على المنعطف ركنت ناقتي ، بقلم البروفيسور محمد الدعمي
جد تشبث العقل الأميركي، والغربي عامة، بعدم استخدام لفظ عرب واشتقاقاته حال غير عادلة لأنني، على سبيل المزاح، سألت رجلاً أميركياً مثقفاً عما يعرف عن الشرق الأوسط ، فاكتفى فقط بنطق كلمة “شالوم”، أي بلفظ “سلام” باللغة العبرية، وكأنه اختزل الشرق الأوسط بإسرائيل فقط ، نافياً جميع الملايين العربية التي تنشد “الأرض بتتكلم عربي”،”ــــــــــــــــــــــــبعدما يقارب العقد من أعوام حياتي في الولايات المتحدة الأميركية، وعبر العديد من المحاضرات والمناسبات والمتابعات، لم أزل أعجز عن إدراك مسببات تجنب الأميركان، حكومة وإعلاماً وشعباً، استخدام لفظي “عرب” أو “عربي”، درجة أن المرء لا يملك إلا أن يشعر بأنه قد وقع ضحية لنوع من “التدجين الثقافي”: فبعدما لم يكن اللفظان المحببان أعلاه لا تفارقان لساني أو قلمي، رحت أتأمل بأناة وقلق بالغين استخدامها في المناسبات العامة على نحو خاص.ثمة سر يختبيء وراء “كراهية” العقل الأميركي، الإداري والإعلامي خاصة، للفظين أعلاه، ذلك أنك عندما تنطق بها، يبقى الإعلامي أو الموظف الرسمي يقلب حاجبيه، كناية عن صعوبة الظفر بما تقصد بهما: فهل “العرب” هم المسلمون عامة أم الإيرانيون أم سكان شمال أفريقيا أم الفلسطينيون، فما هذه المحنة؟ وإذا كان الرسميون والإعلاميون الأميركان يفضلون ألفاظاً بديلة مثل “شرق أوسطيون” أو “شرق أوسطي”، فان في ذلك تجني علينا وتجاوز لنوعنا؛ وأقصد نحن الناطقين باللغة العربية من القادرين على تلفظ اصوات غريبة على الألسن الأوربية كالـ”ضاد” و”العين” و”القاف”، ناهيك عن قدرتنا على تتبع شجرات عوائلهم إلى عدنان وقحطان، قيس أو تهامة! والحق، فان مرد ذلك التجني هو أن تفضيلهم للفظ “الشرق الأوسط” ومشتقاته، التي لا تقبلها اللغة العربية، هو الآخر لفظ تنقصه الدقة نظراً لأنه ينطوي على مفهوم جغرافي فائق القدرة على الإتساع والإنكماش، اي على المرونة، فالشرق الأوسط غدا مفهوماً سياسياً قابلاً للتمدد ليشمل حتى باكستان من ناحية ومالي وجزر القمر، من الناحية الثانية.ومن جهة مقابلة، أجد تشبث العقل الأميركي، والغربي عامة، بعدم استخدام لفظ عرب واشتقاقاته حال غير عادلة لأنني، على سبيل المزاح، سألت رجلاً أميركياً مثقفاً عما يعرف عن الشرق الأوسط، فاكتفى فقط بنطق كلمة “شالوم”، أي بلفظ “سلام” باللغة العبرية، وكأنه إختزل الشرق الأوسط بإسرائيل فقط ، نافياً جميع الملايين العربية التي تنشد “الأرض بتتكلم عربي”، مع سيد مكاوي، إلى فضاء سوى فضاء أمم الأرض المعروفة، ذات اللغات والهويات الإثنية المتميزة.وعلى سبيل السخرية والتندر بهذا “التجاهل” الأميركي للعرب، فاني طالما عمدت الى إخبار الأصدقاء الأميركان ممن تعاملت معهم بأن “ناقتي” تنتظر خارج البناية؛ فاذا ما بقي من أخاطبه مرتبكاً حول ما قصدت بلفظ Camel، أسارع إلى إعلامه باني قصدت ناقتي المصنوعة في اليابان، نوع “تويوتا” فينفجر ضاحكاً بعد وهلة. و”أمجاد ياعرب، أمجاد”!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق