كتاب : ثورات فجرت صمت التاريخ الاسلامي لسهيل عيساوي
مقدمة
الثورة القادمة
الثورة تعني إلغاء نظام الحكم واستبداله بنظامٍ آخر من خلال تغيير حاد لمؤسسات الحكم, وتغيير في قوى الطبقات والطوائف التي تشكّل فسيفساء المجتمع.
الثورة الناجحة يلتفّ حولها الشعب كما تلتفّ العائلة حول الأب والجنود حول قائدها لتحقيق النصر المؤزَّر ، ونجاح الثورة متعلق بعدة عوامل منها :
وجود قائد مُوجّه يُلهب حماس الجماهير .
تنظيم السكان قُبَيْل الثورة أيدلوجية متطورة لإنارة الطريق لتبديد الظلام ولنشر الأفكار ولتشجيع حملة السيف .
تنشر الأيدلوجية الثورة عن طريق وسائل الإعلام, ورجال الدين, والمناشير, والمحادثات السريّة . والأدب والكتب الممنوعة .
تتفاوت إنجازات الثورات من ثورة لأخرى.
في كتابنا الجديد تناولتُ الثورات التي فجَّرتْ صمتَ التاريخ الإسلامي, وقلبَتْ الأمور رأساً على عقب. بعض الثورات حاولتْ تغيير مجرى التاريخ الإسلامي بشكل سلبي وثورات أخرى حاولتْ تصحيح الانحراف والانحطاط لدى ملوك ودول بقوة السيف وسلطة اللسان, والشعب الذي سئم وقع السياط على جلده سُرْعان ما ينضمّ إلى طبول الثورة, وصليل السيوف يحمل روحه على رمحه .
حرصتُ من خلال هذا البحث على عرض الثورات التي اشتعلت وأشْغَلَتْ وأنهكتْ وأهلكتْ العديد من المسلمين في كل حقبة مُبَيِّناً دوافعها وأسبابها ونتائجها وأثرها على تطور التاريخ الإسلامي.
واليوم في هذا الزمن الأصفر, زمن الذل والهوان والانحطاط الثقافي والأخلاقي والسياسي والعسكري, على وقع سقوط عاصمة الرشيد بغداد, "عِقْد الأمة" وإذلال سيّدها, على الملأ استخفافاً بأمة اتكأت يوماً على سور الصين وشربت خيولها من أنهار اسبانيا, ودانت لها إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس.
نحن أحوج إلى أم الثورات, لا ثورة فيها نحطم أصنامنا, أو نبيد بعضنا, أو نحرق ما تبقّى من تراثنا, بل ثورة تبدأ بصدورنا, بقلوبنا, نعيد للإنسان كرامته المصادرة في كل مكان. نحترم بعضنا, نصغي للآخر المختلف.
إن اختفى أحدنا لا ننام قبل عودته إلى حضن عائلته, إن جاع طفل في موريتانيا أو الصومال أو فلسطين لا نأكل ملء بطوننا قبل إن يشبع كلّ أطفال العرب, لنعيد للكتاب بريقه ومجده لأن الأمة تُتَوج بإكليل العلم, بلا كتابٍ وعلم, نَظَلُ أضْيَعُ من الأيتام على مائدة اللئام, لنعطي لأصحاب العلم دورهم الريادي, في الإبحار بنا بعيداً عن جزر الظلام وشواطئ الخمول والإذلال.
ثورة في تعاملنا مع جيراننا مع زملائنا مع أصدقائنا, مع أهلنا, مع أنفسنا, مع أولادنا, مع ثقافتنا, مع تراثنا, مع تاريخنا.
عندها تسقط كل الدُمى لكونها لا تلائم عالمنا التقدمي, ويكفّ العالم عن نهش لحومنا واقتطاع أرضنا, وهضم حقوقنا, وافتراس ثرواتنا, ودوس كرامتنا, ورمينا في مستنقع الإرهاب ومحيط الفقر والتخلّف.
نتوق لثورة حقيقية تعيد للعروبة كرامتها وللإسلام مجده وللإنسانية لونها.
سهيل عيساوي
أيار 2005
الإهداء
إلى كل ثائر يحمل في يمينه سراج الحرية , ومن خلف قضبان القهر والليل يطلق عنان الأمل , ويحمل في صدره طيات ثورة تقلب صفحات التاريخ رأساً على عقب , ويفرش البساط لأحلام عسجديّة كانت أسيرة في قفص بلا آمال .
إلى دماء الثوار التي تقوّم التاريخ كلما انحرف عن مساره الإنساني , إلى الثوار الذين سطّروا بدمائهم أساطير النصر ومحوا بسيوفهم الذل والعار.
إلى الإنسان العربي البسيط في هذا العالم المترامي الأطراف الذي يتوق لثورة حقيقية تعيد للكرامة كرامتها وللعروبة بُردتها.
سهيل إبراهيم عيساوي
*
حروب الردَّة
* * * * *
كانت حروب الردّة هي أول ثورة وتمرّد على الحكم الإسلامي المركزي , والتي شكَّلت خطراً جسيماً على الخليفة الأول أبي بكر الصديق وعلى الدولة الإسلامية الفتية.
أسباب حروب الردَّة :-
1) موت الرسول صلى الله عليه وسلم , فبعض القبائل قالت :-" لو كان نبياً ما مات"(1) , تجاهلوا قوله تعالى :-" إنك ميت وإنهم ميتون ".(2)
2) بعضهم اعتقد أن النبوة ولَّت بموت الرسول .
3) بعض القبائل أسقطت من حساباتها الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام.
قالوا لما استخلف أبو بكر رحمه الله ارتدت طوائف من العرب ومنعت
الصدقة وقال قوم منهم : نقيم الصلاة ولا نؤدي الزكاة , فقال أبو بكر
رضي الله عنه :" لو منعوني عقالاً لقاتلتهم ". (3)
4) رفض خلافة أبي بكر الصديق .
5) انزعاج القبائل العربية من السلطة المركزية في المدينة وخاصة الرسل الدينيين الذين يُعلّمون الناس الدين على أصوله ويجمعون الزكاة . هذه القبائل كانت تمقت الغريب .(4)
6) ظهور أشخاص ادَّعوا النبوة وأشهرهم مَسلَمة وقد دعاه المسلمون مُسيلمة من باب التصغير والتحقير وقد تأثر بالأفكار المسيحية وقد اتبعه بنو حنيفة (5), ونجاح التيمية من بني يربوع كانت تدَّعي الكهانة تحالفت مع مالك بن نويرة ثم لقيت مسيلمة وتزوجته (6) وكان مسيلمة قد أرسل إلى الرسول وهو على قيد الحياة رسالة عجيبة :-
" من مُسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله , سلام عليك أما بعد فاني قد أُشركت في الأمر معك , وان لنا نصف الأرض , ولقريش نصف الأرض, لكن قريش قوم يعتدون " .
فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم :- " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ( السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " . وقد توفي الرسول قبل أن يُسَيِّر له حملة عسكرية للقضاء على أحلامه وافتراءاته .(7)
نتائج وأبعاد حروب الردة :-
1) انتصار المسلمين على قلتهم على المرتدين .
2) ظهور خالد بن الوليد كفارس عبقري .
3) جرّب المسلمون الأسلحة والخطّة العسكرية .
4) ثبات أبو بكر الصديق وشمولية نظرته بالرغم من تهديد المشركين باحتلال المدينة وخاصة في ظل غياب قوة الإسلام العسكرية بقيادة أسامة بن زيد خارج الجزيرة العربية .
5) استشهاد الكثير من حفظة القرآن الكريم وكبار الصحابة وفي معركة حديقة الموت التي قضى فيها على مسيلمة الكذاب استشهد من الأنصار المهاجرين سبعمائة رجل .(
6) توحيد شبه الجزيرة العربية تحت راية الإسلام من جديد .
7) لما فرغ أبو بكر الصديق من أمر المرتدين أعدَّ الجيوش إلى الشام , وأخذ يستنفر الناس ويدعوهم للجهاد ويرغبهم بغنائم الحرب .(9)
ظهور الخلاف بين خالد بن الوليد قائد الحملات والصحابي عمر بن الخطاب كبير المستشارين للخليفة أبي بكر الصديق , بسبب مقتل أحد زعماء المرتدين ( مالك بن نويرة ) الذي أعلن عن إسلامه لاحقاً ثم تزوج خالد زوجته , وخالد لم يقتله عمداً ." ولما رأى خالد اختلاف القوم في شأن مالك وأصحابه أمر بحبسهم حتى ينظر في أمرهم . وكان ذلك في ليلة باردة ثم أمر خالد منادياً فنادى دافئوا أسراكم , وهي في لغة كنانة ومعناها القتل , وكان الحراس من بني كنانة , فوقعوا فيهم قتلاً ".(10)
ولما علم أبو بكر الصديق أبى أن يصدق إلا عند عودة خالد بن الوليد, أما عمر بن الخطاب فقال لخالد عند عودته : " ارئاء ! قتلت امرأً مسلماً ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك " .
وظل الأمر في صدر عمر بن الخطاب فلما تولى الخلافة قام بعزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيش قبيل معركة اليرموك الفاصلة (11) , وكان رد خالد بن الوليد :" أنا لا أُقاتل من أجل عمر إنما أُقاتل لإرضاء رب عمر" (12) .
9) أسباب فشل حركة المرتدين تعود لعدم توحيد صفوفهم وكثرة زعمائهم وانعدام العقيدة , ضعف الخطة العسكرية وعدم استغلالهم لخلو المدينة من الجيش الإسلامي , الارتكاز على القبلية بينما بالمقابل المسلمين , ميزهم التفافهم حول الخليفة أبو بكر الصديق , وعمق العقيدة الصادقة والشجاعة الباسلة .
الفتنة الأولى في الإسلام
ومقتل عثمان بن عفان
* * * * *
مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان والثورة التي سبقت الاغتيال والفتن التي تلت مقتله وما زالت آثارها تنخر بهيكل الأمة الإسلامية حتى يومنا هذا.
* أسباب الفتنة *
1) قيام عبد الله بن سبأ وهو من أصل يهودي أسلم إلا أنه آثر بنشر الفتن لتقويض أركان الدولة الإسلامية وشرعية خلافة عثمان بن عفان ,كان يقول :-" عجبت ممن يقول برجعة المسيح ولا يقول برجعة محمد ... يكون فيكم أهل بيت نبيكم ثم يُقصون عن أمركم " .(13)
ثم قال أن عثمان أخذ الخلافة بغير حق وأخذ يكاتب الناس ويطعن في أمراء الناس في الأمصار .
2) اتهام عثمان بن عفان بالميل إلى أقاربه وتقليدهم للمناصب الرفيعة , مثل معاوية بن أبي سفيان في الشام , وعبد الله بن عامر بن كريز , ومروان بن الحكم . قال ابن حجر دفاعاً عن معاوية :-
" معاوية بن سفيان رضي الله عنه , صحب النبي (ص) وكتب له, وولاه عمر الشام بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان وأقرّه عمر ".(14)
3) كان الخليفة عمر قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين ومنعهم من الخروج إلى الأمصار بإذن مسبق خوفاً من أن ينشغلوا عن العبادة بجمع المال أما عثمان فسمح لهم .(15)
4) إجلائه لأبي ذر الغفاري وهو صحابي جليل من السابقين للإسلام بسبب إنتقاده لمعاوية وعماله ودعوتهم للاجتهاد والاقتصاد ومساعدة الفقراء .(16)
5) غناه وثروته الهائلة التي لم تلحظها على الخلفاء أبي بكر وعمر , يوم قتل كان له عند خازنه من المال خمسون ومائة ألف دينار وألف ألف درهم , وقيمة ضياعه بوادي القرى وحنين وغيرها مائة ألف دينار , وخلف خيلاً كثيراً وإبلاً " .(17)
والصحيح أن عثمان كان كريم النفس يجود بالكثير في سبيل رفع راية الإسلام خفاقة . " أخرج الترمذي عن أنس والحاكم وصححه , عن عبد الرحمن بن سمرة قال :- جاء عثمان إلى النبي (ص) بألف دينار حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجره , وجعل رسول الله (ص) يقلبها ويقول : ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين " .(1
6) جمعه للقرآن الكريم وإحراقه للنسخ المتبقية , وهو عمل جبار يستحق عليه الثناء لأن كارثة ضياعه كانت تحلق في الأفق بسبب حروب الردة .
قال زيد بن ثابت :-" أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر : إن عمر أتاني فقال :- إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن , وإني أخشى أن يستحر بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ".(19)
7) رده الحكم بعد أن كان قد أساء للرسول , لكن هنالك من يقول إنه أخذ الإذن وكان الحكم أتهم بتجسسه على حجر أزواج النبي .(20)
أبطل سنة القصر في الصلوات في السفر , اجتهاداً منه .(21)
9) وزع الأموال الطائلة على بني أمية .
10) رفض تسليم مروان بن الحكم لأنه زور على لسان عثمان كتاباً إلى مصر يأمر بقتل زعماء الوفد ولو سلمه عثمان لتركه الثوار وشأنه .(22)
*نتائج الفتنة *
1) رفض عثمان بن عفان الفرار إلى الشام أو تسليم مروان بن الحكم أو القتال " إني أعرض عليك خصالاً ثلاث :- إحداهن – إما أن تخرج فتقاتلهم فإن معك عدداً وقوة وأنت على حق وهم على الباطل , وإما أن نخرق لك باباً سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على راحتك , فتلحق بمكة فإنهم لن يستحلوك وأنت بها , وإما أن تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية , فقال عثمان :- " أما أن أخرج فأقاتل فلن
أكون أول من خَلَفَ رسول الله (ص) يقول : " يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا , وأما أن ألحق بالشام فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله " .(23)
2) حاصر الثوار دار عثمان ومنعوا عنه الطعام والشراب والصلاة في المسجد .
3) هجم الثوار على بيت عثمان ثم تسلقوا الأسوار وقد أشترك في قتله الغافقي بن حرب , قثيرة بن حمران , سودان بن حمران , كنانة ابن بشر , عمرو بن الحمق , وكان يقرأ القرآن , وكان عمره اثنين وثمانين سنة وصدق رسول الله عندما قال :" فتنة يقتل فيها عثمان مظلوماً ". (24)
4) اتهام كبار الصحابة بالتخاذل وعدم مد يد العون لعثمان خلال أيام الحصار مثل علي بن أبي طالب وطلحة والزبير , مع العلم أنهم أرسلوا أبناءهم ليدافعوا عنه فقال لهم عثمان :-" اعزم عليكم لما رجعتم فوضعتم أسلحتكم ولازمتم بيوتكم ".(25) وقد اعتقد عثمان أنهم لن يقدموا على سفك دمه .
5) ظهور فئة تشكك ببيعة علي بن أبي طالب مع أنه قَبِلَ البيعة مكرهاً .
6) مطالبة طلحة والزبير وعائشة ومعاوية في معركتي الجمل وصفين بدم عثمان .
7) لأول مرة في التاريخ الإسلامي تطالب فئة بالخروج عن طاعة خليفة رسول الله وحتى قتله .
انحسار الفتوحات الإسلامية بسبب انشغال الخليفة علي بن أبي طالب بالقضاء على الفتن الداخلية .
9) انقسم المؤرخون والعلماء والأمة حول الفتنة وموقف عثمان والصحابة.
ثورة الثلاثي طلحة والزبير وعائشة
ومعركة الجمل (656م(
* * * * *
بويع الإمام علي بن أبي طالب في اليوم الذي قتل فيه الخليفة عثمان بن عفان (26) لكن الخليفة الجديد وجد نفسه وسط بحر من التحريض والفتن والمؤامرات .
وكان الثلاثي طلحة والزبير وعائشة قد اجتمعوا في مكة وقرروا التوجه إلى البصرة لأن لطلحة والزبير فيها أنصاراً .
* أسباب الثورة *
1) طلحة والزبير كانا من الأرستقراطية القرشية وقد استفادا من عصر الفتوحات الإسلامية وجمعا المال والضياع والجياد , ولم يكن من مصلحتهما أن يتقلد علي بن أبي طالب الخلافة , فهو عادل ولن يسمح بالثراء غير المشروع , (27) فهو قريب إلى الرسول ( ص ) فقال له النبي :-" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ! غير أنه لا نبي بعدي " .(2
2) قيام علي بعزل جميع ولاة عثمان (29) هذه الخطوة أثارت حفيظة الأمويين أقارب عثمان بن عفان .
3) اعتقد طلحة والزبير أن لهما نصيباً في السلطة وطمحا بأن يعينهما عليٌّ ولاة على العراق واليمن ولما انكشف لهما الأمر وخاب ظنهما انفضا من حول الإمام علي .(30)
4) المطالبة بدم عثمان .(31)
5) المطالبة بمحاكمة وتسليم قتلة عثمان .
6) تأخر علي بإقامة الحد على قتلة عثمان , ربما بسبب كثرتهم , والفوضى التي عمت المدينة .
7) اتهام علي بالمشاركة في قتل عثمان لتقاعسه في رد الثوار أما علي فقال :-" والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله , ولكن الله قتل عثمان وأنا معه " . (32)
اختلاط قتلة عثمان والمحرضين عليه في صفوف جيش علي .(33)
9) هنالك من يذهب إلى إن طلحة والزبير وعائشة خرجوا إلى البصرة لتوحيد كلمة المسلمين (34) .
10) قيام جيش الثلاثي طلحة والزبير وعائشة بمحاربة والي البصرة المعين من قبل عثمان بن حنيف .(35)
11) حاول الإمام علي حلّ المشكلة بالطرق الدبلوماسية والحوار وتذكيرهم بحب رسول الله له وحقه بالخلافة وبراءته من دم عثمان لكن هذه المساعي ذهبت أدراج الرياح .(36)
12) الخلاف القديم بين عائشة زوجة الرسول وعلي بن أبي طالب
أ. تأخر علي عن مبايعة والدها أبي بكر الصديق بالخلافة ربما بسبب حزنه على وفاة الرسول –" لما توفي رسول الله (ص) أبطأ علي عن بيعة أبي بكر فلقيه أبو بكر , فقال :-" أكرهت أمارتي ؟ فقال: لا , لكن آليت أن ارتدي بردائي إلى الصلاة حتى أجمع القرآن " .(37)
ب. بسبب حديث الإفك ومطالبة علي بن أبي طالب للرسول بأن يطلق عائشة , حتى جاءت الآيات الكريمة تثبت براءة زوجة الرسول عائشة من كل الشبهات .
*نتائج معركة الجمل *
1) انتصار جيش علي .
2) مقتل طلحة والزبير , وكان الزبير بن عوام قد لمح الخسارة في صفوف جيشه وانسحب إلا أن رجلاً تعقبه وقتله وهو يصلي خارج المعسكر واسمه عمرو بن جرموز (3 أما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم بسهم فمات(39).
3) قتل في المعركة عشرة آلاف من جيش البصرة ( ثلث الجيش ) وخمسة آلاف من جيش علي بن أبي طالب ( ربع الجيش ) .(40)
4) وقوع عائشة في الأسر بعد عقر جملها ( عسكر ) فأسرها علي وأرسلها مع أخيها محمد بن أبي بكر الذي حارب إلى جانبه إلى مكة .
5) انتقال مركز الخلافة الإسلامية من المدينة إلى الكوفة , من شبه الجزيرة العربية إلى أطراف الدولة الإسلامية .
6) دخل علي البصرة وعاتب أهلها على موقفهم المعادي , وتقبل البيعة منهم .
7) تصالح علي مع عائشة التي انسحبت من المسرح السياسي حتى ماتت سنة 58 هجري .
دانت جميع الأمصار الإسلامية لحكم علي عدا الشام بقيت تحت إمرة معاوية بن أبي سفيان .
9) سياسة علي التسامحيّة اتجاه أعدائه , فقد أطلق سراح الأسرى الذين لجأوا إلى معاوية في الشام .
10) القضاء على الهالة المقدسة حول الخليفة والخلافة الإسلامية .
11) الاعتماد على السيف لفض النزاع بين المسلمين .
12) استعداد علي لملاقاة معاوية بن أبي سفيان الذي كان يُجَهِّز له , لولا وقعة الجمل.
13) رأفة علي بأعدائه , فقال في خطبته قبل القتال :-" أيها الناس إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح , ولا تقتلوا أسيراً , ولا تتبعوا مولياً , ولا تطلبوا مدبراً , ولا تكشفوا عورة , ولا تمثلوا بقتيل , ولا تَهتكوا سراً"(41) .
الثورة الأموية
معاوية بن أبي سفيان والي الشام
يعلن التمرد على الخليفة علي بن أبي طالب
* * * * *
الأسباب
1) قيام الخليفة علي بعزل معاوية عن إمارة الشام .
2) رفض معاوية ترك إمارة الشام .
3) رفض معاوية مبايعة علي بالخلافة , قال معاوية :-" لا نبايع متهماً بقتله أو قاتلاً له " (42).
4) مطالبة معاوية بدم عثمان من خلال التلويح بقميصه من على منبر المسجد وعرض أصابع نائلة زوجة عثمان والتي قطعت أثناء محاولتها الدفاع عنه .
5) محاولة معاوية استمالة قيس بن سعد عامل علي على مصر ولما فشل نجح في دس الدسائس حتى عزله علي , لأن معاوية أدرك أن خضوع مصر لعلي يشكل خطراً استراتيجياً عليه ويطوقه من جهة العراق ومن جهة مصر ,(43) وكان عمرو بن العاص يطمع في ولاية مصر لان عثمان قد عزله .
6) فشل المفاوضات بين الطرفين .
7) بلغ عدد جيش علي بن أبي طالب حوالي (90) ألفاً وجيش معاوية (85) ألفاً (44) أما ابن الأثير في البداية والنهاية فقد أورد :" أما أهل الشام ثمانين ألفاً... وأهل العراق مائة وعشرين ألفاً (45) .
جيش معاوية وإن قل عدده فهو جيش مجرب لفنون الحرب والقتال وخاصة مقارعة البيزنطيين .(46)
9) اختيار معاوية موضع القتال في صفين ( العراق ) حنكة منه فقد سيطر على الماء وحاول منع جيش علي من الوصول إلى الماء , أما الأشتر النخعي فقد استولى على الماء بالقوة , فقال قائل :-
يا اشتر الخيرات يا خير النخع وصاحب النصر إذا عَمَّ الفزع
قد جزع القوم وعموا بالفزع إن تسقينا اليوم فما هو بالبدع(47)
نتائج المعركة
1) - يذكر المسعودي أن المعركة استمرت تسعة أيام سجالاً بين الطرفين(4.
2) - يقدر ابن كثير القتلى من طرف جيش علي بأربعين ألفاً ومن طرف معاوية بعشرين ألفاً (49) .المسعودي يخالفه الرأي ويقول :" قتل بصفين سبعون ألفاً , ومن أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً " (50) وهذا القول ربما يكون الأرجح .
3) - كاد جيش علي أن يحقق النصر المؤزر لولا خدعة رفع المصاحف التي أشار عمرو بن العاص ( داهية العرب ) على معاوية بها , حتى يتفرق جيش علي .
4) - مقتل عدد من الصحابة وعددهم خمسة وعشرون رجلاً ومن بينهم عمار بن ياسر , وكان الرسول (ص) قال له :-" تقتلك الفئة الباغية ".(51)
5) - قبل علي التحكيم وهو كاره له لأن أهل الكوفة قالوا :-
"نجيب إلى كتاب الله, فقال لهم علي: عباد الله! امضوا على حقكم وصدقكم وقتال عدوكم فإن معاوية وعمراً والضحاك ومن معهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن وأنا أعْرَف بهم منكم, فقد صحبتهم أطفالاً وشر رجال, ويحكم والله ما رفعوها إلا خديعة ووهناً ومكيدة". (52)
6) - أخطأ علي بقبوله التحكيم لأنه خليفة ومعاوية والي مخلوع ولا يجوز أن يتساوى معه سياسياً .
7) - خروج الخوارج من صفوفه مما جعله ينشغل بهم في معركة النهروان (38 هـ ) .
- اختلاف جند علي , روى الطبري :" خرجوا مع علي إلى صفين وهم متوادون أحباء فرجعوا متباغضين أعداء ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم ولقد اقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاءمون ويضربون بالسياط " .(53)
9) - ضعف مركز علي .
10) - ارتفاع شأن معاوية .
11) - بعد إنشاء فرقة الخوارج المعارضة تحول الصراع على السلطة من صراع سياسي إلى صراع ديني.(54)
12) موافقة علي على إسقاط اسم الخليفة وأمير المؤمنين أضعف موقفه وأسقط شرعية خلافته في نظر الكثيرين كتب : " هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان " .(55)
13) بداية الصراع الإقليمي بين العراق والشام حول صدارة العالم الإسلامي .
14) أضاع الخليفة علي فرصة ذهبية لتوحيد كلمة المسلمين حول شخصه وتحت راية الخلافة .
15) هنالك رأي آخر يستقي معلوماته من الرواية الشامية كما ذكر المؤرخ البيزنطي ثيوفانس يقول :- " إن من كان مع معاوية تغلبوا واستولوا على الماء , ومن كان مع علي تركوا القتال وفروا بسبب العطش ".(56)
16) استغل معاوية ضعف جيش علي وانشغاله بالخوارج وأخذ يغير على أطراف العراق .(57)
17) معاوية ينصب نفسه خليفة للمسلمين سنة 660 في ايلياء .(5
ثورة الحسين بن علي ومذبحة كربلاء
61) هـ) 680 م
* * * * *
* أسباب الثورة *
1) لم يكن الحسين قد وافق على تنازل أخيه الحسن عن الخلافة لمعاوية .
2) لم يبايع الحسين يزيد بن معاوية بالخلافة .
3) لم يحترم معاوية الاتفاق مع الحسن , بل سارع إلى قتله بالسم بواسطة زوجته .
4) راسل أهلُ الكوفة الحسين ليبايعوه .(59)
5) ظهر فسق يزيد وحاد عن الدين القويم ورأى الحسين أن الثورة حتمية ليعيد لدينه ثوبه البهي .(60)
6) أوفد الحسين بن علي مسلم بن عقيل ليتطلع الأمر , وفي الكوفة اكتسب وداً كبيراً وأخذ البيعة للحسين , مما أغاظ عبيد الله بن زياد الذي عينه خصيصاً والياً للكوفة ليقتل ويلاحق مسلم بن عقيل .(61)
7) استعمل عبد الله الحيل والرشاوى لإلقاء القبض على مسلم فقتله سنة 60هجري .
تشجيع عبد الله بن الزبير الحسين على الخروج لأهل الكوفة لينفرد هو بالحجاز ، لأنهم لن يبايعونه ما دام الحسين بينهم . (62)
9) سار الحسين إلى الكوفة بالرغم من نصيحة عبد الله بن العباس والشاعر الفرزدق الذي قال له :-" قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني أمية , والقضاء ينزل من السماء , والله يفعل ما يشاء ".(63)
10) أراد الحسين أن يعود لكن هنالك من حثه على الأخذ بثأر مسلم بن عقيل فقال الحسين :-" لا خير في العيش بعد هؤلاء ".(64)
11) رفض الحسين الانسحاب أو العدول عن حسم السيف, رغم
الفرق الشاسع بين قواتهِ وقوات الأمويين .
12) بلغ عدد أصحاب الحسين ثلاثمائة .(65)
13) بلغ عدد الأمويين أكثر من أربعة آلاف مقاتل بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص .(66)
* نتائج ثورة الحسين *
1) في معركة غير متكافئة عسكرياً وفي ظل حصار ومنع الماء عن الحسين وأصحابه , قتل الحسين وأصحابه .
2) تم التمثيل بجثة الحسين من خلال قطع رأسه ومن خلال مرور الخيل على جسده .
3) عرض الحسين على الجيش الأموي أن يقتلوه وحده ويتركوا الأطفال والنساء والضعفاء , لكنهم رفضوا (67) مما يدل على قساوة قلوبهم بما يخالف أسس الحرب وأخلاقه , إن كان في الحرب أخلاق.
4) كادت تنقرض بموت الحسين أفراد أسرة النبي الذكور , لولا الطفل المريض (علي ) الذي أنقذته زينب أخت الحسين ولقب فيما بعد " بزين العابدين " وهو ابن الحسين من زوجه بنت ( يزد جرد ) آخر ملوك الفرس الساسانيين وكاد عبيد الله بن زياد يهم بذبحه .(6
5) مقتل الحسين بهذه الصورة اللا إنسانية والمشبعة بالوحشية هو وأطفاله كان أحد أسباب سقوط الدولة الأموية فيما بعد .
6) قتل في كربلاء من جيش الأمويين ثمانية وثمانون رجلاً .(69)
7) بعد مقتل الحسين توقدت نار التشيع لدى الشيعة وصار مقتله ناراً في صدورهم يتحينون الساعة للثأر له .
يقول المؤرخ الإنجليزي "جيبون " :- " إن مأساة الحسين المروعة بالرغم من تقادم عهدها وتباين موطنها لابد أن تثير العطف والحنان في نفس أقل القراء إحساساً وأقساهم قلباً ".(70)
9) أخذ رأس الحسين ونساء الحسين وعلي الصغير إلى دمشق حاملين رؤوس الشهداء على أسنة الرماح لكن يزيد أرجعهن في الحال إلى المدينة.
10) يعتبر البعض مقتل الحسين تتمة لانتصار معاوية على علي .(71)
11) انتشر التشيّع بين الفرس الذين تربطهم بالحسين رابطة المصاهرة , في نظرهم هو الأحق بالخلافة هو وذريته , لأنهم يجمعون بين أشرف دم عربي وأتقى دم فارسي .(72)
12) خذلَ أهل العراق الحسين كما خذلوا أخاه الحسن ووالده علي من قبله , وإن كان بعض المؤرخين من الشيعة مثل اليعقوبي يسوق لنا أن بني أمية طردوا الحسين وشتموه وأخذوا ماله وطلبوا دمه ولم يجد له مخرجاً إلا القدوم إلى الكوفة حيث معقل أنصاره وأنصار أبيه .(73)
13) بالغ الشيعة في نشر الروايات بعد مقتل الحسين كما يذكر ابن كثير – "ذكروا في مقتله أشياء كثيرة أنها وقعت من كسوف الشمس يومئذ ...وتغيير آفاق السماء , ولم ينقلب حجر إلا وتحته دم .. وأن اللحم صار مثل العلقم ". (74)
14) كان الحسين فدائياً حقيقياً أراد أن يحرك الأمة الإسلامية الساكتة يضع دمه على كفة فإما حياة كريمة وعزة نفس وإما موت الشهداء .
15) سُفِكَ دمٌ كثيرٌ بين المسلمين في الثورات التي رفعت شعار " يا لثارات الحسين " .
16) يختلف المؤرخون فيمن يتحمل مسؤولية مذبحة كربلاء , هل الخليفة يزيد بن معاوية صاحب الكلمة الأولى والأخيرة , أم عبيد الله بن زياد نائبه على العراق الذي تمتع باستقلال كبير , أم قائد الجيش عمر بن سعد بن أبي وقاص الذي حارب كارهاً , وإن كان ابن زياد مذنب ودم الحسين يصرخ على كفيه , فإن يزيد لم يقم بعزله ربما لأنه صارم مع أهل العراق وخبير ببواطن أمورهم , وقد تفسر خطوة عزله تعاطفاً مع آل البيت .(75)
17) حتى يومنا هذا يحيي الشيعة في إيران والعراق ولبنان وغيرها من المدن ذكرى استشهاد الحسين , حيث يعذبون أنفسهم تعبيراً عن التقصير في نصرة الحسين .(76)
1 نظم آلاف الشعراء قصائد في رثاء الحسين بن علي , وأهل بيته وأصحابه ويسمى بأدب الطَّفّ والعجيب أنه رغم البعد الزمني لمذبحة كربلاء واستشهاد الحسين ما زال الشعراء يخلدونه بقصائدهم من شيعة وسنة ومسيحيين .
فهذا عوف الأزدي يرثيه (77):-
ليبكِ حسيناً مُرْمِلٌ ذو خصاصةٍ
عديمٌ وأمام تشكّـى المواليـا
فأضحى حسينٌ للرماحِ دريئـةً
وغُودرَ مسلوباً لدى الطَّفِّ ثاويا
سقى الله قبراً ضُمِّنَ المجد والتقى
بغربيـة الطَّـفّ الفـواديـا
فيا أمة تاهت وضلَّتْ سفاهـةً
أنيبوا فارضوا الواحد المتعاليا
أما زوجته الرباب بنت امرئ القيس بن عدي رثت زوجها (7:-
إنَّ الذي كان نوراً يستضاء بـه
في كربلاء قتيلاً غير مدفـون
سبط النبي جزاك الله صالِحـةً
عنّا وجُنِّبْتَ خسران الموازيـن
قد كنت لي جبلا صلداً ألوذ بـه
وكنت تصحبنا بالرحم والدين
من لليتامى ومن للسائلين ومن
يغني ويأوي إليه كلُّ مسكين
والله لا ابتغي صهراً بصهركم
حتى أُغَيَّب بين اللحد والطين
19) تعتبر كربلاء مدينة مقدسة لدى الشيعة ، وهي مدينة عراقية تقع على الضفة اليسرى من جدول الحسينية الذي يتفرع منه نهر الفرات على مسافة 104 كم من بغداد , وفيها قبر الحسين , ويزورها آلاف الحجاج .
ثورة عبد الله بن الزبير
* * * * *
هو أول مولود ولد للمهاجرين بالمدينة بعد الهجرة (79) أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق , ووالده عبد الله بن الزبير أحد المبشرين بالجنة , عرف عنه شدة الدهاء , والشجاعة والنزاهة.(80)
* أسباب ثورته *
1) بعد مقتل الحسين أخذ عبد الله بن الزبير يدعو لنفسه بمكة .(81)
2) اتهام يزيد بن معاوية بترك الصلاة , وشرب الخمر وملاعبة الكلاب(82) ، من قبل وفد المدينة الذي زاره فأحسن وفادتهم وأكرمهم بوافر المال.
3) قيام يزيد بشنّ حملة عسكرية على أهل المدينة الذين خلعوه ، سُميت بالحرة 63 هجري وهي منطقة شرقي المدينة . وبلغ جيش الأمويين حوالي 12000 مقاتل بقيادة مسلم بن عقبة . وقتل من أهل المدينة 1000 رجل معظمهم من الأنصار والمهاجرين واتهم جيش يزيد(83) بـ :
أ. إرسال رؤوس القتلى إلى يزيد .
ب. استباحة المدينة بأمر من يزيد –" فإن ظهرتَ عليهم فأبحها ثلاثاً , فما فيها من مال أو سلاح أو طعام فهو للجند فإن مضت الثلاث فأكفف عن الناس ". (84)
ج. عن الإمام مالك : قتل يوم الحرة (700) رجل من حملة القرآن (85)
وهذه خسارة فادحة للأمة .
د. انتهاك حرمة المدينة وهي مدينة مقدسة عند الله ورسوله والمسلمين
فلا يحل فيها القتال .(86)
4) رفض عبد الله بن الزبير مبايعة يزيد ، وشجعه كثير من الصحابة والزعماء وعامة الناس .
5) انحطاط مكانة الحجاز الاقتصادية والاجتماعية بسبب انفراد الشام بالخيرات , وقد صعب على أهل الحجاز زوال النعم عنهم .
* نتائج الثورة *
1) احتمى عبد الله بن الزبير بالبيت الحرام داخل مكة ففرض حصاراً على مكة وأهلها .
2) تَّم رمي مكة بالمنجنيق .(87)
3) توفي يزيد أثناء الحصار فتم وقف القتال سنة 63 هجري .
4) رفض عبد الله بن الزبير عرضاً مغرياً للحصين بن نمير قائد القوات الأموية بأن يصبح خليفة , قال له : " أنت أحق بهذا الأمر هلم فلنبايعك , ثم اخرج معنا إلى الشام فإن هذا الجند الذين معي هم وجوه الشام وفرسانه فوالله لا يختلف عليك اثنان على أن تؤمن الناس وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك " . (8 وعلى الأرجح فإن ابن الزبير ضيع فرصة ذهبية سانحة ليصبح خليفة المسلمين الأوحد , لكنه ربما خاف أن يغدر به أهل الشام , ورفض أن يتخلى عن الحجاز ومكانته الهامة .
5) نجح عبد الله بن الزبير أن ينتزع السلطة من الأمويين في معظم الأقطار الإسلامية , الحجاز , فلسطين , العراق , مصر , وحتى أجزاء كبيرة من سوريا . (89)
6) حتى زعماء البيت الأموي كادوا يتنازلون لابن الزبير عن الخلافة وعلى رأسهم مروان بن الحكم الذي وحد كلمة الأمويين بعد معركة مرج رهط 684 م .(90)
7) نجح مصعب بن الزبير اخو عبد الله في القضاء على ثورة التوابين وهم من الشيعة وزعيمهم المختار 67 هجري .(91)
بسحق مصعب للشيعة في العراق يكون أيضا قد خدم الأمويين والخليفة عبد الملك بن مروان .
9) أراد عبد الملك أن يهاجم مصعب في العراق قبل أن يهاجمه في عقر داره , وشجعه تشجيع أهل العراق له بالقدوم وفي معركة مسكن في العراق سنة 72 هجري قتل مصعب وقتل معه عدد من الصحابة وآلاف الموالين (92) ويعود سبب خسارته لغدر أهل العراق به .
10) بقتل مصعب وخسارة العراق خسر عبد الله ساعده الأيمن وانكشف ظهره للأمويين ونقم على أهل العراق .
11) عين عبد الملك الحجاج بن يوسف الثقفي ليقارع ابن الزبير المتحصن في مكة فجهز له جيشاً قوياً .
12) رمى الحجاج الكعبة بالمنجنيق وألحق بها خسائر فادحة .(93)
13) احتراق الكعبة بسبب القصف وهنالك من يرجح ذلك أن جماعة عبد الله بن الزبير سبب الحريق بسبب إشعال النار بالقرب من الكعبة.(94)
14) قاتل عبد الله بن الزبير قتالاً شديداً بطولياً.(95)
15) نقص في المؤن وارتفاع بالأسعار مما زاد من تضايق الناس في مكة .
16) تخلى أكثر من عشرة آلاف مقاتل عن عبد الله بن الزبير وبينهم ولداه حمزة وخبيب وانضموا إلى صفوف الحجاج .
17) امتاز عبد الله بن الزبير بالبخل الشديد وربما التقشف المبالغ به فكانت بيوته مملوءة بالتمر والمؤن ولم يوزع على جنده , فلو كان كريماً ما خسر وما انتشرت المجاعة وما تخلى عنه جنده .
1 استشارة أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق" وكان عمرها مائة سنة لم تقع لها سن , ولا ابيضَّ لها شعر ولم يُنْكِر لها عقل "(96) فقالت له :-" إن كنت تعلم انك على حق وإليه تدعو فامض له , فقد قتل عليه أصحابك , ولا تمكن رقبتك يلعب بها غلمان بني أمية , وان كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت , أهلكت نفسك ومن قتل معك , فقبل رأسها وقال هذا الرأي الذي قمت به , ما ركنت إلى الدنيا
وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله ,فانظري فاني مقتول فلا يشتد حزنك " .(97) لأن عبد الله بن الزبير خاف أن يمثلوا بجثته كما فعلوا مع الحسين بن علي يوم كربلاء فقال :-" يا أمه ، إني أخاف أن يمثل بي بعد القتل , فقالت : يا بني هل تتألم الشاة من ألم السلخ بعد الذبح " .(9
19) قاتل عبد الله بن الزبير حتى استشهد , أصيب برأسه فقال :- " ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
ولكن على أحد منا تقطر الدما "
ولم يهب تمزيق جسده فقال :-
" ولست أبالي حين أُقتل مسلماً
على أي جنب كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وان يشأ
يبارك على أوصال شلوٍ ِ ممزع ِ".
- كان عمره 72 سنة , قتل سنة 73 هجري .
20) لم يكتفِ الحجاج بقتله بل قطع رأسه وصلب جثته المعطرة بالمسك ولكي يذهب الرائحة الزكية صلب إلى جانبه كلبا ميتا و نسورا ".(99)
21) بعد تدخل أخيه عروة الذي أتى إلى عبد الملك مبايعا وطلب إنزال الجثة , قال عروة : " ليس الذليل من قتلتموه لكن الذليل من ملكتموه".(100) إن صلب جثة صحابي والتمثيل بها ورفض تسليمها لأمه أسماء بنت أبي بكر لهو مس بمشاعر المسلمين والصحابة وإساءة للإسلام , ويدل على صلابة الرجل وشدة محاربته للأمويين .
22) لما قتل ابن الزبير كبَّر أهل الشام فرحا بقتله فقال ابن عمر :" أنظروا إلى هؤلاء لقد كبر المسلمون فرحا بولادته وهؤلاء يكبرون فرحا بقتله"(101) .
23) هنالك من يتهم ابن الزبير أنه استغل حرمة المدينة ومكة .(102)
24) بمقتل ابن الزبير استتب الحكم لبني أمية .
* قيل عنه *
1) قال عثمان بن طلحة : كان الزبير لا ينازع في ثلاثة لا شجاعة ولا عبادة ولا بلاغة وكان له مائة غلام يتكلم كل واحد منهم بلغة وكان ابن الزبير يكلم كل واحد منهم بلغته ".(103)
2) بينما عبد الله بن الزبير مع بعض الغلمان يذكرهم بالجهاد إذ شاهدوا الفاروق عمر ابن الخطاب يتجه إليهم وهو في طريقه, ففر الغلمان من حوله هيبة إلا هو فسأله الفاروق: لمَ لم تفر مثل إخوانك يا عبد الله؟ فقال له: ليست الطريق ضيقة فأوسع لك, ولست مذنبا فأخاف منك".(104)
3) مر ابن عمر على ابن الزبير وهو مصلوب فقال :-
"يرحمك الله فإنك كنت, ما علمتُ, صواما قواما وصولا للرحم ِ, فإني لأرجو ألا يعذبك الله عز وجل".(105)
ثورة المختار
* * * * *
هو ابن عبد الثقفي شهيد معركة الجسر .(106)
* أسباب ثورته *
1) المطالبة بدم الحسين وخاصة أن أهل العراق ولا سيما الكوفة والبصرة يعتصر الندم قلبهم على خذلان الحسين .
2) كان المختار قد بايع واستضاف مسلم بن عقيل عندما قدم إلى الكوفة فسجنه عبيد الله بن زياد وبتوسط الخليفة يزيد أفرج عنه .(107)
3) فشل حركة التوابين بقيادة الصحابي سليمان بن صرد , وهي حركة الشيعة الذين ندموا على قتل الحسين (10 فلم يغشوه ورأوا أن غسيل العار لا يتم إلا بقتل من قتله أي عبيد الله بن زياد لأنهم دمروا وقتل قائدهم سنة 65 هجري فاستغل المختار رغبة من تبقى منهم للانتقام من الأمويين .
4) رغبة المختار في رفع شأن الموالي .
5) تنكيل المختار بقتله الحسين .(109)
6) حصول المختار على مباركة محمد بن الحنفيّة ابن الإمام علي عليه السلام من غير فاطمة .(110)
7) رأى المختار بأنه قائد ثورة الضعفاء والمستضعفين من عرب وفرس .
الأطماع الشخصية للمختار ليصبح نجما يتداول اسمه العرب – يقول :-" إنما أنا رجل من العرب رأيت ابن الزبير انتزى على الحجاز ورأيت نجدة انتزى على اليمامة , ومروان على الشام , فلم أكن دون أحد من رجالات العرب , فأخذت هذه البلاد فكنت كأحدهم .(111)
9) وزع المال الكثير ووعد بالمناصب الرفيعة والخطب الرنانة ونجح
باستقطاب الناس .(112)
10) سوء معاملة ممثلي ابن الزبير للناس لمحمد بن الحنفية ولبني هاشم عامة .(113)
11) رفض عبد الله بن الزبير خدمات المختار , فقد حارب المختار مع عبد الله بن الزبير وهو محاصر في مكة في المرة الأولى وقاتل معه قتالا بطوليا .(114)
* نتائج الثورة *
1) استقطاب جموع غفيرة من العراقيين حول ثورة المختار من الناقمين على الأمويين وابن الزبير والطبقة الأرستقراطية العراقية المحلية .
2) نجح قائد جيش المختار ابراهيم بن الأشتر النخعي ( والده قائد جيش علي بن أبي طالب ) على نهر النماذر وقتل فيها عبيد الله بن زياد وانهزم أهل الشام (115)
3) قام المختار بعملية تطهير واسعة لقتلة الحسين ولم يشفع لهم ادعاؤهم بأنهم قاتلوا كارهين , قال لهم : " يا قتلة الصالحين وقتلة سيد شباب أهل الجنة ".(116)
4) المختار هو أول من استعمل لقب " المهدي " ويعني محمد بن الحنفيّة .
5) ادَّعى المختار النبوة .
6) ساهم المختار في زرع أشواك البغضاء بين العرب والعجم من المسلمين , يقول المختار لسادة العرب :-" ... ثم معه عبيدكم ومواليكم وكلمة هؤلاء واحدة , ومواليكم أشد حنقاً عليكم من عدوكم , فهم مقاتلوكم بشجاعة العرب وعداوة العجم ".(117)
7) أمر عبد الله بن الزبير أخاه مصعباً والي البصرة بمهاجمة المختار في الكوفة والقضاء عليه وبعد حصار الكوفة لمدة أربعة أشهر قتل المختار وقتل أتباعه (687) م .(11 وبلغ عددهم 7000 وبينهم عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب .(119)
ارتكب مصعب بن الزبير خطئا فادحا فهو والمختار ثائرين ضد الأمويين , فلو وحدوا الصفوف لقضوا على مملكة عبد الملك بن مروان المضعضعة أصلاًً .
9) سموا أنصار المختار بالخشبية لاستعمالهم العصي والكيسانية أصحاب كيسان , مولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أو تلميذ محمد بن الحنفية , ويعتقد أنه أحاط علما واسعا في التأويل والباطن وعلم الآفاق والأنفس .(120)
10) بعد موت المختار آمن أتباعه أنه لم يمت وسوف يعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا , قال كثير عزة وهو من شيعته (121):-
ألا بان الائمـة من قريش
ولاة الحـق أربعـة سـواء
علـيّ والثلاثـة من بنيـه
هم الأسباط , ليس بهم خفاء
فسبط : سبط إيمان وبـرٍّ
وسبط : غيّبتـه كربـلاء
وسبط : لا يذوق الموت حتى
يعود الخيل يقدمـه اللـواء
تغيب , لا يرى فيهم ذمـاً
برضوى عنده عسل ومـاء
*****
11) بزوال خطر المختار علا شأن ابن الزبير وأخذ يضايق ويلاحق محمد بن الحنفية , أرسل له :" ادخل في بيعتي وإلا نابذتك", وكان رد ابن الحنفية لابن الزبير " ما الحيلة فيما اسخط الله وأغفله عن ذات الله". (122)
12) فشل ثورة المختار هي فشل لمطالب آل البيت في استرجاع مجدهم وكانت من أكثر الثورات تنظيماً .
13) استغل الخوارج الفوضى في العراق وقاموا بعدة ثورات ضد ابن الزبير وضد الأمويين .
ثورة العباسيين
* * * * *
ينتسب العباسيون إلى العباس بن عبد المطلب عم النبي (ص) . وقد توفي سنة 32هجري , وله أربعة بنين وهم : عبد الله , عبيد الله , والفضل والقبسان , والمشهور بينهم عبد الله المعروف " بابن العباس " ولد بمكة سنة 619 وحارب مع أولاده في معركة الجمل وصفين , وكان عالما وجنديا توفي سنة 76 هجري في الطائف .(123)
* أسباب ثورة العباسيين وأسرار نجاحها *
1) الظلم الذي سقاه بني أمية لآل البيت والرعية وخاصة في العراق والحجاز باستعمالهم ولاة قساة القلب مثل الحجاج وزياد بن أبيه وابنه عبيد الله .
2) دخول أبي مسلم الخراساني وهو خطيب بارع نجح في استمالة العرب والفرس في خراسان .
3) المطالبة بدم الحسين .
4) ضعف الخلفاء الأمويين مثل يزيد بن عبد الملك الذي انشغل بالموسيقى واللهو .
5) حصول العباسيين على دعم ومساندة الموالي .
6) اعتماد العباسيين على صلتهم بالرسول (ص) , عن أبي هريرة أن الرسول (ص) قال للعباس :" فيكم النبوة وفيكم الملك " .(124)
7) انتقال حق الإمامة من بيت علي إلى بيت العباس على يد أبي هاشم بن محمد بن الحنفيّه زعيم الشيعة الكيسانية .
سبق الدعوة العباسية تحضير كبير فقد أرسلوا الدعاة إلى الأمصار متخفين على هيئة تجار .
9) رفض حكم مروان بن محمد الملقب بالحمار لشدة صبره فهو في نظر الكثير من الأمويين حاكم اغتصب الكرسي والسلطة ، والأمويون هم عموده الفقري.(125)
10) الندم والظلم الاجتماعي الذي عاناه العرب في خراسان .
11) بسبب اقتصار الفتوحات غالت الدولة في جباية الضرائب من الرعية .
12) يؤمن الإيرانيون بعصر الملك في اليمن الساساني وكذلك لما اسلموا سهل عليهم الإيمان بفكرة أن الخلافة يجب أن تنحصر في آل البيت سلالة الرسول .وخاصة الحسين ابن فاطمة الزهراء وابن علي بن أبي طالب تزوج من " شهر بانوه " ابنة يزد جرد الثالث آخر ملوك الساسان , فقسم من الشيعة يمثلون حق النبوة والملك معاً .(126)
13) قتل زيد بن علي بن الحسين وصلبه في الكوفة .(127)
14) كان دعاة بني عباس لا يكشفون عن رأس الهرم عندهم ليضمنوا التأييد الأعظم , والاكتفاء بالقول أن الخليفة من سلالة النبي (12 وكان زيد قد قتل مع 500 بعد أن غرر به أهل الكوفة سنة 122 هجري , امتاز بالعلم والكرم والفروسية .(129)
* نتائج الثورة العباسية *
1) نجاح الثورة في الجمع بين أعداء الأمس لإسقاط دولة الأمويين .
2) هزيمة مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية في معركة حاسمة "الزاب" 749 م .
3) لم يكتفِ العباسيون بهزيمة الأمويين وانتزاع السلطة , إنما لاحقوا الخليفة المهزوم مروان الثاني في كنيسة في بوصير بمصر وكان عمره 62 عاما عام 132 هجري .
تولى الخلافة أبو العباس المعروف بالسفاح فكان مؤسس الدولة العباسية بعد أن بويع في الكوفة بعد خطبته التي ختمها –" أنا السفاح المبيح والثائر الكبير " .(130)
5) لاحق العباسيون الأمويين وتصيدوهم وقتلوهم ولم ينجُ من بطشهم سوى عبد الرحمن الداخل ( صقر قريش ) أحد أحفاد الخليفة هشام الذي فر إلى الأندلس ويؤسس إمبراطورية عريقة جديدة .(131)
6) نبشت قبور الخلفاء الأمويين وحتى قبر معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان وهشام الذي وجد صحيحاً في قبره لم يبل إلا أذنيه وانفه فَضُرِبَ بالسياط وصُلِبَ وحرق وذُرِيَ في الريح .(132)
7) استعمل العباسيون الشيعة وسيلة للوصول للهدف المنشود وبعدها تخلوا عنهم .
تصفية مهندس الثورة العباسية أبو مسلم الخراساني الذي يختلف المؤرخون حول أصله عربيا أو فارسيا وكان أبو جعفر المنصور يحقد عليه ويخاف تعاظم أمره وشعبيته في خراسان وكان المنصور قد اخبر صاحب حرسه وأمرهم إذا حضر أبو مسلم وصفق بيد على يد فليظهروا وليضربوا عنقه, وبعد قتله وزع المال على أنصاره لينشغلوا .(133) ومن أسباب قتله أن أبو مسلم كان يطمع بالسلطة .
9) بعد مقتل أبي مسلم اضطر بن الخرمية وهي طائفة تدعى بالمسلمية يؤمنون بإمامة أبي مسلم ونظموا جيشا جرارا بقيادة بسنقاد من نيسابور يطلب بدمه فأرسل المنصور لهم جيشا بقيادة جبور من بني مراد العجلي وأسفرت المعارك عن مقتل بسنقاد وقتل من أصحابه (60,000 ) سنة 136 هجري , أي بعد مقتل أبي مسلم بأشهر .(134)
10) قام المنصور بالتنكيل وسجن وقتل الطالبيين من نسل علي بن أبي طالب وأذاقهم أبشع صنوف العذاب بادعاء أنهم خرجوا عليه كما يروي لنا المسعودي .(135)
11) علا شأن بغداد المدينة التي بناها المنصور التي كانت في البداية للخليفة ونسائه وخدمه (136) , دال مجد دمشق التي خلعت ثوب المجد.
12) مع صعود العباسيين للحكم انتشرت مدارس الفقه الإسلامي مثل الإمام مالك بن انس(715 – 796) , والإمام أبو حنيفة ( 694 – 767) م , الإمام الشافعي ( 767 – 820 ) .(137)
13) تحسن وضع الموالي مثل الفرس والترك وشغلوا مناصب رفيعة كالوزراء.
14) تحامل المؤرخون المقربون من بني العباس أو آل البيت على الخلفاء الأمويين مثل اليعقوبي والمسعودي , البلاذري , ومما أثر على نهج المؤرخين الحديث .
ثورة الزنج
(869 – 882) م
*أسباب ثورة الزنج*
1) زعم قائدهم انه علي بن محمد بن احمد بن عيسى بن أبي طالب عليه السلام .(13
2) دعوته لتحرير العبيد من الرق لأنهم بعد إيمانهم لم يعودوا عرضة للرق والعبودية (139). اعتمد على تأويل الآية :-" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حق " .
3) ضعف الحكام وتبدلهم .(140)
4) جاهر علي بن محمد بمبدأ الخوارج الذي يرفض كلّ تمييز قومي.(141)
5) كثرة الزنوج وعدم حصولهم على أدنى حقوقهم الاجتماعية .
6) ادعاء قائدهم النبوة , ذكر عنه أنه قال :- " أوتيت في تلك الأيام بالبادية آيات من آيات إمامتي ظاهرة للناس , منها التي لقنت سورا في القرآن مجرى بها لساني في ساعة وحفظتها في دفعة واحدة , منها : سبحان , والكهف , وصاد , ومنها أني فكرت في الموضع الذي اقصده حيث أتيت في البلاد , فأظلتني غمامة , وخوطبت منها , فقيل لي : اقصد البصرة"(142).
* النتائج *
1) استقطبت ثورة الزنوج حولها آلاف الزنوج الهاربين من أسيادهم والقبائل البدوية والفلاحين الناقمين .(143)
2) دبوا الرعب في قلوب الناس .
3) قتل النساء والأطفال والشيوخ كما كان الخوارج الأزارقة يحرمون (144) حتى النساء العلويات ( وكان يتفاخر بنسبه لعلي وفاطمة ) استعبدهن وانتهكت أعراضهن (145), حتى أن هاشمية اشتكت له ظلم سيدها الزنجي , فقال لها :" هو مولاك أولى بك من غيره ".(146)
4) بسط الزنوج سلطتهم على كلدة والأهواز وجنوبي العراق .
5) هزم الزنوج جيوش الخليفة الواحد تلو الآخر وبهذا زادت عزتهم بأنفسهم وكسبوا المال والجواري .
6) استباحة المدن وقتل أهلها وسلب سكانها واسترقاق النساء المسلمات في البصرة وحدها .وأثناء صلاة الجمعة عام 871 قتل حسب رواية المسعودي –" أُفني من الناس ما لا يدرى العدد ولا يقع عليه الإحصاء , يعلم ذلك إلا عالم الغيب والمقلل يعود أُفني من الناس خمسمائة ألف نفر ".(147)
7) أقام الزنوج مدنا خاصة بهم مثل المنيعة والمختارة في العراق .
بصورة غير مباشرة ساهمت ثورة الزنج على نجاح أسرة الصفاريّين في فارس بسبب انشغال الخليفة عنهم .(14
9) كاد الزنج يسقطون الخلافة العباسية .
10) أظهرت انتصارات الزنج عجز القواد الأتراك وبهذا أتيح للخليفة الأخذ بزمام الأمور بعد فشل موسى بن بغا التركي , قام الخليفة المعتمد باستدعاء أخيه أبي احمد الموفق من منفاه بالحجاز ليحارب الزنج .(149)
11) حاصر الموفق عاصمة الزنوج المختارية بعد أن هزمهم في معارك عديدة وبنى قبالة مدينتهم " الموفقية " ونجح جنده بعد قتال مستميت من دخول مدينتهم وهدم أسوارها وطاردهم وحرق أسواقهم ومنازلهم ولكنه فشل في القضاء عليهم نهائيا .
12) انضم إلى موفق في حرب الزنوج وقائدهم الملقب بالخبيث ( لسوء أعماله وارتكابه الفواحش ) لؤلؤ قائد جيش ابن طولون في مصر , وكان وأصحابه شجعان ونجح احدهم في احتزاز رأس الخبيث , فأسر منهم أكثر من 5000 ومنح البقية الأمان.(150)
13) فشلت ثورة الزنج في أن تكون ثورة اجتماعية , بسبب الجرائم الوحشية التي ارتكبوها من اغتصاب واسترقاق النساء الكريمات وسلب ونهب وقتل مئات الآلاف والاعتداء على الأطفال والشيوخ وتدمير للمدن والنيل من صرح الحضارة الإنسانية , وان كانت الثورة قد لفتت انتباه المجتمع الإسلامي إلى حقوق العبيد وقد اثبت قتالهم مدى خبرتهم وإخلاصهم واستبسالهم وفي نفس الوقت عبروا عن حقدهم على المجتمع .
ثورة القرامطة
(891 – 287 )هـ
قيل أن قرمط هو لقب رجل كان من سواد الكوفة , واسمه حمدان .(151) وهي كلمة أرامية ومعناها المعلم السري (152).
* أسبابها وأسرار نجاح الثورة *
1) أول ما نجحوا في بلاد فارس في عهد ملكشاة والسبب انه لم تهتم الدولة بالتجسس على الرعية ولا بتقصي الوافدين للدولة ومعرفة نواياهم .(153)
2) رفض القرامطة شرعية حكم بني العباس, وقع احدهم في قبضة الخليفة المُعتَضِد فقال للخليفة :-" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات , وأبوكم العباس حي , فهل طالب بالخلافة أم هل بايعه احد من الصحابة على ذلك ؟ ثم مات أبو بكر فاستخلف عمر , وهو يرى موضع العباس ولم يوصى إليه , ثم مات عمر وجعلها شورى من ستة أنفس , ولم يوصى إليه ولا ادخله فيهم , فماذا تستحقون انتم الخلافة ؟ وقد اتفق الصحابة على دفع جدكم عنها. فأمر المُعْتَضِد بتقطيعه أجزاء وقتله ".(154)
3) عملوا على التكتم بالأمر وسموا بالباطنية لأن لكل ظاهر عندهم باطن , ولكل تنزيلٍ تأويل.(155)
4) آمن القرامطة بالإمام السابع (إسماعيل ) توفي 762 , لأن الرقم يتمتع بقدسية في الشرق .(156)
5) عمل القرامطة من خلال الجمعيات السرية للحصول على مآربهم السياسية .
6) استغل القرامطة ضعف الخليفة في بغداد وانقسام السلاجقة وثورة الزنج ليزرعوا بذور الشر والإلحاد .
* أهم نتائج ثورة القرامطة وأبعادها *
1) التف حولهم الآلاف من القبائل البدوية والفرس والعرب .
2) نجح القرامطة في إقامة دولتهم في مناطق مترامية الأطراف في إيران وسوريا والعراق وعُمان والبحرين.(157)
3) عام 900 نجح احد زعمائهم ويدعى ذكروية الدنلائي في تأليب الأعراب على الدولة الطولونية في سوريا بهدم المدن ، لكن قتل خليفتهم صاحب الخال .(15
4) ساهم القرامطة في تقويض ملك آل طولون في مصر .
5) سنة 894 نجح أبو سعيد الحسن البهرام الجنابي بإنشاء دولة مستقلة في البحرين والخليج الفارسي بمساندة القبائل البدوية .(159)
6) هزموا جيوش الخليفة واستولوا على البصرة وارتكبوا أفظع الجرائم (160) من سبي النساء وقتل الرجال .
7) استطاع الحسن الصباح أن يكون قوة كبيرة في إيران والاستيلاء على القلعة الحصينة قلعة الموت عام 1097 وكون له دولة, وكثر أتباعه.(161)
قام القرامطة بتصفية خصومهم من أمراء وعلماء وسلاطين ووزراء ونشروا الفتن ودبوا الرعب في نفوس الناس , وهم أول من أوجد الاغتيال السياسي المنظم مثل قتلهم للوزير " نظام الملك " في عهد السلطان ملكشاة سنة 1092 .
9) حاول القرامطة توحيد صفوفهم مع الزنوج الثائرين لكنهم اخفقوا .(162)
10) الاعتداء على قوافل الحجاج وقتلهم وسلب أملاكهم وبلغت بهم الوقاحة أنه استولى القرامطة في 12 كانون الثاني سنة 930 على مكة نفسها ونزع الحجر الأسود من الكعبة وأخذوه إلى عاصمتهم في الأحساء حيث بقي طوال 30 سنة .(163) وهذا يذكرنا بعام الفيل لاحتلال مكة وهدم الكعبة ولكن الله أرسل طيور الأبابيل ونشر الأمراض بين جنده فولى هارباً .
11) شحن القرامطة المريدين من أتباعهم على الفدائية والموت في سبيل الهدف.
12) إدخال أمور كثيرة دخيلة على الدين الإسلامي الحنيف , مثل صوم يومين في السنة ؛ المهرجان والنيروز , النبيذ حرام والخمر حلال ولا غسيل من جنابة , إدخال أمور غريبة إلى الأذان مثل قولهم :-
" اشهد أن آدم رسول الله , اشهد أن محمداً رسول الله وأشهد أن احمد بن محمد بن الحنفيّه رسول الله " .(164)
13) أوجد الباطنيون أو الحشاشون* * من القرامطة المتأخرين ما يشبه الجمعيات السرية والتي قلدهم بها العالم في الشرق والغرب , فكان الأتباع رؤساء أو دعاة يتدرجون في مراتب العقيدة السرية أو رفقاء يلقنون تدريجياً المبادئ السرية ثم أضاف إليهم الحسن بن صباح الفدائيين , الذي يوكل إليهم الفتك والاغتيال بأمر من شيخ الجبل .(165)
14) ساهم القرامطة بتفكك العالم الإسلامي عشية الحروب الصليبية والأولى منها التي دعا إليها البابا اوربان الثاني 1097 م والتي انتهت باحتلال بيت المقدس وحمام من دماء المسلمين المسالمين إذ قتل في القدس وحدها أكثر من 70,000 ألف , يقول دي اكليس الذي شهد الحوادث : "كانت الدماء قد وصلت في رواق المسجد إلى الرُكب ". (166)
الثورة الوهابية
* * *
مؤسس الحركة الوهابية محمد بن عبد الوهاب الذي ولد في العينية بنجد سنة 1703 , وقد زار العديد من المدن وكسب العلم في بغداد وخاصة فقه احمد بن حنبل واحمد بن تيمية , وسبب انتقاده لتقديس الولي ( سعد ) في قريته وانتقد إهمال العقاب المفروض على الزانية – الرجم - فنفوه , فقصد سنة 1740 محمد بن سعود في الدرعية وهنالك استقبل بحفاوة وخاصة أن ابن سعود كان خصما لشيخ العينية .(167)
*أهم مبادئ الحركة الوهابية*
1. محاربة تقديس الأولياء الصالحين .
2. النهي عن الزينة بالملابس مثل لبس الحرير .
3. تحريم زخرفة المساجد والأضرحة .
4. تحريم التدخين وشرب القهوة .
5. تحريم الموسيقى والطرب على الآلات الموسيقية .(16
6. محاربة السحر والشعوذة .
7. محاربة الصوفية والدروشة .
8. المناداة بنبذ الثروة والذهب .
*أسباب نجاح الثورة الوهابية*
1) رفض سلطة العثمانيين وعدم اعتماد قولهم بأنهم حماة الإسلام.
2) تبني محمد بن سعود المبدأ الوهابي وتطبيقه في نجد .
3) العداء بين محمد بن سعود وشيخ العينية .(169)
4) الثورة الوهابية جاءت في ليل حالك السواد وفوضى دينية وعدم تنفيذ التعاليم القرآنية والسنة النبوية , فكان لدعوته الصادقة والحريصة على إبقاء الإسلام ديناً تقياً من كل شائبة ومن كل دخيل من شرق أو غرب .
5) أراد محمد بن عبد الوهاب إعادة المجد للحجاز وأهله فمن هنالك انطلقت رسالة الرسل , رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
* نتائج الثورة *
1) انضمت معظم قبائل نجد إلى الوهابيين .(170)
2) نجح الوهابيون في احتلال أجزاء واسعة من شبه الجزيرة العربية الأحساء والكويت والحجاز واليمن وعُمان .
3) احتلوا مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة بتاريخ 28/ 4/ 1801 فهدموا القبة التي تظلل الضريح .(171)
4) عام 1803 احتلوا مكة , واحتلوا المدينة وأزالوا جميع مظاهر الإشراك.
5) انتقم الشيعة لاعتداء الوهابيين على مقام الحسين بن علي فقتلوا عبد العزيز بن محمد بن سعود زعيم الوهابيين السياسي وقائدهم في المعارك وهو يصلي في مسجد الدرعية .(172)
6) لما رأت الدولة العثمانية أن حركة الوهابيين تهدد حكمهم بسبب انتشارها السريع , ومهاجمتها لدمشق وبغداد والاستيلاء على المدن المقدسة توجهوا لمحمد علي باشا حاكم مصر للأسباب التالية :-
أ. كانت الدولة العثمانية ( الرجل المريض ) لا تقوى على مواجهة محمد علي .
ب. إضعاف قوة محمد علي .
أما محمد علي فوافق للأسباب التالية :-
أ. أراد التخلص من الفرق العسكرية المشاكسة .
ب. أراد إضفاء الصبغة الشرعية على توسعاته التي لا حدود لها .
ج. كان محمد علي يطمح في أن يرث الدولة العثمانية .(173)
د. أراد الاستيلاء على سوريا ولبنان ليحصل على الخشب لبناء أسطوله.
هـ الرغبة في السيطرة على الأماكن المقدسة في المدينة ومكة .
الحملة الأولى 1811 - 1812 بقيادة طوسون
الحملة الثانية 1813 – 1815 بقيادة محمد علي
الحملة الثالثة 1816 – 1818 بقيادة ابراهيم باشا
أسباب فشل الحملات في البداية :-
* مناطق صحراوية لا يعرفها المصريون .
* صعوبة وصول وتأمين المؤن الغذائية .
* عدم تعاون القبائل البدوية .
* عدم حماس الجند المصريين بسبب قلة الغنائم .
* حالة الطقس القاسية .
* استماتة الوهابيين في الدفاع عن مبادئهم وأرضهم .
7) نجح ابراهيم باشا 9 / 9/ 1818 في احتلال العاصمة الوهابية بعد أن استسلم عبد الله الأمير الوهابي الذي اعدم سنة 1819 في استانبول أما عاصمتهم فدمرت .(174)
لم يتم القضاء على الوهابيين نهائيا , ظهر تركي ابن عم عبد الله في الرياض فأسس دولة جديدة وبعده فيصل .(175)
9) استغل محمد علي باشا نجاحه في الحملة لاحتلال السودان للحصول على عبيد لجيشه وعلى المعادن الثمينة وعلى منابع المياه .(176)
10) لا يزال آل سعود يحكمون المملكة العربية السعودية بفضل تحالفهم مع الحركة الوهابية باسم الرجوع للدين القويم .
11) لا تزال تعاليم محمد بن عبد الوهاب تنتشر في العالم الإسلامي , وقد أعادت التفكير في كثير من الأنماط والعادات والمعتقدات والسلوكيات لدى المسلمين , وتعتبر من أهم الحركات والثورات الفكرية السنية, والتي لا زال صداها يلاقي قبولا في صدور المسلمين .
الثورة العربية الكبرى
* * *
* أسباب الثورة العربية الكبرى *
1) ظلم الأتراك للعرب وإتباع سياسة التتريك ومحاربة اللغة العربية .
2) ابتعاد الأتراك عن الدين الإسلامي .
3) ضعف الدولة العثمانية وانفصال الأقاليم والولايات دون أن تحرك الدولة العثمانية شارة أو سيف .
4) مطالبة العرب بمكانة أفضل المناطق العربية والتمتع بمزيدٍ من الحريات اللامركزية والاستقلال الذاتي . (177)
5) مراسلات الشريف حسين إلى السير هنري مكماهون و مطالبة الشريف حسين لبريطانيا ضمان استقلال الدول العربية سوريا , فلسطين , والعراق , والجزيرة العربية عدا عدن مقابل دعم العرب للإنجليز .
6) خوض تركيا الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول المركز وكان أمام العرب طريقان إما الثورة والحصول على حرياتهم وإما الوقوف بجانب تركيا لتحفظ لهم بدورها عرفانهم للجميل ولكن آمال العرب كانت تتوق إلى الحرية .(17
7) استغلال البريطانيين لمكانة الشريف حسين كونه من السلالة الهاشمية وكونه أمير مكة , إضافة إلى نفوذه وقدرته على ضرب القوات التركية في الجزيرة العربية.(179)
حاول الأتراك حياكة المؤامرات ضد الشريف حسين عندما رفض الإعلان عن الجهاد ضد الحلفاء عن طريق اعتقاله أو استقدامه إلى دمشق.(180)
9) قيام جمال باشا بشنق زعماء الحركة العربية ومفكريها بحجة"الخيانة العظمى" وكان قائدا للجيش الرابع وحاكما عاما لسوريا, وهنالك من يرى أن جمال باشا نفسه كان يتآمر على الدولة والعثمانية فقد حاول توسيط الأرمن لدى روسيا سراً كي يضمنوا له أن يبقى حاكما على سوريا ولبنان العراق وكردستان مدى الحياة هو وذريته من بعده مقابل قضائه على الدولة العثمانية على أن يزوده الحلفاء بالغذاء والسلاح ، لذا سارع بالتخلص بكل من يعرف هذا السر .
10) إقامة الجمعيات العربية السرية مثل " الجمعية العربية الفتاة " ,"القحطانية 1909" , المنتدى الأدبي " ," حزب اللامركزية " ,"العهد" ,"لجنة الإصلاح ", وتبلور الشعور القومي والرغبة في التخلص من نير الحكم التركي الجائر .(181)
11) تصرفات الإتحاديين ودعاة الحركة الطورانية , ومحاولة المس بالعقيدة الإسلامية وبشخصية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . مثل إلغاء حتمية الصلاة في المدارس الدينية .(182)
12) تذمر القبائل البدوية في الحجاز من تشغيل الأتراك لسكة الحديد في الحجاز , لأنها تقطع عليهم رزقهم في نقل متاع الحجاج .(183)
* نتائج وأبعاد الثورة العربية الكبرى *
1) نظم الشريف حسين وأبناؤه , علي وفيصل , زيد وعبد الله , جيشاً والتف حولهم العديد من القبائل البدوية والمتحمسين في الحجاز واحتلوا جميع المدن من أيدي الحامية التركية .
2) تكوين نواة لجيش عربي من الأسرى العرب والضباط المصريين والعراقيين ساندوا جيش اللنبي القائد الإنجليزي .
3) جاءت الثورة العربية في وقت حرج للحلفاء , فانشغل الأتراك وانزعج الألمان منها , وخف الضغط عن جيوش الحلفاء وألحقت الهزائم بالجند الأتراك .
4) ساهمت الثورة العربية في غرس المسمار الأخير في نعش الإمبراطورية العثمانية , يعترف الكولونيل لورانس في كتابه "اعمدة الحكمة السبعة " بدور الثورة العربية , قال :" لقد كنت أؤمن بالحركة العربية إيمانا عميقا وكنت واثقا قبل أن احضر إلى الحجاز أنها هي الفكرة التي ستمزق تركيا شر ممزق " .(184)
5) انخدع العرب بالوعود العرقوبية المكماهونية وتحطمت آمال الحرية والخلافة على صخرة المؤامرات الإنجليزية والفرنسية والروسية من خلال اتفاقية " سايكس بيكو " 1916 .
6) حاول الأتراك من خلال جمال باشا إيصال نص الاتفاقية للشريف حسين وخاصة بعد أن نشرها الشيوعيون بعد ثورة 1917 .
" يقول جمال باشا:-" بعثت أخيراً إلى الشريف حسين باشا كتاباً صورت له فيه هذه الحقائق وأفهمته حرج مركزه الحاضر وخطره فإذا كان مسلما حقيقياً وكان جامعا لمزايا العرب وخصالها وإحساساتها يقلب للإنجليز ظهر المجن ويؤول راجعا إلى خليفة الإسلام والمسلمين . وإنني قد قمت بواجباتي الدينية راجيا من الله جلّ وعلا أن يلهمه طريق الرشد والصواب والهداية " .(185)
7) ضربت بريطانيا بوعودها للعرب بعرض الحائط وأصدرت " وعد بلفور " الذي يضمن لليهود إقامة وطن قومي على حساب السكان الفلسطينيين , وأسباب إعطاء الوعد تتعلق بسياسة انجلترا الاستعمارية ومحاولة لاستمالة اليهود في ألمانيا والنمسا واليهود الشيوعيين لتستمر روسيا في حربها إلى جانب الحلفاء .(186)
خيب الحلفاء آمال الشريف حسين فنصب نفسه ملكا على العرب (29اكتوبر 1916) وبريطانيا وفرنسا وايطاليا اعترفوا به ملكا على الحجاز فقط وما لبث أن دحره الوهابيُّون بقيادة عبد العزيز بن سعود الذي توج نفسه ملكاً على الحجاز في ( 8 كانون الثاني 1926) .(187)
9) لم تجن الشعوب العربية ثمار الثورة العربية وتمزيق أوصال الدولة العثمانية , وفقط أبناء الشريف حسين وحتى إن فرنسا سارعت إلى انتزاع سوريا من أيدي فيصل وطرده وأجْلَتْ الحسين نفسه إلى قبرص ظل حتى 1930 , حتى أصبح أضحوكة وهدفا للسخرية بين كبار الموظفين الإنجليز (18 , وبقيت المملكة الأردنية الهاشمية الثمن البخس الذي قبضه أبناء الشريف حسين لقاء المشاركة الفعلية بالثورة .
10) بدل العرب الظلم التركي الذي استمر أربعة عقود (1517- 1917) بالاستعمار الأوروبي الغاشم , وبدا واضحا الفرق بين أماني العرب القومية ونوايا الاستعمار الخبيثة المبيتة على نسف نسيج الأمة العربية وتبخر أحلامها وزرع الشقاق بين الأشقاء العرب , واقتطاع فلسطين من خاصرة الأمة العربية ووضعها قلادة في عنق الحركة الصهيونية , واستغلال طاقات الأمة العربية واستخفاف بالعقل العربي والإنسان العربي وتاريخه العميق .
الثورة الفلسطينية الكبرى
(1936- 1939)
* * * * *
كانت الثورة الفلسطينية الكبرى , من اكبر أعمال المقاومة والنضال ضد سياسة الاستعمار البريطانية , في جميع المناطق التي تسيطر عليها بريطانيا العظمى ولا تغيب عنها الشمس , وهذه الثورة لم تتطلب الرد العسكري فقط إنما الجهود الدبلوماسية ونشر الوعود ومحاولة رسم الحدود من جديد . (189)
أ) ثورة الشيخ عز الدين القسام:
ولد الشيخ محمد عز الدين بن عبد القادر القسام في الجبلة – محافظة اللاذقية 1300 هجري 1882 م , درس في الأزهر واشتغل في التدريس والوعظ , قاوم الاستعمار الفرنسي سنة 1920 أقام في حيفا , تولى الإمامة في جامع الاستقلال والخطابة , ورئاسة جمعية الشباب المسلمين .(190)
أخذ الشيخ القسام من على منبر مسجد الاستقلال يحث المسلمين على الجهاد وشراء الأسلحة ومقاومة الاستعمار الإنجليزي قال في إحدى خطبه :-" ... يا أهل حيفا ... يا مسلمون . ألا تعرفون فؤاد حجازي ؟ ألم يكن فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم إخوانكم ؟ ألم يجلسوا معكم في دروس جامع الاستقلال إنهم الآن على المشانق حكم عليهم الإنجليز بالإعدام من أجل اليهود ... أيها المؤمنون أين نخوتكم ....إن الصليبية الفرنسية والإنجليزية والصهيونية ... اليهودية تريد ذبحكم كما ذبحوا الهنود الحمر في أمريكا , تريد أبادتكم أيها المسلمون حتى يحتلوا أرضكم من النيل إلى الفرات ويأخذوا القدس ...."(191)
*أسباب ثورة القسام *
1) رفض الاستعمار البريطاني .
2) الرغبة في الاستقلال أسوة بباقي دول المعمورة .
3) الهجرة اليهودية بضغط من الوكالة الصهيونية إلى فلسطين .
4) استمرار بيع الأراضي وانتقالها للأيدي اليهودية .
5) التدريب العسكري للفرق اليهودية وتهريب الأسلحة .
انطلق الشيخ القسام ومجموعة من أنصاره فقتلت شاويشاً بريطانياً وألقت القنابل على المستعمرات , وفي أحراش يعبد – قرب مدينة جنين – اصطدم بقوة إنجليزية كبيرة وفي معركة حاسمة استشهد الشيخ القسام وأربعة رفاقه وأُسر أربعة آخرون وقتل جندي بريطاني وجرح آخرون .(192)
وقد شيع جثمانه في حيفا بتظاهرة وطنية كبيرة نددت بسياسة انجلترا بإعطاء وطن قومي لليهود (193). وقد حمل على الأكتاف لمسافة أكثر من 5 كم ودامت جنازته ثلاث ساعات ونصف .(194)
*نتائج ثورة القسام*
1) استشهاد القسام كان بمثابة عود الكبريت الذي أشعل الثورة الكبرى 1936 , والحدث الذي شحذ الصدور بالانتفاض .
2) ساهمت الثورة إلى دعوة الأحزاب الفلسطينية للتعاون والائتلاف في سبيل الأهداف الفلسطينية العليا بعيدا عن الحزبية الضيقة والفئوية التي تقصم الظهر .(195)
3) إقامة اللجان القومية .(196)
4) اضطر الزعماء الفلسطينيون انتهاج سياسة ابتعاد عن البريطانيين .
5) ظهرت مجموعات شبابية ثورية في مختلف المدن الفلسطينية , مثل : يافا وحيفا, وطول كرم ,ونابلس , تحرض على الصهيونية .(197)
6) أخذت بريطانيا تطور وتساند زعامة راغب النشاشيبي كي ينافس أسرة الحسينية التي اختارت موقعها في مقدمة الجماهير الساخطة .(19
*الثورة الفلسطينية الكبرى*
*أسبابها *
1) ازدياد عدد العاطلين عن العمل (199).
2) الهجرة اليهودية المتدفقة على أبواب فلسطين تحت عيون الإنجليز وبتشجيع منهم , بلغ عددهم سنة 1935- (61,541 ) مهاجراً(200).
3) بسط اليهود يدهم على أراضي فلسطينية سواء عن طريق انتقال الأراضي الفلسطينية لليهود (201) .
650,000 خلال الدولة العثمانية .
300,000 أراضي منحتها حكومة الانتداب البريطانية لليهود اجر أملاك دولة .
200,000 منحتها الحكومة لليهود مقابل أجر .
600,000 اشتراها اليهود من بعض اللبنانيين السماسرة .
-----------
1,750,000 دونم .
4) رفض الفلسطينيين لفكرة إقامة وطن قومي لليهود وتخوفهم على مصيرهم ومكانتهم وتاريخهم وكيانهم .
5) عدم المساواة بين اليهود والعرب أمام الحكومة البريطانية وقوة اليهود في الحكومة البريطانية مما يقوض آمال العرب القومية (202).
6) عدم وضوح نوايا الانتداب البريطاني (203) .
ازدياد الوعي القومي والفلسطيني وخاصة في ظل حركات التحرر العالمية والشرق أوسطية , يقول الشيخ سلمان التابعي الفاروقي , يعبر عن الوحدة الإسلامية المسيحية الفلسطينية في سبيل دفع الأخطار عن عيون الوطن (204).
- يا فلسطين تباركتِ حِمىً كلّ من يبغيك بالكيد يخيب
- لست أرضا أنت بل انت سما مهد عيسى فيك الأقصى المهيب
- يأزر النصران فيك مسلماً يفديك هلال و صليب
انطلاق الثورة وأعمالها :
في 20 ابريل في نابلس جبل النار أعلن عن تأليف لجنة قومية دعت إلى الإضراب العام وفي 25 ابريل اجتمعت الأحزاب برئاسة الحاج أمين الحسيني , الذي ساند الأحزاب انتشر في جميع القرى والمدن الفلسطينية كانتشار النار في الهشيم .
أعمال الثوار :
أ. الامتناع عن العمل – استمر 6 اشهر .
ب. مهاجمة المستعمرات .
ج. مهاجمة مراكز الشرطة الإنجليزية .
د. تدمير خطوط سكة الحديد والجسور .
هـ. الاشتباك مع الجنود وأفراد الشرطة الإنجليز ووقوع معارك طاحنة
أسفرت عن خسائر من الجانبين .
و. مقاطعة لجان التحقيق البريطانية .
ي. استرجاع مناطق كاملة من أيدي الإنجليز.
* الكتاب الأبيض 1939 –
- إلغاء فكرة التقسيم .
- تقييد الهجرة اليهودية .
- استقلال الدولة الفلسطينية خلال 10 سنوات .
- تقييد انتقال الأراضي العربية لليهود .
* تراجع الإنجليز جاء للأسباب التالية :-
- شدة قوة الثورة ، والالتفاف الجماهيري حولها من المدن والريف .
- التوتر في أوروبا عشية الحرب العالمية الثانية .
- الرغبة في امتصاص الغضب الفلسطيني وكنوع من المراوغة الثعلبية .
الإرهاب الإنجليزي ورد فعله على الثورة
1) إقامة الحواجز والتفتيش .
2) العقاب الجماعي للقرى .
3) السجن .
4) التعذيب الذي لم يشهد التاريخ البشري أبشع منه :
" جابوا إبريق تنك قعدوه , ظهره عليه وطلع واحد صار يمشي على صدره , يطيح في ظهره لبريق في اللحم وقتها بقولهم عندي سلاح"(205).
والضرب المبرح , تكسير الأسنان , سحب الأظافر ...
5) استعمال الشباب الفلسطيني كدرع واق من الثوار .
6) تخريب الأملاك والبيوت والمؤن .
7) إعدام كل من يملك البارود أو الرصاص .
النفي .
9) هدم البيوت .
10) هدم أحياء كاملة , كما حدث في يافا القديمة لحجة أن الحي قلعة لا تجرؤ القوات على دخولها , مما أدى إلى تشريد عشرات العائلات(206).
* نتائج الثورة*
1) خسائر الفلسطينيين(207) :-
5000 شهيد. 15,000 جريح . 5,600 سجين .
أما خسائر الإنجليز فكانت مقتل 16 رجل شرطة و22 جندياً وجرح 10 رجال شرطة و148 عسكرياً ومقتل 80 يهودياً وجرح 308 من اليهود .
2) الثورة الفلسطينية ساهمت في صقل القومية الفلسطينية .
3) المقترحات السياسية الإنجليزية كانت تحاول إجهاض الثورة والفتّ في ساعدها – وزرع الشقاق بين الأشقاء الفلسطينيين .
4) ظهور شخصيات فلسطينية وعربية شاركت في الثورة كرموز بطولية مثل عز الدين القسام .
5) وقعت الدول العربية تحت الضغوط البريطانية لإطفاء لهيب الثورة مثل الأردن, العراق, السعودية.
6) ملاحقة الفرنسيين للثوار الذين التجئوا إلى لبنان وسوريا وقطع خطوط الإمداد للثوار .
7) أرهق القتال الطويل المقاتلين الفلسطينيين .
الخسائر الاقتصادية كانت فادحة نتيجة الإضراب والعقاب الجماعي للقرى والمدن الفلسطينية .
9) استشهاد الكثير من القادة الثوار .
10) بداية الحرب العالمية الثانية ساهم في نهاية الثورة .
11) مقاومة الجيش الأردني للثوار مثل يوسف أبو درة .(20
12) انعدام التوازن العسكري بين الفلسطينيين والإنجليز .
13) دعم بعض القوات اليهودية للإنجليز وخاصة من خلال الحراسة للمرافق الاقتصادية (209).
14) انتشار ألوان الغناء الشعبي الذي يخلد أبطال الثورة(210) ( انظر الملحق رقم 2)
ثورة يوليو 1952
الضباط الأحرار
* * * *
" كنا نقول : نحن الشبح الذي يؤرق به الطاغية أحلام الشعب , وقد آن لهذا الشبح أن يتحول إلى الطاغية فيبدد أحلامه هو ... "
جمال عبد الناصر
فلسفة الثورة
مما لا شك فيه أن ثورة الضباط الأحرار في مصر تركت بَصماتها , ولا تزال على الأمة العربية وعلى القارة الأفريقية , لم يسجل التاريخ العربي الحديث بطلا قوميا وطنيا يقف في وجه الإمبريالية مثل : جمال عبد الناصر.
رغم الفشل العسكري الذي مر به عام 1967 ظل حتى بعد مماته قدوة للكثيرين , ويفتقده بعضهم في ذروة الأزمات والخنوع العربي للبيت الأبيض , والتشرذم العربي المحزن .
أسباب الثورة
1) استغلال الطبقة البرجوازية والإقطاعية للفلاحين, وخاصة أن جمال عبد الناصر ينتسب إلى قرية بني مر, إحدى قرى الصعيد المصري(211).
2) الاستهتار الإنجليزي بالشعب المصري , وحتى بالملك فاروق وخاصة عندما قام السير " مايلز لا مبسون " بمحاصرة القصر وإذلال الملك في 4 فبراير 1942.(212)
3) التبذير والفسق الذي غرق به الملك فاروق وحاشيته في القصر .
4) حرب فلسطين والحصار في الفالوجة , أثار سخط الجيش والشعب .
5) الاستهتار بمطالب الجنود المصريين مثل حل مجلس إدارة نادي ضباط الجيش فقد شعر جمال عبد الناصر إهانة وبمس بكرامتهم وكرامة الشعب.
6) التكاتف بين فئات الشعب المصري ومن ضمنهم حركة الأخوان المسلمين والتي جندت عددا كبيرا من الشباب للدفاع عن فلسطين , كان للجيش المصري 12 كتيبة مشاة في فلسطين عام 1948 وكان لحسن البنّا 3 كتائب مشاة تقاتل مع الجيش المصري , ولكن رئيس الوزراء وبإيحاء من الملك فاروق الذي لوح له الإنجليز بخطورة الإخوان المسلمين (213) فقام بحل حركة الإخوان المسلمين وبعدها تم اغتيال الإمام حسن البنّا 12-2- 1949 - مما زاد من سخط حركة الإخوان والشعب المصري . ويشار إلى أن عبد الناصر نفسه قام بتدريب مجموعة من شباب الإخوان على استعمال الأسلحة .(214) وعندما نفذت الثورة 22-23 يوليو 1952 بواسطة 99 ضابطا من ضباط الجيش معظمهم من الإخوان (215).
7) رغبة المصريين بالحصول على الاستقلال الحقيقي والتنصل من
التبعية والهيمنة الأمريكية – البريطانية .
اقتصار السياسات البرلمانية على نخبة صغيرة من الشعب (216) .
9) رفض بريطانيا الانسحاب من قناة السويس .
10) القضاء على الفساد الداخلي كما وضح قادة الثورة للسفارة البريطانية في القاهرة (217) .
نتائج الثورة
1) سيطرة الضباط وكانوا حوالي الألف على مرافق الدولة الحيوية .
2) ملاحقة الحزب الشيوعي والزج بأعضائه في غياهب السجون .
3) إلغاء الملكية والقضاء على أُسرة محمد علي باشا .
4) فك الشراكة مع الإخوان المسلمين الذين رأى بهم جمال عبد الناصر خطراً على مجلس الثورة ولا سيما أنهم يملكون تنظيما دقيقا مبني بشكل هرمي ويملكون السلاح والإرادة , فقد ذاقوا أبشع صنوف العذاب ... والتجويع ...والاعتقال وتهديد الأهل , استعمال أساليب البطش والضغط على الأُسر والزوجات ليطلبن الطلاق من أزواجهن المسجونين . (21
5) تشجيع حركات التحرر الوطنية في العالم العربي .
6) إقصاء محمد نجيب عن الحكم عام 1954 بسبب الخلاف مع عبد الناصر وكان عبد الناصر هو الحاسم والآمر في مصر .
7) توزيع الأراضي على الفلاحين الصغار ومصادرة أراضي الملاكين الكبار الذين ازدادوا غنىً على أكتاف الشعب المصري .
تأميم قناة السويس , مما أدى إلى حرب السويس 1956 العدوان الثلاثي على مصر ( إسرائيل – فرنسا – بريطانيا ) رغم نجاح الدول عسكرياً إلا أنهم فشلوا سياسياً , حيث أدانت كل من روسيا والولايات المتحدة الهجوم وكانت الأزمة نصرا لعبد الناصر وسياسته مما رفع من مكانته في العالم الثالث .(219)
9) إنشاء سد السويس لتأمين حاجة مصر من المياه وإيقاف الفيضانات المدمرة , إقامة محطات لتوليد الطاقة , تطوير طرق المواصلات النهرية , استغلال بحيرة ناصر , كمصدر للثروة السمكية وجذب للسياح مما ينعش خزينة الدولة(220), وقد قارن المصريون إنجازه في عهد عبد الناصر كأهرامات مصر بالرغم من بعض السلبيات التي رافقت إنجازه .
10) حاول عبد الناصر تطبيق الوحدة مع سوريا 1958- 1961 لكن الفكرة فشلت .
11) قاد عبد الناصر سياسة عدائية تجاه إسرائيل .
12) هزيمة حزيران 5. 6 . 1967 , اعتقد عبد الناصر بأن بإمكانه الانتصار عسكريا على إسرائيل لكن المفاجأة أن سوريا ومصر والأردن تحطمت جيوشهم أمام جيش الدفاع الإسرائيلي فخسرت مصر شبه جزيرة سيناء , والأردن للضفة الغربية , وسوريا للجولان .
وكانت لهذه الحرب تداعيات كبيرة لا تزال تثقل كاهل الشعوب العربية, ولا تزال إسرائيل تحتل الضفة الغربية والجولان السوري , ولم تنجح الدول العربية باسترداد هذه المناطق لا سياسياً ولا دبلوماسياً ولا عسكرياً وقد قدم عبد الناصر استقالته ولكن المظاهرات الشعبية أدت إلى سحبه للاستقالة (221).
كتب محمد حسنين هيكل:- " إن التاريخ سوف ينصف جمال عبد الناصر حتى في هزيمة سنة 1967 .. ابسط ما سوف يقال عنه ! أنه رجل تحمل المسؤولية بشجاعة , وتقبل الحساب عنها في كبرياء .
ومَثل كرامة وإرادة أمة بأسرها في يوم من أحلك أيامها وكان وسط الظلام والعواصف والمؤامرات الدولية " .(222)
13) ظهر جمال عبد الناصر كصاحب رغبة عامة في النفوذ , وتقديس لشخصه (223) .
14) حاول عبد الناصر إن يزعم المثلث العربي والإسلامي والإفريقي كتب في كتابه فلسفة الثورة :- " أيمكن إن نتجاهل أن هناك دائرة عربية -, وأن هذه الدائرة منا ونحن منها , امتزج تاريخنا بتاريخها وارتبطت مصالحنا بمصالحها ... أيمكن أن نتجاهل أن هناك قارة افريقية شاء لنا القدر أن نكون فيها ... أيمكن أن نتجاهل أن هناك عالما إسلاميا تجمعنا وإياه روابط لا تقر لها العقيدة الدينية فحسب , وإنما تشهدها حقائق التاريخ"(224) .
15) عام 1953 شرعت إذاعة القاهرة ببث برامج تحت اسم " صوت العرب " بغرض إعلاء شأن عبد الناصر ومحاربة وفضح وكلاء الاستعمار أمثال ( الملك حسين , كميل الشمعون , ونوري السعيد ) وكانت تحث على اغتيال بعض الزعماء المشبوه بهم , وقد لاقت هذه المحطة رواجا كبير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق