ترجمة
ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة بالعبرية، رواها توفيق بن صباح يوشع المفرجي
(متسليح بن صفر يهوشع المرحيبي، ١٩٠٢- ١٩٧١، حولوني،
ابن وحيد، أربع شقيقات، رئيس عائلة يوشع المفرجي) بالعربية على الأمين صدقة (١٩٤٤- ) الذي نقلها بدوره إلى العبرية، نقّحها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب. - أخبار السامرة، العددين ١٢٣٠-١٢٣١، ١٥ شباط ٢٠١٧، ص.
٦٥-٦٦.
هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها: إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.
بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، تُوزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين بالدراسات السامرية، في شتّى بلدان العالم. هذه الدورية، ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن الشقيقين، بنياميم (الأمين) ويفت (حُسني)، نجْلي المرحوم راضي صدقة الصباحي (رتسون صدقة الصفري، ٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).
”الكوسا في موسمها
الكوسا نوع معروف من الخضراوات، ولكن بفضل هذه الكوسا أصبح الفقير غنيا. ماذا جرى هنا؟ لا أحدَ يعرف بشكل
مكشوف ومفهوم. كلّ شخص له حكايته عن
فعل الكوسا، إلا أنّ الهدف واحد: جعلتِ الكوسا من شخص فقير غنيا. هكذا كانت القصّة: عاش في نابلس سامري
فقير جدًا، لدرجة أنّه لم يتمكّن من الحصول على كِسرة خبز يابسة حتّى. ماذا فعل؟ اشترى بما لديه من توفيرات ضئيلة قطعةَ أرض، فلحها، كان يزرع
ويغرِس فيها. أكل من ثمارها، وشرب
من عصير عنبها.
زرع الرجل الكوسا في شهر كانون الأوّل (كسليڤ) وفي شهر كانون الثاني
(طيڤيت) بزغت وأفرحت الأمعاء
والقلوب.
ماذا فعل؟ بطّن سلّة بالصوف وأوراق الشجر وزيّنها بالزهور. ملأ السلّة ببواكير كوساه، وكان ذلك في شهر نيسان. ارتدى الرجل أفخر ملابسه ووصل بوّابة بيت قاضي المدينة، طرق على الباب،
ففُتحت طاقة فيه وسُمع صوت يقول: يا خواجة ماذا تريد؟ أجاب الرجل: أحضرت هدية لقاضي المدينة، سيّدنا رحْب الصدر. راح البوّاب وأبلغ القاضي بالخبر. قال له القاضي: إذهب وقل لذلك الرجل،
أن يأتي غدًا مساء، والآن خذ منه الهدية.
عاد الحارس، وفعل ما قال القاضي. ماذا فعل مُقدِّم الهدية؟ أخذ يجوب شوارع نابلس وهو يحسُب كم من المال
سيتقاضى مقابلَ الكوسا، وكادت عربة تدهسه. في اليوم التالي راح إلى القاضي، دخل وقبّل يده وجلس على كرسي وثير. بعد بضع لحظات، جاء الخدم بصحن مملوء بالكوسا المحشية بالأرز واللحم، وهي
منضّدة بذوق رفيع. بعد تناول الطعام،
شربا القهوة، ودّع القاضي الرجل وتبادلا التحايا وخرجا من الغرفة. رافق الخادم الرجلَ إلى خارج البيت، والرجل يلعن ويشتم القاضي، واليوم الذي
ولد فيه، والأمّ التي أنجبته. رجَع الفقير إلى بيته
وروى لزوجته كلّ ما جرى.
الكوسا التي ليست في موسمها
زوجة الرجل كانت حكيمة جدّا. قالت له: انتظر أربعة أشهر،
إلى شهر تشرين أوّل (تشري)، وعندها أُريك ما يجِب فعلُه. ماذا فعلت؟ زرعت الكوسا في شهر آب وفي بداية شهر تشرين أوّل وآونتها لا
وجود للكوسا، نبتت الكوسا وكانت صغيرة. ويعرف كلّ ذي ذوق رفيع أنّه كلّما كانت الكوساي صغيرة، كلّما كانت أجودَ
مذاقًا، بالطبع صغيرة لحدّ ما، يسمح بحشوها بالأرز وبقِطع اللحم ثم طبخها. في شهر تشرين الأوّل قالت الزوجة لزوجها: يا زلمتي، خذ هذه الحبات من الكوسا وأرسلها للقاضي. من هو القاضي، لعنه الله، صرخ الفقير. إنّك تعرفين كيف خرجت من عنده صِفر اليدين، ولا ملّيم!
قالت له: إفعل ما أمرت به. عمِل الفقير برأيها إذ أنّه خمّن أنّ وراء الأكمة ما وراءها. عمومًا، كان يعمل دائمًا بنصائح زوجته. جاء إلى القاضي، دخل رأسًا وأعطاه الكوسا. وفي الحال (عَ المحلّ) قضى القاضي بمنحه خمسين دينارًا، وعن قيمتها حدّث ولا حرج. استغرب الفقير وسأل القاضي: لماذا في المرّة الماضية لم تُخصّص لي مالًا والآن فعلت؟ أجابه القاضي: في المرّة السابقة، جلبت لي كوسا، أكلتها ولم أنبس ببنت شفة، لأنّي عرفت
أنّه في اليوم التالي ستتوفّر الكوسا، ولكن الآن بإحضارك الكوسا لي، حيث لا وجود
لها في كلّ البلاد، أي قبل موسمها، هذّ أعجوبة لا توصف.
منذ ذلك الوقت كبُر الفقير وتضاعف جمال زوجته في ناظريه، وسُرّ بهما القاضي. علاقة صداقة ربطته بالقاضي. كان الرجل يُحضر للقاضي كلَّ سنة من بواكير كوساه المبكرة، وحظِي بمنحة
كبيرة من المال“.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق