دعموني   :   المجلس  المحلي   والدكتور   أكرم   حسون   والقاضي فارس فلاح   وأبو رفيق  موفق  خوري  حيث   كان  لهُ  الفضل  الكبير  في   دعمي  معنويا    وأبو  فادي  مصلح    قبلان ...   ولم   أنسَ   صحيفة   " البيدر " التي  يمكن  أن   أقول  إنها صحيفتي  .  وأنا  أدعو الشعراء من حولنا  أن  يلتزموا  بالمبادىء  التي  تبقينا في وحدة أدبية  ولا  تفرقنا  العنجهيَّةُ  ،  وهنالك من  لا   يروق ُ لهم  أن  يروا أديبًا  وحسبوا  وظنوا أنهم  الأدباء    فقط ... وهذا  يعود  عليهم   بما يُسَمَّى بجنون  العظماء   والعياذ  بالله  .   

سؤال  6   )  رأيكَ  في  الحركة  الأدبية  المحلية  ومستوى الأدب والشعر المحلي  ومقارنة  مع الشعر والأدب  خارج  البلاد  ؟؟ 
-جواب 6   -     يمكن هنا  أن نقول  :   المستوى لا  بأس  به  وإن كان  يتعرضُ الى انفجارٍ أن يخرج شعراء ليسوا شعراء ويفرضون أنفسَهم  بمواقف وندواتٍ عديدة  على الشعراء  الحقيقيين المبدعين ،  وحتى يبدؤوا بالعنجهية الحمقاء كي  يصدق  الناسُ أنهم  شعراء  .
    في  كل قرية  شعراء هنالك  شعراءٌ  مبدعون وهنالك من  ليسوا شعراء  ولن  يكونوا ...  ولكن  فُرضُوا  على  الشعراء -  سامحهم  الله  بما  يدعون  وما يكذبون  ، ولكن  هذا  لا  يمكنُ  أن   يجعلهم يخرجون من القمقم  - كنقيقِ الضفادعِ من حول  بئر بلا  ماء   .  
  
سؤال  7  )   رأيكَ في الحركةِ النقديةِ المحلية وهلْ عندنا  نقدٌ محليٌّ على مستوى النقدِ في العالم  العربي أم  لا   ؟؟   
-جواب  7   -    يجبُ أن  يكون دائما  هنالك  نقدٌ  لأن  النقدَ  يحفزُ  على الإصلاح  والتقدم   ويكون  تأريخًا  للأدبِ ... والنقد  الإيجابي  أو السلبي  يرجع  إلى كاتبه  ، ونحن نطلبُ  من أصحابِ  الصحف ووسائل  الإعلام  أن  لا  ينظروا  إلى الأسماء  قبل  أن ينظروا إلى المادةِ والنص الذي  أمامهم ...وأن لا  ينظروا  إلى  الوجوه  قبل  أن   ينظروا  إلى  الحقيقة  ،  فنحن  نرى  من الشعراء  والشاعرات  من يعتمدون على أسمائهم  وأسمائهن  فيلاقون كلَّ  ترحيب.. والشعراء  الأقوياء  والمبدعون لا  يلا قون هذا  الترحيب .  يوجد عندنا  بعضُ النقاد  المبدعين  ونحن نحترم نقدهم  الموضوعي  والنزيه.. ويوجدُ  أيضا بعضُ الدخيلين والمتطفلين على النقد الذين الذين  يسيئون  إلى  الأدب  والنقد  ويحاولون  تزييفَ الحقائق وهم  معروفون  للجميع  . 

سؤال  8  )   أنت  هُوجمْتَ   قبل  سنوات  من   قبل أحدِ النقاد  وقد  نشرَ مقالتهُ  النقدية  في  إحدى الصحفِ المحليَّة  وهاجمَ أيضا العديدَ من الشعراء المحليين المبدعين معكَ .. ما  هو  تعقيبك  ورَدُّكَ  على  هذا  النقد ِ ؟؟   
-جواب 8 -        سامحه ُ  الله ُ  وأما  الصحفُ  التي   تنشرُ  شططا وهذيانا  أحيانا  ( مهما كانت )  هي  التي تريدُ أن تكشفَ عن  نفسها وحقيقتِهَا  وسياستِهَا   وأقولُ  مرةً  أخرى  سامَحهُ  اللهُ  وأتمنى عليه  أن  يصمتَ  عن  الخطأ  فيما  يكتبُ  وإلا  فمن  الأقلامِ  ما  تستطيع  أن  تعيدَهُ  إلى موقِعه  وحجمهِ الذي  يستحق  . 
 
سؤال  9  )   لقد سمعنا  مؤخرًا بظهورِ إتحادِ كُتّابٍ جديد  ... ولكن قسمًا  كبيرًا من  الكتابِ والشعراء المحليين  ،  وخاصة  ( الشعراء الكبار  والمخضرمون )  لم  يدعوا  إلى الإجتماع  التأسيسي   لهذا الإتحاد... بل  لم  يسمعوا  بهذا الإتحاد ِ إطلاقا  إلا قبل  أسابيع  عن طريق  بعضِ الصحف .. ما هو  تعقيبكَ  على هذا  الموضوع !! ؟؟
-جواب 9  -      أقولُ  :    إنَّ  نورَ الشمسِ  لا  يغطى  بالشراشف والغرابيل  ولا  يضير الشاعر القوي أن يدخلَ في طريقه  من  يريدُ أن يقالَ عنهُ  شاعرًا  ، وأما  هذا  الإتحادُ  الجديدُ  فهو  ميتٌ  ،  كما يرى  الكثيرون   ، قبل  أن  يُولدَ  ،  وهنالك  منَ  الناس   من  يحبُّ  أن  يصفقَ  لهُ  الناسُ  ،  وهؤلاء  لا  يستطيعون  أن  يصمدوُا  أمامَ الأدب  القويِّ الحقيقي  وأمامَ عقول أصحابه  . 
  
سؤال  10  )  أنتَ  كنتَ  تشاركُ ، في السابق، في مهرجان  نيسان الدولي الذي  يقامُ  كلَّ  سنةٍ  في قرية  المغار ... ولكنك  منذ سنوات قاطعتَ  المهرجان  كليًّا ... لماذا ... ما  هو  السببُ !! ؟؟
-جواب  10  -         أنا  أحترمُ  أن  يكونَ  في  كلِّ  قرية  مُؤسَّسةٌ  ترعى الثقافة َوالمثقفين وأحترمُ  كلَّ  مَنْ  يرى في نفسه  القدرةَ على خلقِ  جوٍّ  للثقافةِ  وللمثقفين  ،  وأما  الأنانيَّةُ  في  هؤلاء  (( القيِّمين والمسؤولين  عن  المهرجان ))   فتبعِدُ  الناسَ   جميعًا   عنهم  وهمْ يعرفون  أنَّ  الشعرَ  الجّيدَ  ليسَ   بحاجةٍ    إلى  مهرجان   فالمواقعُ ووسائلُ الإعلامِ  منتشرةٌ   بكثرة  وتنشُرُ للشعراء  الأقوياءِ    رغمًا  عنْ  أنوف ِ هؤلاء  ،  فليسلم  هؤلاءُ   لمهرجاناِتهم   إلا َّ  إذا   تابوا  فإنَّ  الله َ قبَّالُ  التائبين  فنعودُ  إلى  اللحمة ِ التي    يجبُ  أنْ   نظلَّ  متمسكينَ    بها  . 
 
سؤال  11  )   ما   هي  إنتقاداتكَ   لهذا  المهرجان   ؟؟ 
-جواب   11  -     أتمنى من  المسؤولين  عن الميزانيات  أن تكون الميزانياتُ  دعمًا  للأدباء  الحقيقيّين  في  إنتاجِهم  وإبداعاتِهم   ولا توزَّع ُ عشوائيًّا  ليستفاد منها في الرحلات إلى ما وراء الحدودِ باسم الثقافةِ  .       وأن  لا  يتجاهلوا  حقيقة  أنَّ  هناكَ  من  الأدباء   من تنقصُهُم  الأموالُ  لنشر أدبهم  .  وهذا  السؤالُ أوَجِّهُهُ  إلى المجالس المحليّة  التي تأخذ ُ من  الوزارات  أموالاً وميزانيات  لدعم  الثقافةِ والفنون وتصرفها في غير الثقافة   . 
  
سؤال  12  )  هنالك  منْ  يمدحُ  هذا  المهرجان  كثيرا  في  صدد خدمتهِ  للثقافة  والأدب  والإبداع   ونجدُ  في نفس الوقت  منْ ينتقدُ المهرجان  ( من الأوساط الأدبية والثقافية ومن عامّة الناس أيضا ) وحسب  أقوالهم   إن َّ هذا  المهرجان   " نيسان "   لا  يخدم ُ الأدبَ والإبداع َ إطلاقا  ، بل  جاءَ لأجل  تدمير الثقافةِ والأدب  بشكل عام  وللتشويش والتخريب والعرقلة على الحركة الأدبية والثقافيَّةِ والشعر والإبداع  ، وخاصة النشاط الثقافي والأدبي الحقيقي الإبداعي داخل قرية المغار ...  هل هذا صحيح ٌ...   ماذا  تقول ُ أنتَ  في هذا ؟؟ 
- جواب 12 -   هذا  القولُ صحيحٌ  وهنالكَ  مثلٌ  في العامية  يقولُ  :  " شوفوني  يا  ناس "  .   نحن ُ نطلبُ  من  اصحابِ هذا  الإتجاه  أن يُقوُّوا  ويدعمُوا الأدبَ المحلي الحقيقي أوَّلا وإذا  بقيَ  لديهم  من الوقتِ أنْ  ينتبهوا إلى الأدب غير المحلي ... إلا إذا كان في  نفوسِهم  أهدافٌ  ليستغلوا  هذه  الأموالَ  والميزانيات  في  سبيل   مصالحِهمْ  وأهدافِهم  الشخصّية  .   
 
سؤال  13  )   الكثيرون  يُكيلونَ  المديحَ  لكَ  ويقولون :  إنكَ  من أوائل الشعراءِ في البلاد  والمتمكنين  والضليعين في اللغةِ  العربية  ... ما هو  تعقيبكَ    ؟ ؟  
-جواب  13  -     أنا   أكرَهُ  الأنانية  وأحبُّ  التواضع َ دائما  لأننا  لا   نحبُّ  أن   نتطاوَلَ  على   أقدار  الناس  ولكلِّ   إنسان   قدرته   فليعملْ  بقدرته ِ...  ولنْ  أقبلَ  أن   أكونَ  الشاعرَ الأوَّلَ   ما  دامت الضهورُ  تدفعُ   والأرحامُ   تجمع ُ   فإنَّ   الأرضَ  ملأى    بالثقافةِ والمثقفين  ولكلِّ  إنسانٍ ما   نوَى  . 
 
سؤال  14 )  شعراؤكَ  المفضلون   ؟؟
- جواب 14 -      أنا  أكنُّ  الإحترامَ  لكلِّ  الشعراءِ  المبدعين  دون استثناء  وأحبُّهُم ْ جميعًا : الكلاسيكيين ( التقليديين ) وشعراء الحداثة  ... وأيضا الزجل  وهم  ثروة  لنا جميعا  ولأحفادنا مستقبلا  ،  ولكن الشاعرَ الذي تقادمَ عليه العهدُ  يجبُ عليهِ أن  يخلعَ  منْ  أنانيتِه ِ .
 
سؤال 15  )   كلمة ٌ أخيرةٌ   تحبُّ  أن  تقولهَا  في  نهايةِ  اللقاء  ؟؟  
-جواب 15-      إنَّ  الأدبَ   إن  كان  شعرًا أو نثرًا  مهما  تطاولَ عليه ِ الحاسدون  فإنهُ  يستطيعُ  بأقلامِ  أصحابه ِ أن  يخرجَ  وينتشرَ  شاءَ ما  شاءَ  وأبى  من  أبى ...  ونحن نتمنى من  هؤلاء المتشدقين  ( وهم معروفون للجميع  )   أن  لا  يظنوا  أن  بأنفسِهم  القدرة على إسكاتِ الأقلام  الأخرى الإبداعية  -   فالأقلامُ   منذ  المشيئةِ  وحتى  القيامةِ  ستظلُّ  تشقُّ  طريقهَا  شاءَ  منْ  شاءَ  وأبَى   مَنْ  أبى   .

 
  ( أجرى اللقاء :الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه - المغار- الجليل )
  
















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق