لقد عمدت بعض الدول إلى سَن قوانين خاصة برعاية العلماء، بينما شجعت دول أخرى العناية الفائقة بالعلماء وبالعبقريات درجة عدهم جزءا من الأمن القومي، وليس جزءا من الثروة القومية فقط، إذ أحاطتهم وأحاطت أنشطتهم بالسرية وبالرعاية المركزة على أمل أن تضع “الدجاجة بيضا من الذهب” في المستقبل.
إن ظاهرة إهمال العلماء هي مثلبة تستحق عليها الأمم والدول تعابير العار والسخط، خاصة بعدما يغادر العلماء والمفكرون الأفذاذ الحياة وهم طي النسيان، تبتلعهم ظروف الحاجة والفاقة برغم ما قدموه من إسهامات فاخرة لبلدانهم وللثقافة وللإنسانية عامة. لذا راح العالم يقيس تقدم الدول والأنظمة بمعيار مستوى رعايتها لعلمائها وتكريمها لمنجزاتهم العبقرية وهم على قيد الحياة، ليس فقط لأن هؤلاء يمثلون أرفع ما وصلت إليه العبقرية الجماعية والفردية في مجتمع ما، بل كذلك لأنهم يشكلون جزءا أساسيا لا يتجزأ من الثروة القومية، حالهم حال النفط والموارد الأخرى. وقد شهد التاريخ العربي الإسلامي، على تقلب دوله ومشارب الحكم فيه منذ بداياته حتى معطياته المعاصرة، حقبا متعاقبة ومتقلبة شهدت تكريم العلماء من ناحية، وإذلالهم ثم امتطاءهم، بل وحتى سحقهم، من الناحية الثانية، الأمر الذي حدا بنقاد هذا التاريخ، خاصة الأجانب منهم، إلى مهاجمته بسبب حقب إهمال وإذلال العلماء، نظرا لتواشج الاهتمام بالعلم والعلماء (في الحقبات المسماة بالذهبية تعسفا) مع الأهداف السياسية والاجتماعية للحاكم ولأولي الأمر وللميسورين من مدعي رعاية العلم المتبجحين.
لقد كان العلماء، في الشرق والغرب على حد سواء، يُعتبرون أفرادا أذكياء مستنيرين يعتمدون على التشبث الفردي والعمل المثابر المتواصل المكرس لتحقيق منجزاتهم العلمية والفكرية. بيد أن هذه الظاهرة صارت جزءا من التاريخ المطوي والمخجل أحيانا للأمم الحية، خاصة بعد ظهور أنموذج الدولة الحديثة في القرون الأخيرة. لقد لاحظ ولاة الأمر في الحكومات المتطورة التي تستشرف المستقبل الأفضل لشعوبها أن العلم إنما هو سر التقدم والتفوق، وعليه يكون العلماء والمفكرون هم مفتاح أو باب هذا التطور المنشود. لذا تفننت الأنظمة الحكومية الحديثة والمتوثبة إلى التقدم في ابتداع وابتكار طرائق مناسبة لرعاية علمائها ومفكريها، على نحو رفيع يمكن معه “التفاخر” بين الأمم الأخرى في أساليب رعاية العلماء كنوع من أنواع التسابق نحو الأفضل. لقد عمدت بعض الدول إلى سَن قوانين خاصة برعاية العلماء، بينما شجعت دول أخرى العناية الفائقة بالعلماء وبالعبقريات درجة عدهم جزءا من الأمن القومي، وليس جزءا من الثروة القومية فقط، إذ أحاطتهم وأحاطت أنشطتهم بالسرية وبالرعاية المركزة على أمل أن تضع “الدجاجة بيضا من الذهب” في المستقبل. في الدول الغربية التي تتبع النظام الرأسمالي الأقل مركزية، دفعت الحكومات شؤون رعاية العلماء إلى الشركات الكبرى وإلى المؤسسات العلمية والأكاديمية ذات النفع العام أو الخاص، باعتبار مبدأ اللامركزية وعدم زج الدولة في تفاصيل غير إدارية عامة الطبيعة. وقد لعبت الشركات ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية أدوارا جليلة في رعاية العلم والعلماء، ليس فقط باعتبار هذا الجهد نوعا من أنواع الاستثمار الاقتصادي، بل كذلك لأن هذه الرعاية لا بد وأن تصب في نهاية المطاف بثروات البلاد الكلية الشاملة، ثقافيا واعتباريا كذلك. أما في الأنظمة الأكثر شمولية، خاصة الاشتراكية والشيوعية، فقد ارتهنت رعاية العلماء بالدولة المركزية، خاصة بعد أن تحول المنجز العلمي جزءا من سباق التقدم والتسلح بين المعسكرين الشرقي والغربي قبل نهاية حقبة الحرب الباردة، الأمر الذي أدى إلى تمادي “الرعاية” حد الحبس وتحديد الحركة والاتصال، إذ صار رجل العلم ذو النفع الإستراتيجي والتقني الرفيع “مخلوقا” شبه مختبري، محاط بالحماية والرقابة والكتمان من أجل الحفاظ عليه وتوفير شروط الإبداع والابتكار له.
وقد حظي رجال العلم في كلا النظامين الاشتراكي والرأسمالي بالتكريم والحصانة والحماية الكافية من أجل إطلاق طاقاته العبقرية. فإذا ما كان رجل العلم والفكر أشبه ما يكون بـ”بئر للنفط”، حسب الذهنية المادية النفعية التي تقيس كل شيء بواسطة الجدوى الاقتصادية، فإنه غالبا ما يحصل على كل ما يرنو إليه من حياة مرفهة وكريمة له ولأسرته في الدول الرأسمالية التي توفر مؤسساتها المختصة له ما يعادل، أو يزيد على منجزه بحساب المال والتسهيلات. أما في الدول ذات الأنظمة الشمولية، فإن العالم يعد ملكية “مؤممة” للدولة، حيث تأخذ الحكومة على عاتقها توفير كل متطلباته الحياتية من توفير سكن لائق وحياة مرفهة وضمانات قانونية له ولأولاده كي لا تعييه معضلات الحياة اليومية مستهلكة إياه، فتمنعه من التفكير والإبداع المنتظر منه. يذهب البعض إلى أن العلماء في الدول الاشتراكية السابقة كانوا يحظون بمساكن شتوية وأخرى صيفية وبالخدام والخادمات وبكل ما من شأنه إطلاق عبقرياتهم. وكذا الحال في النظامين الرأسمالي والاشتراكي يحظى العلماء بالاحترام والتقدير الاجتماعي من قبل الجمهور (وليس من قبل الدولة فقط)، حيث لا يسمح للعالم أن يقف منتظرا في طابور للحصول على طبقة بيض، ولا تؤخر طلباته عن طريق التعقيدات البيروقراطية، ولا يمنع من مقابلة مسؤول مهما علت منزلته. وهكذا ترادف العالم مع النجومية، بينما ترادفت الرعاية المالية مع الاهتمام والتقدير الاعتباري، ناهيك عن رعاية الإعلام والصحافة للعلماء عن طريق إبراز ومتابعة منجزهم الفكري ومعطيات عبقرياتهم.
لقد كان العلماء، في الشرق والغرب على حد سواء، يُعتبرون أفرادا أذكياء مستنيرين يعتمدون على التشبث الفردي والعمل المثابر المتواصل المكرس لتحقيق منجزاتهم العلمية والفكرية. بيد أن هذه الظاهرة صارت جزءا من التاريخ المطوي والمخجل أحيانا للأمم الحية، خاصة بعد ظهور أنموذج الدولة الحديثة في القرون الأخيرة. لقد لاحظ ولاة الأمر في الحكومات المتطورة التي تستشرف المستقبل الأفضل لشعوبها أن العلم إنما هو سر التقدم والتفوق، وعليه يكون العلماء والمفكرون هم مفتاح أو باب هذا التطور المنشود. لذا تفننت الأنظمة الحكومية الحديثة والمتوثبة إلى التقدم في ابتداع وابتكار طرائق مناسبة لرعاية علمائها ومفكريها، على نحو رفيع يمكن معه “التفاخر” بين الأمم الأخرى في أساليب رعاية العلماء كنوع من أنواع التسابق نحو الأفضل. لقد عمدت بعض الدول إلى سَن قوانين خاصة برعاية العلماء، بينما شجعت دول أخرى العناية الفائقة بالعلماء وبالعبقريات درجة عدهم جزءا من الأمن القومي، وليس جزءا من الثروة القومية فقط، إذ أحاطتهم وأحاطت أنشطتهم بالسرية وبالرعاية المركزة على أمل أن تضع “الدجاجة بيضا من الذهب” في المستقبل. في الدول الغربية التي تتبع النظام الرأسمالي الأقل مركزية، دفعت الحكومات شؤون رعاية العلماء إلى الشركات الكبرى وإلى المؤسسات العلمية والأكاديمية ذات النفع العام أو الخاص، باعتبار مبدأ اللامركزية وعدم زج الدولة في تفاصيل غير إدارية عامة الطبيعة. وقد لعبت الشركات ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية أدوارا جليلة في رعاية العلم والعلماء، ليس فقط باعتبار هذا الجهد نوعا من أنواع الاستثمار الاقتصادي، بل كذلك لأن هذه الرعاية لا بد وأن تصب في نهاية المطاف بثروات البلاد الكلية الشاملة، ثقافيا واعتباريا كذلك. أما في الأنظمة الأكثر شمولية، خاصة الاشتراكية والشيوعية، فقد ارتهنت رعاية العلماء بالدولة المركزية، خاصة بعد أن تحول المنجز العلمي جزءا من سباق التقدم والتسلح بين المعسكرين الشرقي والغربي قبل نهاية حقبة الحرب الباردة، الأمر الذي أدى إلى تمادي “الرعاية” حد الحبس وتحديد الحركة والاتصال، إذ صار رجل العلم ذو النفع الإستراتيجي والتقني الرفيع “مخلوقا” شبه مختبري، محاط بالحماية والرقابة والكتمان من أجل الحفاظ عليه وتوفير شروط الإبداع والابتكار له.
وقد حظي رجال العلم في كلا النظامين الاشتراكي والرأسمالي بالتكريم والحصانة والحماية الكافية من أجل إطلاق طاقاته العبقرية. فإذا ما كان رجل العلم والفكر أشبه ما يكون بـ”بئر للنفط”، حسب الذهنية المادية النفعية التي تقيس كل شيء بواسطة الجدوى الاقتصادية، فإنه غالبا ما يحصل على كل ما يرنو إليه من حياة مرفهة وكريمة له ولأسرته في الدول الرأسمالية التي توفر مؤسساتها المختصة له ما يعادل، أو يزيد على منجزه بحساب المال والتسهيلات. أما في الدول ذات الأنظمة الشمولية، فإن العالم يعد ملكية “مؤممة” للدولة، حيث تأخذ الحكومة على عاتقها توفير كل متطلباته الحياتية من توفير سكن لائق وحياة مرفهة وضمانات قانونية له ولأولاده كي لا تعييه معضلات الحياة اليومية مستهلكة إياه، فتمنعه من التفكير والإبداع المنتظر منه. يذهب البعض إلى أن العلماء في الدول الاشتراكية السابقة كانوا يحظون بمساكن شتوية وأخرى صيفية وبالخدام والخادمات وبكل ما من شأنه إطلاق عبقرياتهم. وكذا الحال في النظامين الرأسمالي والاشتراكي يحظى العلماء بالاحترام والتقدير الاجتماعي من قبل الجمهور (وليس من قبل الدولة فقط)، حيث لا يسمح للعالم أن يقف منتظرا في طابور للحصول على طبقة بيض، ولا تؤخر طلباته عن طريق التعقيدات البيروقراطية، ولا يمنع من مقابلة مسؤول مهما علت منزلته. وهكذا ترادف العالم مع النجومية، بينما ترادفت الرعاية المالية مع الاهتمام والتقدير الاعتباري، ناهيك عن رعاية الإعلام والصحافة للعلماء عن طريق إبراز ومتابعة منجزهم الفكري ومعطيات عبقرياتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق