”.. بالغ الأميركيون بهذه السياسة الرأسمالية المرتكنة على تقديم الإعلان على كل شيء درجة التسبب بالضجر والانزعاج، خاصة وأن المتلقي يشعر بأنه يعامل كرقم استهلاكي حسب، وبأن الإعلانات التجارية والدعائية راحت تحتل أكثر من ثلث مدة البث التلفازي وعلى جميع القنوات الأساسية، حيث يشعر المتلقي بأنه إنما ضحية للاستغلال.”
بعدما استولى البعثيون على السلطة بانقلاب عسكري في 17 يوليو، 1968، فإنهم ما لبثوا أن سارعوا إلى منع الدعاية والإعلانات التجارية من البث في وسائل الإعلام الرئيسة، كالإذاعة والتلفاز، الوحيدان آنذاك. وقد كان هدفهم من وراء هذه الخطوة هدفا سياسيا بحتا، ذلك أن قياداتهم كانت على وعي دقيق بأهمية الإعلام في تمكين جماعتهم من الإمساك بمجريات الأمور بقبضة من حديد عبر العراق آنذاك، خاصة وأنهم قد قرروا توظيف الإعلام لخدمة (الإعلام الموجه)، كما كان يطلق على هذا النوع من الإعلام آنذاك.
كان جمهور المتلقين قد شعر بالتغير الذي فرضته السلطة الجديدة من خلال تغييب الدعاية والإعلانات التجارية بين ليلة وضحاها. بل إن القائمين على الإعلام حقبة ذاك قد تجاوزوا هذا الحد من التحديد، درجة إصدار قوائم رسمية (نشرت في الصحف) تسمي “الأغاني” الممنوع بثها في الإذاعة والتلفاز باعتبارها أغاني متدنية المستوى أو أقل ذوقية. وهكذا راح الجمهور العراقي يعتاد المنهج الإعلامي الجديد الذي كرس الإعلام 10% لخدمة سياسات الحزب الداخلية والخارجية، عبر البيانات والندوات الدعائية السياسية والخطابات الرنانة التي حلّت محل الدعايات والإعلانات التجارية.
وقد لاحظنا الفرق بين هذا النوع من الإعلام “المركزي” أو “الموجه” حال ذهابنا إلى دول أجنبية، حيث يحتل الإعلان التجاري والدعائي مساحة كبيرة جدا من أطوال البث الزمنية، الأمر الذي جعلنا نتذوق هذه الإعلانات والدعايات ونتمنى متابعتها. هل كانت السلطة الجديدة في العراق آنذاك على حق بمنع الدعايات والإعلانات التجارية؟ هذا استفهام يرد إلى ذهن كاتب هذه الأسطر على نحو ملح، وهو يحيا الآن في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعد الدعاية والإعلانات أهم حتى من المنتجات المراد الترويج لها، أحيانا، وبدليل تخصيص أكثر من ثلث الرساميل المستثمرة لإنتاج مادة معينة من أجل الترويج والدعاية.
وقد بالغ الأميركيون بهذه السياسة الرأسمالية المرتكنة على تقديم الإعلان على كل شيء درجة التسبب بالضجر والانزعاج، خاصة وأن المتلقي يشعر بأنه يعامل كرقم استهلاكي حسب، وبأن الإعلانات التجارية والدعائية راحت تحتل أكثر من ثلث مدة البث التلفازي وعلى جميع القنوات الأساسية، حيث يشعر المتلقي بأنه إنما ضحية للاستغلال. وهنا، يقدم اقتصاد رأس المال نموذجا تجاريا معاكسا لنموذج منع وتحريم الدعاية والإعلان التجاري الذي فرضته بعض الأنظمة الشمولية سابقا.
هنا يرتقي الاستفهام التالي إلى صدارة التنظير الإعلامي، خاصة في عالمنا العربي والخليجي: هل نتبع خطى منع الإعلان والدعاية التجارية بالمرة كما فعلت الأنظمة الشمولية، أم نحاكي النماذج الرأسمالية، الأميركية خاصة التي تضغط على أعصاب المتلقي حتى تدفعه لشراء ما لا يحتاج إليه؟
كان جمهور المتلقين قد شعر بالتغير الذي فرضته السلطة الجديدة من خلال تغييب الدعاية والإعلانات التجارية بين ليلة وضحاها. بل إن القائمين على الإعلام حقبة ذاك قد تجاوزوا هذا الحد من التحديد، درجة إصدار قوائم رسمية (نشرت في الصحف) تسمي “الأغاني” الممنوع بثها في الإذاعة والتلفاز باعتبارها أغاني متدنية المستوى أو أقل ذوقية. وهكذا راح الجمهور العراقي يعتاد المنهج الإعلامي الجديد الذي كرس الإعلام 10% لخدمة سياسات الحزب الداخلية والخارجية، عبر البيانات والندوات الدعائية السياسية والخطابات الرنانة التي حلّت محل الدعايات والإعلانات التجارية.
وقد لاحظنا الفرق بين هذا النوع من الإعلام “المركزي” أو “الموجه” حال ذهابنا إلى دول أجنبية، حيث يحتل الإعلان التجاري والدعائي مساحة كبيرة جدا من أطوال البث الزمنية، الأمر الذي جعلنا نتذوق هذه الإعلانات والدعايات ونتمنى متابعتها. هل كانت السلطة الجديدة في العراق آنذاك على حق بمنع الدعايات والإعلانات التجارية؟ هذا استفهام يرد إلى ذهن كاتب هذه الأسطر على نحو ملح، وهو يحيا الآن في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعد الدعاية والإعلانات أهم حتى من المنتجات المراد الترويج لها، أحيانا، وبدليل تخصيص أكثر من ثلث الرساميل المستثمرة لإنتاج مادة معينة من أجل الترويج والدعاية.
وقد بالغ الأميركيون بهذه السياسة الرأسمالية المرتكنة على تقديم الإعلان على كل شيء درجة التسبب بالضجر والانزعاج، خاصة وأن المتلقي يشعر بأنه يعامل كرقم استهلاكي حسب، وبأن الإعلانات التجارية والدعائية راحت تحتل أكثر من ثلث مدة البث التلفازي وعلى جميع القنوات الأساسية، حيث يشعر المتلقي بأنه إنما ضحية للاستغلال. وهنا، يقدم اقتصاد رأس المال نموذجا تجاريا معاكسا لنموذج منع وتحريم الدعاية والإعلان التجاري الذي فرضته بعض الأنظمة الشمولية سابقا.
هنا يرتقي الاستفهام التالي إلى صدارة التنظير الإعلامي، خاصة في عالمنا العربي والخليجي: هل نتبع خطى منع الإعلان والدعاية التجارية بالمرة كما فعلت الأنظمة الشمولية، أم نحاكي النماذج الرأسمالية، الأميركية خاصة التي تضغط على أعصاب المتلقي حتى تدفعه لشراء ما لا يحتاج إليه؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق