لم يقد استغلال القوى الأجنبية التنافسات الكردية البينية إلى تبلور نمط تكرار تاريخي مهم فقط، وإنما قاد بدوره الحاسم إلى تشكيل أحداث كبرى في تاريخ الكرد الحديث، مع إشارة خاصة إلى معطيات سقوط الدولة العثمانية، وتدهور الدولة القاجارية في إيران، ثم ولادة الدولة العراقية الجديدة على نحو شبه متجايل. وكانت النتيجة المأساوية النهائية لمستجدات هذه المتغيرات التاريخية المهمة هي أن وجد الكرد أنفسهم ممزقين بين الدول الأربع سابقة الذكر، أي العراق وتركيا وسوريا، للأسف.
نظرًا لترحيب القيادات القبلية والدينية الكردية، في شمال ما يعرف اليوم بــ”العراق”، بالقوات البريطانية الغازية (كركوك، 1918)، ذلك الترحيب الذي أُلحق بعرض هذه القيادات حكم إقليمها على السلطات البريطانية طوعًا. لذا عمدت السلطات البريطانية الغازية إلى إنتقاء شخصية كردية بارزة، الشيخ محمود البرزنجي، ليضطلع بالعمل حاكمًا عامًّا على “كردستان الجنوبية” (1918)، نيابة عن التاج البريطاني. علمًا أن هذا هو ذات الإقليم الذي يتشكل منه إقليم “كردستان العراق” اليوم.(5)
ولكن بعد أن لاحظت السلطات البريطانية تخطي طموحات البرزنجي القومية والسياسية الحدود المسموح بها، أي تطلعه لإعلان الاستقلال بمنطقة نفوذه، عمدت هذه السلطات على استثمار حال التبرم والاحتجاج والفوضى التي استشرت في الإقليم بين السكان المحليين آنذاك، معتمدة رفض قادة كرد منافسين إعلان البرزنجي الاستقلال بالإقليم أعلاه فيما بعد (مايس، 1919)، بهدف لجمه وبتره. ومن أجل تحطيم حلم البرزنجي الاستقلالي كاملًا على المدى البعيد، عمدت السلطات البريطانية إلى إلقاء القبض عليه، ثم إلى نفيه الى بلدة الناصرية، جنوب العراق اليوم.
لم يقد استغلال القوى الأجنبية التنافسات الكردية البينية إلى تبلور نمط تكرار تاريخي مهم فقط، وإنما قاد بدوره الحاسم إلى تشكيل أحداث كبرى في تاريخ الكرد الحديث، مع إشارة خاصة إلى معطيات سقوط الدولة العثمانية، وتدهور الدولة القاجارية في إيران، ثم ولادة الدولة العراقية الجديدة على نحو شبه متجايل. وكانت النتيجة المأساوية النهائية لمستجدات هذه المتغيرات التاريخية المهمة هي أن وجد الكرد أنفسهم ممزقين بين الدول الأربع سابقة الذكر، أي العراق وتركيا وسوريا، للأسف.
من هذا التعقيد الشائك، أطلق الكرد كفاحهم طويل الأمد والمشوب بالعذابات والتضحيات من أجل بلوغ الحكم الذاتي في الدول التي ينتمون إليها، كخطوة على طريق الاستقلال يومًا ما، بعد أن خذلتهم القوى الكبرى بالطريقة الفجة وغير المنصفة التي تمت الإشارة إليها أعلاه، جامعين بين الدبلوماسية والحوار، من جهة، وبين حركات التمرد المسلحة، من جهة ثانية، في سياق نضالهم الماراثوني من أجل التحرر من الدول التي ضموا إليها، قسرًا وتعسفًا. وفي سبيل تجنب حملات الإبادة التي أطلقتها حكومات الدول أعلاه مع ما رافقها من ممارسات قاسية وتآمر، كعمليات التطهير العرقي والنفي والاحتواء القومي، اضطرت بعض القيادات الكردية إلى التغطية على هدفها لبلوغ الاستقلال القومي في دولة كردية، لائذة بالمطالبة بحقوق مؤقتة، قابلة للتلبية وللتفاوض مع حكومات الدول المعنية، وهي الحقوق المبررة وغير الاستفزازية للحكومات المعنية، من نوع الحقوق الثقافية والحقوق اللغوية، خاصة في مجالات الإعلام والتربية والتعليم. كان الغرض من هذه المطالبات المحدودة، والحال هذه، انتقاليًّا مؤقتًا، بالتأكيد.
ولكن بعد أن لاحظت السلطات البريطانية تخطي طموحات البرزنجي القومية والسياسية الحدود المسموح بها، أي تطلعه لإعلان الاستقلال بمنطقة نفوذه، عمدت هذه السلطات على استثمار حال التبرم والاحتجاج والفوضى التي استشرت في الإقليم بين السكان المحليين آنذاك، معتمدة رفض قادة كرد منافسين إعلان البرزنجي الاستقلال بالإقليم أعلاه فيما بعد (مايس، 1919)، بهدف لجمه وبتره. ومن أجل تحطيم حلم البرزنجي الاستقلالي كاملًا على المدى البعيد، عمدت السلطات البريطانية إلى إلقاء القبض عليه، ثم إلى نفيه الى بلدة الناصرية، جنوب العراق اليوم.
لم يقد استغلال القوى الأجنبية التنافسات الكردية البينية إلى تبلور نمط تكرار تاريخي مهم فقط، وإنما قاد بدوره الحاسم إلى تشكيل أحداث كبرى في تاريخ الكرد الحديث، مع إشارة خاصة إلى معطيات سقوط الدولة العثمانية، وتدهور الدولة القاجارية في إيران، ثم ولادة الدولة العراقية الجديدة على نحو شبه متجايل. وكانت النتيجة المأساوية النهائية لمستجدات هذه المتغيرات التاريخية المهمة هي أن وجد الكرد أنفسهم ممزقين بين الدول الأربع سابقة الذكر، أي العراق وتركيا وسوريا، للأسف.
من هذا التعقيد الشائك، أطلق الكرد كفاحهم طويل الأمد والمشوب بالعذابات والتضحيات من أجل بلوغ الحكم الذاتي في الدول التي ينتمون إليها، كخطوة على طريق الاستقلال يومًا ما، بعد أن خذلتهم القوى الكبرى بالطريقة الفجة وغير المنصفة التي تمت الإشارة إليها أعلاه، جامعين بين الدبلوماسية والحوار، من جهة، وبين حركات التمرد المسلحة، من جهة ثانية، في سياق نضالهم الماراثوني من أجل التحرر من الدول التي ضموا إليها، قسرًا وتعسفًا. وفي سبيل تجنب حملات الإبادة التي أطلقتها حكومات الدول أعلاه مع ما رافقها من ممارسات قاسية وتآمر، كعمليات التطهير العرقي والنفي والاحتواء القومي، اضطرت بعض القيادات الكردية إلى التغطية على هدفها لبلوغ الاستقلال القومي في دولة كردية، لائذة بالمطالبة بحقوق مؤقتة، قابلة للتلبية وللتفاوض مع حكومات الدول المعنية، وهي الحقوق المبررة وغير الاستفزازية للحكومات المعنية، من نوع الحقوق الثقافية والحقوق اللغوية، خاصة في مجالات الإعلام والتربية والتعليم. كان الغرض من هذه المطالبات المحدودة، والحال هذه، انتقاليًّا مؤقتًا، بالتأكيد.