عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام؛ بالتعاون مع جمعية أُولي العزم الدينية؛ صدر «ديوان ابن ماضي» في أربعة مجلدات من القطع الكبير، للسيد " محمود أحمد ماضي أبو العزائم " المتوفى عام 1953م. الديوان في مجلداته الأربعة يضم نحو ألف وثلاثمائة وخمسين قصيدة من الشعر العمودي تنوعت ما بين الصوفي والديني والسياسي والاجتماعي ، قام بجمع قصائد الديوان والتقديم له: الشاعر "سعيد أبو العزائم". يُعتبَر الشاعر الملقَب "ابن ماضي" واسمه كاملاً: محمود أحمد ماضي أبو العزائم، موسوعة أدبية وثقافية وشعرية وتاريخية لرجلٍ من أعلام الأدب العربي فِي النصف الأول من القرن العشرين، وُلد فِي عام 1889م؛ ذلك العام الذي شهد مولد الكثير من نجوم الأدب والفكر العربي مثل عباس العقاد وطه حسين والمازني وغيرهم، وإن كان شاعرنا لم يأخذ حقه من الشهرة والنجومية مثل اقرأنه؛ إلا أنه لا يقل عنهم غزارةً فِي الإنتاج الأدبي وعُمقًا فِي الفكر وتنوعًا فِي المادة الأدبية من شعر ونثر وفلسفة وترجمة ودراسات فِي شتى العلوم اللغوية والأدبية والتاريخية والإسلامية بشكل عام؛ والصوفية بشكلٍ خاص. كان والده من نجوم المجتمع وعلمائه وهو السيد أحمد ماضي مؤسِّس ورئيس تحرير جريدة "المؤيد" الشهيرة هو وصديقه وزميله الشيخ علي يوسف، ولذلك نشأ الشاعر فِي حضن الأدب والصحافة والعلوم... ، ولكنه لم يهنأ بهذه النشأة الناعمة حيث اُبتلي باليُتم فِي سنٍّ صغيرة وهو فِي الخامسة من عمره مما ترك فِي نفسه جرحًا عميقًا لازمه سنين عمره. وانتقل بعد ذلك إلى حضانة عمه الإمام إبي العزائم الذي لم يبخل عليه بالحب والرعاية والعناية فأدخله طريق الدراسة والتعلم وسقاه من بحر علوم الصوفية العميق مما جعل شاعرنا يُعدُّ من شعراء الصوفية المبدعين فِي العالم الإسلامي.
قام بترجمة أمهات الكتب التي صدرت باللغة الإنجليزية عن المستشرقين من الباحثين فِي علوم الدين الإسلامي، الأمر الذي أتاح له مزيدًا من الخبرة والدراية فِي هذا المجال، علاوة على ما اختصه به عمه الإمام من علوم الدين والتذوق فِي فهم مقامات رجال الصوفية ومشاربهم. وقد كان الشاعر يجيد اللغة الإنجليزية، فاطَّلع على شتى العلوم وقرأ عدة ترجمات بل وقام بالترجمة لكتب التراث ومنها كتاب "كشف المحجوب" فِي علوم الصوفية للهجويري والذي تمت ترجمته من الإنجليزية إلى العربية، وكذلك له عدة ترجمات لمعاني آيات القرآن الكريم جاءت بلغة صحيحة لمست المعنى ولم تبعد عن المبنى، وله كتاب الحديث وكتاب صفحات من حياة الإمام إبي العزائم، وله أيضًا ديوانٌ شعري باللغة الإنجليزية التي أجادها إجادة تامة. إن ديوان "ابن ماضي" وهو المجموعة الكاملة للشاعر والذي كتبه طوال سنين حياته منذ بدأ فِي كتابة الشعر فِي صباه حتى وافته المنية فِي عام 1953م؛ يتكون من أربعة مجلدات ويحوى فوق الألف وثلاثمائة قصيدة فِي شتى أغراض الشعر من وجدانيات وتجليات صوفية ومناسبات تاريخية ودينية، لذلك فالديوان يُعتبر تأريخًا لمصر والعالم العربي والإسلامي فِي النصف الأول من القرن العشرين. وسوف نلحظ تنوع الموضوعات والأفكار، ومواكبة القصائد للأحداث السياسية والقومية والدينية فِي مصر والعالمين العربي والإسلامي. وكذلك سوف نلحظ جزالة الكلمة وقوة الجملة الشعرية ومتانة اللفظ وعمق الصورة الشعرية، وكلها صفات ومقومات الشعر العربي فِي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهي الفترة التي سُميت ببداية عصر النهضة الأدبية فِي العالم العربي وبداية الاستقلال للدول العربية عامة؛ ومصر خاصة. ديوان "ابن ماضي" الذي جاء كله من الشعر العمودي الملتزم بالقافية والوزن ولم يكن به لا الشعر الحديث ولا شعر التفعيلة وذلك تأكيدًا على منهج الشاعر فِي الأصالة والإلتزام، ولكنه أيضًا واكب التقدم العلمي والأساليب الحديثة فِي العلوم عامة، فكان مواكبًا للتقدم زمانيًا ومواكبًا للأصالة لغويًا وشعريًا.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق