ن أهم اختلالات شبكات الولاء، يأتي اختلال تقلصها على نحو تدريجي من الولاء لـ”جماعة” الى الولاء لـ”فرد”، اي من الولاء لقبيلة، مثلاً، الى الولاء لمن يملك أدوات المال والقسر في تلك القبيلة، فرداً. وهكذا تتفاعل عناصر شبكات الولاء على نحو متواصل كي تختزل في ذات فرد واحد. فرد واحد فقط ، الأمر الذي يقود الجماعة والفرد المذكور ذاته الى تقمص قوى أو جبروت من خارج حدود المألوف.”
ــــــــــــــــــــــــــ
تدور المناقشات في مجتمعات الشرق الأوسط، حول العمل السياسي، دوراناً عجيباً كي تستقر على شيء من تيقن بلا جدوى التغير التقدمي الحق. وهو التقدم الذي ترتهن بتحققه آفاق المستقبل للإنتقال من قيم وأنساق القرون الوسطى نحو تبني قيم وأنساق وسياقات عمل سياسي من نمط العمل السياسي المدني السلمي، Politics as Civility.
والحق، فان الفكرة أعلاه تشكل واحدة من محاور كتابي الجديد (إقليم المفارقات: تسعة مظاهر من رجوعية الشرق الأوسط) (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2015). لذا ينتقي الكتاب تسعة مظاهر لا يمكن للمرء أن يباشرها إلا من خلال الإستذكار بأنها تسهم في تشكيل أطر إجتماعية وقيم سلوكية متحجرة، بسبب تواصلها من العصر الوسيط، للأسف. هي من كوابح ولواجم التقدم الحقيقي، لاريب. ولكن على الرغم من أن تسعين بالمئة من الكتاب أعلاه يعتمد نماذجاً وسيطة صارخة منتقاة من الحياة السياسية في العراق فقط، فان على المرء أن ينوه الى أن ما يصح على العراق، يصح كذلك على أغلب الدول التي تحيط به، عبر هذا الإقليم الملتهب.
واحد من أهم محكات الإنتماء الى العصر الوسيط، كما تعكسه الأنماط والسياقات السائدة للعمل السياسي في أغلب دولنا، هو محك مصادرة شبكات الولاء الثانوية للعمل السياسي، لتحيله (اي العمل السياسي) الى أداة إضافية لتكريس الرجوعية والإرتداد الى ما لايؤهل دولنا لمواكبة العصر.
تتنوع شبكات الولاء عبر مجتمعاتنا، إعتماداً على عاملين يبعدان العمل السياسي عن السلمية والمدنية، وهما: (1) الثروة؛ و(2) العنف. وإذا كان العنف (العقاب) قد إندمج بداخل بنى العمل السياسي على نحو لا يمكن فصله، فان على المرء أن يلاحظ بأن الثروة (الثواب) قد فاقمت وطأة العنف، حقيقتين شكلتا أنماط الولاءات.
إن أية قراءة جادة لتاريخنا الإسلامي، خاصة بعد نهاية عصر الخلافة الراشدة، لا يمكن أن تخفق في الكشف عن مصداقية إفتراضاتي في أعلاه. ومرد ذلك هو أن الإنسان، كائناً سياسياً، أنما يعمل جاهداً من أجل الشعور بالإنتماء لجماعة سياسية: حزباً أو حركة أو اية كينونة تضطلع بدور سياسي. ولكن في سياق بحثه هذا عن الإنتماء المناسب، لا يلبث هذا الإنسان أن يجد نفسه في أحضان شبكة أو أكثر من شبكات الولاء الثانوي التي تخترق مفاهيم المواطنة والوطنية الأساس، باعتبار أنها إنما تنتخب من أنماط الولاءات الثانوية السائدة، ولاءً ثانوياً محدوداً، على سبيل تشكيل هوية من نوع ما، من أجل التعريف بدور المرء السياسي أو الإجتماعي.
وإذا كانت شبكات الولاء أعلاه قد بقيت تسحب أغلب مجتمعاتنا إرتداداً الى الخلف، فانها تنوعت وتعددت، مابين مركز إستقطاب وآخر. إنه لمن المؤسف حقاً أن تكون أغلب مراكز الإستقطاب السياسي في مجتمعاتنا مراكزاً تحتضن قيماً إرتدادية بالية، لا تستشرف مستقبلاً من نوع جديد.
وإعتماداً على طرائق توظيف الثروة والعنف، تتشكل شبكات الولاء التي تشبك على الأفراد. ومنها شبكات الولاء القبلي والعشائري، وشبكات الولاء الديني والطائفي وشبكات الولاء المديني والمناطقي. وهكذا يجد المرء نفسه أمام إختيارات، برغم شعوره بالغرق في بحر متلاطم من شبكات الولاء. وعلى سبيل إكتساب هوية والتعريف بدور إجتماعي أو سياسي، يقع المرء في دائرة سحر الولاء للعشيرة أو للقبيلة أو الدين أو الطائفة، بدعوى انه لا يمكن أن “ينزع جلده”!
من أهم إختلالات شبكات الولاء، يأتي إختلال تقلصها على نحو تدريجي من الولاء لـ”جماعة” الى الولاء لـ”فرد”، اي من الولاء لقبيلة، مثلاً، الى الولاء لمن يملك أدوات المال والقسر في تلك القبيلة، فرداً. وهكذا تتفاعل عناصر شبكات الولاء على نحو متواصل كي تختزل في ذات فرد واحد. فرد واحد فقط، الأمر الذي يقود الجماعة والفرد المذكور ذاته الى تقمص قوى أو جبروت من خارج حدود المألوف.
كما أن على الباحث في هذا الموضوع المهم أن يبقى متنقلاً، مثل “المكوك”، بين الولاءات الصغيرة والولاءات المجهرية، من ناحية، وبين الولاء الوطني الأساس الشامل على سبيل المقارنات والمقاربات، من الناحية الثانية. وبكلمات أخرى، عندما يهيمن الولاء للوطن على الفرد أو الجماعة، فانه ما يلبث وأن يمحو ويذيب الولاءات الفرعية الصغيرة، على نحو تلقائي.
إن تواصل أشكال شبكات الولاء التي تعتمد أداتي “الثروة” و “العنف” في الحياة السياسية عبر العديد من مجتمعاتنا إنما يضمن الدوران اللامجدي في حلقة مفرغة، حلقة ذات آليات وتوجهات رجوعية من النوع الذي يكمن خلف ظهور وتفاقم خطر الشبكات الإرهابية التي تترصد مجتمعاتنا بالويل والثبور اليوم.
ن أهم اختلالات شبكات الولاء، يأتي اختلال تقلصها على نحو تدريجي من الولاء لـ”جماعة” الى الولاء لـ”فرد”، اي من الولاء لقبيلة، مثلاً، الى الولاء لمن يملك أدوات المال والقسر في تلك القبيلة، فرداً. وهكذا تتفاعل عناصر شبكات الولاء على نحو متواصل كي تختزل في ذات فرد واحد. فرد واحد فقط ، الأمر الذي يقود الجماعة والفرد المذكور ذاته الى تقمص قوى أو جبروت من خارج حدود المألوف.”
ــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــ
تدور المناقشات في مجتمعات الشرق الأوسط، حول العمل السياسي، دوراناً عجيباً كي تستقر على شيء من تيقن بلا جدوى التغير التقدمي الحق. وهو التقدم الذي ترتهن بتحققه آفاق المستقبل للإنتقال من قيم وأنساق القرون الوسطى نحو تبني قيم وأنساق وسياقات عمل سياسي من نمط العمل السياسي المدني السلمي، Politics as Civility.
والحق، فان الفكرة أعلاه تشكل واحدة من محاور كتابي الجديد (إقليم المفارقات: تسعة مظاهر من رجوعية الشرق الأوسط) (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2015). لذا ينتقي الكتاب تسعة مظاهر لا يمكن للمرء أن يباشرها إلا من خلال الإستذكار بأنها تسهم في تشكيل أطر إجتماعية وقيم سلوكية متحجرة، بسبب تواصلها من العصر الوسيط، للأسف. هي من كوابح ولواجم التقدم الحقيقي، لاريب. ولكن على الرغم من أن تسعين بالمئة من الكتاب أعلاه يعتمد نماذجاً وسيطة صارخة منتقاة من الحياة السياسية في العراق فقط، فان على المرء أن ينوه الى أن ما يصح على العراق، يصح كذلك على أغلب الدول التي تحيط به، عبر هذا الإقليم الملتهب.
واحد من أهم محكات الإنتماء الى العصر الوسيط، كما تعكسه الأنماط والسياقات السائدة للعمل السياسي في أغلب دولنا، هو محك مصادرة شبكات الولاء الثانوية للعمل السياسي، لتحيله (اي العمل السياسي) الى أداة إضافية لتكريس الرجوعية والإرتداد الى ما لايؤهل دولنا لمواكبة العصر.
تتنوع شبكات الولاء عبر مجتمعاتنا، إعتماداً على عاملين يبعدان العمل السياسي عن السلمية والمدنية، وهما: (1) الثروة؛ و(2) العنف. وإذا كان العنف (العقاب) قد إندمج بداخل بنى العمل السياسي على نحو لا يمكن فصله، فان على المرء أن يلاحظ بأن الثروة (الثواب) قد فاقمت وطأة العنف، حقيقتين شكلتا أنماط الولاءات.
إن أية قراءة جادة لتاريخنا الإسلامي، خاصة بعد نهاية عصر الخلافة الراشدة، لا يمكن أن تخفق في الكشف عن مصداقية إفتراضاتي في أعلاه. ومرد ذلك هو أن الإنسان، كائناً سياسياً، أنما يعمل جاهداً من أجل الشعور بالإنتماء لجماعة سياسية: حزباً أو حركة أو اية كينونة تضطلع بدور سياسي. ولكن في سياق بحثه هذا عن الإنتماء المناسب، لا يلبث هذا الإنسان أن يجد نفسه في أحضان شبكة أو أكثر من شبكات الولاء الثانوي التي تخترق مفاهيم المواطنة والوطنية الأساس، باعتبار أنها إنما تنتخب من أنماط الولاءات الثانوية السائدة، ولاءً ثانوياً محدوداً، على سبيل تشكيل هوية من نوع ما، من أجل التعريف بدور المرء السياسي أو الإجتماعي.
وإذا كانت شبكات الولاء أعلاه قد بقيت تسحب أغلب مجتمعاتنا إرتداداً الى الخلف، فانها تنوعت وتعددت، مابين مركز إستقطاب وآخر. إنه لمن المؤسف حقاً أن تكون أغلب مراكز الإستقطاب السياسي في مجتمعاتنا مراكزاً تحتضن قيماً إرتدادية بالية، لا تستشرف مستقبلاً من نوع جديد.
وإعتماداً على طرائق توظيف الثروة والعنف، تتشكل شبكات الولاء التي تشبك على الأفراد. ومنها شبكات الولاء القبلي والعشائري، وشبكات الولاء الديني والطائفي وشبكات الولاء المديني والمناطقي. وهكذا يجد المرء نفسه أمام إختيارات، برغم شعوره بالغرق في بحر متلاطم من شبكات الولاء. وعلى سبيل إكتساب هوية والتعريف بدور إجتماعي أو سياسي، يقع المرء في دائرة سحر الولاء للعشيرة أو للقبيلة أو الدين أو الطائفة، بدعوى انه لا يمكن أن “ينزع جلده”!
من أهم إختلالات شبكات الولاء، يأتي إختلال تقلصها على نحو تدريجي من الولاء لـ”جماعة” الى الولاء لـ”فرد”، اي من الولاء لقبيلة، مثلاً، الى الولاء لمن يملك أدوات المال والقسر في تلك القبيلة، فرداً. وهكذا تتفاعل عناصر شبكات الولاء على نحو متواصل كي تختزل في ذات فرد واحد. فرد واحد فقط، الأمر الذي يقود الجماعة والفرد المذكور ذاته الى تقمص قوى أو جبروت من خارج حدود المألوف.
كما أن على الباحث في هذا الموضوع المهم أن يبقى متنقلاً، مثل “المكوك”، بين الولاءات الصغيرة والولاءات المجهرية، من ناحية، وبين الولاء الوطني الأساس الشامل على سبيل المقارنات والمقاربات، من الناحية الثانية. وبكلمات أخرى، عندما يهيمن الولاء للوطن على الفرد أو الجماعة، فانه ما يلبث وأن يمحو ويذيب الولاءات الفرعية الصغيرة، على نحو تلقائي.
إن تواصل أشكال شبكات الولاء التي تعتمد أداتي “الثروة” و “العنف” في الحياة السياسية عبر العديد من مجتمعاتنا إنما يضمن الدوران اللامجدي في حلقة مفرغة، حلقة ذات آليات وتوجهات رجوعية من النوع الذي يكمن خلف ظهور وتفاقم خطر الشبكات الإرهابية التي تترصد مجتمعاتنا بالويل والثبور اليوم.
والحق، فان الفكرة أعلاه تشكل واحدة من محاور كتابي الجديد (إقليم المفارقات: تسعة مظاهر من رجوعية الشرق الأوسط) (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2015). لذا ينتقي الكتاب تسعة مظاهر لا يمكن للمرء أن يباشرها إلا من خلال الإستذكار بأنها تسهم في تشكيل أطر إجتماعية وقيم سلوكية متحجرة، بسبب تواصلها من العصر الوسيط، للأسف. هي من كوابح ولواجم التقدم الحقيقي، لاريب. ولكن على الرغم من أن تسعين بالمئة من الكتاب أعلاه يعتمد نماذجاً وسيطة صارخة منتقاة من الحياة السياسية في العراق فقط، فان على المرء أن ينوه الى أن ما يصح على العراق، يصح كذلك على أغلب الدول التي تحيط به، عبر هذا الإقليم الملتهب.
واحد من أهم محكات الإنتماء الى العصر الوسيط، كما تعكسه الأنماط والسياقات السائدة للعمل السياسي في أغلب دولنا، هو محك مصادرة شبكات الولاء الثانوية للعمل السياسي، لتحيله (اي العمل السياسي) الى أداة إضافية لتكريس الرجوعية والإرتداد الى ما لايؤهل دولنا لمواكبة العصر.
تتنوع شبكات الولاء عبر مجتمعاتنا، إعتماداً على عاملين يبعدان العمل السياسي عن السلمية والمدنية، وهما: (1) الثروة؛ و(2) العنف. وإذا كان العنف (العقاب) قد إندمج بداخل بنى العمل السياسي على نحو لا يمكن فصله، فان على المرء أن يلاحظ بأن الثروة (الثواب) قد فاقمت وطأة العنف، حقيقتين شكلتا أنماط الولاءات.
إن أية قراءة جادة لتاريخنا الإسلامي، خاصة بعد نهاية عصر الخلافة الراشدة، لا يمكن أن تخفق في الكشف عن مصداقية إفتراضاتي في أعلاه. ومرد ذلك هو أن الإنسان، كائناً سياسياً، أنما يعمل جاهداً من أجل الشعور بالإنتماء لجماعة سياسية: حزباً أو حركة أو اية كينونة تضطلع بدور سياسي. ولكن في سياق بحثه هذا عن الإنتماء المناسب، لا يلبث هذا الإنسان أن يجد نفسه في أحضان شبكة أو أكثر من شبكات الولاء الثانوي التي تخترق مفاهيم المواطنة والوطنية الأساس، باعتبار أنها إنما تنتخب من أنماط الولاءات الثانوية السائدة، ولاءً ثانوياً محدوداً، على سبيل تشكيل هوية من نوع ما، من أجل التعريف بدور المرء السياسي أو الإجتماعي.
وإذا كانت شبكات الولاء أعلاه قد بقيت تسحب أغلب مجتمعاتنا إرتداداً الى الخلف، فانها تنوعت وتعددت، مابين مركز إستقطاب وآخر. إنه لمن المؤسف حقاً أن تكون أغلب مراكز الإستقطاب السياسي في مجتمعاتنا مراكزاً تحتضن قيماً إرتدادية بالية، لا تستشرف مستقبلاً من نوع جديد.
وإعتماداً على طرائق توظيف الثروة والعنف، تتشكل شبكات الولاء التي تشبك على الأفراد. ومنها شبكات الولاء القبلي والعشائري، وشبكات الولاء الديني والطائفي وشبكات الولاء المديني والمناطقي. وهكذا يجد المرء نفسه أمام إختيارات، برغم شعوره بالغرق في بحر متلاطم من شبكات الولاء. وعلى سبيل إكتساب هوية والتعريف بدور إجتماعي أو سياسي، يقع المرء في دائرة سحر الولاء للعشيرة أو للقبيلة أو الدين أو الطائفة، بدعوى انه لا يمكن أن “ينزع جلده”!
من أهم إختلالات شبكات الولاء، يأتي إختلال تقلصها على نحو تدريجي من الولاء لـ”جماعة” الى الولاء لـ”فرد”، اي من الولاء لقبيلة، مثلاً، الى الولاء لمن يملك أدوات المال والقسر في تلك القبيلة، فرداً. وهكذا تتفاعل عناصر شبكات الولاء على نحو متواصل كي تختزل في ذات فرد واحد. فرد واحد فقط، الأمر الذي يقود الجماعة والفرد المذكور ذاته الى تقمص قوى أو جبروت من خارج حدود المألوف.
كما أن على الباحث في هذا الموضوع المهم أن يبقى متنقلاً، مثل “المكوك”، بين الولاءات الصغيرة والولاءات المجهرية، من ناحية، وبين الولاء الوطني الأساس الشامل على سبيل المقارنات والمقاربات، من الناحية الثانية. وبكلمات أخرى، عندما يهيمن الولاء للوطن على الفرد أو الجماعة، فانه ما يلبث وأن يمحو ويذيب الولاءات الفرعية الصغيرة، على نحو تلقائي.
إن تواصل أشكال شبكات الولاء التي تعتمد أداتي “الثروة” و “العنف” في الحياة السياسية عبر العديد من مجتمعاتنا إنما يضمن الدوران اللامجدي في حلقة مفرغة، حلقة ذات آليات وتوجهات رجوعية من النوع الذي يكمن خلف ظهور وتفاقم خطر الشبكات الإرهابية التي تترصد مجتمعاتنا بالويل والثبور اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق