بهدوء وقبل أن نشحذ سكاكيننا:
بقلم: أسامة مصري
*شاهدت حلقة تجارب الأداء في برنامج "أراب آيدل" التي تم فيها
قبول الفنانان الفلسطينيان منال موسى وهيثم خلايلة، وأصارحكم القول بأن دمعتي سالت
بغزارة من ردّة فعل اللجنة الفنية المكونة من: وائل كفوري وأحلام ونانسي عجرم وحسن
الشافعي- لبنان ومصر والخليج العربي.
هل تعتقدون بأنني تأثرت من أداءهم الرائع، أنا لا أعتقد ذلك، لأنني أعرف
منال وهيثم منذ زمن بعيد، عندما كنت معهما في برنامج "نيو ستار" الذي
قدمه تلفزيون "ميكس"..
الذي أثرّ بي هو قبولهم للمشاركة في مثل هذا البرنامج الذي يكتسح العالم
العربي بملايينه، فنحن الفلسطينيون الموصومون بختم الـ "48" محرومون من
المشاركة في مثل هذه البرامج العربية، وكم من فنان وأديب ومبدع، عادوا بكفي حنين
بعد أن تبين أنهم من الداخل الفلسطيني الذين صمدوا في البلاد وحافظوا على أرضهم
الفلسطينية من النهب وقدموا الغالي والرخيص فداءً لذلك.. وكابدنا لكي نقنع العالم
العربي بأننا جزء من نفس الحضارة والثقافة، إلا أنهم كانوا دائما ينبذوننا، ولولا
الكتاب الرائع الذي كتبه الراحل غسان كنفاني عن أدب المقاومة الفلسطيني وخص فيه
ذكر أدباءنا المحليين، لما أخذ درويش والقاسم وحبيبي وزيّاد وغيرهم هذا الاعتراف
من العالم العربي، لكن هذه الأسماء لم تشفع لباقي مبدعينا وبقينا كالأيتام على
مأدبة اللئام، فالحكومة الإسرائيلية تتعامل معنا كطابور خامس وسرطان في جسم
الدولة، والعالم العربي يخوّننا لأننا بقينا في أرضنا.
بمجرد دخول أي فنان من عندنا بشكل رسمي إلى مثل هذا البرنامج وفي قلب
بيروت، التي تعتبر اليوم العاصمة الثقافية في مجال الإعلام المرئي، هو كسر للحاجز
المسمى "48"، وبغض النظر عن المكاسب التي سيحققها الفنانين فيما بعد،
علينا أن ننظر للمكسب الأول والأهم من كل ما سيأتي وهو أننا سنقول للعالم بأننا
هنا في هذه البقعة الصغيرة يوجد مليون ونصف فلسطيني، وفيهم أعلى نسب من
الأكاديميين العرب والمبدعين في جميع المجالات، وقد وصل البعض منهم إلى العالمية
وأنتم لم تروهم، فمن منكم يعرف أن الفنان مكرم خوري، شارك مع أعظم مخرج هولوودي
(ستيفن سبيلبرغ)، وأن الفنانة هيام عباس- ابنة قرية عرابة- شاركت في أفلام أجنبية
أكثر من أي فنان من العالم العربي، وهناك أشرف برهوم وعلي سليمان وغيرهم الكثيرون
والقائمة تطول.
**الضجة والسكاكين!!
شاهدت مثل الباقين الصورة التي ظهر فيها عضو حزب الليكود أيوب قرا، مع منال
موسى وهيثم خلايلي، ولا أريد أن أدخل في الظروف التي جمعت بينهم ولا للطريقة التي
رأت فيها هذه الصورة النور..
تحضرني طرفة تلخص الموقف، وهي أن عمود الكهرباء الموجود على قارعة الطريق
لن يتوقف عن بث النور، رغم أن الكثير يحفرون أسمائهم عليه من عشاق ومراهقين،
والجميع يلطخه بإعلانات النعي ويغرسون فيه دبابيسهم، وحتى الكلاب المارّة تبول
عليه، لكنه يبقى منير.
أنا أعرف أن سذاجة الفنانان الصغيران هي التي أدت لمثل هذه الصورة، وأعرف
أيضا أنهما مشهوران كثيرا حتى قبل أن يقبلوا لمثل هذا البرنامج العربي، وأصبحا
مطاردان من قبل المعجبين والمعجبات، خاصة أنهما جميلان أيضا، بالإضافة لفنهما
الرائع، والعديد يريد أن يلتقط معهما صورة في عصر "الفيسبوك" الذي يطالب
رواده بصور جديدة ونادرة وخاصة في كل يوم.
في حديث للفنانة صباح- وهي متواضعة جدا ولا تعرف كم هي متواضعة- قالت أنها
اتصلت بالرئيس الراحل اللبناني رفيق الحريري، واستغربت جدا من تواضعه لأنه كلمها
شخصيًا!!
من شدّة تواضع الفنانة صباح، لم تفهم أنها أهم من الرئيس رفيق الحريري،
فالمعجبين بها ومحبيها أضعاف، أضعاف الأشخاص الذين يعرفونه، وليس الذين يحبونه.
لم أقصد المقارنة بين منال وهيثم وصباح، لكن إذا صباح بشحمها ولحمها بدت
ساذجة باستغرابها، فلماذا نلوم الشباب الصغار الذين لا يعرفون أصلا من هو أيوب
القرا على حقيقته؟!
والأهم من كل هذا، أنهم بعد كل الذي حصل، أصبحوا
يعرفونه جيدا ويعرفوا تاريخه بعد أن استعرضه المهاجمون الذين ما أن وقعت البقرة
حتى شحذوا سكاكينهم.. وكما قال المثل: "الضربة التي لا تقتل، تجعلك أقوى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق