لم يزل الشعب العماني الشقيق يتشبث بالآمال الكبار التي أسس لها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد (رحمة الله على روحه الزكية)، متيقنًا من أن هذا القائد المؤسس لا يمكن أن يغادر بناءه الذي يشق السماء في علاه دون أن يتأكد من سلامة ذلك البناء ودوام بقائه، بعد أن تحضره المنية التي لا مناص منها لكل حي: فتحية إلى روحه الوثابة إلى خلود الفردوس الأبدي، جزاء ما عمله من خير، وما قدمه من تضحيات جسام مذ شبّ حتى شاب (رحمه الله) وجعل مثواه الجنة.
وإذا ما كان العالم قد شهد للسلطان المغادر حسن الوداع الذي قدمه له شعبه بعد عقود زاهية من ذلك التوازن البطولي الدقيق بين البطولة الفردية التي جسدها “أبو سلطنة عمان”، مؤسسها وواضع حجر الأساس لبنائها الحديث، ذلك البناء الذي يناطح السحاب اليوم، فإن هذا العالم يشهد اليوم تسنم السلطان الشاب، هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد (حفظه الله ورعاه) بوافر المحبة وعديد الآمال الكبار التي تستحقها سلطنة عمان بجدارة أبنائها، ويستأهلها شعب السلطنة المباركة، دولة واعدة بالتقدم والتواصل، أنموذجًا فذًّا، يستحق المحاكاة، ليس فقط على المستوى الإقليمي المحدود، ولكن كذلك على المستوى العالمي، نظرًا لما حققته السلطنة على أيدي المغفور له الراحل قابوس بن سعيد الذي غرس بذرة التقدم والرفاه وتعهد رعايتها لحظة بلحظة مذ يومها الأول في عام 1970 حتى اليوم من صفحات تاريخ الأمتين العربية والإسلامية المعاصر، الآن وإلى الأبد.
وإذا كانت الكلمات ظمأى للمزيد من البلاغة في وداع وتأبين المغفور له السلطان قابوس (رحمه الله)، فإن عهدًا جديدًا تنبلج شموسه المشرقة الآن بتولي السلطان هيثم بن طارق بن تيمور أمانة مقاليد الحكم في سبيل مواصلة السير على هدى ما اختطه السلطان الراحل (رحمه الله)، وهو يشهد من عليين سلطنته وشعبه على مشارف مستقبل واعد، ترفل بالعز بأيدٍ أمينة تحب عمان، وتحبها عمان من أجل خطوة الألف ميل الأولى التي ستكون بشارة خير تغبط روح السلطان الراحل وهو في علاه: فرحمة الله على روحه وهي تفيض للرفيق الأعلى. لقد غادر قابوس سلطنة عمان وهي تتقدم، وهي لم تزل تتقدم اليوم، الآن وإلى الأبد بفضل ما حباها الله من شعب وفي، وقائد واعد، فذ لا بد أن يقود مسيرة النهضة العمانية إلى محطات متقدمة جديدة لم تزل تتراقص أنوارها في حدقتي عينيه اللتين تفيضان حبًّا وهيامًا بعمان وبأهلها، بذلك الشعب المثابر والملتزم والمحب للحرية والعاشق للسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق