*لم ننتظر صدور روايتها الجديدة "تراحيل
الأرمن" للكاتبة ميسون أسدي، حتى نعطيها شهادة الأممية بكفاءة، فمعظم
كتاباتها السابقة في جميع المجالات إن كان للكبار أم للصغار، دلت وبجدارة على
أمميتها الحقيقية.. ولم تنتظر الكاتبة نفسها هذه الشهادة، فهي تبدع دون أن تفكر
بذلك وجميع افكارها تنبع من مبدئيتها الحقّة.
رغم كل ما ذكرناه، يبقى هناك سر وراء اختيار
كاتبتنا للأرمن، لماذا الأرمن بالذات؟! عن هذا الأمر وأمور أخرى تدور حول روايتها
الجديدة "تراحيل الأرمن" أجرينا هذا اللقاء مع الكاتبة ميسون أسدي.
** سأبدأ
معك من السؤال الذي يسأل عادة في آخر كل لقاء.. بعد روايتك الأخيرة "تراحيل
الأرمن" ماذا تعدين لنا اليوم، أو ماذا في جعبتك من إبداع أدبي؟
-
انتهيت مؤخرا من مجموعة قصصية اعتمدت على
حوادث جرت لي ولبعض المبدعين، وتتلخص في معاناة المبدعين تجاه المجتمع والمؤسسات
التي ترعى الابداع.. وفي نفس الوقت أضع اللمسات الأخيرة على مجموعة قصص للأطفال،
بأسلوب جديد غير المتعارف عليه في أدب الأطفال.
**
ماذا تعني الكتابة لك؟
-
الكتابة ممتعة
المذاق، وانا مجتهدة ومهووسة بها، فالكتابة متنوعة كأنواع القهوة ومذاقها، اتمتع وانتشي
واحلق عاليا مع الكتابة، فعملية الكتابة عندي مثل احتساء فنجان قهوة قبل طلوع الصباح وانت تستمتع لصوت زقزقة
العصافير، فالكتابة عندي متعة لا تضاهيها أي متع اخرى.
** لنعد إلى روايتك الجديدة "تراحيل
الأرمن" وهي ثاني رواية بعد "مثلث توت الأرض".. لاحظنا أنك في
الرواية الأولى ذهبت بعيدا إلى منطقة المثلث، هذه المنطقة التي لم ترد في الأدب
المحلي.. وها أنت اليوم، تبتعدين أكثر وتبحرين مع الشعب الأرمني، فما هو سر
الابتعاد عن واقعك الحقيقي؟
-
في الحقيقة أنا لا أبتعد عن واقعي الحقيقي،
فأهل المثلث هم جزء من شعبي الفلسطيني، ولا يوجد سر في اختياري للأرمن. كل ما
هنالك، أن البعض لا ينظر خارج دائرة رسمها لنفسه، وهي أما تكون طائفية أو عائلية،
على اعتبار أننا مجتمع قبلي، لا يرى القبائل الأخرى..
في البناية التي أسكنها، تعرّفت على أول
امرأة أرمنية، ومن خلالها تعرفت على عائلتها ومن ثم على العديد من الأرمن في حيفا
وخارجها، وقد لمست التميز لهذا الشعب الذي يعاني من اللجوء والترحال الدائم، مثل
الشعب الفلسطيني تمامًا، ومن قصص الترحال هذه، نسجت قصتي، التي تدور أحداثها
الحقيقية خلال (24) ساعة في حيفا.. وتحديدا في يوم احتفال "مباركة
العنب" لدى الأرمن، ومن خلال هذا الاحتفال، ننطلق إلى جميع أماكن تواجد
الأرمن وقصص نجاحهم وانتكاسهم..
** هل يعني هذا أن الرواية هي توثيقية حسب رأيك؟
-
القصة الأساسية وعمودها الفقري، هما من بنات
أفكاري، وهذا لا ينفي اعتمادي على بعض القصص الحقيقية والتاريخية في بعض الأحيان.
** ماذا تقصدين بالعمود الفقري؟
-
في كل قصة أكتبها، أبحث عن قالب جديد ومبتكر،
لأضع من حوله ومن خلاله لحمة القصة، وهذا الأمر ليس بالسهل، فإذا لم يكن العمود
الفقري ثابت ومتين، لن تكون هناك قصة، أو ربما ستكون قصّة مفككة ومهرولة.
** ما هو المميز في هذه الرواية؟
-
لا أدري أن كان الأمر مميز أم لا، لكن عندما
طرقت الفكرة باب قلبي وعقلي، أخذت أجمع العديد من القصص حول الشعب الأرمني، وقد
أخذ منّي هذا الأمر أكثر من أربع سنوات، وباكتمال الصورة، أو عندما اعتقدت بأن ما
جمعته أصبح كافيًا، شعرت بسعادة كبيرة، من مجرد معرفتي لهذه القصص، وأردت أن أشارك
قرائي بهذه السعادة، وبصراحة كنت خائفة من نفسي، وعدم نجاحي بنقل نفس المتعة
المعرفية والعاطفية التي أخذتها أنا للقراء، إلى أن وجدت القالب المناسب وهو ما
أسميه العمود الفقري، وخرج الأمر بشكل جديد.. وهذا ما أعتبره المميز بهذه الرواية،
فأنا لن أدعي بأنني أول من كتب عن الشعب الأرمني بشكل قصصي باللغة العربية، فقد
سبقني الكاتب السوري الكبير حنا مينا بروايته "الفم الكرزي" وربما آخرون.
** هل يوجد بطل لهذه الرواية، أم أن الشعب الأرمني
هو مركز الحديث؟
-
الأمران موجودان، فهناك بطل رئيسي للرواية
ومن خلاله نتعرف على جميع الأبطال، وطبعا نتعرف أكثر على الشعب الأرمني في جميع
أماكن تواجده.. والأمر الأهم هو أن القارئ يتعاطف مع هذا الشعب بكل تحولاته وجميع
تراحيله، إن كان ذلك في نجاحه أم في نجاحه، فبعد أن يغوص القارئ في الرواية، يصبح
جزء منها وكأنه أحد أفراد هذا الشعب وليس غريب عنه.
** وهل بطل الرواية هو شخص حقيقي أم هو من بنات
أفكارك أيضا؟
-
بصراحة، بطل الرواية هو شخص حقيقي، وهو جزء
من العمود الفقري، الذي بنيته، لكن الأحداث معظمها مركبة عليه وحوله، وهنا يكمن
جمال هذه الرواية، فلو قرأ البطل نفسه هذه القصة، سيصاب بدهشة كبيرة، فكثير من
الأحداث لا يعرفها، أو ربما يعرفها لكنه لم يروها لي، والمدهش والمفاجئ أكثر، هو
كونه جزء من هذه الأحداث التي لم يرويها.
** إذًا، نحن بصدد رواية شيّقة وممتعة؟
-
أتمنى ذلك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق