اخترقت
الكاتبة مَيسون أسَدي عالم الأطفال، وحاولت أن تتلاءَم مع بيئتهم، لتثريَ
رفوفَ مكتباتِنا بعشراتِ كُتب أدب الأطفال، التي تتضمَّن نصوصًا مُميَّزة ورسومات
جذّابة، كللتها بتجربتها كعاملة اجتماعيَّة، لتلبّي احتياجات أطفالنا وكي تتطرَّق
لمواضيعَ جديدة، حيث تتميَّز كتاباتها بلغة سَلِسَة وبالتكرار والقوافي لتلبّي ما يحبُّهُ الطفل ويستمتع به كي
يجذبه لعالم القصَّة، وتعمل لتذويت الفِكرة والمضمون عنده.. وقد وصلتني
منها مؤخرًا، خمسة مجموعات قصصية جديدة للأطفال، وهي: "يا بُكرة آه"، "سأحدِّثكم عن بيتي"، "فريد العكّاوي"، "عندما زقزقت العصافير في البلاد الباردة"، "الإنترنيت خطف ابني".
*قصَّة "يا بُكرة آه" تعالجُ مشكلة
إجحاف الأبناء بحقِّ ذويهم الذين رعوهم وهدهدوهم ووفروا لهم المحبة والحَنان.. مشكلة
نكران الأبناء لأهاليهم بعدَ أن زوَّدوهم بكافة احتياجاتهم.. تتطرق لمفهوم الزمن..
فالصُّبْحُ يرمزُ لإشراقةِ الأمَل والعصر للحياةِ الطبيعيَّة من حيث تزويد الابناء
باحتياجاتهم.. أما الليل فهوَ الظلام والجحود.. ليأتي بعده الندم، وتعودُ الكاتبة
لتغلق الدائرة حيث تؤكِّد بأنه مَنْ نكرَ أهلهُ سيُنكره أبناؤه.. وتشدِّد على
أهميَّة روابط العائلة والانتماء للأجداد.
*قصَّة "سأحدِّثكم عن بيتي" مميزة
بمضامينها ورسوماتها التي رسمها الفنّان أسامة المَصري.. رسومات جميلة معبرة قريبة
من عالم الطفل.. مضامين تحمل قيَمًا ورسائلَ إنسانيَّة واجتماعيَّة، حيث تجعل
الطفل يخرج من قوقعته لينفتح على العالم الواسع فتجعل منَ الكُرةِ الأرضيَّةِ
بيتهُ والكون عالمه ليعيشَ دونَ تفرقة بين ولد وبنت وليتماهى مع كافة أطفال العالم
ويتقبَّل المختلف فيشعر بانتمائهِ لهذا الكون.
*قصَّة "فريد العكّاوي" كُتِبَت
بأسلوب سَلس، تتكلم عن شابّ فلسطينِيّ يبلغ ستة عشر عامًا، ابن لعائلة مُهجَّرَة
تقطنُ في برلين، حيث يحاضر محاضرة قيِّمة حولَ حقوق الطفل، ولكن ما يُميِّزُهُ
ويُبهِرُ الجميعَ ثقافته الواسعة، خاصَّة ً وأنه يرسمُ في ذهنه خريطة شاملة لمدينة
عكا وشوارعها وأزقتها وكأنه يعيش فيها.. وهذا يعود لحكايات جدِّه وجدَّته التي
رسَّخت جذورَه وانتماءَه، ليحلمَ بزيارة هذه المدينة، ليرى بلدَ آبائه وأجداده.
*قصَّة "عندما زقزقت العصافير في البلاد الباردة" ترمز لأهميَّة نصيحة الأهل التي توجَّه دائمًا بما فيه لمصلحة الأولاد،
كذلك تتطرَّق لأهميَّة الرَّحمة والمساعدة لمَن هم في ضيقة وحاجة، وتشير أيضًا بأن
ليس كلّ منْ سايرَكَ أرادَ مصلحتكَ، وليس كلّ من انتقدكَ أرادَ بكَ شرًّا.
*قصَّة "الإنترنيت خطف ابني" تتطرَّق
لشبكة الإنترنيت بجوانبها وأبعادها الإيجابيَّة والسلبيَّة، فتعرض ذلك من خلال قصة توالت أحداثها بأسلوب
جذاب ومُمَيَّز.. فالقصَّة تعكس كيف يمكن أن نستفيدَ من الإنترنيت بشكل إيجابيّ،
وتصفُ وصفا دقيقا مشكلة سيطرة التكنولوجية الحديثة على عقول وحياة أولادنا بشكل
سلبي، اذ حوَّلت العلاقات الاجتماعيَّة لوهميَّة
وأثرت على علاقة الاهل والابناء، فتباعدوا لتقوى علاقتهم مع المجتمع عن طريق
الشبكات الاجتماعية الالكترونية الوهمية وهم تحت سقف واحد، فأتاحت المخاطر وعلّمَت
العنف، فأكدت فوائد ومضار الانترنيت وأهمّ ما أبرزته الكاتبة عواقب نكران الجميل،
ونكث الوعود ومخاطر الانتقام.
ان قصص
الكاتبة ميسون أسدي جديرة بالتقييم وعرضها على أطفالنا.. إنها قصصٌ تستحقُّ
القراءَة َ لِما لها من ابعاد إيجابية تعالج مواضيع الساعة اذ تحوي مضامين وأفكار جديدة تتميَّز بحلة لغويَّة
جميلة تثري عالم أطفالنا وتدلهم على الطريق السَّويّ وتنير دربهم.
إلهام حَنا
(الرّامَة- 15 آب 2016)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق