لقد أماط المستشرقون “العلماء” (في الآثار والألسنية، من بين سواها من الأنظمة العلمية الاجتماعية والتطبيقية)، أقول أماطوا اللثام لأوروبا عصر الكولونيالية عن أنها لم تكن قط كينونة ثقافية وحضارية ذاتية الاكتفاء وذاتية التطور، أي على الطريقة التي كان يتخيلها أساطين “الأسطورة الآرية” الذين ابتنوا نظرياتهم وفرضياتهم على أساس عنصري قوامه نظرة دونية للأمم التي تقطن قارتي آسيا وإفريقيا، بوصفها أمما متخلفة جينيا: غير قادرة على المبادرة والإبداع.
صحيح أن “الاستشراق” قد قدم للعقل الغربي صورة لعالمين متناقضين: الأول، عالم متقدم، وقابل للمزيد من التقدم، الذي يؤهله للهيمنة على العالم الثاني؛ والثاني: العالم الشرقي، أي عالم شرقي متخلف، بل وقابل، ليس للمزيد من التخلف والتراجع، وإنما هو قابل للرضوخ لهيمنة العالم الأول، كذلك.
وإذا كان هذا المنطق قد خدم ركيزة لتبرير حركة الاستعمار والهيمنة على الآخر، الشرقي، فإن على المرء أن يلاحظ بأن الاستشراق لم يكن فقط ظاهرة ثقافية وفكرية أنانية واستعمارية وحيدة الجانب، كما يحلو للبعض إغلاق باب دراساته بهذه الطريقة القائمة على تمرير الأحكام المعيارية غير القابلة للمناقشة أو حتى “للحلحلة”، كما يقال.
لأن الاستشراق لم يكن ليتحقق ويزدهر على أيدي “هواة” و”سياح” فقط، وإنما هو وجد أقوى فتوحاته الفكرية على أيدي علماء ومتخصصين؛ لذا فإنه تمكن، من جانب آخر، أن يقدم “صدمات وعي” عنيفة عدة للعالم الغربي أي الأول، من العالمين المذكورين أعلاه. ولا ريب، بأن حيادية العلم وموضوعية أساطينه تمنع الانجراف بتيارات التحامل والضغائن والعواطف المنحازة التي اعتمدها ما يمكن أن أطلق عليه “استشراق الكولونيالية”، المنحاز أصلا وبنية وغرضا.
لقد أماط المستشرقون “العلماء” (في الآثار والألسنية، من بين سواها من الأنظمة العلمية الاجتماعية والتطبيقية)، أقول أماطوا اللثام لأوروبا عصر الكولونيالية عن أنها لم تكن قط كينونة ثقافية وحضارية ذاتية الاكتفاء وذاتية التطور، أي على الطريقة التي كان يتخيلها أساطين “الأسطورة الآرية” الذين ابتنوا نظرياتهم وفرضياتهم على أساس عنصري قوامه نظرة دونية للأمم التي تقطن قارتي آسيا وإفريقيا، بوصفها أمما متخلفة جينيا: غير قادرة على المبادرة والإبداع.
وقد كانت اللقى والحفريات الآثارية في أودية الأنهار الخصبة العظيمة (الرافدين، والنيل والسند) قد عكست وجود أقوام وحضارات سابقة للحضارتين الإغريقية والرومانية التي اعتمدتهما أوروبا، أصلين وحيدين لحضارتها وثقافتها. وقد ألقت التنقيبات الآثارية في هذه الأودية الخصيبة الضوء على أن الشرق لم يكن قط متخلفا ومرتعا للجهل والرجوعية، بل كان هو الممسك بزمام المبادرة العلمية والثقافية، بدلائل كثيرة جعلت العقل الغربي (عبر قرون التوسع الكولونيالي) يحلم بالانتقال إلى الشرق للكشف عن مكنوناته وكنوزه الفكرية وقدحاته الفردية التي سبقت وفاقت كل ما فعله وحققه الغرب بكثير.
بل، وكان الأهم هو فك احتكار أوروبا (الخيالي) للثقافة والاستنارة، وهو خيال عاشت عليه الأسطورة الآرية، متغذية على معطياته قرونا في سبيل تكريس النظرة الدونية للأقوام الساميّة التي تفوقت على مثيلاتها الآرية في الروحانيات والغيبيات، متخذة من “القدس” رمزا لروحية الثقافات الشرقية، السامية؛ ومن أثينا، رمزا لمادية الثقافات الغربية، الآرية الشقراء.
لذا، ليس من الإنصاف والعدالة أن ننفي الاستشراق إلى سلة الاستعمار وعقدة التفوق الآري على نحو متعامٍ، كما واعتاد على ذلك العديد من الكتاب، لأسباب متنوعة، ومنها أسباب استعراضية واسترضائية مفصلة حسب الطلب، وليس حسب المتطلبات والمعايير العلمية الدقيقة!
وإذا كان هذا المنطق قد خدم ركيزة لتبرير حركة الاستعمار والهيمنة على الآخر، الشرقي، فإن على المرء أن يلاحظ بأن الاستشراق لم يكن فقط ظاهرة ثقافية وفكرية أنانية واستعمارية وحيدة الجانب، كما يحلو للبعض إغلاق باب دراساته بهذه الطريقة القائمة على تمرير الأحكام المعيارية غير القابلة للمناقشة أو حتى “للحلحلة”، كما يقال.
لأن الاستشراق لم يكن ليتحقق ويزدهر على أيدي “هواة” و”سياح” فقط، وإنما هو وجد أقوى فتوحاته الفكرية على أيدي علماء ومتخصصين؛ لذا فإنه تمكن، من جانب آخر، أن يقدم “صدمات وعي” عنيفة عدة للعالم الغربي أي الأول، من العالمين المذكورين أعلاه. ولا ريب، بأن حيادية العلم وموضوعية أساطينه تمنع الانجراف بتيارات التحامل والضغائن والعواطف المنحازة التي اعتمدها ما يمكن أن أطلق عليه “استشراق الكولونيالية”، المنحاز أصلا وبنية وغرضا.
لقد أماط المستشرقون “العلماء” (في الآثار والألسنية، من بين سواها من الأنظمة العلمية الاجتماعية والتطبيقية)، أقول أماطوا اللثام لأوروبا عصر الكولونيالية عن أنها لم تكن قط كينونة ثقافية وحضارية ذاتية الاكتفاء وذاتية التطور، أي على الطريقة التي كان يتخيلها أساطين “الأسطورة الآرية” الذين ابتنوا نظرياتهم وفرضياتهم على أساس عنصري قوامه نظرة دونية للأمم التي تقطن قارتي آسيا وإفريقيا، بوصفها أمما متخلفة جينيا: غير قادرة على المبادرة والإبداع.
وقد كانت اللقى والحفريات الآثارية في أودية الأنهار الخصبة العظيمة (الرافدين، والنيل والسند) قد عكست وجود أقوام وحضارات سابقة للحضارتين الإغريقية والرومانية التي اعتمدتهما أوروبا، أصلين وحيدين لحضارتها وثقافتها. وقد ألقت التنقيبات الآثارية في هذه الأودية الخصيبة الضوء على أن الشرق لم يكن قط متخلفا ومرتعا للجهل والرجوعية، بل كان هو الممسك بزمام المبادرة العلمية والثقافية، بدلائل كثيرة جعلت العقل الغربي (عبر قرون التوسع الكولونيالي) يحلم بالانتقال إلى الشرق للكشف عن مكنوناته وكنوزه الفكرية وقدحاته الفردية التي سبقت وفاقت كل ما فعله وحققه الغرب بكثير.
بل، وكان الأهم هو فك احتكار أوروبا (الخيالي) للثقافة والاستنارة، وهو خيال عاشت عليه الأسطورة الآرية، متغذية على معطياته قرونا في سبيل تكريس النظرة الدونية للأقوام الساميّة التي تفوقت على مثيلاتها الآرية في الروحانيات والغيبيات، متخذة من “القدس” رمزا لروحية الثقافات الشرقية، السامية؛ ومن أثينا، رمزا لمادية الثقافات الغربية، الآرية الشقراء.
لذا، ليس من الإنصاف والعدالة أن ننفي الاستشراق إلى سلة الاستعمار وعقدة التفوق الآري على نحو متعامٍ، كما واعتاد على ذلك العديد من الكتاب، لأسباب متنوعة، ومنها أسباب استعراضية واسترضائية مفصلة حسب الطلب، وليس حسب المتطلبات والمعايير العلمية الدقيقة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق