عُصفور النفْس ترجمة ب. حسيب شحادة جامعة هلسنكي
”عُصفور(ة) النفس“ ترجمة حرفية
لكتيّب للصغار بقلم ميخال سْنونيت صدر عام ١٩٨٥ وأعدّت
رسوماتِه نعمه چولومب، وراج في العالم وكان من الأكثر مبيعا، حاز على جوائزَ كثيرة.
كلمتا العُنوان لم تردا في أسفار العهد القديم (التناخ) لكنّهما ذُكرتا
في ما يسمّى بعبرية الحاخامين،
لغة التلمود والمشناة،
والمعنى الملموس هو القصبة الهوائية (رُغامى) أمّا المدلول
المجردّ وهو الشائع فهو بؤبؤ العين؛ أكثر جزء حيوية؛ مُهجة النفْس أو مُنْيتها. مع هذا أبقيت
المقابل الحرفي للأصل العبري للأمانة ولأنّه يفي بالمعنى المجازي الواضح في هذه
الخواطر المناسبة ربّما للكبار والصغار على حدّ سَواء.
في العام ١٩٩٣ احتلّ هذا الكتيّب المكان الأوّل في مسابقة كتب الأطفال
في جنيڤ.
تُرجم الكتيّب لعشرات اللغات.
الجدير بالذكر، أنّ المؤلِّفة في البداية لم تجد دار نشر في البلاد لإصدار
هذا الكتيّب؛ كان الردّ بأنّ الكتيّب لا يهمّ أحدا، لا الصغير ولا الكبير، لا حبكة
فيه ولا فكرة رئيسية. بعد إضافة الرسومات عادت دار النشر
الأولى التي رفضته فأصدرته.
المؤلِّفة ميخال سنونيت شاعرة وكاتبة للأطفال وصحفية، ولدت في كيبوتس عين هحوريش وكانت عضوة فيه مدّة
عقدين من الزمن، درست المسرح والأدب؛ تسكن الآن في تل أبيب. من نتاج سنونيت: اثنا عشر ديوان
شعر للكبار وكتب كثيرة للصغار وهذه بعض عنوانين كُتبها: عينان في
المرآة، ١٩٦٦؛ قصائد ومحبّون، ١٩٦٩؛ أنا ويوئاڤ نتنزّه الآن، ١٩٧٦؛ في طرف
الجسد، ١٩٨٤؛ سرّ أبشالوم، ١٩٨٧؛ إنسان
والزهرة، ١٩٨٨؛ من يخاف من قصائد رومانسبة، ١٩٨٨؛ طريق القلب، ١٩٨٩؛ تعال عانقني، ٢٠٠٠؛ دانيال
وأسرار البحر، ٢٠١٠؛ أنا قائلة هذا من الحبّ، ٢٠١٣.
في لُجّة الجَسَدتسكُن النفسما رآها بعد أحَدإلا أنّ الجميعَ يعرفُ أنّها كائنةلا يعرفون ذلك فحسببل يعرفون ما في داخلها في داخل النفسفي مركزها،يقف عُصفورٌ على رِجْل واحدةعُصفور اسمه عُصفور النفسوهو يشعُر بكلّ ما
نشعُر به نحن عندما يُسيءُ لنا أحدعصفورُ النفس يتراكضُ ذَهابًا وإيابًا في
أجسامنافي كلِّ صوْبيُعاني من آلام أليمة عندما يُحبُّنا أحديتقافز عُصفور النفسبنطنطات صغيرةومرحةإلى الأمام وإلى الوراءذَهابا وإيابا عندما يُنادينا أحديُصغي عُصفور النفسجيّدًا لصوتهليتعرّف على نوعهذا النِّداء عندما يغضَب علينا أحدينطوي عُصفور النفس
على نفْسِههادئًا وحزينا وعندما يُعانقُنا أحدٌ، عُصفورالنفسالساكن عميقًا، عميقًا في داخل جسدناينمو ويكبُرحتّى يملأَ
تقريبًاكلّ الحيّز في داخلناإلى هذا الحدّ يطيبُ له العِناق في داخل الجسد، عميقًا عميقاتسكنُ النفسُما رآها بعد أحدولكنّ الجميعَ يعرف أنّها كائنةولم يُولد إنسان قطّولا مرّة، ولا مرّةولا نفسَ له لأنّ النفسَ تَحِلُّ بنا في لحظةِالولادةولا تُغادرُناحتّى ولا مرّة واحدةطالما نحن أحياءكالهواء الذي يتنفّسُه الإنسانمنذ لحظة ولادته وحتّى لحظة موته يقينًا تودّون معرفةَ ممّايتكوّن عُصفور النفسآه، هذا بالضبط في غاية البساطةإنّه مكوّنٌ من أدراج أدراج (جوارير)وهذه الأدراج لا يُمكِنفتحُها كما اتّفقلأنّ كلّ دُرْجٍ مقفَل بمِفتاحخاصّ به!!! وعُصفور النفس هو الوحيدالقادرُ على فتحأدْراجهاوكيف؟وهذا بمنتهى البساطة أيضابقَدمها الثانية عُصفور النفس يقف على قَدَمٍ واحدةوفي القدم الثانية المطويّة عندَالراحة تحتَ بطنهيُدير مِفتاح الدُرْجالذي يُريد فتحَهيجذب المِقْبَض، وكلّ ما فيهيخرُج طليقًا إلى داخل الجسد ولأنّ لا وجودَ لشيءٍنحِسّ به ولا
دُرْجَ لهلعُصفور النفس أدْراجٌ كثيرةثمّة دُرْجٌ للفرح وآخرُ للترحيوجد دُرْجٌ للحسد ودُرْجٌ للأملهنالك دُرْجٌ للخيبة وآخرُ لليأْس
هنالك دُرْجٌ للصبر ودُرْجٌ للنرفزةيوجد دُرْجٌ للكراهية ودُرْجٌ للنرفزةوثمّة دُرْجٌ للكراهية أيضا ودُرْجٌ للغضبودُرْجٌ للتدليلدُرْجٌ لأسرار دفينة جدّاهذا دُرْجٌ نادرًاما يُفتح وتوجد أدراجُ أخرىيُمكنكم إضافتُهابأنفسكمكلّ ما تشاؤون أحيانًا، يستطيع الإنسانُ أن يختار لنفسهووضع علامةٍ للعُصفور أيّةمفاتيحَ تُدار وأيّة أدراجتُفتحوأحيانًا إنّه العُصفور الذي يقرّرنيابةً عن الإنسان مثلًا:
هو يريدأن يصمُت ويأمُر العُصفور
بفتح دُرْجِالصمت، إلا أنّ العُصفورَ منتلقاء نفسهيفتَح له دُرْجَ الكلاموهو يتكلّم
ويتكلّمغصبًا عنه مثلٌ آخرُ:
هويطلُب الإصغاء بأناةٍأمّا العُصفور فيفتح لهدُرْجَ النرفزةويجعله يتعَصْبن ويحدُث أنّه يَغارُ دون قصدبالمرّةويحدُث أنّه يُفسد بالضبطعندما يودّ المساعدةلأنّ عُصفورَ النفس ليس دائمًاعُصفورًا مطيعاويسبّب له أحيانًا متاعبَ هنا منَ الممْكن الفهم، أنّ كلّإنسانٍ يختلف عن صاحبه، لأنّعُصفورَ النفس الذي بداخلهعُصفورٌ يفتَح كلّ صباحدُرْجَ الفرحويفيضُ الفرحُ من الدُرْج إلىداخل جسدهوالإنسان فرِح أمّا العُصفور الذي يفتَح لهدُرْجَ الغضبيتدفّق الغضبُ منه ويُسيطرعليه بالكاملوطالما أنّ العُصفور لايقفِل الدُّرْج من جديدفهو لا يكفّ عن الغضبأحيانًا، حينما يكون العُصفور ليس على ما يُراميفتح أدْراجَ غيرَلطيفة،
وعصفور بحالة جيّدةيختارُ أدراجَخيّرة والأهمُّ، هوالإصغاءُ جيّدًا للعُصفورقد يُنادينا ونحن لا
نسمعخسارة.
يريد أن يحكي
لنا عن أنفسنا.إنّه يودّ أن يقصَّ لنا عنأحاسيسَ مقفَلةفي أدراجٍ داخله هناك من يسمعُهمِرارًا وتكراراوهناك من يسمعُهنادراوهناك من يسمعُهمرّة واحدة في عُمْره لذلك منَ المُجديربّما في ساعة متأخّرة في الليلوالهدوء مخيِّمالإصغاءُ لعُصفور النفسالذي في داخلناعميقًا عميقًا في الجسد أدْراجُ النفس خاصّتناأيّة أدراجَ نُقْفِل؟عندَ مَن مِفتاح هذه الأدْراج؟أهناك أدْراجٌ ضيّعنا مِفتاحَها؟أيّةُ أدْراجٍ نُبقيها مفتوحةً على الدوام؟أدْراجُنا تختلفُ عن أدراجِ الآخرينهل نستطيعُ خلقَ أدْراجٍ جديدةأو تغيير العتيقة؟ ما هو علم النفس؟ما هي النفس؟ النفس هي الدائرة الداخلية في ”الأنا“،المحاط بالأحاسيس، سمات، ذكريات، قدرات جسدية، شخصية وما شابه ذلك.علم النفس يتناول بحث النفس وسلوك الإنسان، المرئية والمخفيةكلّ عام وأنتم بخير، سنة هدوء ولذّة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق