مدونة الأديب سهيل ابراهيم عيساوي , تعنى بقضايا الأدب والفن والمسرح والثقافة والأدباء في العالم العربي والاصدارات الادبية ، أدب الأطفال ، النقد ، مقالات ، دراسات ، جوائز أدبية ، ورصد الحركة الأدبية المحلية .بامكانك ايها الكاتب اثراء المدونة بنتاجك الأدبي وأخبارك الثقافية ،من خلال مراسلتنا على البريد الالكتروني : sohelisawi@yahoo.com ص .ب 759 ، كفرمندا 1790700 ، هاتف نقال 0507362495 المواد المنشورة في المدونة لا تعبر بالضرورة عن راي صاحب المدونة
الأحد، 3 يناير 2010
ديوان : عندما تصمت طيور الوطن للشاعر سهيل عيساوي 2009
عندما تصمت
طيور الوطن
قصائد
سهيل إبراهيم عيساوي
تقديم الأديب المغربي: محمد داني
2009
عندما تصمت طيور الوطن
مجموعة شعرية
الطبعة الأولى - كانون ثانٍ 2009
تأليف:
سهيل إبراهيم عيساوي
ملاحظة:
هذه القصائد كتبت بين السنوات 2004-2008
لوحات داخلية:
للفنان الشاعر يعقوب احمد يعقوب
حقوق الطبع محفوظة ©
كلمة الناشر
في دار الميسم للطباعة والنشر, نراهن على الحرف المضيء الذي يبدد الظلام وينير وحشة الدرب , الكتاب عصارة جهد وتفكير ودراسة وتواصل إنساني من جيل إلى جيل , والكتب النافعة من أهم الثروات التي تخـتزنها الإنسانية, من خلال عملنا , نحرص كل الحرص على رصد الحركة الأدبية والثقافية والفكرية في البلاد, ودعم الأدباء من خلال إصدار الكتب وطباعتها وتوزيعها, وإقامة الندوات الثقافية. وهدفنا الأول المساهمة في تدعيم صرح الثقافة المحلية, ومحاولة تصديرها إلى خارج حدود الوطن.
قرارنا بإصدار كتاب الأستاذ سهيل عيساوي لم يكن وليد فراغ أو محض صدفة, إننا نـتابع إصداراته المتنوعة والغزيرة والتي تُـثري المكتبة العربية في البلاد والخارج.كما سبق أصدرنا وصممنا له كتاب "ثورات فجّرت صمت التاريخ الإسلامي" عام 2005 , والذي لاقى استحسان القراء والباحثين وعشاق التاريخ.
عماد بشناق
مقدمة
الذي أثار انتباهي عند هذا الشاعر الأديب الفلسطيني ، سهيل عيساوي، هو مواكبته للأحداث، وغزارته الإنتاجية، وتنوعه الفني والأدبي...
كثير السفر والإبحار في الكلمة الأدبية الجميلة. إذ نجده يتنقل كالفراشة السعيدة، وكالنحلة النشيطة من زهرة إلى أخرى. فنجده مبحرا في كل الأجناسيات تقريبا. نجده في المقالة، والخاطرة، والتأملات، والتاريخ، والقصيدة.
وهذا إن دل على شيء ، فإنما يدل على عشقه الكبير للتحليق في عالم الكتابة والأدب . كما نـتبـين – نحن كمتلقين- أنه مثل السمكة لا يمكنها أن تعيش خارج الماء. فسهيل كذلك لا يمكنه أن يعيش بمنأى عن الكتابة، وخارج حدودها. وهو العاشق للكلمة، والكتابة، والبحث، والتأريخ حتى النخاع.
إنه يفاجئنا بين الفينة والأخرى بجديده المتميز. فبعد( وتعود الأطيار إلى أوكارها)، و( فردوس العاشقين)، و(تشرق أسطورة الإنسان)، و(قصائد تغازل الشمس)، ها نحن أمام إضمامته الخامسة. فقد اختار لها كعنوان دال ، ومتميز: ( عندما تصمت طيور الوطن).
إنها مجموعة شعرية مغايرة من حيث الشكل لما سبق. خاصة عندما نعلم أن الوطن الفلسطيني فقد كثيرا من طيوره التي صمتت صمتا أبديا.
نعم... إن سهيل عيساوي، صوت شاعري ، فلسطيني، حداثي ، شاب ، جديد...هذا لا ينكره أحد...واستطاع أن ينحت اسمه بين أسماء فلسطينية كبيرة... كالشاعر صالح زيادنة، والشاعر يعقوب أحمد يعقوب، والشاعر كاظم إبراهيم مواسي، والشاعر عصام الديك، وغيرها من الأسماء الفلسطينية اللامعة.
والجميل أننا نراه في هذه المجموعة الشعرية ( عندما تصمت طيور الوطن)، ينبعث من رماده كالفينيق ، خاصة وان كل قصائد المجموعة كتبت في فتـرة زمنية تمتد على أربع سنوات، أي بين 2004 و 2008، كما حددها الشاعر نفسه كملاحظة على صفحات المجموعة الشعرية.
وعندما نراجع هذه السنوات، نجدها ليست سنوات عجافا، بل سنوات حابلة بالأحداث، والقضايا... سنوات عرف فيها عالمنا العربي نكبات، ونكبات...
وسهيل عيساوي كان القلب المفجوع على هذه الأمة، أمام هذه النكبات والضربات القاسية، والتي كانت تحت الحزام ...وكان العين اللاقطة لكل الصور الدامية. وكان– أيضا - اللسان المعبر عن آلامها وآهتها، وحردها.
هذا يجعلنا ننعته وبكل فخر، أنه شاعر إنساني بامتياز... وشاعر قومي، ووطني بلا منازع.
والسؤال المطروح: لم هذا العنوان( عندما تصمت طيور الوطن).؟ من هي هذه الطيور؟ وما ذا يقصد بهذا العنوان وإلى ماذا يرمز إليه ؟.
إن الطير من صفاته الزقو والإنشاد... والشاعر من طبعه الزقو والإنشاد...وعندما يتألم يصمت. وطبيعي أن لكل وطن طيوره المهاجرة والقاطنة... وسهيل عيساوي واحد منها...
لكنه لا يلبس ثوب النرجسية، والتعالي، والعنجهية... بل نجده يوظف شعره وشاعريته لتمجيد هذه الطيور، أو تأبينها عند صمتها الأخير...وهذا ما يجعل منه شاعرا إنسانيا ، وقوميا، ووطنيا...
نعم... صمت طيور الوطن يجعلنا نـتحسر... ونبكي... ونـتذكر... ونـتـرحم... ونؤبن... إننا نـتـذكر من خلال هذا العنوان الرمزي طيورا كثيرة صمتت،من: هارون رشيد،وبسيسو،وكنفاني، وطوقان،السنتيسي، إلى درويش... وغيرهم.
فهذه الطيور حملت القضية الفلسطينية، والعربية، وغنت للقضية، ودافعت عنها بشعرها و قلمها، ومواقفها... وأسمعت صوت الأرض لكل الأرض...
لكن ما ذا يحدث عندما تصمت طبيعيا أو قهريا هذه الطيور؟...
يكون الألم، وتكثر المفارقات، وتكثر أوجاع الوطن...
هل يمكن أن نقول : إن هذا العنوان( عندما تصمت طيور الوطن)، هو عبارة عن بكائيات وتأبينات الشاعر سهيل عيساوي على أوضاع الأمة، ورفقاء الدرب؟. هل هو نوع من النحت على الذاكرة حتى لا يتم النسيان، والتغاضي؟ وبالتالي يكون الانفلات، والمحو التدريجي؟...
إن سهيل عيساوي في داخله يكمن الشاعر المؤرخ... لذا يهتم بطيور وطنه، ويخلدها بشعره.... وهذا كله جانب من جوانبه الوطنية والإنسانية، والقومية في شعره..
عندما نتجاوز عتبة العنوان، والتي تبقى مفتوحة على التأويل، والتمثل والتفسير، والخاضعة للظرفية الزمانية. نجدنا وجها لوجه أمام الجواب عن العنوان. أي أننا نصل إلى النتيجة الحتمية.
هذه الإجابة نجدها تـتـركز في المجموعة الشعرية، مكونة ل أربعة أبواب، معنونة بعنوان رئيسي. وكل باب يتضمن مجموعة من القصائد . وهي كالتالي:
الباب الأول: قصيدة تحية البرق.
ويشتمل على القصائد التالية: ( القصيدة –العمر- اللص- إلى جيش عربي- إلى ولدي إبراهيم- الفتنة المذهبية- شهر رمضان المبارك- المرض الخبيث- عكا- البورصة- المعلم- العيد).
الباب الثاني: أوجاع الوطن المعتقة.
ويشتمل على القصائد التالية: ( قارب العروبة- أنفاق غزة- أغنية للقدس- يقف المنصور على أبواب بغداد- أنا لا أشتهي رائحة الموت).
الباب الثالث: دمعة تجثم على عتبة الأيام.
ويشتمل على القصائد التالية: (في رثاء عنقاء الشعر-عندما تصمت طيور الوطن- أمام عجلات الزمن- وتشتاق إليك الأيام- عندما يموت الفقراء- دم الحسين ينتفض في كربلاء- شوارع موقوتة – ودعاً أيها المعلم).
الباب الرابع: الشاعر في مرآة الشعراء.
وهو باب خاص ، أثبت فيه الشاعر سهيل عيساوي القصائد التي قيلت إليه أو أهديت له من طرف شعراء عرب آخرين.
ويتضمن ثلاث قصائد: ( قلب الأسد للشاعر يعقوب أحمد يعقوب- كل عام وأنت عيد يا سهيل للشاعرة ريم البان، رسالة إلى سهيل – محمد داني ).
والمجموعة الشعرية رغم صغر حجمها، إلا أنها كبيرة في دلالاتها، ومضامينها، وفنيتها. فهي تشتمل على 25 قصيدة من قصيدة النثر.
وعندما نقف إليها نجدها تتضمن الموضوعات أو التيمات التالية:
1- الرثاء والتأبين: إن الشاعر سهيل عيساوي لا ينسى أبدا أصدقاءه، وخلانه، وأبناء وطنه من باعوا نفسهم فداء لهذا الوطن. ودافعوا عن القضية بكل ما لديهم. فعندما أعلنت في العالم كله نبا وفاة الشاعر الكبير محمود درويش، اهتز صرح الشعر، وسال مداد كثير لفقدان هذا الشاعر العظيم، وكان سهيل عيساوي واحدا من الذين رثوا الشاعر الفقيد بشعره، فأفرد له قصيدة في هذه المجموعة تحت عنوان ( في رثاء عنقاء الشعر). فينعته فيها بالفارس الأول، والشاعر الأول، وانه لم يمت بل هو حي ما دام بيننا شعره الخالد. وأنه كلما ذكرنا القضية الفلسطينية إلا وذكرنا اسمه وشعره.
هكذا يلقب سهيل عيساوي درويش بالطائر والحسون. فعلا إنه حسون فلسطين، وطائرها الشادي.
كما نجده يفرد قصيدة مرثية يهديها لروح صديقه ( ماجد عليان) الذي وافته المنية بتاريخ 27/9/2008،وبين فيها أن فلسطين كلها جريحة لفقدان هذا الشاعر المعلم الصديق. والجميل أنه يناديه في قصيدته بأسماء وصفات عديدة كلها تنم عن حب، وتقدير، ووفاء، مثل:( ماجد الشعراء- صديق- شعلة- قلب- فارس- المعلم- الشاعر- صديق الناس).
كما نجد تأبين ورثاء في فقدانه محمود عيساوي الأخ والصديق.
وهذه الرثائيات، نجدها تنفطر ألما، ولواجع على هؤلاء الراحلين لما طبعوا به حياته، وأثروا فيها، وأثروا شاعريته، وإنسانيته.
2- النزعة الإنسانية: تمتاز قصائد سهيل عيساوي بإنسانيتها، وتصوير محنة الإنسان الفلسطيني خاصة، والعربي هامة... وهذا دليل على رقة مشاعره، ورهافة حسه، وطيبة قلبه، وإحساسه الكبير بالهم العربي، والفلسطيني. أي الإحساس بالهم الإنساني عامة.
هذه النزعة نجدها في أبهى صورها في قصيدتيه ( عندما يموت الفقراء) وهي مهداة إلى أرواح ضحايا الانهيار الصخري في جبل المقطم بالقاهرة، و ( المرض الخبيث)، وهي مهداة إلى ضحايا الأمراض الخبيثة في العالم.
3- المحنة والأزمة العربية: وقد افرد لهذه الموضوعة مجموعة من القصائد الجميلة. ففي قصيدة ( قارب العروبة)ن نجده يتحدث عن المجد العربي بشيء من الحسرة. فيذكرنا بعمورية، و موقف المعتصم من العلج الدمستق، وكيف لبى استغاثة المرأة العمورية بإرسال جيش أوله في عمورية وآخره في سامراء. ويحيلنا في فنية كبيرة إلى واقع الحال الذي تعيشه الأمة العربية والنكسات التي تعرفها.
كما أنه يفرد للقضية العراقية، ومحنة بغداد الجريحة قصيدة ( يقف المنصور على أبواب بغداد)، حيث يصور لنا أبواب بغداد واستيلاء الأعاجم على كل أبوابها. كما يعطينا صورة دامية عن آلام وجرح بغداد، فنجده يصرخ على بغداد ومحنة بغداد قائلا:
بغداد يا ضلع العروبة المكسور
ويا قلب الإسلام المكلوم
ويا هبة الله المسروقة من صدر أم رؤوم
تمزقت بردة الإسلام
وعباءة العروبة المثقوبة
تغطي شعاع الشمس
4- القضية الفلسطينية: لم ينس سهيل عيساوي أنه واحد من أبناء فلسطين البررة، وأن هذه الأرض المعطاء تستوجب عليه الدفاع، والكرامة. ولذا خص القضية وفلسطين بثلاث قصائد، هي: ( عكا)و ( أنفاق غزة) ، و( أغنية للقدس)، حيث نجده يتغنى بجمال القدس، وعكا، ويبين قدسية المدينتين، دون أن ينسى إعطاءنا صورة تاريخية للقدس وما عرفته من أحداث تاريخية لن تنسى ، فالقدس لن تنسى دخول عمر بن الخطاب وتسلمه مفاتيحها، وكما لا تنسى دفاع صلاح الدين عنها، وهزم الصليبيين في معركة حطين.
كما نجده يعطينا صورة دامية ، موجعة لغزة وما تعانيه غزة وسكانها من حصار ، وتجويع ، وتقتيل، وتدمير، وهذا كله يجعلنا نجزم أن سهيل عيساوي شاعر إنساني ، ووطني .
وفي هذه المجموعة الشعرية، نجد أن سهيل عيساوي قد برع في قصيدة النثر، وعبر بها عن مضامين إنسانية وفنية، وسبغ عليها من أحاسيسه، ومشاعره، ووجدانه، الشيء الذي أعطاها بعدا فنيا وجماليا.
ورغم أنه اعتمد على قصيدة النثر، فإنه وفر لقصائده نوعا من الإيقاعية، والموسيقى الداخلية، والمتمثلة في تناسق الحروف، وتآلف الصور، وتطابق المدلولات، ومنطقية العرض،وصدق الإحساس، ورهافة الحس.
كما أنه اهتم باللغة اهتماما كبيرا، فاختار كلماته من معجم شعري، امتاز بالوضوح، والابتعاد عن غريب اللفظ ووحشيه،ودلالة الصورة وحسنها وفنيتها.
هذا كله يبين أن سهيل عيساوي شاعر كبير يهتم بشعره، وقضاياه، اهتماما ينم عن ذوق كبير. ولا أجد غير أن أشد على يده بحرارة لما يقدمه للمكتبة الشعرية العربية من خدمات جليلة.
وأتمنى له التوفيق في مساعيه ...
محمد داني
الدار البيضاء: 1/1/2009
القصيدة
تَلهو مع الحَسُّون
تنزَلِقُ على ضفائِرِ الشَّمْس ِ الذَّهَبِيَّةِ
تنبِضُ في رحم ِ الوجَع ِ
تتدفَّقُ في شرايين ِ الإنسان ِ
تربِضُ في حُنْجَرَةِ شاعِر
يغنّي لِمَرايا الأمل ِ
لزيتونةٍ تؤرّخُ تعثُّر الأيّام
العمر
يمر العمرُ مثلَ عصفورٍ مِسكين
يحلِّقُ بَيْنَ فَكَّي طائر ٍ جارِح
جُرْعَة ُ ماءٍ في الرُّبْعِِ الخالي
تضيعُ على حافَّةِ لِسان ِصائم
ومضة ُ برقٍ في كانون
ورقة ُ تينٍ تشهدُ الموسِمَ
ولا تَشْهَدْ
العمرُ زجاجة ُ عطرٍ
يُبَعثرُ الهواءُ شَذاها
اللص
يَسرِقُ كرياتِ الدَّم الحمراءِ
من شرايينِ الفُقَراءِ
ورغيفَ خبزٍ فاغراً فاهُ
يحتضِنُ الهواءَ
يخطِفُ ابتسامةَ طفل ٍ
يحلُمُ بدميةٍ للعيدِ الكَبير
يستلُّ النومَ من عُيون ِ الليلِ
والريحُ تَأتي، ولا تَقرَعُ الأبوابَ
بألف ذراع ٍ, تأخذ ُ أمانََتها
إلى جيش عربي
يدوسُ الثَّرى بعلياء متعثـِّرةٍ
بثوبٍ زائفٍ
تُثقِلُ النياشينُ خطواتِهِ السلحفائيـَّة
نصفُهُ جنرالاتٌ
والنـِّصفُ الآخرُ ضباط ٌ برتبةِ شرف !
يحتلُّ شاشاتِ التـِّلفاز
يغتصِبُ بحورَ الشِّعر
يخنِقُ الأغنياتِ في أوردةِ الحَناجر
وتصفـِّق الجموع بأصابعَ بلاستيكيَّة
تقرَعُ طبولَ الحَرْبِ
تَنـْتَكِسُ البيارقُ
والجَيْشُ بين قـَتيلٍ .. وجَريح ٍ .. وأسير ٍ
وفار ٍ.. ولقيطٍ ..
إلى وَلدي إبراهيم
انتظرناكَ طويلا ً
لنحتفلَ مع الأيّام ِ
نـَخْبَ حُضورِكَ البَهيِّ
تكْبُرُ على ضَوْءِ القَمر
ويتسرَّبُ الأملُ إلى حُجيراتِ قلوبـِنا
إبراهيم ُ ! أخافُ عليكَ وَشْوَشَة َ الشَّمْس ِ
هَمْسَ الرِّيح ِ
بعوضة ً تطبعُ على خَدِّكَ الأيسر ِ
قبلة َ الضَّياع
يلبسُ الليلُ ثيابَهُ
أقصُّ عليكَ حكايَة ً
ينتصرُ فيها الخيرُ على الشَّرِّ
الفتنةُ المذهبيـَّة
تنامُ الفتنة ألفَ عام في كهفِ الظـُّلماتِ
تتسلـَّلُ أصابعُ خشنة
تهُزُّ سريَرها الخشبيَّ
يخرُجُ المارِدُ من قـُمْقـُمِهِ
تَشْتَعلُ المدُنُ حِقـْداً وَدَماً
تلتهِمُ الأمعاءُ أطرافـَها
تُطـْفِئُ العينُ أخْتـَها
يحُلُّ على الكونِ ظلامٌ دامِس
شهرُ رمضان المبارك
ينتظرُنا عندَ أعتابِ كُلِّ عام
بأصابع الإيمان
يتحسِّسُ التغييرَ في تعرُّجاتِ قلوبـِنا
تتسمَّرُ العيونُ النَّهمَة ُ
تحتضِنُ شاشة َ التـِّلفاز
تعج الأسواق بالصبايا
وتنهَضُ المَقاهي بِصَيْحاتِ الشَّباب
والابتسامة ُ العريضة ُ تفرُّ من وجهِ الإمام
المساجدُ عامِرَةٌ
سُجَّدٍ رُكَّع ٍٍ
يقفِلُ رمضانُ على عَجَلـَةٍ
يُلَمْلِمُ بَرَكاتِهِ
لَمْ نَعُدْ نَحْتاجُها
المرضُ الخبيث
إهداء إلى ضحايا الأمراض الخبيثة في العالم
قنبلة ٌُ موقوتة ٌ
مزروعة ٌ تحتَ جلدِ الأيـّام
في زحْمَةِ الحَياةِ
تنفجِرُ في وجهكَ
تشيخُ عشرين عاما
تتوهُ في صحراءِ الرّوح أربعينَ عاما
تتنهَّدُ الأحلامُ اليافعة ُ
تتقزَّمُ .. تتجمَّدُ .. تتحنَّط ُ .. تتخبَّط ُ ..
تترجَّلُ عن حصان ِ الطـُّموحاتِ
تحدِّقُ بصمتٍ كئيب
بأسنان ِ منْجَلِ الموتِ الأحمَر
دمُكَ المُراق
روحُك تلوحُ بمنديل ٍ أبيضَ
للشَّمْس ِ المُطلَّةِ من شَبابيكِ العُمر
عكا
فسيفساءُ جميلة ٌ
على خاصرةِ التاريخ
تحتضِنُ البحرَ بذراع ِ الحُبِّ
يخلـَعُ التاريخُ قبعتَهُ
لمجدِكِ المسطـَّرِ بالدَّمِ والقَلـَم
مهرجانُ سلام ٍ يزقزقُ
على سطوح ِ المنازل ِ المتآخية
أسواقٌ عامرة ٌ
تعبَقُ بعطرِ الأيام ِ والشَّوْق ِ
عكا يا قاهرة َ الإمبراطورِِ العظيم ِ
وقلعة َ الثُّوار
ومدرسةََ الإمام
أسوارُكَ تحتجزُ زَحْفَ نارِ الحقدِ
وتقلبُ الدَّهْرَ
وعبوسَ الأيّام
البورصة
تتدحرجُ مثل أكذوبةٍ عذراء
تتضخَمُّ مثل أفـْعى تبتلعُ عصافيرَ ضالة
تلوحُ بثوبِ قارون
تستحضرُ مستنقعات الفقر تلهثُ خلفكَ
تشرقُ الشَّمسُ على عجلةٍ
يذوبُ ثلجُ الأوهام
تتبخَّرُ أحلامُك
تتقزَّمُ طموحاتُكَ
تفِرُّ الأموالُ من جيبِكَ المَثـْقوبِ
المُعَلـِّم
قنديلُ زيتٍ معلـَّق
على قارعةِ الطَّريق
يضيءُ ظلمةَ الدَّرْبِ
يكتبُ على ألواحِ العقلِ ِ
أحرفَ الحياة
يزرعُ الأخلاقَ في نفوس ِ الصِّغار
يبثُّ نبضَ الأشْياءِ
والمجتمعُ ينهشُ لَحْمَ كَتِفَيْهِ
يُقلِّمُ لسانَه
يمتصُّ حِبْرَ يَراعِهِ
يصادِرُ حقيبَتَهُ
ويتساءَلُ
أينَ المعلِّمُ ؟؟!
العيد
أقبلَ العيدُ باسطاً ذراعيْهِ
ليعانقَ الفرحَ المفروشَ في عيونِنا
شَظايا الأمل في قلوبنِا
طفولة ً مُرصَّعة ً ببراءةِ الفِردوسِ
طَعْمُ الحَلوى مُر
يا جَدّي
ينسحِبُ العيدُ من العيدِ
ويُكفكفُ مُقلة ً تجمَّدَت في مآقي الأيّام
معلقةً بين الأرض ِ والسَّماءِ
قاربُ العروبة
على ضفافِ نهرِ الحياةِ الأكْبَرِ
تحطَّمَ قاربُنا
على صخرةِ الواقِع ِ
زحَفْنا نتلمَّسُ أهدابَ الظَّلام
في عُنْفُوانِ الظَّهيرَة
سَيْفَ عَمّوريَّة َ
المعلقَ على خيمةٍ
في قلبِ الصَّحراء
خيولَنا المُنْهَكَة َ
من معارِكَ في عُمْقِ التّاريخ
نَتَحَسَّسُ عروبَتَنا الغائرةَ
في نقش ٍ على جدارِِ الزَّمنِ المُتراخي
لم يبقَ لنا مِنْها
سِوى دَمِنا المُتَجَمِّدِ في العُروقِ
ثيابِ الإحرامِ
على جبلِ عَرَفةَ
مسبحةٍ في يدِ إمامٍ مُرْتَعِدَةٍ
أبريقِ قهوةٍ عربيَّة
خيولٍ مُهجَّنَة
كلُّها لا تجيدُ الألحانَ العربيَّة
يصفَع التّاريخُ وجوهًا
أقفلَتْ مرافئَ الفرَح
وعيوناً تشيحُ عن ثَقبِ أمل
في كومَةِ رَمْل
من يبطئُ الخُطى
مُثْقَلاً بأكياسِ الجَهْل
وحقائبِ الوَهْم
أنفاقُ غزة
الشَّعبُ في غزَّةَ يتشبََّث بطيف الحياة المجفف
وماردُ الفَقْرِ يَصْطادُهُم
بشبكةٍ شائكةٍ مهترئة
يتراقصُ الموتُ على حِبالها
مثلَ راقص ٍ مجنون
أمواجُ البحرِ ما عادَتْ
تطبعُ قبلة ً دافئة
على وجنةِ غزَّة
وتمسحُ غُبارَ الأيَّام ِ المكدَّسِ
تُغْلقُ أشْرِعةَ السَّماءِ
خوفاً أن تَحُطَّ نَحْلة
تحملُ في فمِها قطرةََ شَهدٍ
في خابيةٍ عَتيقةٍ
وأسلاكٌ شائكةٌ وبواباتٌ حديديَّة
تَئِنُّ الأرضُ مِنْ ثِقَلِها
تَقتَطِعُ الجَسَدَ الحَيَّ
والليلُ يفرِشُ جناحَيْه على وَجْهِ الظَّهيرة
ويغرَقُ النَّهارُ بالليْلِ
يتقاسَمُ الطِّفلُ والفرخُ حبَّةَ قَمْح ٍ
من الدَّرجةِ العاشِرَة
وآهاتِ المرْضى والمَوتى تتقاطرُ إلى السَّماءِ
عَطْشى .. لِطَرفَةِ عين ٍ جافَّة
للأرضِ شَرايينُ
تَضُخُّ الماءَ والهواءَ والعرائسَ والحلال
أُغْنِيَةٌ للقُدْس
بأيِّ الأسماءِ أناديكِ
يا حَبيبَتي
اور سالِم ، مدينةَ السَّلام، يَبوس ، الياء
أورشليمَ ، بيتَ المَقْدِس ، القُدْس
أسْماءٌ وَفيرةٌ
يتلذَّذُ .. يتحبَّبُ التّاريخُ
بِعطرٍ يعبَقُ من عَتبةِ دارٍ عتيقة
وبابٌ في السُّوقِ
يُحصي مَنْ تسوَّقَ وتردَّدَ
مساجدُ وكنائسُ وكُنُسُ
تحاوِرُ انفلاتَ التّاريخ
وتقزيمَ روحِ الدِّينِ في قارورةٍ سوداءَ
تَسكنُني الرَّهْبَةُ في حَضْرَتِكِ
يصمُتُ القَلبُ طَويلا
ليَصْغي إلى عزفِ وِديانِكِ وقصبةِ نايٍ حَزين
أطأُ الثرَّى رُوَيْداً رُويْدا
في طريقِ الآلام ِ
خوفاً أن تَنْمَحي خُطْوَةٌ لِلْمَسيح
بَعْدَ العَشاء الأَخير
أبْوُاب القُدسِ لا زالَتْ تُحَدِّقُ بالفاروقِ
تكادُ تَفِرُّ مِنْ مَكانِها لاحتضانِهِ
يَتَرَجَّلُ والخادِمُ يَمْتَطي البَرْذونَ
وَتُشْرِقُ العهدةُ العُمَرِيَّةُ مِنْ بَيْنِ أصابِعِهِ
أخْفِتُ صَوْتي.. خوفاً أنْ يَعلو
جَلْجَلَةَ النَّصْرِ للفاتِحِ صَلاح ِ الدِّين
لا أزالُ اسْمَعُ شَدْوَهُ يَتَرَنَّحُ طَرَباً في حطِّين
القُدْسُ يا أجملَ لحنٍ للوجود
ويا ثوبَ التاريخ المزركش
بفرح البدايات
وطهرِ العرائس
يقف المنصور على أبواب بغداد
يَلْثُمُ النَّخيلُ مَجدَ بَغْداد
لعلَّهُ يَسْري في العُروق
كُسِرَتْ يَدُ الشَّر
تغتالُ وهجَ التّاريخِ المُعَتَّق
وعيونُ أطفالِ العربِ تَفِرُّ
من شبابيكِ العُمر
لضحالَةِ الأيّام
يعتَصِرُ القلبَ سيفُ المَنْصور
أبوابُ بَغداد الأربعَة
بابُ خُرَسانَ تحرسُهُ جحافلُ الرّوم
وبابُ الكوفةِ بيعَ للغِلْمان
وبابُ الشّام أغلَقتْهُ أعاصيرُ النِّسيان
وبابُ البَصرةِ لا يُبْصرُ غروبَ الشَّمسِ خلفَ الرِّمال
يدُ دارِ السَّلام مغلولةٌ بقيودٍ صَدِئَة
ومياهُ دجْلَةَ تنقلُ جِرارَ العَسَلِ للغِرْبان
بغدادُ يا ضلعَ العُروبةِ المَكْسور
ويا قلبَ الإسلامِ المَكْلوم
ويا هِبَةَ الله المسروقةَ َ من صدرِ أم ٍ رَؤوم
تمزَّقَتْ بُردةُ الإسلام
وعباءةُ العروبةِ المثقوبَةِ
تغطّي شعاعَ الشَّمس
بغدادُ تَشكو للربِّ
وحشةَ الدربِّ
وفيضَ الدَّم ِ
وتجمَّدَ الدمِ في العُروق
وانقراضَ أنصافِ الرِّجال
بغدادُ تبيعُ ضفائِرَها
لتُطعمَ عصافيرَها
لعلَّها ترميهم طيرٌ أبابيلُ بحجارةٍ من سِجّيل
أنا لا اشتهي رائحة الموت
رائحةُ الموتِ
تَتَوزَّعُ على قارعةِ الطـُّرُقات
بلا مسافات
بلا علاماتِ سُؤال
ومنجلُ الموتِ يحصُدُ سنابلَ الأرواح
بلا ميعادٍ مَعَ السَّواد
بلا دَعْوةٍ مَفْتوحَةٍ
وأفريقيا بلادُ الشَّمْس
والسَّمار والجَمال
وأنْهارُ الدَّمِ القانِيَةُ
مَنْ مِنْكم يَشْتَهي رائحةَ الدَّم ؟
مَنْ مِنْكُم يَفِرُّ من نِداءِ الحَياة؟؟
مَنْ مِنْكُم يُصَفِّقُ بلا يَديْن ؟
نُتَوِّجُ الطفولةَ بثوبِ الجُنْديّةِ والقَتْل
بَيْنَ فكَّي الجوعِ والموتِ والخوف
نُخبئ أسنانَ فرَح ِالطُّفولة
أنا لا أشْتَهي رائحةَ الدَّم...
في رثاء عنقاء الشعر
إلى روح الشاعر الكبير
محمود درويش
الحزنُ يختمِرُ في العُيون
والأرضُ التي أحبَبْتَ تحتبِسُ الدُّموع
بين رماِل النَّقَبِ وجبالِ الجَليل
يا أيُّها الفارسُ الأوّلُ
يا أيُّها الشاعرُ الأوَّلُ
أنت مُتَّ وَلَمْ تَمُت
ما دامَتِ القضيَّةُ تسكنُكَ حتَّى الثَّمالة
وتسكنُ مخيماتِها المخنوقة َ في قارورَةِ الأيّام
ما دامَ الحسّونُ يستعيرُ شِعْرَكَ وَصَوْتكَ
ما دُمْتَ تُغَنِّي لِحَيْفا والبحرِ جدائلَها
قصائدُك مرافئٌ للشُّعراء
منارةٌ شامخةُ تحاورُ فلسفةَ الأشْياء
وانحرافَ التاريخ
بَكتكَ يا محمودُ كلُّ ألْسُن ِ الأرض
وأزهارُ البريَّةِ تعزف
مواويلَك الحزينةَ بين شروقِ الشَّمسِ ومغيبِها
أرجوحةُ الوداع
يا عنقاءَ الشِّعر
هواءُ الجليلِ العَليل
خليطٌ مِنْ أشعارِكَ وأنفاسِكَ ووقْعِ أقدامِك
يتوقُ لاحتضانِكَ الأبَديّ
عندما تصمتُ طيورُ الوطن
الى روح الشاعر والصديق ماجد عليان
توفي بتاريخ 27.9.2008
طيورُ الوطنِ مكسورةُ الجَناح
تغرِّدُ بِحُنْجَرَةٍ مَذبوحَة
لفُراقِكَ يا ماجدَ الشُّعراء
والجليلُ تكسوهُ عباءَةُ الفُراق
يُلَمْلِمُ جُرْحَ دَرويش الفَتي
والدمعُ يقيمُ طويلاً في العُيون
وحرفُ الضّاد يَنْعاكَ
في المَشْرق ِ والمَغْرِبِ
لفراقِ صديقٍ عَشِقَ الضّاد
وسكنَ بحورَ الشِّعرِ
غرائبُ الكلماتِ تُهَرْوِلُ
بإشارةٍ من بَنانِكَ الغَضِّ
وصوتُكَ الجهورُ يصولُ في شَرايينِ القَلْب
وعميقاً في جذورِ الأرْض
تنعاكَ المساجِدُ والكنائسُ والكُنُسُ والصَّوامِعُ
ماجِدُ !
يا شُعْلَة ً يهتدي بها الإنسانُ
وَصَوْتاً مُدَوِّيا بين ثنايا الغيمِ
وتلألؤِ النّجوم
يا قلباً يزرعُ الخَيْرَ
وينبضُ إنسانية ً
يا فارساً غابَ عَنّا
لِيَحْيا فينا
وَنَحْيا على الخير المنثورِ في أنفاسِك
نم أيُّها المعلِّمُ قريرَ العينِ
نَمْ أيُّها الشاعر
وَحرفُ الضّادِ لَكَ أسير
نَمْ أيُّها الصَّديقُ
وإنِّي لِوُدِّك حافِظ
نَمْ يا صديقَ النّاس
كلماتُكَ تَكْبُرُ مَعَ أحلامِ طُلابـِك
تتشبَّثُ الحياةُ بأهدابِها
وقصائدُكَ جداولُ تتدفَّقُ
تُضيءُ مَعَ وَهْج القَمَر
عتمةَ اللَّيل تكْنُسُ وحشةَ الدَّرب.
أمام عجَََلاتِ الزّمن
إلى روح الطالب صالح نور زيدان
الذي راح ضحية حادث دهس
ضحكاتٌ حلوةٌ مَغْموسة ٌ
بصحنِ عسلٍ مالح ٍ
وعلى جبهةِ الطفولة
أسلاكٌ من الشّقاءِ والتّعب
والعطشِ
وفاهُ الموتِ الكبير
أطبقَ على صالح ٍ الصَّغير
وهو يعبُرُ إلينا
من ضفّة الحياة
إلى ضفّةِ الحَياة
ولا يَصِل...
عجلاتُ الموتِ
قاسية ٌ وموجعة
بينَ صلاةِ المغرِبِ والعِشاء
رَأيْتُ الطفولة َ
تُذبحُ من الوريدِ إلى الوَريد
أمامَ عيونِ الزّمن
وصمتَِ النّاسِ
رأيتُ كيفَ
تنسحبُ الطفولة ُ
من عيونِ الحياةِ النّابِضَة
كيفَ نطفئُ شمعة ً
كيفَ نقطِفُ زهرة ً
كيف نمحو ابتسامة ً
من ألفِ ألفِ طفل ٍ
مَدْرَسَتُكَ يا صالحُ
لبستْ ثوبَ الحِداد
وتفجَّرت عيونٌ من دُموع
أحببناك
لأننا أحْبَبْنا فيكَ
شقاوتَنا براءتَنا
رُجولتَنا المَدفونَة َ
بين ثنايا الطُّفولةِ
في غرفةِ الصَّفِّ
تَفْتَقِدُكَ الأشياءُ
قُلوبُ الطـُّلابِ
عيونُ المعلمينَ
وعصافيرُ الصَّباح
حَلـَّقْتََ عالياً إليها
دونَ وَداع
وتشتاقُ إليكَ الأيّام
إلى روحِ الأخ ، والصَّديق مَحمود عيساوي
تَتقطـَّعُ أوصالُ القلبِ لرحيلِ طائرِ السُّنونو
وَعُشِّهِ الغَضِّ على عتبةِ الدّار
تَشْتاقُ إليكَ الأيامُ مَحمودُ
كُنْتَ ظَهراً للحَقِّ
والشَّمسُ في كَبدِ السَّماء
تغزلان معا أحلى ضفائر
صارَعْتَ منْجَلَ المرضِ حتّى صَرَعك
في غَفلةٍ مِنّا ...
تواريْتَ خلفَ سورٍ شاهقٍ مِنَ الذِّكْرَيات
عَلَّمْتَنا أنَّ الإرادةَ الفولاذيّةَ لا تَنْحَني
وان دروبَ الإيمانِ طَويلة ٌ
وَقَفْتَ تُسَلِّمُ الرّوحَ بإقْدام ٍ
مثلَ فارسٍ في ساحةِ الوغى
يَحْمِلُ ثوبَ الموتِ براحتِهِ الخَضْراء
تشتاقُ إليكَ الأيّامُ مَحْمودُ
عندما يموت الفقراء
إلى أرواح ضحايا الانهيار الصخري
في جبل المقطم - القاهرة- مصر
عندما يَموتُ الفُقراء
تنامُ العيونُ ملءَ جُفونِها
تندَسُّ إلى أحلامٍ هارِبَة
إلى ثَنايا الوجعِ المَكْتوم
بينَ ليلةٍ وشقيقتِها
يتحوَّل الحيُّ إلى مقبرةٍ جَماعيَّة
ولا نقرأُ سورةَ الفاتِحَة
قبلَ وبعدَ
تحتَ أكداسِ صخورِ المُقَطَّمِ الثـّائِرَة
تُسْحَقُ الحَياة
تُدْفَنُ الأرواحُ بِلا غِطاء
تُرْكَلُ الكرامةُ بِحذاءٍ مُعتم
وَيَعْجَزُ صابرٌ القرويُّ
صاحبُ الجسدِ الهَزيل.. والعضلاتِ المَفْتولةِ
عن دحرَجَةِ صَخْرَة
تجثُمُ على صدرِ طفلهِ الرَّضيع
تختنِقُ الأصواتُ.. تَحْتَ عَتْمَةِ النَّهار
يَوَدُّ الغُرابُ
شِراءَ قهرِ الفُقَراء.. ولوعة َ الفُراق
وإسدالَ سِتارٍ أسْوَدَ
عن جريمةٍ منقوشَةٍ بالصَّخْرِ العِمْلاق
بحفنَةِ جُنَيْهات بالِيَة
ليدوِّنَ القلمُ صاغراً
جريمة ً جديدةً .. قَديمة
باسمِ أوجاعِ الفقراءِ وآهاتِ الصَّخر
دم الحسين ينتفضُ في كربلاء
أقبل الحسينُ شَطر كََربَلاء
وبينَ ضُلوعهِ نارُ الفِداء
تلسعُهُ حرقَةُ الغَدْر ِ
وبيعُ العقيدةِ بالدِّينار ِ
أمام روافدِ اللَّئيمِ
يُذبَحُ الأطفالُ في حِجْرِهِ
ويستشهدُ آلُ المُصطفى
والرِّماحُ مغروسةٌ في صُدورهم كالمَطَر
وقطراتُ الماءِ تبحثُ عن شفاهِهِ
الرطبةِ بذكرِ الله
وقفَ الحُسينُ في وَجْهِ سيوفِ البَطْش
حتّى عانَقَ الرأسُ الذَّبيحُ حباتَ الرَّمل
وباحَ لها حكايةَ الفداءِ والعقيدةِ .. والخيانةِ..
يفترشُ الرمالَ الهائجةَ
يلتحفُ السَّماءَ الغاضبةَ
ودمُهُ الزكيُّ ينتفِضُ بكربلاءَ
وتصرُخُ امرأة ٌ هاشميَّةٌ
في وجهِ جُندِ الشّام
)وا إسلاماه ! وا محمَّداه! وا علِيّاه ! وا حُسَيْناه ! وَيْحَكُمْ أما مَعَكُم مُسلم ؟(
فيُجيب الصَّمْتُ بالصَّمْتِ
حسينُ !!
أيُّها الفدائيُّ المُنْتَفِضُ
يا معلِّمَ الثُّوارِ
ويا سَيِّدَ شُهداءِ جنَّةِ الله
تقتسمُ الإنسانيةُ حُبَّكَ
ويستضيءُ الثُّوارُ أحلامَهم
من دَمِكَ المتلألئِ
على قامةِ التّاريخِ
شوارع موقوتة
الموتُ يتربَّصُ بِنا
عندَ كلِّ مُنْعطَف
وفي وَمْضَةٍ
تُغادرُ الرُّوحُ الجَسَد
بلا عِناق
سيّارة ٌ.. شاحنة ٌ...عربة ٌ....قطارٌ....حافلة ٌ
كلها آلاتٌ يجيدُ الموتُ العزفَ عَلَيْها
بإيقاعٍ رَهيب
ولحنٍ كَئيب
نَصِل....
أو لا نَصِل
إلى حَيْثُ نَشاء...
اللحدَ والبيتَ
سَيّان
سُبْحانَكَ رَبِّي
أعِدْنا سالمينَ في كُلِّ مَرَّة
لا نُحِبُّ نَحيبَ الأمَّهات
وداعاً أيها المعلم
إلى روح الاستاذ محمد يعقوب
ما أصْعَبَ أنْ يَسْقُطَ العَطاء
في نَهرِ العطاءِ الأكبر
في غَفلةٍ منّا
ليَمتزجَ منْ جديدٍ في حُلمِنا السّرمديِّ
يَبُثُّ فيها بُذورَ العَطاء
بَكَتْكَ أزهارُ الرّبيع ِ المُبَكرَة..
وَشمْسُ المَغيبِ المُهيبْ
وقلوبُ الناس ِ اكتستْ.. بِثوبِ الحُزن ِ العَميق..
وغَرِقتِ العيونُ بالعُيون
وانكمَشتِ الكلماتُ عَلى حافةِ اللسان
كلماتُكَ.. أنفاسٌ تسبحُ في فضاءِ الحُريّة
علـّمَتنا أنْ نبتسمَ رَغمَ القهر
سَنواتِ العمرِ عطاءٌ وتَضْحية
بَكيناكَ.. وبكيناكْ..
لأننا أحبَبْناكَ حَتى الجُنون
عَشِقنا رُكنَك فينا..
بِكلتا يَدينا وارَيْناكَ التُّرابْ
وفي كل قلبٍ وروحٍ شيَّدنا لكَ
قصْرًا فَضْفاضًا.. وَغَرسْنا في أعالي القلبِ
شُجَيرةً للحُبِّ وَالذّكرى..
وَداعًا .. وَداعًا يا مُعلمْ..
كلماتُكَ في الصَّفِّ والملعبْ
تَحومُ في الفَضاء..
وَتكبرُ وَتكبرُ مَعَ الطلابِّ
وَمَعَ حُلم ٍ قادِم...
قلب الأسد
شعر: يعقوب احمد يعقوب
)كثيرا استفزني هذا التوقيع "قلب الأسد" للشاعر الأخ الصديق سهيل عيساوي, لأنني اعلم أن قلبه شفاف كقلوب الصغار يفوح بالإنسانية والعطر والإبداع(
كبيرٌ هُوَ قلبُكَ
تَرْتاحُ البحارُ بظلّهِ
وتُعشْعِشُ فيهِ نوارِسُ البحرِ
وأحلامُ الفُصول
شيءٌ منَ اليانسون
يفوح من ثغر الصّباح
كلما الشمسُ نادَتْكَ إليها كي تضُمُّكَ
وتنامُ في حضنِ ِ أمكَ
كالزّهرِ في حضْنِ الحُقول
أنت كالأسَدِ ضِياءً
أيها الأفقُ البَهي.. أيها الحبرُ الشهيُّ
وستبقى أنتَ الصَّديق
أجملُ من كل شعر
قَدْ أقول...
كل عام وأنت العيدُ يا سهيل
ريم البان - ألمانيا
كل عام وأنت وردة تسكب العطر أريج انتشاء
بحرٌ يفيضُ على مراسي المتعبين آلاف الأماني
هتون يروي تشققات الأيام بوَدقِ المحبة وسُقيا الوداد
حلمٌ ينسابُ عطراً يحقن أوردة الحياة بأمصال الأمل
همس يعانق أسماع الشجون
ثقاب يشعل جذوة الحياة المترقبة أبدا على الأماني
كل عام وأنت لكل الأحبة رداءُ دفءِ وسلام
كل عام وأنت تدوزن أيامك على إيقاع الفرح
وحياتك
ســــــ
هــــــ
يــــــ
لـــــ
مشوار حب دروبه طويلة لا تنتهي
كل يــــو م وأنت للعيد فرحة
وللفرحة بياض.. وللبياض نقاء
وكل عام وأنت لنا العيد
رسالة إلى سهيل عيساوي
شعر : محمد داني
الدار البيضاء- المغرب
أعلنَ شاهدُ الوصل
والوحمُ على لساني يجر ليلةَ الهجر
بلغاتٍ... وأمنياتٍ... وحكايهْ...
حين حمل الأسدُ هجر القيامهْ
وعلى رأس طيرنا زمنٌ أعرج
يطفح بالغنج...
يقتحم انس الفجر...
ساعتها يفرغُ سهيلُ غمزة العسل ِ المالح
يرسمُ إبراهيمَ ...حنظلة جديدا...
يمزج عكا...بالعين...
وبرد الخريف...
حين رأى فيها الكلمات....
طيرًا...وأغنيات...
ونشيدًا... يستميلُ الغوايهْ...
تحتوي كل ذاكرتي
أنا العربيُّ الجريحُ يا سهيل
فيك تتدلى من وشمِك الشرقي،
طيورُ الوطن...
قد صمتت حين خبأتُ سوالفي
ولونت ركضي اليابس،برعاف عيني
فيا صديقَ وصلي...
امتطِ حروفي كلَّها...
حروفي بحجم قلب...
وتسلق دونَما إذن ...
كلَّ وجهي...
وجهي شرقيُّ الأعطاف...
فكم مسحت في ديجور ضيعتنا يا سهيل رعافي
واستمعت في حنين غنايَ
وخطو البدايهْ...
في حينا جدتي التي عشقتَها أمس
تحكي عن أحباب هناك
يمتشقون السهوب...
والهبوب....
ولون طميي.
يا سهيلُ، أنت داخلَ كل طقسي...
بطولاتي القديمة...
ودمي المصقى...
فاسلم يا أسدُ... من زلزلة الأوكار...
وهمسِ الباكين....
بطاقة الكاتب
سهيل إبراهيم عيساوي
مواليد 1973\1\15 – كفر مندا في الجليل
الدراسة:
تعلم في مدارس كفر مندا ، التحق عام 1993 بجامعة بن غوريون في بئر السبع ، حصل على شهادة B.A اللقب الأول عام 1996 في موضوعي التاريخ العام والعلوم السياسية. وفي عام 2000حصل على شهادة اللقب الثاني M.A في موضوع تاريخ الشعب اليهودي ، وعلى شهادة تدريس عام 1998 ، على شهادة مدرّب كمال أجسام من معهد "فنجت" عام 1997، على شهادة مديرين من كلية أورانيم 2007. واجتازَ عشرات الدورات في شتى المجالات التـر بوية والإدارية.
العمل:
عمل 9 أعوام في النقب معلماً لموضوعي التاريخ والمدنيات (1995-2004) بمدرسة الرازي الشاملة في رهط. فاز عام 2004 بمناقصة وزارة المعارف لإدارة مدرسة ابن سينا الابتدائية في كفرمندا، وما زال يزاول عمله مديرا للمدرسة..
العمل الجماهيري التطوعي:
ساهم سنة 1994 في إحياء وإنشاء لجنة الطلاب العرب في جامعة بن غوريون، عام 1995 ومثَّل الطلاب في لجنة الطلاب العامة ، وحاز على جائزة رئيس الجامعة لعمله الدؤوب لمصلحة الطلاب ، ساهم مع عددٍ من الأدباء الشباب والمثقفين في الجنوب بتأسيس رابطة أقلام الجنوب وانــتُخب رئيسا لها سنة 1996 – 2003 ، عمل كرئيس جمعية أقلام الجنوب 1998- 2001 ، عضو إدارة المركز الجماهيري في كفر مندا 2005- 2008 ، عضو فعال في الطاقم التـر بوي- كفر مندا2008-2005، عضو مؤسس في منتدى الطلائع الثقافي1998- 2001.
نشاط أدبي:
حرَّرَ عدة مجلات أدبية : الفانوس، الثقافي الينبوع، الرّازي، المشكاة، ينابيع ابن سينا، نظم عشرات الأمسيات الأدبية والثقافية في النقب والجليل، قدّم عدة أدباء، أشرف على إصدار عدة كتب وخاصة كتب الطلاب، حرر عدة كتب منها: كتاب نحو الشمس، مجموعة مشتـركة للأدباء، 1997. ساهم في تـنشيط الحركة الأدبية في الجنوب والجليل.
انتشار أدبه:
التـرجمة: ترجمت قصائده ومقالاته إلى عدة لغات منها: العبرية، الانجليزية، الفرنسية، الألمانية، الرومانية، البولندية، السويدية، الايطالية... اشتـرك في مجموعة مشتـركة باللغة البولندية حررها الأديب الدكتور يوسف شحادة، وكتاب باللغة الايطالية حررته الأديبة الدكتورة أسماء غر يب، وانطولوجيا الشعر العر بي بثلاث لغات: العر بية، الرومانية والانجليز ية، جمع وإعداد الشاعر منير مز يد مشتـرك في عدة موسوعات الكتـرونية للأدباء العرب.
كتبه: نشرت كتبه في عشرات المكتبات الالكتـرونية في العالم العربي، على الشبكة العنكبوتية، وقامت عشرات المواقع بالاقتباس من كتبه فكانت المرجع للكاتب والباحث والطالب المثقف.
النشر في الصحف والمجلات:
نشرت نتاجهُ عدة صحف ومجلات محلية، وخارج البلاد منها: الصنارة، كل العرب، الاتحاد، بانوراما، صوت الحق والحرية، الديار،حديث الناس، المواكب، المنبر، الميثاق، صوت البلد، البطوف، صوت الجزيرة، أخبار النقب، العين، دنيا الوطن، القدس العربي (لندن)، الراية (قطر)، العرب اون لاين (لندن)، الجماهيرية(ليبيا)، أوتار (تونس)، ديوان العرب (سوريا). عناوين ثقافية (اليمن) ، مجلة فضاء الثقافي (ليبيا)، ارفورد (المغرب)، جداريه (عدن).
اشتـرك في عدة منتديات ثقافية : من المحيط إلى الخليج، رابطة جدل الثقافية، نسج محابر الأدبية، الخيمة، فضاءات، ميدوزا، أدبيات، منتدى التاريخ، الواحة، المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستيراتيجية، واتا الحضارية، ملتقى نجدية الأدبي، مطر، نخبة الإبداع، الفينيق، إنانا، الوحدة العربية، فرسان الثقافة، نصف قمر، شروق، الفيصل، الجود، تعابير، سيمانيا.
نشرت إخباره الثقافية عدة مواقع الكتـرونية منها:
صحيفة آرام (لندن)، أسواق المربد، ملتقى أسمار، النورس, مدين، بلدنا كوم، بلدنا, شفا عمرو، أدباء الشام، أدب فن, يا هلا, تفانين، كرويتات نت، صخب الحرف، شبكة جهات الثقافية، بوابة العرب، المعاصر, البطوف، مدرسة الغزالي، الحوار المتمدن، بيت المقدس، كفر قاسم, أنفاس نت، أزاهير الثقافية،المظلة، دار العرب، وين، كوكتيل ، جمعية ماري الثقافية، مدونة زيتونتنا ، موقع الشاعر صالح الزيادنة، مجلة فوانيس ،مجلة عالم اليوم (الكويت)،صحيفة الجماهيرية ( ليبيا )، مجلة العرب ستار تايمز، بانيت.
موقع الكاتب على الشبكة
www.khayma.com/sohel
www.geocities.com/e_sohel
maktoobblog.com http://sohel.isawi
البريد الإلكتروني
sohelisawi@yahoo.com
مؤلفاته
توزعت على الشعر والنثر والأبحاث التاريخية, صدر له 12 كتاباً
• وتعود الأطيار إلى أوكارها شعر - 1994
• نظارتي (تأملات) – 1996
• فردوس العاشقين (شعر وخواطر) 1996
• وتشرق أسطورة الإنسان- شعر 1998
• بين فكي التاريخ – بحث تاريخي 1999
• غسان 2000 (دراسة عن الشاعر غسان حاج يحيى) 2000
• أوراق متناثرة مقالات 2003
• قصائد تغازل الشمس – شعر 2003
• ثورات فجرت صمت التاريخ الإسلامي– بحث تاريخي 2005
• النحت في ذاكرة الصحراء (مواقف وذكريات) 2007
• معارك فاصلة في التاريخ الإسلامي (بحث تاريخي) 2008
• عندما تصمت طيور الوطن، شعر 2009
صدر عنه: إضاءات في شاعرية سهيل عيساوي، للكاتب المغربي محمد داني. 2008.
فهرس
كلمة الناشر 4
مقدمة 5
الباب الأول: قصيدة تحية البرق
القصيدة 18
العمر 19
اللص 20
إلى جيش عربي 21
إلى وَلدي إبراهيم 23
الفتنةُ المذهبيـَّة 25
شهرُ رمضان المبارك 26
المرضُ الخبيث 28
عكا 30
البورصة 32
المُعَلـِّم 33
العيد 35
الباب الثاني: أوجاع الوطن المعتقة
قاربُ العروبة 38
أنفاقُ غزة 41
أُغْنِيَةٌ للقُدْس 44
يقف المنصور على أبواب بغداد 47
أنا لا اشتهي رائحة الموت 50
الباب الثالث: دمعة تجثم على عتبة الأيام
في رثاء عنقاء الشعر 54
عندما تصمتُ طيورُ الوطن 57
أمام عجَََلاتِ الزّمن 61
وتشتاقُ إليكَ الأيّام 66
عندما يموت الفقراء 68
دم الحسين ينتفضُ في كربلاء 71
شوارع موقوتة 74
وداعاً أيها المعلم 76
الباب الرابع: الشاعر في مرآة الشعراء
قلب الأسد 80
كل عام وأنت العيدُ يا سهيل 82
رسالة إلى سهيل عيساوي 84
بطاقة الكاتب 89
مؤلفاته 93
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق