عالية طالب |
عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدرت المجموعة القصصية «نُوَاحُ الآلِهَة» للأديبة والإعلامية العراقية "عالية طالب الجبوري".
المجموعة تقع في 140 صفحة من القطع المتوسط، بغلاف من لوحات الفنانة العراقية "رؤيا رؤوف". وتضم أربع عشرة قصة قصيرة، تندرج ضمن قصص الصوت المتشظي الذي يستوعب أصوات السلالات القديمة ويمزج معها كل ما مرَّ بأرواح أرض وادي الرافدين من غزوات وحروب واقتتال وسلخ وُجود، فقصص المجموعة ما هي إلا بعض حكايات الزمن القاتم الذي يمر بالعراق ولا يمكن أن تُمحى آثاره بسهولة، فهو القادر على التسلل إلى أدق التفاصيل وترك بصمته فوق الوجوه والهواء والفضاء، والأرض التي تعاقبت عليها ثنائية الجمال والقبح ونسخت وجودها من حضارات عميقة. فزمن القصص لا ينفصل عن الزمن المستدرك ولا يندمج مع مساحة اندثرت معالمها، بل هو زمن يستولد الحكايات ويعيد إنتاجها ببراعة الصوت والصمت وما بينهما من وجع نازف.
تبرع "عالية طالب" في رسم خارطة الجسد المسجى والروح الناهضة القادرة على إنتاج أجساد لا تعرف الفناء، وفي سرد أوجاع الإنسان ونواح السماء وثكل الأرض التي تنتحب كلما غاص فيها جسد غض جديد، عبر براعة المحترف القادر على ردم تشوهات القبح وإعادة خلق الأمل والحب والحياة من جديد.
ليس صوت المؤلفة من يروي الحكايات، بل هو نسيج أرواح وأجساد حاولت لمّ شملها عبر عالية طالب. وسيسمع المتلقي صوت النواح فيدور بحثًا عن آلهة تجيد خلق حيوات لا تفنى أبدًا، فالخلود الذي أنتجته عشبة "جلجامش" لا زال يحارب "خمبابا" ولا يوقف نواحه على رفيقه "انكيدو" أبدًا. فآلهة الضوء هي من أنتجت الحكايات، فكانت القصة نسيج قارئ يعرف أن ما مرَّ بالعراق أثقل جسد الإنسانية بأحمال لا يمكن محو آثارها بسهولة، وكل ما علينا ان نعالج بصماتها بحنان من يعرف أسرار قصة ما حصل فعلاً.
في المجموعة القصصية «نُوَاحُ الآلِهَة» تقترب النصوص من المكان في الفضاء وفي الجدران المغلقة ويمتزج الزمان مع الحدث ضمن رؤية شعرية تعتمد التكثيف والإيجاز واللفظة الموحية. فيما يقف الراوي العليم داخل الحدث وفي برج الترقب العالي ليجمع شظايا الأرواح ويعيد ترميم المكان ويغلف الزمان بأزمنة متعددة تبوح أسرارها ضمن صور الذاكرة والصراع النفسي الداخلي والخارجي. فتجعل المتلقي هو البطل، وأحيانًا هو الراوي العليم الذي يدخل بتلقائية مع الحدث فيجد مساحات تتسع لخطواته وصراعه النفسي وحوارات سردها يومًا لنفسه وللآخرين وعاد الفضاء ليعيد صداها في أزمان متعددة.
ثنائية الصراع النفسي والمجتمعي، سحبته القاصة من حيواتنا فجاء مطواعًا سلسًا ليسجِّل حضورًا مكثفًا يروي قصة الحياة حين يباغتها الرحيل فتعيد لملمة بقايا الروح لتصحبها في رحلة تعود ثانيةً للبدء من جديد.
من قصص المجموعة:
ظِـلال اِمـرأة - مساحة بلا ضوء - صوتُ الجِـدار - الرَّحيـل
حُبٌّ في زمن الوَحشة - الـوجـوه - السِّـرداب - أَجراس ثِيابي
• • • •
• • • •
|
• • • • •
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق