الخميس، 4 يوليو 2013

مصر تدخل في نفق مظلم


مصر تدخل في نفق مظلم بقلم : سهيل ابراهيم عيساوي انظار العالم كانت تتجه في ثورة 25 يناير الى القاهرة القلب النابض للامة العربية ، وسجل اهل مصر الانتصار الكبير على الذل والفقر والهوان والرجعية ،مما عزز صورة مصر في قلوب الملايين ، وتسارعت الاحداث في مصر الى حين اجراء انتخابات ديمقراطية للرئاسة فاز بها الدكتور محمد مرسي الذي يمثل حزب العدالة والحرية المنبثق عن حركة الاخوان المسلمين ، وقد نشرت مقالة قبل اكثر من عام قبيل الانتخابات المصرية ، اشرت الى الخطأ الذي اركبه جماعة الاخوان المسلمين بدفعها احد مرشحيها لانتخابات الرئاسة ، لان مصر في تلك المرحلة تحتاج الى رئيس معتدل ومستقل لا يمثل أي حزب سياسي لا علماني ولا متدين ، لا شك ان الرئيس المنتخب مرسي وقع في سلسلة اخطاء سياسية وادارية ، بحكم افتقاره للتجربة والديمقراطية الحديثة ، وتكتل خصومه ضده ،ومن ابرز الاخطاء التي وقع بها الرئيس مرسي : محاولته الاستحواذ على السلطة القضائية وتقزيمها ، وضع الدستور بدون توافق كل القوى السياسية رغم ان الشعب صوت لصالح الدستور وبقي اختلاف على بعض البنود ، اقالة عدد من القضاة ومن بينهم المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود ، تعيين هشام قنديل رئيسا للحكومة وهو شخصية صغيرة السن والتجربة ، فشل ضم عدد من الاحزاب الغير محسوبة على التيار الاسلامي ، ضعف الناحية الامنية وخاصة في شبه جزيرة سيناء ، وانعدام الامن للمواطن ، انسداد الافق السياسي وفشل الحوار بين اطياف اللون السياسي ، الانشغال في الازمات الخارجية ومصر تعاني من الكثير الكثير من الازمات الداخلية والخارجية ،الفساد المستشري في مؤسسات الحكم بينها السلطة القضائية الاعلام ، الاقتصاد المصري بدأ يهتز وفقد الجنيه الكثير من قيمته بسبب سحب وتهريب الاموال الى الخارج وهروب المستثمرين وضعف السياحة ، وقيام محمد مرسي باتخاذ قرارات سريعة غير مدروسة في السياسة لا يكفي ان تكون صادقا انما الاهم ان تكون حكيما . واضافة الى قوى اقليمية عديدة لم ترغب في تولي مرسي والتيار الذي يمثله مقاليد الحكم لان نجاحهم سوف يزلزل العروش ويضعف الكروش ، لذا سارعت هذه الدول التي التهنئة بسقوط حكم مرسي وبالتأكيد سوف تلوح بدعم الاقتصاد المصري لأنها اصلا حزنت على سقوط مبارك وزمرته .. بالرغم من الاخطاء التي وقع بها الرئيس المصري محمد مرسي ، الا انه انتخب بشكل ديمقراطي ، ولم يكمل مدة الحكم الدستورية ، وتم اقصائه بانقلاب عسكري مهين من قبل وزير الدفاع الذي عينه السيسي ، صحيح هو نفسه العسكر الذي مهد الطريق لوصول الاخوان للحكم ، لكن هذه المرة هنالك من يؤيد شرعية الرئيس وهنالك من يعارض سياسته وحكمه ، اقصاء الرئيس بهذه الصورة المهينة ، تعيد الى الاذهان حكم العسكر ما زال يخيم على مصر ، ولن يتركها في أي ظرف ، تطرح عدة تساؤلات شرعية ، من يخضع لمن ؟ العسكر للرئيس والحكومة ام العكس ؟ وهل كلما نزل ملايين الى ميدان التحرير يجب اسقاط النظام ، وهل مصلحة الوطن مصطلح فضفاض ؟ ام له مقاسات خاصة نفصلها على من نشاء وقت ما نشاء ، هل وظيفة الجيش التدخل في الازمات السياسية ام حماية الحدود ؟ هل الديمقراطية تقف عند فوز الاسلاميين ؟ وهل حقا حاول الاسلاميين الاستحواذ على كل السلطات في مصر ؟ ولماذا حاول العسكر عند الاعلان عن الانقلاب واقصاء الرئيس التستر برجال الدين المسلمين والمسيحين ، هل للتغطية وللتأكيد انهم ليسوا ضد الدين كدين انما ضد تسييس الدين ، لماذا تم حبس 300 من قيادات الاخوان ومنع المئات من السفر ؟ لماذا تم اغلاق القنوات الفضائية الموالية للرئيس من الناس وغيرها بينما القنوات التي تحرض على المؤيدين للرئيس مرسي بقيت تهلل وتشمت وتستبيح الدم المصري ، اذا كان لا بد من ضبط الاعلام يجب ان يطبق على الجميع ، هل لا نستحق نحن العرب الديمقراطية ولا نجيد ممارستها كما قال الرئيس الروسي بوتين ان الديمقراطية تجوز فقط في الغرب ؟ وهل الحل في مصر اجراء مليونية بعد كل خطوة بعدة كل مقابلة وبعد كل اقالة وبعد كل خطاب ؟ وهذه الملايين التي لا تعمل تضر بالاقتصاد المصري والامن القومي والناتج القومي والسياحة وتزيد من الاحتكاك بين الناس وقد وقعت عدة حالات اغتصاب واعتداء على النساء في ميدان التحرير وقد سقط العشرات من القتلى من المعسكريين والشرطة لم تحرك ساكنا أي دولة في العالم لا تسمح باعتصامات على مدار العام لشل الدولة واي دولة لا تسمح بالفوضى التي كانت وبالبلطجة الموجودة ، وهل الخطوة التي قام بها الجيش صحيحة اخلاقيا وسياسيا وتاريخيا وامنيا ودينيا ودستوريا ؟، وهل هذا كان الحل الوحيد واليتيم ، الانقلاب بهذه الصورة اضر بصورة مصر واضر بالديمقراطية الوليدة بل دفنها في مهدها ، كما يبدو ان مفهوم الديمقراطية لدى البعض هو هش وسطحي وشكلي وصوري ، الديمقراطية تشمل فصل السلطات الثلاث عن بعضها وان يكون الجيش تحت امرة السلطة التنفيذية وهي الحكومة المنتخبة والمساوة بين جميع الافراد ، واعطاء الحريات الشخصية للفرد مثل الحرية السياسية والدينية وحرية التنقل والحق في المعرفة وحرية الصحافة واستقلال القضاء وتداول السلطة بصورة سلمية عبر صناديق الاقتراع . ان الانقلاب العسكري الذي حدث هو انقلاب عسكري وليس ثورة تصحيحية كما يشيع البعض لأنه اقصى الرئيس المنتخب واعتقل رئيس الوزراء وقيادات اسلامية وكم افواه الصحفيين ومنع حرية السفر للأخرين ونصب اخرين. وهذا تم بيد العسكر وان كان تشاور مع البعض صحيح ان الجيش نفى ان يكون طامعا بالسياسة والحكم لكن من يصدق هذا ،العسكر يمسك الخيوط منذ زمن وسوف يظل يجثم على انفاس المصريين ويحصى اهاتهم يتهرب منها ، خسارة ان الامور وصلت الى هذا الحد من الاستهتار بالعقل العربي والمواطن المصري والانظمة الديمقراطية ، وقد اشرت في كتابي " تصبحون على ثورة " الصادر عام 2011 ، ان كثرة الاعتصامات والمظاهرات من الافرازات سلبية لثورة يناير 2010 ، وها هي الاعتصامات تجزء وتفتت من عضد الدولة وتستنزف مقدرات مصر التي بحاجة الى كل جهد وساعة عمل وتركيز في محاربة الفساد والبناء والتطوير ، الديمقراطية المباشرة التي كانت بذرة الديمقراطيةالحديثة في اثينا - اليونان قبل 2000 سنة لم تعد مجدية اليوم ، هنالك الديمقراطية التمثيلية والتي تعني وضع ادارة البلاد بيد خبراء وسياسيين عبر صناديق الاقتراع ، ولا بد من حصول الاقليات والنساء والشباب على تمثيل لائق . في رأيي ان الجماهير التي هتفت لإسقاط مرسي واستعانت بالعسكر سوف تندم والديمقراطية التي حصل عليها الشعب في ظل الثورة سوف تتبخر في المستقبل ، وان المفهوم الخاطئ للثورة والانقسام الحاد والكفر بالتيار الاخر وتدخل العسكر في الحياة السياسية والتدخلات الخارجية في الشؤون المصرية كلها عوامل سوف تنخر بدولة مصر واهلها . لا احد ينكر ان مرسي ارتكب الاخطاء العديدة لكنه لم يمنح الفرصة الازمة وليس من العيب اجراء انتخابات مبكرة للرئاسة اذا شعر الحاكم ان هنالك تذمر في الشارع وانسداد الافق السياسي ، لكن ما طلبته المعارضة ليس انتخابات مبكرة انما الغاء الانتخابات لأنه حكم سنة وبقي له ثلاث سنوات من المكن اجراء انتخابات بعد مرور ثلاث سنوات . وهل الديمقراطية تعني اقصاء التيار الاسلامي ، هل الثورة جاءت قبل ميعادها كان مبارك كثيرا علينا !! هل تحب الضحية جلادها لهذا الحد !!! لماذا نكذب الكذبة ثم نصدقها !! لماذا لا نتعلم من دروس الشعوب التي مرت بالتجربة الديمقراطية ، لماذا تهول لإعادة عقارب الساعة الى الوراء دائما . وكلنا امل ان تنجح مصر في تخطى المرحلة الحرجة والنفق الذي دخلته بديها المكبلة ، والعودة الى المسار الصحيح والديمقراطي ويكون ما حدث درسا للقوى السياسية المختلفة بضرورة نبذ العنف والعمل السياسي من خلال المؤسسات المنتخبة والهيئات القضائية وليس عبر الاحتكام للشارع والذي سرعان ما ينقلب على الجميع فالشارع المصري اشبه بحالة الطقس يتبدل وفق اتجاه الريح .واي رئيس منتخب سوف يصطدم مع الجيش وصلاحياته الفضفاضة وكل رئيس يحاول الخروج من القمقم سوف يطيح به العسكر كما حدث مع مرسي ، وليس من المستبعد ان تكون المؤسسة العسكرية قد اضمرت الشر والغدر للرئيس مرسي لقيامه بإقالة الطنطاوي وعنان في رغبة للإعادة الهيبة للمؤسسة العسكرية وكان الانقلاب على مرسي رسالة لكل رئيس قادم مفادها بان المؤسسة العسكرية هي اهم قلعة واخر حصن وبقرة مقدسة لا يجوز مناقشتها ولا مراجعتها ولا مناقشة صلاحياتها ولا عملها ، وكل من يفكر في تقزيمها يجد نفسه خارج التاريخ وفي قفص الاتهام ، مصر بحاجة اليوم الى اعادة الاوراق والمصالحة العامة ووضع مصلحة الوطن وفق المصالح الضيقة للسياسيين ، وطي صفحة التشرذم ومشاركة كل اطياف المجتمع المصري في ادارة البلاد ، وعدم اقصاء التيارات الاسلامية ولا حتى ما يسمى ببقايا النظام السابق او ما يسمى بالفلول يجب دمجهم من جديد في ادارة المجتمع المصري ، واسترداد مقاليد السلطة من يد جيش خوفا من الاستحواذ والالتصاق بالسياسة ومن المهم ان يعود العسكر الى مهامه الطبيعية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق