( هذه القصيدة قديمة كتبتها وأنا في بداية العشرينات من العمر ، وهي رد على قصيدة وصلتني من
شاعرة شابة توقفت عن الكتابة وهي في أوج العطاء .. ولو أنها استمرَّت في مشوارها
الأدبي لكانت اليوم شاعرة كبيرة وفي طليعة الشعراء المحليين
المبدعين . وقصيدها هي :
( يا حبيبي كَّما
حانَ اللقاء
إفترقنا في متاهاتِ
الجفاءْ )
سادَنا صمتٌ
رَهيبٌ قاتِلٌ يطبقُ الجفن
على مُرِّ
البكاءْ
وَشَكونا من
تباريحِ الهوى وتلاشينا بأعماقِ الشّقاءْ
ثمَّ عُدنا
نشتهي حُلوَ المُنى
بعدَ
أن تهنا وما تمَّ
اللقاءْ
كم
بعثنا في الدُّجى
آهاتنا وَدُموعُ الهَجرِ
في طيِّ الخَفاءْ
كم مُحِبٍّ
جاءَ يشكو حُبَّهُ ألنا
يشكو وَهل فينا
العَزاءْ ؟
أم غدَونا
يا حبيبي في الهوى قبلة َ الحكمِ
وأعلامَ القضاءْ
عَبرَتْ فكري
خيالاتُ المُنى بينَ
أشتاتٍ وأطلالِ الهناءْ
هاتفات.. لا تسَلْ
أينَ الهَوَى في
ظلالِ الحُبِّ قد طابَ
الغناءْ
إسهَرِ الليلَ
ولا تخشَ النّوَى إنّما الخوفُ
سلاحُ الضعفاءْ
لا تنمْ
ليلكَ واسْهَرهُ إذا
كانَ في السُّهدِ
طموحٌ وَإباءْ
أيُّها النائي
وما من مُلتقى كيفَ
أنساكَ وهل ضاعَ
الوفاءْ
كيفَ أنسى
ذكرياتٍ عبرَتْ في
حياتي كلما حَلَّ
الشتاءْ
ذكريات خلَّدَتْ
معنى الهوّى جعَلتْ قلبيَ
يسخُو بالعَطاءْ
إنّها الأيامُ نعدُو
خلفهَا كسرابٍ خالهُ
الظمآنُ
ماءْ
وأما قصدتي ( فارس الشعر)
فهي :
عاشِقَ النُّورِ سأبقى والسَّناءْ فوقَ
هامِ النَّجمِ رَكَّزتُ
اللِّوَاءْ
فارسُ الشِّعرِ أغنِّي للفدَا
.. وَأغنِّي لخلودِ الشُّهداءْ
إنَّ جذري أزليٌّ
في الثَّرَى وَغصُوني وَهَبَتْ فيضَ العَطاءْ
إنَّ صَرحي شاهقٌ نحوَ السُّهَى
كعبة ُ المجدِ مزارُ
الشُّرفاءْ
لم يزلْ شعري
منارًا للدُّنى قبلة َ اليُمْنِ ورُؤيا
الشُّعراءْ
جنَّة ُ الشِّعرِ تضَوَّعتُ شَذىً
وورُودي رمزُ سحر ٍ
وغوَاءْ
إنَّ شعري فاقَ شعرَ"المُتنبِّي" جمالاً ... روعة َ الفنِّ
بهاءْ
" ونزارٍ " "ونيرُودَا" شأنِهمْ " وأدونيسَ " كبارِ
الشُّعراءْ
ولقد سارَ بهِ
العُشَّاقُ في كلِّ أرض
فتالَّقتُ سَناءْ
ذلكَ " المأفونُ "
ما جَدَّدَهُ كحذائي ... لجنونٌ
وَهُراءْ
أنا للفنِّ سَناءٌ
وَسنا وأنا للشِّعرِ
رَبٌّ وَسماءْ
كم دَعيٍّ تحتَ أقدامي انحَنى كم رسول يبتغي
منِّي الدُّعاءْ
أيُّ مجدٍ أرتقي .. أيُّ عظيمٍ جليلٍ أتقي
منهُ البلاءْ
إنَّي الحقُّ تجلَّى
فاسجدُوا عالمُ الزِّيفِ
بعيني كالحذاءْ
أنا فوقَ الشِّعر والفنِّ
وفوقَ النُّهَى ..
أختالُ فوقَ
الخيَلاءْ
كلُّ شعرٍ غيرُ شعري ناقصٌ
كلُّ قولٍ دونَ أقوالي
هَباءْ
كلُّ مَن يرفضُ أن
ينشرَ لي دُرَرَ
الشِّعر لكلبُ العُملاءْ
وَمُسوخُ النقدِ في الدَّاخلٍ
هُمْ عُملاءٌ وكلابٌ جبناءْ
وَإذا ما رَامَ
ذمِّ ناقصٌ فأنا
الكاملُ من غيرِ مِرَاءْ
إنَّني الشَّمسُ تراءَتْ
للدُّنى وَأنا البدرُ
فلا أخشى العُواءْ
فيراعي من دمي مُخْضَوْضِبٌ
مِن يراعي يستنيرُ
الأدباءْ
وبَياني آية ُ الدَّهر
وكم تحتَ محرابي
تبارى الخُطباءْ
إنَّي ما زلتُ
طودًا شامخًا لم
تزعزعني أعاصيرُ الشِّتاءْ
قبِّليني في جبيني
تجدي مَنبعَ الحقِّ
ونورَ الأنبياءْ
وانظري النارَ التي في أضلُعي
نشرت في الأفقِ فجرًا
وضياءْ
قد خبرتُ الكونَ طفلا يافعًا
وتعمَّدتُ بنهر الكبرياءْ
وانطلاقي حارتِ الدُّنيا
لهُ وطموحي ... إنَّهُ دون انتهاءْ
إنَّما الدُّنيا خطوبٌ
لم تزلْ إنَّما العيشُ
همومٌ وشقاءْ
فاطلبِ العزَّ ولو خُضتَ
اللظى وانزع الصَّمتَ
ثيابَ الضُّعَفاءْ
فابتغي المجدَ وغنِّي
للعُلا إنَّما المجدُ
طموحُ الأقوياءْ
لم أنم ليلي
ولم أغفُ بهِ
ساهدًا ما زلتُ
صبحًا ومساءْ
سَهُدَتْ سُهدي الدَّراري
إنَّما بسُهَادي يستنيرُ العُظماءْ
وأنا في كلِّ
خطبٍ عاصفٍ مثلُ
حدِّ السَّيفِ عزمٌ
وَمضاءْ
داعبي روحي بأنغام
المُنى أسكري القلبَ
بآمالِ اللقاءْ
أجملُ الحُبِّ وصالٌ
دائمٌ وَعطاءٌ وسَخاءٌ وَفاءْ
وعذابُ الحُبِّ هَجْرٌ
ونوًى وبُعادٌ ... فدموعٌ فشقاءْ
لذة ُ الحُبِّ بأن نروي
المُنى مُهَجًا حَرَّى
وانفاسًا ظِمَاءْ
والتقينا آهِ ما
أحلى الهَوى وتهامسنا سكونا
وَصَفاءْ
فاستاقت من جفاءٍ
أعيُنٌ وتلاشتْ كلُّ
أشباح الشَّقاءْ
خفقَ القلبُ وغنَّى
للهَوى وانطلقنا في
متاهاتِ الفضاءْ
أسدلَ الحُبُّ علينا
ظلَّهُ وجرى الدَّهرُ
لنا كيفَ نشاءْ
فملأنا الأرضَ شعرًا وَهَوًى
وَسحرنا الكونَ شدوًا
وغناءْ
قصَّة ُ الحُبِّ التي
نحيا بها سوفَ
تغدو وحيَ كلِّ الشُّعراءْ
إنَّي دُونجوانُ عصري لم أزلْ تشتهيني
كلُّ أصنافِ النساءْ
فجميعُ الغيد ِ قد
تُيِّمْنَ بي لحياتي
اطلقوا أحلى دُعاءْ
كم فتاةٍ لجمالي
سجدَتْ بسكون وخشوع ٍ وبَهاءْ
والتي تعشقُ حُسني
إنَّها تعرفُ الكشفَ وأسرارَ السَّماءْ
سائلي الأنجمَ فحوى طالعي فأنا
فوقَ الثريَّا والسَّناءْ
وَضمَمتُ المجدَ من
اطرافهِ سُؤدُدَ العلم ِ
ووَحيَ الأنبياءْ
يا فتاة ِ العُمر ِ هل أجدَى البُكاءْ
ضاعتِ الأرضِ وصرنا غرباءْ
كيفَ أغفو وبلادي
لم تزلْ تحتَ
نير الظلمِ تجثو
والشَّقاءْ
كيفَ أنساها وقلبي
مولعٌ لستُ أسلوها
صباحًا وَمساءْ
في خيام ِ الحُزنِ شعبي صامدٌ عُنفوانُ
المجدِ عُنوانُ
الرَّجاءْ
هُوَ في الجُلَّى
أبيٌّ شامخٌ مأثلُ
الأجيال ِ رمزٌ للفدَاءْ
يا فتاة َ الدَّربِ قد طابَ
الرَّدى في سبيل الحقِّ أرخصنا
الدِّماءْ
أنا قربانُ فداءٍ
لم أزلْ أنتِ
عندي وبلادي لسَواءْ
أشتهي الموتَ في ساح الوَغى أروعُ الموتِ
لمَوتُ الشُّهَداءْ
هوَ يومٌ خالدٌ
طولَ المَدَى وعذارى
الخُلدِ تشدُو بالغِناءْ
إنَّ في جسميَ
روحًا حُرَّة ً ترفضُ
الضَّيمَ وأهوالَ الشَّقاءْ
إنَّ في برديَّ
رَبًّا ثائرًا شعَّ
نورًا وسناءً وَرُواءْ
فـأنا كالسَّيفِ حدِّي
قاطعٌ أنا في الجلَّى لسُمٌّ
وقضاءْ
يا فلسطينُ تبارَكتِ
حِمًى قِبلة َ الشَّرق ِ
وَمَهدَ الأنبياءْ
سنعيدُ الحقَّ حتما
بعدما ندحرُ المحتلَّ
نسقيهِ البلاءْ
رايتي الشَّمَّاءُ تبقى
للمَدى معقلَ النورِ
وشمسَ الفقراءْ
نشرتْ في الأرض ظلاًّ وارفا واشرأبَّتْ نحوَ
أعناقِ السَّماءْ
إنَّما نحنُ امتدَادٌ
للضُّحَى إنَّما نحنُ
قرابينُ فداءْ
وانطلقنا نحوَ أبعادِ
السُّهَى إنَّنا في
دوحةِ المجدِ سَوَاءْ
شَيِّعي الأمسَ وقومي استقبلي فجرَنا السِّحريَّ في أحلى رُواءْ
نحنُ للتاريخ ِ سفرٌ
خالدٌ قد كتبناها
حُروفا مِن ضياءْ
( شعر : حاتم
جوعيه - المغار -
الجليل )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق