تنطبق حال “حلاق بغداد” هذه بشكل دراماتيكي على بعض الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في دول الشرق الأوسط الفتية بعد سقوط الدولة العثمانية حتى اليوم، خاصة دول الانقلاب العسكرية، حيث تزيل دبابات الانقلابيين مجموعة حاكمة لتستبدلها بأخرى لا تفقه من فنون وعلوم الحكم شيئًا، الأمر الذي يضطرها إلى التدرب على الحكم، كما يفعل الحلاق المتدرب في رؤوس المساكين من الزبائن.
عرف “حلاق بغداد”في الفن الحديث بإسم “عبد الحسن علي بن بكّار”، وهو الحلاق الذي اشتهر بقدرته على تجميل الشبان بدرجة من وسامة الهندام أنهم يسحرون الصبايا ويسلبوهن لبابهن، كما يقدمه بيتر كوميليوس Comelius في العمل الأوبرالي الألماني الذائع الصيت Der Barbier von Baghdad. في الصفحات أدناه أعمد إلى توظيف حكاية حلاق بغداد بمعنى مختلف وذلك لغرض محوّر، مقارنة بالغرض الملخص في أعلاه بعد ليّ الحكاية الطريفة قليلًا.
كما هي الحال مع حكاية “حرامي بغداد”، لا بد لحكاية “حلاق بغداد” أن تجد لها جذورًا في بغداد العصر الوسيط، عاصمة الدولة العباسية المترامية التي تستذكر اليوم كمدينة غنية احتضنت موزائيك من الأقوام حقبة ذاك، ومن جميع أصحاب الحرف والاختصاصات، أي هؤلاء الذين جيء بهم، أصلًا، من جهات الأرض الأربع لبناء “المدينة المدورة”، بغداد.
حتى هذه اللحظة، غالبًا ما يتم التندر بالحلاقين في بغداد لأن أغلبهم فضوليون ومهذارون، يقحمون أنفسهم في مشاكل سواهم، خاصة عندما يستغرقون في لغوهم حد الخروج عن الموضوع، بل وأحيانًا حد فقدانهم القدرة على التركيز على عملهم. بيد أن الأكثر خطورة من هؤلاء الحلاقين في نظر الوسيمين من الشبان البغاددة، هو الحلاق المتدرب المبتدئ في المهنة الذي يحتاج للوقت والتدريب الكافيين لاكتساب المهارات الأساس لقص الشعر وتصفيفه، وهي حال تجعل هذا المتدرب بحاجة لعدد من الرؤوس الكثة كي يتدرب بها ويطبق عليها مهاراته غير المكتملة. يستمر هذا التطبيق المختل لعدة أشهر، مستهلكًا أكثر ما يمكن من “رؤوس الضحايا” حتى يتمكن ذلك الحلاق المبتدئ أن يجيد صنعته. لذا، كان من المهم للبغدادي المحترم الذي يهتم بهندامه وبذائقة الناظرين إليه أن يتأكد من أن الحلاق الذي يسلم له رأسه طوعًا ليقص شعره ليس بمتدرب، كي لا يستغرق بالكلام حتى يخرب رأسه.
تنطبق حال “حلاق بغداد” هذه بشكل دراماتيكي على بعض الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في دول الشرق الأوسط الفتية بعد سقوط الدولة العثمانية حتى اليوم، خاصة دول الانقلاب العسكرية، حيث تزيل دبابات الانقلابيين مجموعة حاكمة لتستبدلها بأخرى لا تفقه من فنون وعلوم الحكم شيئًا، الأمر الذي يضطرها إلى التدرب على الحكم، كما يفعل الحلاق المتدرب في رؤوس المساكين من الزبائن.
ونظرًا لأن هذا الصدام متوقع في كل ارتطام بين جيلين من رجال الحكم الذين يمثلون نظامين مختلفين للحكم، فإن الخلاصة غالبًا ما تستقر على صيغة توفيقية مؤسسة على التسامح، قوامها التنازلات وخرق القوانين والدساتير المؤقتة، بغض عن الصيغ التقليدية القديمة المتوارثة، زيادة على بعض آخر من الصيغ الأوربية المستعارة بتعام (ذات الصفة العلمانية الغربية). أما النتيجة النهائية الأخرى، وكما هو متوقع، فإنها تتبلور في فجوة يصعب جسرها تمتد بين الطبقة الإدارية البيروقراطية الطارئة على الحكم، وبين عامة الجمهور العصية على الاستجابة والإذعان، ذلك أنه عبر العديد من دول إقليم الشرق الأوسط: يحصل الشرخ بين الحاكم والمحكوم بسبب عدم الاستقرار والتقلب الاعتباطي المتواصل في طرائق الحكم.
كما هي الحال مع حكاية “حرامي بغداد”، لا بد لحكاية “حلاق بغداد” أن تجد لها جذورًا في بغداد العصر الوسيط، عاصمة الدولة العباسية المترامية التي تستذكر اليوم كمدينة غنية احتضنت موزائيك من الأقوام حقبة ذاك، ومن جميع أصحاب الحرف والاختصاصات، أي هؤلاء الذين جيء بهم، أصلًا، من جهات الأرض الأربع لبناء “المدينة المدورة”، بغداد.
حتى هذه اللحظة، غالبًا ما يتم التندر بالحلاقين في بغداد لأن أغلبهم فضوليون ومهذارون، يقحمون أنفسهم في مشاكل سواهم، خاصة عندما يستغرقون في لغوهم حد الخروج عن الموضوع، بل وأحيانًا حد فقدانهم القدرة على التركيز على عملهم. بيد أن الأكثر خطورة من هؤلاء الحلاقين في نظر الوسيمين من الشبان البغاددة، هو الحلاق المتدرب المبتدئ في المهنة الذي يحتاج للوقت والتدريب الكافيين لاكتساب المهارات الأساس لقص الشعر وتصفيفه، وهي حال تجعل هذا المتدرب بحاجة لعدد من الرؤوس الكثة كي يتدرب بها ويطبق عليها مهاراته غير المكتملة. يستمر هذا التطبيق المختل لعدة أشهر، مستهلكًا أكثر ما يمكن من “رؤوس الضحايا” حتى يتمكن ذلك الحلاق المبتدئ أن يجيد صنعته. لذا، كان من المهم للبغدادي المحترم الذي يهتم بهندامه وبذائقة الناظرين إليه أن يتأكد من أن الحلاق الذي يسلم له رأسه طوعًا ليقص شعره ليس بمتدرب، كي لا يستغرق بالكلام حتى يخرب رأسه.
تنطبق حال “حلاق بغداد” هذه بشكل دراماتيكي على بعض الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في دول الشرق الأوسط الفتية بعد سقوط الدولة العثمانية حتى اليوم، خاصة دول الانقلاب العسكرية، حيث تزيل دبابات الانقلابيين مجموعة حاكمة لتستبدلها بأخرى لا تفقه من فنون وعلوم الحكم شيئًا، الأمر الذي يضطرها إلى التدرب على الحكم، كما يفعل الحلاق المتدرب في رؤوس المساكين من الزبائن.
ونظرًا لأن هذا الصدام متوقع في كل ارتطام بين جيلين من رجال الحكم الذين يمثلون نظامين مختلفين للحكم، فإن الخلاصة غالبًا ما تستقر على صيغة توفيقية مؤسسة على التسامح، قوامها التنازلات وخرق القوانين والدساتير المؤقتة، بغض عن الصيغ التقليدية القديمة المتوارثة، زيادة على بعض آخر من الصيغ الأوربية المستعارة بتعام (ذات الصفة العلمانية الغربية). أما النتيجة النهائية الأخرى، وكما هو متوقع، فإنها تتبلور في فجوة يصعب جسرها تمتد بين الطبقة الإدارية البيروقراطية الطارئة على الحكم، وبين عامة الجمهور العصية على الاستجابة والإذعان، ذلك أنه عبر العديد من دول إقليم الشرق الأوسط: يحصل الشرخ بين الحاكم والمحكوم بسبب عدم الاستقرار والتقلب الاعتباطي المتواصل في طرائق الحكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق