بقلم : سهيل إبراهيم عيساوي
نساء مغريات في التوراة ، تأليف يومي عيني ، ترجمة ، نايف فايز
خوري ، رسومات نعومي فوكس ، اصدار مكتبة كل شيء لصاحبها صالح عباسي ، 2011 ، حجم متوسط ، غلاف سميك ،
رسومات ملونة ، طباعة انيقة ، النسخة العبرية للكتاب ، دار ساعر للنشر –تل ابيب
2011 ، يقع الكتاب في 148 صفحة ، يتناول
الكتاب 15 فصلا ، 1- ادم وحواء ،2- ابنتا
لوط ،3- ياعيل زوجة حابر القيني ، 4- راعوت المؤابية ،5- أفعال يهوديت ، 6- ازابيل
،7- كزبي بنت صور ،8- رحاب الزانية ، 9- زوجة فوطيفار ، 10 – استر ،11-
ابيتاش الشمونية ،12- شمشوم ودليلة ، 13-
داوود وباتشيبع ،14- مكلة سبأ والملك سليمان ،15- الموساد والنساء وحكايات أخرى .
في بداية الكتاب هنالك كلمة
للمترجم والكاتب نايف فايز خوري، جاءت لتعد القارئ العربي للنصوص الصادمة بالنسبة
له حول الأنبياء ونساء التوراة ،
" حرصت على الالتزام ، بالنص كما
وضعه المؤلف ، وفي أحيانا كثيرة كنت اخفف من وطأة ومن حدة التعابير التي تحمل
المعاني الخادشة بلغتنا العربية او توحي بإيحاءات جنسية مفرطة او مبالغة
...بالتالي فاني شخصيا ، لي الاحترام والتقدير والتكريم للشخصيات الدينية ، الأنبياء
والرسل ،القديسين ..المعذرة من أي شخص يشعر بان ما ورد في هذا الكتاب يمس بمشاعره الدينية او مقدساته" ص10
، اما الكاتب يومي عيني ، اود في مقدمته للكتاب " ان نقطة الانطلاق للنساء
الواردة ذكرهن في التوراة وخاصة اللواتي
نطلق عليهن لقب "مغريات "، كانت اقل قيمة من الرجل ، وبموجب ذلك ،
وبدافع ضعفهن ، فقد تركت بصماتهن باستخدام ذكي لسلاحهن الجسدي ، وأعني : مفاتنهن
الانثوية والنسائية ، ص 24 من خلال سرده لقصة ادم وحواء " حيث اعتبرت المرأة
صديقة الشيطان التي تغري وتوقع بالرجل ، في مفاتنها الجنسية ، منذ الخطيئة الاصلية
وحتى أيامنا هذه فان المرأة هي التي تغوي الرجل على ممارسة الجنس ، وحين يتيقظ فقط
يدرك انه سوف يدفع مقابل ذلك " وفي
قصة لوط مع ابنيه ، ص 27 " يجلس لوط في مغارة ، ابنته الكبرى تعرض على الأصغر
منها ان تسقي ابها خمرا لإحياء زرعه"
ويسترسل الكاتب في الشرح عن
النساء المغريات في التوراة ،
اللواتي استطعن استمالة الانبياء والملوك
وقادة الجيش ، والتأثير على سير الأمور السياسية والعسكرية ، باستخدام اجسادهن كسلاح
فتاك يقلب الأمور رأسا على عقب.
والكاتب يطرح قضايا حساسة ، بالنسبة للذين يقدسون الأنبياء ، ويوقرون قادة
الجيوش ، يخلص الكاتب الى نتيجة وفق بجث أجرته جهات في الشريعة اليهودية " ان ممارسة العلاقة
الجنسية مع العدو لأجل هدف قومي ، لا تقل
عن التضحية بالنفس " ص 137 .
لا شك ان اصدار هذا الكتاب ، ليس بالعمل الهين ، لان الكاتب وفي اعقابه
المترجم وحتى الفنانة ، يقتحمون
معا معقلا عصيا ، لكن عند الاقتراب منه يبدو هشا ، من جهة جميع النساء ورد ذكرهن في التوراة ، قمن بأعمال
تعتبر اليوم في نظرنا امرا مخلا بالآداب والأخلاق ، مقرون بالرذيلة والخيانة وبيع الجسد ، ومن جهة أخرى هنالك شرعية لهذا
العمل بادعاء الحاجة ام الاختراع ، او
الرغبة في القضاء على العدو، او لكسب قلب حبيب ، أو اشتهاء جسد ، وأحيانا
يظل العمل بلا تفسير معقول ، ويطرح العديد من الأسئلة هل حقا كان البغاء
والزنى العمل المشروع في تلك الحقبة من
الزمن ؟!! لماذا وردت تلك التفاصيل والايحاءات الجنسية في التوراة بهذه الغزارة ؟ هل تأثر
قصص التوراة على سلوكيات النساء والرجال اليوم ؟!ّ ما رأي الشريعة اليهودية بتصرفات النساء أو
الملوك والأنبياء الذين تورطوا مع النساء المغريات ؟!!
، وهل تتكأ بعض الأجهزة على هذه
القصص " مصيدة العسل " لتبرير
عمل النساء معها ؟ هل يتقبل القارئ العربي هذه القصص كما وردت ؟ وما راي العقيدة الإسلامية بتناول هذه القصص التي وردت في التوراة ؟!! وما رأي الكنيسة المسيحية ورجال الدين بهذه
الاحداث وخاصة ان التوراة " العهد القديم " جزء من الكتاب المقدس ؟ ما الهدف من ترجمة الكتاب الى اللغة العربية ؟!! صف التناقص بين شخصيات الأنبياء التي وردت في
القران الكريم مثل النبي لوط ، وإبراهيم
، وسليمان ويعقوب ، وشخصياتهم كما وردت في التوراة ؟ هل يعقل ان يتصرف أنبياء الله
مثل سائر البشر مع النساء المغريات ؟ . هل كون الكاتب ينتمي الى الديانة اليهودية يخفف من وطأة الصدمة للقارئ ؟ كيف يمكن تفنيد اراء
واستنتاجات الكاتب حول بعض القصص مثل قصة الملك سليمان وبلقيس ملكة سبأ ؟ هل
وقع الكاتب في أخطاء تاريخية ؟ كيف يتصالح الكاتب مع العقيدة
اليهودية عبر كتابه ؟ هل نجحت الفنانة
نعومة فوكس في اختزال المشاهد من خلال لوحاتها الجريئة ؟ هل نجح الكاتب في تحويل النصوص الدينية الواردة
في التوراة الى نصوص أدبية رومانسية
؟ هل وفق الكاتب في اختيار عنوان الكتاب ؟
ما الهدف من ذكر كل هذه
القصص في التوراة وهو كتاب مقدس ؟ وهل
نجح الكاتب في بحثه بأقناع
القارئ بأهمية بحثه ؟ ما هو الرابط البارز بين كل النساء اللواتي ورد
ذكرهن في الكتاب ؟
خلاصة :
لا شك أن الكتاب يثير الكثير من الأسئلة
العميقة لدى القارئ ، والباحث ، ويشكل مغامرة كبيرة ، ومجازفة للكاتب والناشر
والمترجم ، وخاصة انه من الصعب التنبأ بردود الفعل لدى القراء وخاصة الذين يرسمون
صورة مشرقة لأنبياء الله ، ولا يمكن ان يقبلوا بأي حال القصص التي وردت في الكتاب ، لأنها تتصادم بقوة مع عقيدتهم الراسخة ، رغم
أنها وردت في الأصل في التوراة ( العهد القديم )، لكن تسليط الضوء القوي عليها والتحدث علنا ، وباللغة
العربية وبصورة مسهبة ومباشرة دون مواربة أو
ترميز ، موقف متقدم ، والبعض ربما يعتقد
أن نبش هذا الأمر عمل بطولي وتأخر وفرصة لتقويض الكثير من المسلمات الدينية
والتاريخية ، ومن جهة أخرى الترجمة بحد ذاتها خطوة هامة لمد جسور ثقافية ضرورية
لفهم الاخر تراثه وعقيدته ، وتاريخه وفكره ، وأدبه ، وفي هذا الكتاب هنالك قضايا مشتركة وشخصيات تاريخية وإنسانية تخص الإنسانية
كلها ، وجيد أن ينظر كل طرف لنفس الحدث
ونفس الشخصية بمنظار مختلف ويفسر الأحداث التاريخية والدينية بصورة مغايرة ،وهذا الكتاب لا بد أن يغريك ويجذبك بتصفحه
ويدفعك لتحديد موقف مما ورد بين صفحاته من أحداث
مثيرة وتحليل فريد حتى لو لم تكن
تتماهى وتتفق مع معتقدات الكاتب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق