عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ صدرت الطبعة الثانية من المجموعة القصصية «المنطقة الرمادية» للكاتبة والناشطة السورية المقيمة في النمسا "ماري تيريز كرياكي". المجموعة تقع في 90 صفحة من القطع المتوسط، وتضم أربع عشرة قصة قصيرة تسيطر النوستالجيا على أجوائها، فقد عاشت المؤلفة طفولتها ونشأتها في دمشق، وكتبت قصص هذه المجموعة في فيينا حيث تعيش منذ سنوات، مما جعلها تنظر إلى فترة النشأة بعين خبير؛ يُعيد رؤية الأشياء من جديد، على الرغم من حميميَّة الذكريات التي عاشتها في بلدها الأول. فهي مهمومة بقضايا الإنسان العربي، وبالتركيبة الاجتماعية له، وبعُقد الخوف والنقص فيه؛ وتحاول أن تكشف الجانب الخفيَّ من تكوين هذه الشخصية العربية، التي تسيطر عليها حالة الخوف وتُلازمُها، حيث الإحساس بالمسافة الشاسعة بين أفراد الشعوب وحُكَّامهم القمعيين، والتي قد تصل بالإنسان إلى الموت خوفًا في بعض الأحيان. لقد وضعتنا المؤلفة في وضع التعاطف الحقيقي مع المظلومين من ضحايا النُّظم الدكتاتوية التي تتخذ من التعذيب وسيلةً لحُكم البلاد، فالمساجين يقبعون كالموتى في سجون تحت الأرض، ولديهم الأمل في وجود من يُخرجهم من سجونهم. ولم تقتصر على إبراز هذه الجوانب الإنسانية شديدة المرارة فحسب، وإنما قامت بفضح الديكتاتوريات المبنيَّة على الشعارات الفارغة، حيث النضال الشكلي والشعارات الجوفاء التي تهدف إلى إعطاء صورة مُخادعة عن وضع هذه النُّظُم. اهتمَّت المؤلفة بالبُعد الاجتماعي للشخصيات التي الْتَقتْ بها في فترة نشأتها، والتي عايشتها، ومن أهمِّهم الأم، حيث صوَّرت بمهارة الأُم الشرقية المكافحة، باعتبارها رمزًا للتضحية. كما أن البُعد النفسي كان غالبًا على كثير من قصص المجموعة، حتى تدخَّلت الكاتبة أحيانًا بالتحليل النفسي لبعض الشخصيات تحليلاً دقيقًا. تتسم لُغة قصص المجموعة بالسلاسة والانسيابية التي تصل إلى درجة العفوية، حتى ظهرت بعض الألفاظ والتعبيرات العامية الشامية بين سطور القصص وفي عناوين بعضها، مثل قصة: "ترباية مَرَة"، و"ما حدا أحسن من حدا"، وهي تعبيرات تأخذ شكل التعبيرات الاصطلاحية أو بعض الأمثال الدارجة.
من قصص المجموعة: سوريالية - الفستان الأزرق - فاصل قصير - الضيف الجديد - البلاغ رقم 11555 خالتي أُم بشَّار - فارس هذا الزمان - مكتب الآداب - ذهب ولم يعُد - الزمن الجميل ما حدا أحسن من حدا - ترباية مَـرَة - المنطقة الرمادية - غَـزَّة في القلب |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق