( كلمة ُ حق يجب أن تقال في الفقيد
الشَّاعر الأستاذ " حمزه نجيب بشير" - المغار -
في الذكرى السنويَّة على
وفاتِهِ - )
لقد خطفَ الموتُ قبلَ عدَّةِ سنواتٍ صديقا عزيزًا حميمًا، وأستاذا عرفناهُ مُربِّيًا مُرشِدًا، وشاعرًا رائِدًا مُبدِعًا
عظيمًا وهو في عنفوان ِانطلاقهِ وعطائِهِ
وَتدفُّق سلسالهِ الفكري وانسيابهِ الفنِّي الإبداعي المتواصل ، إثرَ داءٍ
عضال ٍ ، لم يُمهلهُ حيث توفيَ بعدَ بضعةِ
أشهرٍ،عن عُمرٍ يناهز الخامسة والخمسين سنة (55 )... إنهُ صديقي وأستاذي الشَّاعر"حمزه نجيب بشير
" من قرية المغار .
كانَ
شاعرُنا وأديبنا أنموذجًا حَيًّا ومثالا ً
رائعا يُحتذى بهِ للأستاذ المُربِّي
الذي يتفانى في تأديةِ رسالتِهِ الإنسانيَّةِ التعليميَّةِ والتثقيفيَّةِ
، لتعليم ِوتهذيبِ وتثقيف تلاميذهِ - الأجيال الناشئة ، ولبناءِ وَصُنع ِ جيل ٍ
صاعدٍ واعدٍ ، على مستوى عال ٍ وراق ٍ من الوعي ِ الثاقبِ والمعرفةِ
والعلم ِ والإدراكِ...جيلٍ يشعرُ
بالمسؤوليَّةِ ويتحلَّى بالمبادىء
والمُثل ِ والإلتزام ِ الخُلقي .
إنَّ
جميعَ الذينَ يعرفونَ شاعرنا " حمزه بشير" عن كثبٍ ، وهم كثيرون
جدا ، من مختف القرى ومدن البلاد، يعترفون
ويشهدون لهُ بجميع المآثر والصِّفاتِ والميزاتِ المثاليَّةِ
الحميدةِ : كالمثل والقيم والمبادىءِ
والأخلاق السَّاميةِ ، والعلم والمعرفةِ
، والرَّأي الصائبِ ، والوفاء
والإباء والكبرياء .
لقد أدَّى شاعرُنا رسالتهُ
الإنسانيَّة والتربيويَّة والفكريَّة على أحسن وجهٍ .
فعلى الصعيدِ الإجتماعي كان نشيطا
جدًّا لهُ دورُهُ الكبير والهام في جميع
المحافل والمناسبات ، تركَ بصماتهُ
الإبداعيَّة َ وأريجَهُ المعطاء يتضوَّعُ في كلِّ زاويةٍ وركن ٍ وصوب .
أمَّا في المجال الفكري والدراسي فهو المثالُ الأعلى الذي يُحتذى بهِ فكتبَ وأبدَعَ وتركَ لنا
الكثيرَ ..الكثيرَ من القصائد
والمقالات والدراسات الادبيَّةِ
والفكريَّةِ . صدرَ لهُ
مجموعتان شعريَّتان ، قبلَ وفاتِهِ ، بعنوان : 1 ) فوق الجبال شموخا
. 2 ) ملاحم التوحيد
. والديوانان من الحجم المتوسط الكبير طُبعا على نفقتِهِ الخاصَّة ،
وكانَ يعدَّ لصدورِ الديوان الثالث ولكنَّ يدَ المنون اختطفتهُ قبلَ إتمام هذا
المشروع . ويُعتيرُ الشَّاعرُ والأديب حمزه
بشير في طليعةِ الشعراءِ
المحلِّيِّين الرَّائدين في نطر ِ
كلِّ مَن
وقفَ واطَلعَ على
شعرهِ من الشُّعراءِ والأدباءِ الذين
يعرفونَ ويدركونَ ويعونَ ماهيَّة وقيمة َ الشِّعر الحقيقي .
ولكنَّ شاعرنا، بدورهِ ، كانَ لا يُحبُّ الشُّهرة َ
والمظاهرَ الشكليَّة َ البرَّاقة وتركيزَ
الأضواءَ عليهِ لتواضعهِ
... فقد ركَّزَ
معظمَ وقتِهِ في التدريس والإهتمام في شؤُونِ بيتِهِ
وعيالهِ وتربيةِ الأجيال ( حيث عملَ مُعلِّمًا في المدرسةِ )
وعملَ أيضًا في
الأرض والزراعةِ ، بشكلٍ مستمرٍ ودائم ٍ ،
في أوقاتِ قبل أو بعد
أن ينتهي من دوامِهِ اليومي في مهنةِ التدريس ... وهذا
كانَ سببًا رئيسيًّا مباشرًا ( لإنشغالهِ وعدم ِ
سعيِهِ وراءَ الإعلام والشُّهرةِ ) في عدم ِ تكثيفِ
الكتابةِ عنهُ وعدم إعطائهِ تغطية إعلاميَّة
واسعة ومكثَّفة في الصحفِ
والمجلاتِ المحليَّةِ رغمَ
دورهِ الرائد والهام
على الصَّعيد الإجتماعي والثقافي
والفكري
واشتراكهِ وإدارتِهِ للعديدِ من البرامج والمناسباتِ التربويَّة
والثقافيَّةِ في قريتهِ وغيرها من قرى ومدن
البلاد . لقد كانَ عضوًا في اللَّجنةِ التنفيذيَّةِ لرابطةِ الكتاب العرب الفلسطينيِّين
في الداخل ( قبل تفككها وتلاشيها ) وشغلَ أيضًا عضوًا في في اللجنةِ المزكزيَّةِ للحزبِ الديمقراطي العربي .... فعملَ وضحَّى
من وقتهِ وجيبهِ وقدَّمَ
الكثيرَ من دونِ مقابل . أمَّا
بالنسبةِ لعطائِهِ الشِّعري
واللونِ الادبي الذي
يحتذيهِ فقد كتبَ
حمزة بشير الشِّعرَ الموزونَ المقفَّى ( الكلاسيكي التقليدي ) وكتبَ أيضًا
شعرَ التفعيلة ، وابتعدَ عن الشِّعر الحُرِّ الخالي من
الوزن والإيقاع الموسيقي . يمتازُ
شعرُهُ بجزالةِ الألفاظ ومتانتِهَا وبقوَّةِ
التعبير والمجاز اللغوي
وباتِّساع الآفاق والخيال وبالصورِ الحسيَّةِ الجماليَّةِ الغزيرةِ وبالعُمق المعنوي والفكري والإنسياب الموسيقي السَّاحر،
وبالرُّؤيا الفلسفيَّةِ الإنسانيَّةِ المُشرقةِ .
كتبَ شاعرُنا
الفقيدُ في جميع ِ المواضيع والقضايا
وأبدَعَ فيها أيُّمَا إبداع ، وخاصَّة ً في شعر ِالطبيعةِ والوصف .
ويُعتبرُ في هذا المجال الشَّاعرَ
الفلسطيني الأوَّل وربَّما الوحيد
محليًّا الذي تناولَ هذا الموضوعَ ( وصف الطبيعة) بإسهابٍ وتمرُّسَ
وتفنَّنَ فيهِ واختالَ في نجودِهِ
ووهَادِهِ وتلاعِهِ وسهوبهِ .
فشعرُهُ في وصفِ الطبيعةِ
نابضٌ بالحياةِ والمشاهدِ
والصورِ الحسيَّةِ الجماليَّةِ البرَّاقةِ وهيَ عبارة ٌعن لوحاتٍ فنيَّةٍ
إبداعيَّةٍ خالدةٍ خطَّهَا قلمٌ
فذ ٌّ وراءهُ خيالٌ واسعٌ وَحِسٌّ
مُرهفٍ وفكرٌ عبقريٌّ لا يُشقُّ
لهُ غبار . قصائدُهُ سمفونيَّة
ٌجذلى لها صداها وإيقاعُهَا الأخَّاذ في
الضمائر والوجدان . غنَّى في شعرهِ للفلاح ...للإنسان ِ العامل الكادح
المُكافح ، وللقيمِ والمبادىءِ ....
للضمير ِ الإنساني أينما وُجدَ في زمن ٍ عَزَّ فيهِ
الضميرُ والمبادىءُ . إنَّهُ عاشَ مع الشَّعبِ والناس، عالجَ
مشاكلهم وهمومَهم ولم يكن في بُرج عاجيٍّ
بعيدًا عن مُعتركِ الحياةِ وعن
الناس وهمومِهم وآمالهم وأحاسِيسهم مثل الكثير غيره من الشُّعراءِ الذين يقولونَ ما لا
يفعلون .
يقولُ الشَّاعرُ " حمزه بشير " في
قصيدتِهِ " الفلاح "
:
( " أيُّهَا
الفلاَّحُ مَرحَى قالهَا الصُّبحُ المُنيرْ
عندمَا الفلاحُ
يصحُو أنا في
الليلِ أسيرْ
قبلَ طيرِ الرَّوض يَسْعَى وَهْوَ يشدُو
أغنياتْ
لقفير النحلِ يشدُو لغزال ٍ في
الفلاةْ ").. إلخ .
وينشدُ للعامل ِ
في أوَّل ِ أيَّار فيقول :
( "هذا اتِّحادُ الشَّعبِ
أصدَقُ شاهدٍ اللهُ أكبرُ
عِشتَ يا أيَّارُ
قسَمًا بأرضي
بالصِّغارِ بخالقِي
وبكلِّ حُرٍّ من
بنيكِ " مَغارُ "
سندُقُّ بابَ الشَّمس ِ حتى ينجلي
ذاكَ الظلام ِ وتلتقي
الأحرارُ
وَيعمُّ في الأرض ِالسَّلامُ وَتمَّحِي
من فوقِ شرقي عُصبة ٌ
أشرارُ
أيَّارُ والعُمَّالُ
هذا
جمعُهُمْ لبَّى
النداءَ على دروبكَ
سارُوا
كلٌّ يُعَيِّدُ والحياة ُ عقائِدٌ لكنَّ عيدَكَ
كعبة ٌ وَمزارُ
فارفعْ مِنَ
الرَّاياتِ أحمرَ قانيًا
لونُ الدِّماءِ ونفحة ٌ
مِعطارُ
تلكَ السَّواعدُ حينَ شدَّتْ
بعضَها دَكَّت عروشًا
بالفسادِ تُدارُ
صَكُّوا القيودَ
مطارقا ً ومناجلاً حصدُوا الظلامَ فكانَ
منهُ نهارُ
وغنَّى
للأرض ِ والوطنِ في كلِّ
مناسبةٍ . شدوُهُ مُترَعٌ
بالصِّدق والحرارةِ ، يُشِعُّ عذوبة ً وسحرًا
وجمالا ً يأسرُ القلوب
ويسبي الألبابَ ويُحرِّكُ
الجماهيرَ والناسَ ويُذكي فيهم
الحماسَ المُلتهبَ والشُّعورَ والحِسَّ
القومي العربي الجيَّاشَ المُقاوم
. فيقولُ في مناسبة
يوم الأرض ِ الخالد ( والقصيدة ُ يتحدَّثُ
فيها عن قريتهِ " المغار " و جبل " حزُّور " الذي تقعُ القرية ُ على سفحِهِ ... وقد ألقاها في
مهرجان يوم الأرض الذي
يقام في كل سنة :
( " في كلِّ شبر ٍ من ترابكَ
رَونقُ تاجٌ على
هامِ الجليلِ يُعلَّقُ
أهواكَ يا "حزُّورُ
"صخرًا صامدًا مَرَّ الغزاةُ
على ذراكَ تزحلقوا
أجدادُنا سُمْرٌ
بلونِ ترابنا حَطُّوا
وطارُوا كالنسورِ وحلَّقوا
في كلِّ
بابٍ للمغارِ طرقتهُ سورٌ
مِنَ الزَّيتونِ ... بحرٌ أزرَقُ
زيتوننا أهلٌ
بتربةِ أصلِهِ والأصلُ
باق ٍ لا يُجرُّ
وَيُسرقُ
غرَسَ الغُزاةُ بأرضِنا شجَرًا وَمَا حَمَلوُا
لرومَة َ غيرَ بُومٍ ينعَقُ ).
وفي كلِّ مناسبةٍ وطنيَّةٍ أو
إجتماعيَّةٍ نراهُ يُواكبُ أحداثَهَا ويكتبُ عنها ، ولهُ في مجال الرِّثاءِ باعٌ واسعٌ إذ رَثى وبكى بحرارةٍ الكثيرَ من الشَّخصيَّاتِ الأدبيَّةِ والسِّياسيَّةِ البارزةِ محليًّا وعلى
صعيدِ العالم ِ العربي ( التي لعبت
دورًأ حسَّاسًا وهامًّا ) ، مثل : الشَّاعر الفلسطيني المحلِّي الكبير
المرحوم " راشد حسين " الذي كانَت تربُطُهُ
صداقة ٌ حميمة ٌ مع شقيقهِ
المرحوم ( سلمان نجيب بشير ) عندما كانا في مقاعد الدراسة ( في المرحلة الثانويَّة
- حيث تعلَّما في المدرسةِ الثانوية في مدينة الناصرة )
فعندما توفيَ شقيقُ شاعرنا رثاهُ راشد حسين بقصيدةٍ شعريَّةٍ ، وبعدَ وفاةِ
راشد أو بالأحرى استشهادِهِ رثاهُ
شاعرُنا حمزة بشير
بقصيدةٍ رائعةٍ يقولُ فيها
:
( " للفجرِ شعرٌ قد
نطمتَ لوقفةٍ نادَاكَ
شعبٌ أنتَ فيهِ
راشِدُ
الشِّعرُ طاقاتُ العصورِ تفجَّرَتْ كم
ثارَ شعبٌ ألهَبتهُ
قصائِدُ
غنَّتهُ أجراسُ
الكنائِس ِ رقَّة ً وترَنَّمَتْ في الشَّرق ِفيهِ
مَسَاجدُ
غنَّاهُ طيرُ الدَّوح فوق غُصونهِ والنَّحلُ غنَّاهُ
وغنَّى الحَاصِدُ
يا " راشدٌ " بَكتِ
القوافي غُربَة ً وَسَقاكَ مُزنٌ
في المواسم ِ عائِدُ) .
( والجدير بالذكر ان الشاعرالوطني الكبيرالمرحوم
راشيد حسين هو شقيق الشاعر والأديب الأستاذ أحمد حسين
من قرية مصمص - المثلث - الذي توفي
مؤخرا ) .
ومن مراثيهِ هنالكَ
قصائد نطمها في رثاءِ كلٍّ من
: "كمال جنبلاط " و " سلطان باشا
الأطرش " - يقولُ في رثاءِ كمال جنبلاط :
("حَيُّوا الشَّهيدَ كمالا ً
أيُّهَا العرَبُ لبنانُ
مِن بعدِهِ والشَّرقُ
ينتحِبُ
يومُ الرَّحيلِ بكاهُ
الأرز ُ مُتَّشِحًا والطيرُ والرِّيحُ والأنواءُ
والسُّحُبُ
ويقولُ في القصيدة :
(" بنى اشتراكيَّة ً
مُثلى وأطلقهَا في
أرض ِ لبنان والإقطاعُ يلتهبُ
خَسارة ُالشَّعبِ أن يفنى على
عجل ٍ ومطلعُ الفجرِ في الشَّرقين ِ يقتربُ
وَغَاية ُ العصرِ أن يَحْيَا
عباقرة ٌ وَعِلَّة ُ الجيل ِ
مَن يَحيَا بهِ عَطبُ
ويقولُ :
وثارَ في القوم ِ ريحٌ مِن أشاوسِهِ فزمجَرُوا مثلَ موج
ِ البحرِ يَصطخِبُ
أخالُ فيهم صلاحَ الدِّين ِ
مُنبعِثا ً في سهلِ ِ حطِّينَ والأبطالُ تحتربُ ) .
وفي رثاءِ سُلطان
باشا الأطرش يقول :
(" وقعُ الحُسام ِ على يديكَ
يُعَانقُ سلطانُ بعدكَ
أيُّ كفٍّ يعشقُ ) .
كما أنَّ لشاعرنا ذوقٌ وحِسٌّ مُرهفٌ للغناءِ
والفنِّ فرثى الموسيقارَ الرَّاحل "
فريد الأطرش " عندما توفيَ - فيقول من قصيدة :
( " ما للمزاهرِ لا
تدقُّ وتسمعُ ما
للمكارم ِ لا تشعُّ
وتلمعُ
غابَ الفريدُ وقد طوَى
حِرمانهُ نفسَ الأصيل ِ
ولا دُموعٌ تشفعُ
عادَ الرَّبيعُ
فغَنِّ يا فريدُ
ولا تجزَعْ بقبركَ إنَّ
صمتِكَ أروَعُ ) .
وتناولَ أيضًا مواضيعَ
وقضايا أخرى في الشّعر ِ، فكتبَ للأطفال
والبراءةِ وكتبَ للأمِّ والأب وغيرها، وقصائدُهُ خرائدُ خالدة ٌ في
فردوس ِ الشِّعرِ الإنساني المُشرق .
يقولُ مثلا في موضوع الصَّدَاقة الحقيقيَّة الصادقة :
("أصونُ مَوَدَّتي
وَرفيقَ دربي وأهديها
لِمَن عَهدِي يَصُونُ
طربتُ لصادق ٍ في الناس ِ
يُعطي صراحة قولِهِ هذا يزينُ.. " ) .
ويقولُ في قصيدةٍ بمناسبةِ عيد الأم :
( " هيَ الأمُّ التي
أوصاكَ ربِّي وأنزلَ
أكرمَ الآياتِ قولا
إذا ذهَبَت
بكاها الكونُ يُتمًا
فإنَّ الأرضَ بعدَ
الأمِّ ثكلى ") .
إنَّ أشعارَ فقيدِنا الشَّاعر " حمزه بشير " عبارة ٌعن
مرآةٍ تعكسُ شخصيَّتهُ وَمنهجَهُ ، ونجدُ فيها أسمى معاني الصِّدق ِ والوفاءِ والإباءِ
والكرم والشَّجاعةِ والكرامةِ والفخرِ
والإعتزاز ِ القومي ، والمُثل والقيم في كلِّ كلمةٍ
يقولها ... إنَّهُ واحدٌ من قلائل جدًّا في
يومنا هذا، كتبوا بصدق ٍ ونزاهةٍ
وأمانةٍ ،
وجَسَّدُوا
واقعَهم وعالمَهم وميحيطهم والتزَمُوا بمبادِئهم ، وكانت كتاباتهُم خارجة ً من صميم ِ وجدانِهم .
وأخيرًا وليسَ آخرًا : مهما
كتبنا عن شاعرنا الفقيد "حمزه
بشير " -( أبو الفخر ) نبقى مقصِّرين ، لأنَّ شاعرًا مثلهُ تحتاجُ قصائدُهُ
إلى
وقفةٍ طويلةٍ جدًّا وإلى دراسةٍ عميقةٍ وشاملةٍ للتوغُّل ِ والإسهابِ في أغوارها
ولمعرفةِ فدافدِها
وَخِضَمَّاتِهَا وكشفِ خفايا لآلئِهَا
وشوارِدِها . ولكن وللأسفِ الشَّديد لم يكتبْ أيُّ
مسؤُول ٍ أو أديبٍ أو ناقدٍ شيئا عن
دواوينِهِ السابقةِ المطبوعةِ ... وأظنُّ
أنَّ لوسائل
الإعلام ( الصحف والمجلات
المحليَّة وغيرها ) دورًا
هامًّ وخطيرًا (
أحيانا سلبي أو إيجابي
) في
مسيرةِ وانطلاقةِ الحركةِ الأدبيَّةِ المحليَّةِ . وأرى أنا، بدوري ،
أنَّ شاعرَنا لم يأخُذ حقَّهُ
من الإنتشار والشُّهرةِ
رغمَ أنَّهُ منَ
المفروض ِ أن يكونَ إسمُهُ
مُدرَجًا في طليعةِ الشُّعراءِ القوميِّين الوطنيِّين المُلتزمين
المُناضلين المُبدعين الرَّائدين المُجَدِّدين لمَا تحتويهِ
قصائدُهُ الكثيرة ُ من مستوًى راق
ٍ وعال ٍ، وأسلوبٍ جزل ٍ مُمَيَّز ،
ونظرةٍ مستقبليَّةٍ شموليَّةٍ ،
ورُؤيا فلسفيَّةٍ مُشرقةٍ، وصورٍ حِسِّيَّةٍ
مُلوَّنةٍ مبتكرةٍ، وعالمٍ رومانسي فريدٍ زاخرٍ
بالسِّحر ِ والجمالِ والأملِ والحياةِ
.
( بقلم : حاتم
جوعيه - المغار -
الجليل )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق