تجاوز النظام الرأسمالي في تشجيع النمط الطفيلي لصنع المال حدود المعقول، كما هي عليه الحال في أميركا اليوم: إذ طلعت علينا نشرات الأنباء بأخبار عن رياضيين وفنانين ونجوم سابقين (كانت قد أفلت نجوميتهم اليوم) وهم يتاجرون بتراثهم، فمنهم من راح يبيع تواقيعه الشخصية على صورة بمئة دولار أو أدنى أو أكثر، حسب قانون السوق الأساس، “العرض والطلب”.
في معرض نقده لاقتصادات رأس المال، عدّ الفيلسوف الألماني الفذ كارل ماركس Marx (1818-1883) بعض الأنشطة الاقتصادية أنشطة “طفيلية”، بهدف عزلها من الأنشطة الإنتاجية الأساس، وهي الصناعة (العمال)، والزراعة (الفلاحين)، باعتبار أن هؤلاء هم المدورون الحقيقيون لعجلة الاقتصاد. هذا هو المبدأ لتقييم وتقويم أنماط الأنشطة الاقتصادية الجوهرية وسواها من تلك التي لا تنتج شيئًا ملموسًا يمكن للإنسان أن يحيا عليه، حسب رأيه.
وتأسيسًا على هذا المعيار أسس ماركس لنظريته الاشتراكية، عازلًا حتى التجارة والسمسرة والوساطة، أنماط عمل “طفيلية”، لأن التاجر، حسب رأيه أعلاه، لا ينتج شيئًا، بقدر ماهو ينقل بضاعة من الموضع س إلى الموضع ص، فيستخرج من هذه العملية مالًا يعتاش عليه. وإذا كانت نظرية ماركس أعلاه قد صدقت إلى حد كبير على اقتصادات السوق، أو السوق الحرة، كما تسمى في العالم الغربي اليوم، فإن الذي حدث، في واقع الحال، هو أن تقلص عدد المنتجين الحقيقيين، للسلع والخدمات، بينما تضخم عدد الطفيليين، حسب معياره كذلك، خاصة على أرض الواقع في العالم الرأسمالي الغربي: فلم يعد هناك من يعمل على الأرض بالزراعة والفلاحة إلا النزر اليسير، بينما قلصت المكننة أعداد العمال إلى الحد الأدنى وهي سائرة على هذا الطريق بسرعة فائقة، كما لاحظنا ذلك في مقالتنا الموسومة “هل يلتهم الذكاء الصناعي الذكاء الفطري” (الوطن، الغراء) قبل بضعة أيام تقريبًا.
لذا، يشعر المنتجون الحقيقيون للبضائع والسلع، للمواد التي تؤكل وتلك التي تستعمل بشيء من الغبن، خاصة عندما يصنع السمسار أو الوسيط آلاف الدولارات وهو جالس خلف منضدته يرتشف الشاي ولا يفعل شيئًا سوى “المهاتفات”، والرسائل الإلكترونية، ربما.
وقد تجاوز النظام الرأسمالي في تشجيع النمط الطفيلي لصنع المال حدود المعقول، كما هي عليه الحال في أميركا اليوم: إذ طلعت علينا نشرات الأنباء بأخبار عن رياضيين وفنانين ونجوم سابقين (كانت قد أفلت نجوميتهم اليوم) وهم يتاجرون بتراثهم، فمنهم من راح يبيع تواقيعه الشخصية على صورة بمئة دولار أو أدنى أو أكثر، حسب قانون السوق الأساس، “العرض والطلب”. وهكذا راح المئات من صيادي الثروات يتهافتون على المتقاعدين من هؤلاء النجوم السابقين من أجل “ابتياع” إمضاءاتهم حسب الأسعار المرعية، على أمل أن يبيعوا صور هؤلاء المتقاعدين بعد حين، أو بعد وفاتهم في وقت لاحق، كما حدث عندما أخذت المزادات العالمية تبيع صورًا أو رسائلًا بتواقيع المشاهير من أمثال ونستون تشرشل وجون كينيدي. وهكذا، ازدهرت سوق الأنشطة الاقتصادية الطفيلية التي تحمّل البضاعة أو السلعة المزيد مما يرفع من سعرها على حساب المستهلك، بينما راح بعض هؤلاء يصطادون النوادر من القطع القديمة والأثاث المتروكة والتي لا يتعامل معها سوى أصحاب تجارة المواد المستعملة على سبيل اقتناء مايبدو للناظر نادرًا من بين هذه المواد كي تتم عملية إعادة بيعه مع هامش من الربح. هذا، وللأسف، الشديد هو ما يحدث اليوم في دول عربية ذات تراث آثاري عظيم كمصر والعراق، سوريا والأردن، إذ أخذ بعض التجار يرسلون “النباشين” كي ينقبوا بطرق لا علمية (تخريبية) في التلال الأثرية، بحثًا عمّا أنتجته الأيادي المبدعة قبل آلاف السنين. أذكر جيدًا أن أحد تلاميذي في الكلية التي عملت بها عميدًا في الأردن كان قد أعلمني بأن سبب تكرار تغيبه عن حضور المحاضرات كان طبيعة عمله في نبش قبور الأولين بحثًا عما قد تكتنزه هذه القبور من قطع ذهبية أو أموال أو حتى تحف فنية لاتقدر بثمن، إذ منعته من الاستمرار في هذا النوع من النشاط المحرّم وأرفقت منعي بعقوبة تنبيه أرسلت لأولياء أمره
وتأسيسًا على هذا المعيار أسس ماركس لنظريته الاشتراكية، عازلًا حتى التجارة والسمسرة والوساطة، أنماط عمل “طفيلية”، لأن التاجر، حسب رأيه أعلاه، لا ينتج شيئًا، بقدر ماهو ينقل بضاعة من الموضع س إلى الموضع ص، فيستخرج من هذه العملية مالًا يعتاش عليه. وإذا كانت نظرية ماركس أعلاه قد صدقت إلى حد كبير على اقتصادات السوق، أو السوق الحرة، كما تسمى في العالم الغربي اليوم، فإن الذي حدث، في واقع الحال، هو أن تقلص عدد المنتجين الحقيقيين، للسلع والخدمات، بينما تضخم عدد الطفيليين، حسب معياره كذلك، خاصة على أرض الواقع في العالم الرأسمالي الغربي: فلم يعد هناك من يعمل على الأرض بالزراعة والفلاحة إلا النزر اليسير، بينما قلصت المكننة أعداد العمال إلى الحد الأدنى وهي سائرة على هذا الطريق بسرعة فائقة، كما لاحظنا ذلك في مقالتنا الموسومة “هل يلتهم الذكاء الصناعي الذكاء الفطري” (الوطن، الغراء) قبل بضعة أيام تقريبًا.
لذا، يشعر المنتجون الحقيقيون للبضائع والسلع، للمواد التي تؤكل وتلك التي تستعمل بشيء من الغبن، خاصة عندما يصنع السمسار أو الوسيط آلاف الدولارات وهو جالس خلف منضدته يرتشف الشاي ولا يفعل شيئًا سوى “المهاتفات”، والرسائل الإلكترونية، ربما.
وقد تجاوز النظام الرأسمالي في تشجيع النمط الطفيلي لصنع المال حدود المعقول، كما هي عليه الحال في أميركا اليوم: إذ طلعت علينا نشرات الأنباء بأخبار عن رياضيين وفنانين ونجوم سابقين (كانت قد أفلت نجوميتهم اليوم) وهم يتاجرون بتراثهم، فمنهم من راح يبيع تواقيعه الشخصية على صورة بمئة دولار أو أدنى أو أكثر، حسب قانون السوق الأساس، “العرض والطلب”. وهكذا راح المئات من صيادي الثروات يتهافتون على المتقاعدين من هؤلاء النجوم السابقين من أجل “ابتياع” إمضاءاتهم حسب الأسعار المرعية، على أمل أن يبيعوا صور هؤلاء المتقاعدين بعد حين، أو بعد وفاتهم في وقت لاحق، كما حدث عندما أخذت المزادات العالمية تبيع صورًا أو رسائلًا بتواقيع المشاهير من أمثال ونستون تشرشل وجون كينيدي. وهكذا، ازدهرت سوق الأنشطة الاقتصادية الطفيلية التي تحمّل البضاعة أو السلعة المزيد مما يرفع من سعرها على حساب المستهلك، بينما راح بعض هؤلاء يصطادون النوادر من القطع القديمة والأثاث المتروكة والتي لا يتعامل معها سوى أصحاب تجارة المواد المستعملة على سبيل اقتناء مايبدو للناظر نادرًا من بين هذه المواد كي تتم عملية إعادة بيعه مع هامش من الربح. هذا، وللأسف، الشديد هو ما يحدث اليوم في دول عربية ذات تراث آثاري عظيم كمصر والعراق، سوريا والأردن، إذ أخذ بعض التجار يرسلون “النباشين” كي ينقبوا بطرق لا علمية (تخريبية) في التلال الأثرية، بحثًا عمّا أنتجته الأيادي المبدعة قبل آلاف السنين. أذكر جيدًا أن أحد تلاميذي في الكلية التي عملت بها عميدًا في الأردن كان قد أعلمني بأن سبب تكرار تغيبه عن حضور المحاضرات كان طبيعة عمله في نبش قبور الأولين بحثًا عما قد تكتنزه هذه القبور من قطع ذهبية أو أموال أو حتى تحف فنية لاتقدر بثمن، إذ منعته من الاستمرار في هذا النوع من النشاط المحرّم وأرفقت منعي بعقوبة تنبيه أرسلت لأولياء أمره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق