”يبدو لي مؤكدا الآن بأن “الفردوس الرقمي” الخداع قد سلب من نشئنا وشبيبتنا عشرات، بل مئات المهارات التي يعتادها الفرد بعد قليل من التدريب والممارسة، وذلك من أجل بقاء الإنسان على نحو أشبه ما يكون بالتمثال أو الصنم، متنقلا من موقع إلكتروني إلى آخر، بلا رقابة ولا توجيه، بلا روادع ولا ضوابط.”
لا يفقه المرء، بدقة، إن كان العالم الغني بخاصة، يحيا اليوم فردوسا رقميا. لذا، أوجه هذا الاستفهام إلى تلك الملايين من البشر المأسورة بسحر “الرقميات” وشبكاتها العنكبوتية الممتدة نحو كل شيء، وأقصد بذلك الأدوات والحقول التي بشر بها الحاسوب عبر الشبكات الرقمية حتى انقلب شكل العالم الآن رأسا على عقب اليوم، مقارنة مع شكله قبل بضعة عقود فقط، أي عندما كنا فتيانا صغارا نقلّب المذياع على كافة الجهات علنا نظفر بالإذاعة التي نبتغي الاستماع إليها من أجل متابعة الأخبار، أو مسابقات أفضل عشرين أغنية!
هو استفهام تنطوي محاولة الإجابة عليه على حقائق ملموسة قد تكمن بين طياتها نهاية غريبة للنوع الآدمي الذي غادر الحركة، وفضّل البقاء لساعات، كسولة وراء منضدة الحاسوب، معتقدا بأن الصندوق الإلكتروني الماثل أمامه إنما هو سر الحياة وعنوان التقدم الفردي والجماعي. بيد أن المرء لا بد أن يقارن بين نفسه على سنوات طفولته عندما كانت معلمته تطلب منه كتابة ثلاث أو أربع كلمات عشرات المرات كي تقوى أصابعه وكي يخط الحرف على نحو مقروء وجميل، وعليه أن يقارن كذلك بين مشاق وعذابات حفظ “جدول الضرب” وبين “حاسبات الجيب” الصغيرة التي لم يعد حملها واستعمالها في اختبارات الرياضيات والهندسة والحساب من المحرمات، كما كانت عليه الحال حتى وقت قصير في مدارسنا وجامعاتنا.
تكمن في هذه المقارنات وأمثالها أخطر الفروقات، خاصة عندما نستذكر كم كنا نبذل جهودا عضلية مضنية كي نفوز بمباراة حينا بكرة القدم ضد الحي المجاور، وكيف كنا نتمرن للفوز، وإن أردنا تمرينا للعقل، نتوجه إلى “مقاهي الشطرنج”، بدلا عن مقاهي الحاسبات. علما أن الأخيرة يمكن أن تجهز النشء والشبيبة بما لا يشتهيه التربويون من “المحرمات” المتاحة للمشاهدة، ولكن دون علم الوالدين أو أي ممن تهمه سلامة الشباب الأخلاقية والاجتماعية.
يبدو لي مؤكدا الآن بأن “الفردوس الرقمي” الخداع قد سلب من نشئنا وشبيبتنا عشرات، بل مئات المهارات التي يعتادها الفرد بعد قليل من التدريب والممارسة، وذلك من أجل بقاء الإنسان على نحو أشبه ما يكون بالتمثال أو الصنم، متنقلا من موقع إلكتروني إلى آخر، بلا رقابة ولا توجيه، بلا روادع ولا ضوابط.
والحق، فإن هذا ما لا تفعله المجتمعات المتقدمة التي أنتجت “الفردوس الرقمي” وسوقته إلينا، إذ إن مؤسساتها التربوية تحث الشباب والشياب على الحركة، درجة أن المرء يخال بأنها مجتمعات تشجع الإنسان أو الجماعات البشرية على الرجوع إلى نوع حديث من “البداوة”، ليس في الصحراء القاحلة، ولا عبر البراري الجرداء، وإنما في أعظم حواضر العالم وأريافه، نظرا لأنها تدرك جيدا أنه في حركة الإنسان تكمن أسرار الصحة والتقدم، بدائل عن الجمود والكسل البدني والكساد الذهني، علما أن الحالات الأخيرة تغزو شبيبة أغلب مجتمعاتنا، ليس بسبب الرغبة التربوية بذلك، وإنما بسبب ما حبانا الله به من موارد مالية مكنت هذه المجتمعات من استيراد وإتاحة الشبكات والأجهزة الرقمية حد الغثيان والهبل، للأسف.
إذا لم يكن المرء يريد أن يفكر، أو أن يبذل جهدا عضليا، فإن عليه أن يتذكر المقولة الشهيرة: “استعمل أعضاءك، أو اخسرها!” Use it, or lose it. وهذا هو “الجحيم الرقمي” بعينه.
هو استفهام تنطوي محاولة الإجابة عليه على حقائق ملموسة قد تكمن بين طياتها نهاية غريبة للنوع الآدمي الذي غادر الحركة، وفضّل البقاء لساعات، كسولة وراء منضدة الحاسوب، معتقدا بأن الصندوق الإلكتروني الماثل أمامه إنما هو سر الحياة وعنوان التقدم الفردي والجماعي. بيد أن المرء لا بد أن يقارن بين نفسه على سنوات طفولته عندما كانت معلمته تطلب منه كتابة ثلاث أو أربع كلمات عشرات المرات كي تقوى أصابعه وكي يخط الحرف على نحو مقروء وجميل، وعليه أن يقارن كذلك بين مشاق وعذابات حفظ “جدول الضرب” وبين “حاسبات الجيب” الصغيرة التي لم يعد حملها واستعمالها في اختبارات الرياضيات والهندسة والحساب من المحرمات، كما كانت عليه الحال حتى وقت قصير في مدارسنا وجامعاتنا.
تكمن في هذه المقارنات وأمثالها أخطر الفروقات، خاصة عندما نستذكر كم كنا نبذل جهودا عضلية مضنية كي نفوز بمباراة حينا بكرة القدم ضد الحي المجاور، وكيف كنا نتمرن للفوز، وإن أردنا تمرينا للعقل، نتوجه إلى “مقاهي الشطرنج”، بدلا عن مقاهي الحاسبات. علما أن الأخيرة يمكن أن تجهز النشء والشبيبة بما لا يشتهيه التربويون من “المحرمات” المتاحة للمشاهدة، ولكن دون علم الوالدين أو أي ممن تهمه سلامة الشباب الأخلاقية والاجتماعية.
يبدو لي مؤكدا الآن بأن “الفردوس الرقمي” الخداع قد سلب من نشئنا وشبيبتنا عشرات، بل مئات المهارات التي يعتادها الفرد بعد قليل من التدريب والممارسة، وذلك من أجل بقاء الإنسان على نحو أشبه ما يكون بالتمثال أو الصنم، متنقلا من موقع إلكتروني إلى آخر، بلا رقابة ولا توجيه، بلا روادع ولا ضوابط.
والحق، فإن هذا ما لا تفعله المجتمعات المتقدمة التي أنتجت “الفردوس الرقمي” وسوقته إلينا، إذ إن مؤسساتها التربوية تحث الشباب والشياب على الحركة، درجة أن المرء يخال بأنها مجتمعات تشجع الإنسان أو الجماعات البشرية على الرجوع إلى نوع حديث من “البداوة”، ليس في الصحراء القاحلة، ولا عبر البراري الجرداء، وإنما في أعظم حواضر العالم وأريافه، نظرا لأنها تدرك جيدا أنه في حركة الإنسان تكمن أسرار الصحة والتقدم، بدائل عن الجمود والكسل البدني والكساد الذهني، علما أن الحالات الأخيرة تغزو شبيبة أغلب مجتمعاتنا، ليس بسبب الرغبة التربوية بذلك، وإنما بسبب ما حبانا الله به من موارد مالية مكنت هذه المجتمعات من استيراد وإتاحة الشبكات والأجهزة الرقمية حد الغثيان والهبل، للأسف.
إذا لم يكن المرء يريد أن يفكر، أو أن يبذل جهدا عضليا، فإن عليه أن يتذكر المقولة الشهيرة: “استعمل أعضاءك، أو اخسرها!” Use it, or lose it. وهذا هو “الجحيم الرقمي” بعينه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق